ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 16/05/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


ــ

إيران خطر إقتصادي لا نووي على إسرائيل

دولرة الإقتصاد دون دولرة العملة الورقية

د. عادل سمارة

بحلول منتصف الشهر الماضي آذار، كان المفترض أن تنتقل إيران من تسعير وبيع نفطها  بالدولار إلى اليورو اساساً وبعملات أخرى مما يحد من بيع النفط كسلعة عالمية بالدولار ويعطي هامشاً من سوق هذه السلعة لليورو الذي سيأخذ هامشا متزايد الإتساع من الطلب العالمي على الدولار لدفع ثمن النفط به. وهذا أحد أهم اسباب القرار الأميركي البريطاني الإسرائيلي بضرب إيران. وهو ما يعيد إلى الأذهان تلك الكتابات القليلة عن دور بيع النفط العراقي باليورو في تسريع وتحتيم العدوان على العراق (عادل سمارة، المشروع القومي واليورو واحتلال العراق، كنعان، العدد 115، تشرين أول 2003) . والسؤال هو: هل المسألة حاسمة وحتمية إلى هذا الحد؟ ولكن، بعيداً عن حتمية أو توقيت أو حتى طبيعة العدوان، هناك ثلاثة اسباب اساسية تبرره في نظر من يُعدون له:

1- مشارفة الإقتصاد الأميركي على الإنهيار: فقد عمم وزير الخزانة الأميركي مؤخراً ما مفاده أن الحكومة الأميركية على حافة الإنهيار، حيث ان حافة الإنهيار للمديونية هي 8,184 تريليون دولار، وان البلاد ستصل الحافة في شباط وعليه لن يكون بوسع الحكومة الإستمرار في عملها العادي لا سيما ان دين الولايات المتحدة الحالي هو 8,162 تريليون دولار. وحينما يصل الى 8,184 تريليون اي يصل الى قمة رصيد الولايات المتحدة في الخارج (نهاية قدرتها الاستدانية) فإن البلدان التي ما تزال تحافظ على تعويم اميركا (وخاصة الصين) عبر القبول بصكوك الخزينة سوف لن تستمر في ذلك. لذلك زار وزير الخزينة هنري باولسن، ورئيس البنك المركزي بِنْ برنانكي منذ شهرين الصين الشعبية لإقناعها بتخفيض  قيمة عملتها "يوان" للمساعدة في سد العجز التجاري الأميركي مع الصين. أما العجز في الحساب الجاري لميزان المدفوعات الاميركي (الفارق بين الدفعات الى الخارج وبين المستردات  من الخارج الى البلاد ) فاتسع من 300 مليار دولار في 1999، الى 860 مليار دولار عام 2006. إن الولايات المتحدة تقترض بشكل متواصل!

2- الآثار المترتبة على دور صيرفي العالم، بمعنى أن بروز كتلة "بترو-يورو" كمنافس ل "بترو-دولار"  سوف تفقد الولايات المتحدة مبالغ هائلة كانت تربحها من مجرد كون عملتها هي التي يباع بها النفط، وهذا سيزيد من مديونيتها. وإذا وضعنا بالاعتبار الضغط الإنفاقي حالياً على الخزينة الأميركية لتمويل الحرب على العراق، ندرك كم هو حساس ومؤثر القرار الإيراني.

3- تعتبر الحرب مخرجاً للأزمة الإقتصادية التي تعيشها دولة عظمى "وحربية- ذات اقتصاد متفوق في الإنتاج العسكري وليس المدني" كالولايات المتحدة، مما يجعل الحرب مشروعا اقتصاديا لتصريف السلاح وإعادة التسلح والدمار ومن ثم "إعادة الإعمار".

ما يهمنا هنا موقع إسرائيل في السيناريو ولاحقاً في التنفيذ. قد يقبض البعض كثيرا الزعم الإسرائيلي بأن القنبلة النووية الإيرانية خطيرة على إسرائيل خطراً يفوق ارتفاع إيران إلى مرتبة "توازن الرعب الإقليمي" مقابل إسرائيل. بعبارة أخرى، فإن حصول إيران على النووي هو تقييد لحركة العدوان المفتوح الإسرائيلي، وهي حركة أمكن تقييدها باسلحة اقل من تقليدية كما حصل من قبل حزب الله مؤخراً.

ومع عدم تقليلنا من أهمية حيازة إيران للنووي، تجدر الإشارة إلى أن استلحام إسرائيل على ضرب إيران نابع من عوامل هامة أخرى:

1- انتقال إيران إلى موقع الدول التي تستخدم التكنولوجيا النووية المدنية المتقدمة مما يسمح لها بتوفير حاجات سوق إقليمي تجهز إسرائيل نفسها، وباعتماد الغرب لها، لتندمج فيه اندماجاً مهيمناً. أي ستكون إيران منافساً مقبولاً أكثر في المنطقة، وفي الوقت نفسه محمية بقوة عسكرية. وبهذا تكون قد التقطت إكسير التنمية: أي قدرة انتاجية محمية بقدرة عسكرية، وهذان معاً يفتحان الأسواق.

2- ارتباط إسرائيل العضوي والوظيفي بالمشروع الأميركي في المنطقة والدور المناط بها استثمارياً، حتى وإن بدأ في اذربيجان وجمهوريات الإتحاد السوفييتي السابقة وأخذ يتجه غرباً بطريقة رجوعية ليمر بالأقطار المشرقية العربية التي اقامت كثيرات منها علاقات تجارية مع إسرائيل قبل أن تقيم علاقات دبلوماسية معلنة، الأمر الذي ينسجم مع مقولة شمعون بيرس، بأن المهم هو العلاقات الإقتصادية مع العرب.

3- في ارتباط إسرائيل باقتصاد المركز الرأسمالي كان لا بد لها من مواكبة الخصخصة واعتماد السياسة اللبرالية الجديدة (سنتحدث عنها في حديث لاحق)، واصطناع  الدخول في مشروع "سلام" في المنطقة، بهذه جميعاً تمكنت إسرائيل من إجتذاب الإستثمارات الأجنبية المباشرة FDI، وغير المباشرة بكميات ضخمة 22,5 مليار دولار عام 2006 لوحده، وهو ما حقق لها نمواً في نفس عام الحرب بنسبة 5-5,1% ، مما إضاف إلى ارتباطها السياسي والأمني باميركا ما يشبه "دولرة" عملتها. وهذا ما يوصلنا للإستنتاج بأن مشروع "التسوية" بالنسبة لإسرائيل هو صناعة جذب عشرات مليارات الدولارات، وهذا ما اتضح بالقفزة الاستثمارية الأجنبية الفارقة في إسرائيل ما قبل 1990 وما بعدها، وهي الحالة التي جعلت من إسرائيل اليوم البلد الوحيد في العالم بعد الصين الشعبية، الذي يغرق في فائض القَطْع الأجنبي (ناهيك عن النمو العالي)، في حين تنتظر بلدان كثيرة في العالم الثالث فتات تحويلات المنظمات غير الحكومية إلى امتداداتها داخل تلك البلدان.

يقول بلوتسكر: "لنا أن نلاحظ، أنه في حين يعاني ميزان المدفوعات الأميركي من عجز متزايد، فإن إسرائيل قد حسنت دراماتيكيا من ميزان مدفوعاتها. في عام 1999 كان العجز في الحساب الجاري لميزان المدفوعات الإسرائيلي  بمقدار 1,7 مليار دولار،  فاصبح فائضا بمقدار 6,8 مليار دولار اليوم. بل ان اسرائيل تقرض مالا صافيا للعالم وهذا يقوي الشيكل."سيفر بلوتسكر، يديعوت أحرونوت 14-4-2007). نعم إن اسرائيل الدولة الوحيدة إلى جانب الصين التي تعيد إقراض ما يتدفق إليها من العملات الصعبة.

يوميات الدولار  في إسرائيل

ليست السوق الإسرائيلية هي التي تحدد مسار الدولار، وإنما هي تتاثر وتتبع مسار الدولار عالمياً.       ودون الذهاب لسنوات خلت، فمنذ عام 2005 فقد الدولار صعوده الكبير في حزيران 2002 حيث وصل سعر صرفه 4,995 شيكل، وكان ذلك بعد الضربة التي تلقاها  عام 2001- واوائل2002 إذ انفجرت "فقاعة" نازداك، ودخل الإقتصاد الأمريكي في حالة ركودية.

في قمة صعوده وصل سعر صرف الدولار الواحد قرابة 4,995 شيكل، وهو يقترب اليوم من 4 شيكل، وهناك توقعات بالتردي إلى 3,75 شيكل وهي نسبة فاقد عالية جداً بالنسبة لكل من يبيع ويقبص ويدخر بالدولار.

ومرة ثانية، ليست إسرائيل هي محرك الأزمة وإنما استمرار الولايات المتحدة في الإنفاق على الحرب في العراق وإفغانستان ومناطق أخرى، ومنافسة اليورو "الناعمة- لكن الموجعة" للدولار عبر التسعير الإيراني للنفط وتوجه روسيا وفنزويللا نفس الوجهة. ولكن المهم أن ضعف الدولار في الأسواق العالمية وتدفق الدولار على إسرائيل يعزز من قيمة الشيكل ويخفض قيمة الدولار.

ومما زاد من انخفاض واستمرار انخفاض سعر صرف الدولار، قرار حاكم بنك إسرائيل ستانلي فيشر (وهو الذي جلبه شارون كعربون لجاهزية إسرائيل للتماهي التام مع السياسة اللبرالية الجديدة) بعدم التدخل في سعر صرف الدولار، مما أعطى إيحاء نفسياً للإسرائيليين بان يتخلصوا من الدولار مستبدلين إياه بعملات أخرى، أو بالذهب أو بموجودات، وهذا كان عاملاً إضافياً ساهم في هبوط سعر صرفه جرياً على قانون جريشام "العملة الرديئة تطرد الجيدة من السوق".  فأوساط بنك إسرائيل ترفض التدخل في التداول عن طريق شراء كميات من الدولار، أو امتصاصها من السوق كي يرتفع سعر صرف الدولار أو على الأقل لوقف انخفاضه.

ومما زاد من تدهور سعر صرف الدولار في إسرائيل، هبوط سعر صرفه عالمياً، وتدفقه إلى بورصة تل ابيب والسوق الإسرائيلية نفسها بمقادير ضخمة لم تعهدها من قبل، حتى في بداية مرحلة التسوية. وهو كما ألمحنا أعلاه ما سمح لإسرائيل بالانتقال إلى مرحلة تقديم قروض لدول أخرى.

صحيح أن إسرائيل لم تعلن الدولرة الرسمية لعملتها، وهو الأمر الذي حاوله يورام مريدور منذ أكثر من عشر سنوات. ولكن ما حصل هو دولرة الإقتصاد والمواطن نفسه، مما لم يعط أهمية كبيرة لإعلان الدولرة.  فالدولار هو المستخدم في الكثير من التبادلات المحلية في إسرائيل، وإيجار المنازل وبيعها وشرائها وتذاكر السفر والإنفاق السياحي محلياً، والتحضير لنفقات السياحة الخارجية وشراء السيارات ومختلف السلع المعمرة (ثلاجات غسالات ومختلف الكهربائيات) التي يتم شرائها من الولايات المتحدة لا سيما وأن 49 بالمئة من الدفوقات المالية إلى إسرائيل هي من الولايات المتحدة، كما أن للولايات المتحدة نفس الحصة من الإستثمارات الإسرائيلية في الخارج. فالدولار هو عملياً العملة المتداولة، وهذا ما يقسم الناس بين رابح وخاسر من التغيرات في سعر صرفه، بمعنى أن من يتلقى دخلا بالدولار لا بد أن يتعرض للخسارة، في حين أن من يدفع بالدولار يحقق ربحاً. ولعل الفئة التي تتلقى الضربات الشديدة هي فئة المصدرين إلى الولايات المتحدة أو الذين يصدرون منتجات قسماً او جميع قيمتها متفقاً عليها بالدولار.

على أية حال، فقد ازداد شراء الإسرائيليين للسيارات من الخارج بنسبة 20 بالمئة، وحصلت الزيادة نفسها في شراء سلع معمرة كالغسالات والثلاجات وأجهزة أل دي في دي والسجائر...الخ.

ماذا عن مناطق السلطة الفلسطينية

تنحصر علاقة اقتصاد السلطة الفلسطينية بالإقتصاد الإسرائيلي في التأثير من طرف واحد. فالإقتصاد الفلسطيني هو القطب السالب متلقي الضربات. ومن ناحية عملية هو جزء من الإقتصاد الإسرائيلي حيث لا تأثير لإعلان أو عدم إعلان ذلك. فمنظومة الأسعار  واحدة تقريباً طالما أن إسرائيل هي مصدر معظم ما يتدفق من سلع إلى أراضي السلطة الفلسطينية، وعليه، فإن قانون القيمة في المنطقتين هو نفسه. ولكن المداخيل مختلفة بنسبة فلكية. ففي حين يصل متوسط دخل الإسرائيلي إلى 23,000 دولار سنوياً، يصل اليوم في الضفة والقطاع إلى 800 دولار فقط.

والمهم في شأن الدولار، فإن تدهور سعر صرفه في السنة الأخيرة من 4,45 إلى 4,06 جاء ضربة لقطاع جديد من الفلسطينيين، ربما هو القطاع الإجتماعي الوحيد الذي لم يتلقَ ضربة موجعة خلال الانتفاضة الحالية، وهو من يتلقون رواتبهم أو أجورهم بالدولار، أو الأسر التي تعتمد على معيليها في الولايات المتحدة وهذه تقدر ب 45 ألف مواطن.

ولا تختلف الدولرة النفسية في الضفة والقطاع عنها في الخط الأخضر. فالكثير من المعاملات التجارية والمدخرات البنكية هي بالدولار ايضا في هذه المناطق، بل ربما بالمفهوم النسبي هي أعلى مما هي في إسرائيل باعتبار الشيكل عملة إسرائيلية من جهة، ولم تكن موثوقة كالدولار، كما أن المدخرين من هذه المناطق بالدينار الأردني كانوا قد تلقوا ضربة قاسية عام 1989 (خلال الانتفاضة الأولى) مما قلل الرغبة في الإدخار بالدينار.

ربما  كان الإختلال الرئيسي بين حالتي إسرائيل ومناطق السلطة أن الدولارات تتدفق بعشرات المليارات على الإقتصاد الإسرائيلي تدفقاً استثمارياً مما يجعل آثار انخفاض سعر صرفه اقل من منافع تدفقه. أما في مناطق السلطة الفلسطينية فالآثار محض سلبية على الإقتصاد الكلي، وإن كانت تفيد بعض الأفراد هنا وهناك.

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ