ــ
ومضات
محرّضة :
طرائف
من حصاد الحكم الأسدي ..
بين
الأب المؤسس ، والابن الوريث !
عبدالله القحطاني
1) سلوك الأب
والابن :
* بالأمس في عهد المؤسس :
انقلب المؤسّس ، مع حفنة من
رفاقه المغامرين ، على رفاقهم
في النضال ، ووضعوهم في السجون
حتى هلكوا ، بعد أن اخترعوا
سبباً لانقلابهم، سمّوه : (إنقاذ
الحزب من العقلية المناورة ! )
وسمّوا حركتهم : (الحركة
التصحيحية) ! وحققوا في أنفسهم
ورفاقهم ، مضمون العبارة
القرآنية : ( كلّما دخلتْ أمّة
لعَنتْ أختَها) !
* واليوم في عهد الوريث : سمّت
المجموعة التي استلمت السلطة
الوراثية، عهدَها (عهد
الاستمرار مع التطوير!) .. وذلك
لأن الوريث استلم السلطة سلمياً
(دستوريا !) من أبيه الراحل .. فلم
يكن أمامه إلاّ الثناء على عهد
أبيه ، والالتزام بمنهجه في
الحكم مع التطوير ! فلم يكن
يستطيع أن يلعن الأمّة التي
سبقته ، لأن أباه كان على رأسها
، بل كان هو صانعها ! أما الذين
يلعنون الأمّة القديمة ، أمّة
المؤسّس ، من عناصر الأمّة
الجديدة ، أمّةِ الوريث .. فلا
يتذكّرون اللعن ، إلاّ بعد
خروجهم من سلطة الوريث ،
ليبادروا إلى لعن الأمّتين معاً
: أمّة المؤسّس ، وأمّة وريثه !
** بالأمس في عهد المؤسس : صنَع
قانوناً يرى نفسه بحاجته ، كما
يحتاج الجزار المسعور، إلى شرب
دماء ضحاياه ، وهو قانون العار(
49 ) لعام /1980/الذي يحكم بالإعدام
، على كل منتمٍ إلى جماعة
الإخوان المسلمين ، فلوّث
تاريخه الأسود ، بطبيعته ،
بلطخة عار جديدة ، تظلّ لاصقة به
إلى أبد الآبدين .. لأنه ارتكب
جريمة ما سبقه بها أحد من
العالمين ؛ بتقنينه للقتل
الإجرامي البشع ، بحقّ أبرياء ،
لم يرتكبوا جريمة قطّ ، ولم
يفكروا فيها ! وذنبهم أنهم أصحاب
رأي مخالف لرأيه ( بصرف النظر عن
الحالات الجنائية ، المتضمّنة
أعمال عنف متبادلة، بين الجزار
وخصومه ، والتي تحتاج إلى قضاء
عادل نزيه ، لم يوفّره لها صاحب
القانون المذكور!).
** واليوم في عهد الوريث : يحافِظ
على القانون ذاته ، دون أن يكون
في حاجة إليه أصلاً ! لأن
الأحداث التي جرت في عهد أبيه ،
لم يَجر مثلها في عهده .. بل هو (الاستمرار..مع
التطوير! ) فحمَـلَ الوريثُ ، (البارّ
بأبيه جداً !) ، وزرَ قانون العار
الشنيع ، لمجرد أن أباه سنّه في
ظروف خاصّة جداً ..! ولو عرف
شيئاً من معنى البرّ ، ومعنى
لعنة التاريخ ، التي تلازم
أصحاب القرارات الملعونة .. لظلّ
يسعى جاهداً ، بكل سبيل ، ليغسل
عن يدي أبيه ، دماء الأبرياء ،
الذين قتلهم بهذا القانون ،
ويعتذر للعالم كله ، لا لشعب
سورية وحده ، عن هذه الخطيئة
الفظيعة ، التي وقع فيها أبوه ،
ويسوّغ وقوعه فيها ( بظروف قاسية
، خاصّة ، مؤلمة ..! بل ويلقي
باللائمة ، كعادة الطغاة
المجرمين ، على بعض الهالكين ،
الذين كانوا حول أبيه ، الذين
خدعوا أباه ، الصالح المستقيم ،
المخلص لشعبه ..! وزينوا له هذه
الجريمة البشعة ! وقد كان الأب
حريصاً على إلغاء القانون قبل
موته .. لكن الله أخذ أمانته ،
قبل أن يغسل يديه من هذه الجريمة
النكراء ، ومن دماء الأبرياء
الذين قتلوا فيها ..!) . ولو فعل
الابن هذا، لكان قدّم لأبيه بعض
البرّ في قبره ! أمّا أن يستمرّ ،
هو نفسه ، في حمل هذه اللعنة على
جبينه ـ كما هي لاصقة في جبين
أبيه ـ عن عمد وإصرار.. واعتزاز..!
مع عدم حاجته إليها ، ومع عدم
حاجة أبيه إليها.. الآن في قبره
..! فهذا نوع من الغباء ، يستعيذ
بالله منه أشدّ الناس حماقة ،
وأعرقهم في الإجرام ! ومن بدائع (الاستمرار
مع التطوير) لدى الوريث المثقف
النبيل .. ما يلي :
- الحكم
بالإعدام ، على شباب ولِدوا
خارج سورية ، بعد أحداث أواخر
السبعينات وأوائل الثمانينات ..
حين غادر آباؤهم البلاد ، خوفاً
على حياتهم ! وحين عاد هؤلاء
الشباب إلى بلادهم ، لأسباب
عدّة ، منها الحرص على أداء خدمة
العلم ، المقرّرة عليهم .. حكِم
عليهم بالقانون المذكور، وخفّض
الحكم إلى اثني عشر عاماً ! مع أن
هؤلاء الشباب ، ليس لهم أيّ
انتماء سياسي ، ولا علاقة لهم
ألبتّة ، بانتماء آبائهم ، أو
التهم الملصقة بهؤلاء الآباء !
- السعي الحثيث ، لتغيير دين
الشعب السوري ، بالترغيب
والترهيب .. وتحويله إلى الدين
الجديد ، الذي جلبه مبشّرو
الفرس ، من طهران وقمْ ! وذلك
ليكون هؤلاء المعتـنقون للدين
الجديد ، سنداً للأسرة الحاكمة
وظهيراً .. إذا تحرّك الشعب
السوري ، للتحرّر من نير حكمها
الإجرامي ، الفاسد المقيت !
2) موقف الشعب من الأب والابن :
*
حين أطاح الأب المؤسّس برفاقه ،
أصحاب ( العقلية المناورة !) ،
واستلم السلطة عام / 1970/ ، وقدّم
نفسه على أنه المنقذ للبلاد
والعباد .. تفاءل كثير من
المواطنين ، الذين لا يعرفون ما
وراء الأكمة ، والذين نسوا أن
المنقذ هو مَن سلّم الجولان
للصهاينة بلا حرب ، في حزيران
عام ( 1967) ..! وأعطى أمره المخزي
للجيش السوري البطل ، بالانسحاب
الكيفي من ساحة الصراع ، وهو
الأمر الذي لا يَصدرعن راعي
ماشية ، في غابة أو صحراء ..! فضلا
عن قائد لجيش نظامي متحضّر ،
صرفت عليه بلاده ثلاثة أرباع
ميزانيتها ، خلال ربع قرن ..!
نقول تفاءل
كثير من المواطنين ، وظنّوا
الخير قادماً ، على يدي هذا
المنقذ الصنديد ..! ودأبت وسائل
إعلام الدولة ، على تلميع صورة
القائد البطل الأسطوري ، عشر
سنوات كاملة ، جعلت القائد
صنماً ، وفرضت على الجميع
التسبيح بحمده ، بطرائق مختلفة
.. وربَطت أجهزةُ أمنه ، التي
صنعها لحماية كرسيه ، وتضخيم
شأنه .. ربَطت شرائح واسعة من
المواطنين بشخصه ، ربطاً
شاقولياً ، عبرَ الحزب ، الذي
جعله غطاء ، لتمويه حكمه الفردي
، وتعزيز سيطرته على البلاد
بشكل مطلق ..! فربِطتْ أجيال من
الطلبة ، من المرحلة الابتدائية
، حتى نهاية الدراسة الجامعية ،
ربطاً وثيقاً مباشراً ، عبر
منظمات الأشبال ، والطلائع ،
واتحاد الطلبة .. بالحزب ، الذي
لم يعد له همّ ، سوى تمجيد
القائد ، والحديث عن صفاته
ومنجزاته وبطولاته..! فهو قائد
التصحيح ، وبطل التشرينين (
تشرين التصحيح .. وتشرين التحرير!)
وصانع الأمجاد ، ومؤسّس سورية
الحديثة ..!
كما
ربِِطت بشخصه فئات أخرى ، من
فئات الشعب السوري ، كالعمال ،
والفلاحين، والمعلمين ،
والنقابات..! وصارت الحشود من
هذه الفئات ، تحشَد بمناسبة
وبلا مناسبة ، للهتاف والتصفيق
للقائد الخالد ، وتـفديه بالروح
والدم !
وبعد
عشر سنوات ، عام (1980) ، خرجت هذه
الحشود الهائلة نفسها ، في
شوارع المدن السورية ، تهتف
بملء صوتها ، بسقوط الصنم ..
الصنم الذي ظلت تفديه بالروح
والدم عشر سنوات ..! وحين أعاد
الاستقرار إلى كرسيه المهزوز،
بالمجازر البشعة ، صمَت الناس ،
وخيّم على البلاد سكون المقابر !
ثم عادت مجموعات المرتزقة من
الهتافين ، تهتف ، وتحضّ الناس
على الهتاف ، بأوامر مباشرة من
أجهزة الأمن ..! حتى هلك المؤسّس
، وتنفس الناس الصعداء ، وجاء
الوريث بشعارات جديدة ، مثل :
الإصلاح والتطوير، ومكافحة
الفساد .. فأحبّ بعض الناس الذين
لا يعرفون ماذا وراء الأكمة ، أن
يصدّقوا ..! ونسوا المثل المعروف
: هذي العصا مِن تلكم العصيّهْ ..
هل تـلد الحيّة إلا حيّهْ !؟
• وبدأ
عهد الوريث ، عام ألفين ميلادية
، بالعملية الدستورية (
المَخزاة ..المهزلة!) الرائعة
المعروفة ..! واستمرّ حبل الكذب
سبع سنوات جديدة ، والناس
يتساءلون عن الإصلاح والتطوير،
ومكافحة الفساد ..! وهم يرون
الإصلاح صار مزيداً من الإفساد
، والتطوير انقلب إلى تجميد ،
للحياة السياسية والاجتماعية
والثقافية! ومكافحة الفساد
تحولت إلى مكافحة لمن يكافح
الفساد ..!
واليوم ، بعد سبع سنوات ، يظهِر
شعب سورية ، مرّة أخرى ، ما في
داخله من ازدراء ومقت ، لهذه
الاسطوانة السمجة ! ويقاطع
الانتخابات المهزلة ، المسمّاة
انتخابات مجلس الشعب ! حتى لم
يعد سدَنة النظام الأسَري
الأسدي ، من وحوش الأمن ،
وببغاوات الإعلام .. قادرين على
ستر الفضيحة ، التي ظهرت أمام
العالم كله ، وهي أن شعب سورية
قاطع انتخابات مجلس الشعب ، وأن
نسبة الذين شاركوا فيها ، لا
تزيد في أفضل حالاتها ،على ستة
في المئة من الناخبين، المسجلين
في قوائم الناخبين ..! برغم كل ما
حشدته أجهزة السلطة من إمكانات،
لدفع الناخبين إلى صناديق
الاقتراع ! وبرغم سائر أساليب
الترغيب والترهيب، التي مورست
ضدّ أبناء سورية الصابرين
الأحرار!
هذا المؤشّر
، يعكس موقف الشعب السوري من
العصا ، كما عكسه ، قبل سبعة
وعشرين عاماً / 1980 / من العصيّة..!
مع اختلاف الظروف والأحوال ! وهو
إنذار لسدنة النظام الأسري
الأسدي ، من ناحية .. لكنه تذكير
للشعب السوري الأبيّ ، بقدرته
الهائلة المكبوتة ، على إسقاط
الطغاة المجرمين ، حين يعرف كيف
يستنفر إرادته ، التي حرص
الطغيان على تحطيمها ! و ينظّم
فعالياته، ويحشد طاقاته ،
ويصبّها سيلاً هادراً ، في
شوارع المدن السورية ، ليكتسح
بها الإجرام والمجرمين ،
والفساد والفاسدين ، وخانقي
أنفاس الناس ، ومستبيحي
كراماتهم !
ويبقى السؤال الهامّ والخطير : لو
جلَب النظام الأسدي الأسري ،
المزيدَ من المبشّرين الفرس ،
ليبشّروا الشعب السوري ، بالدين
الأسدي الفارسي الجديد، كما
يفعل المبشّرون الحاليون ، في
المدن والأرياف السورية ..! فهل
ستنكسر حدّة رفض المواطنين
السوريين ، لهذا الحكم الشاذّ ،
أم ستزداد شدّة كراهيتهم له،
وإصرارهم على إزاحته ، عن
صدورهم التي ملأها هماً وحزناً
وقهراً وغضباً!؟
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|