ــ
بانتظار
(فينوغراد) العربي!
بقلم:
سري سمور / جنين
SARI_SAMMOUR@YAHOO.COM
رئيس لجنة التحقيق
في الكيان الصهيوني (إلياهو
فينوغراد) العجوز ذو الوجه
المتغضن طلع على دولته وعلى
المنطقة وعلى العالم بتقرير
مزلزل، ولكن نظرتنا ـ كعرب ـ
لهذا الزلزال يجب ألا تقتصر على
التشفي والفرح، بل لو نظرنا
للأمر من زاوية أخرى لكان علينا
أن نرثي أو نبكي لحالنا؛ نعم!!!
إن (فينوغراد) بتقريره مفخرة
لشعبه، فقد انطلق الرجل في
عملية التحقيق والبحث والتقصي
حول نتائج الحرب التي خاضها جيش
دولته في صيف العام 2006م غير خائف
من انفجار "غامض" أو رصاصة
طائشة تودي بحياته أو سرقة
لملفاته أو مكالمات أو رسائل
تُهدد حياته وحياة فريق عمله
ليطلع علينا بتقريره "القنبلة"
ليقول في تقريره وبلا وجل أو خوف
أو مجاملة أو محاباة :"يتحمل
رئيس الوزراء المسؤولية الأولى
عن الحرب وكل ما يتعلق بها، بسبب
تركز صلاحيات شخصية واسعة بيده وكذلك معظم
الصلاحيات المتعلقة في إدارة
الحكومة وتحديد جدول
أعمالها.
وهو من قاد وأدار قرارات متعلقة
بالخروج للحرب ومداولات متعلقة
بذلك، ونشاطات دولية.
نجد أن رئيس
الوزراء مسؤولاً بحكم منصبه
وبشكل شخصي عن الخلل
في
القرارات التي اتُخذت والخلل في
عملية اتخاذها. وقد بلور رئيس
الوزراء موقفه دون أن تُعرض عليه خطة مفصلة ودون
أن يطلب عرض مثل تلك الخطة.
علاوة على ذلك لم يطلب
بدائل
لتقييماته، ولم يُبدِ أي تشكك
بشأن مواقف الجيش. وبذلك أخفق".
هكذا تكلم (فينوغراد)،
لقد طالت شظايا قنبلته رئيس
الوزراء (إيهود أولمرت) ووزير
الجيش (عمير بيرتس) ورئيس هيئة
الأركان السابق (دان حالوتس)،
ومن هم هؤلاء!؟ هؤلاء الذين
وصلوا إلى مناصبهم بعملية
ديموقراطية وانتخابات وليس
بانقلابات عسكرية بالتنسيق مع
هذه السفارة أو تلك أو عبر تسلسل
في العمل العسكري "المبدع"
ضد العدو ـ وأقصد (حالوتس) هنا ـ؛
فلم يشفع (لأولمرت) أنه عمل على
تهويد القدس بكل ما أوتي من جهد
عندما كان يترأس بلديتها، ولم
يشفع للثلاثة تسابقهم في إطلاق
التهديدات وتنفيذ عمليات
القتل، ولم تستطع "أمطار
الصيف" ولا مذبحة قانا2 في
إخراج تقرير (فينوغراد) بصورة
أكثر لطافة أو في التماس
أعذارٍ، وهكذا نجد مستقبل
الإثنين الباقيين في مناصبهما (أولمرت)
و (بيرتس) في مهب الريح بعد هذا
التقرير.
أما لماذا يجب أن
نبكي معشـر العرب على حالنا،
وما شـأننا بـ (فينوغراد)
وتقريره!؟ فالأمر واضح لمن كان
له بصيرة وبصر؛ فقد اعتدنا على
تحويل الهزائم النكراء إلى
انتصارات خارقـة، واسـتمرأنا
المجاملات والكذب والأوهام
والشـعارات الجوفاء والخوف،
وأصبح من تكويننا النفسـي
والتربوي والإعلامي والسـياسـي
تسـميـة الأمور بغير أسـمائها
الحقيقيـة، وأخذنا منذ زمن نتهم
من يضع يده على الجرح بأنه مغرض
أو عميل أو مشـبوه أو انهزامي،
وما درينا أن بدايـة الخلاص هي
معرفـة أين أخطأنا وأين أصبنا،
ورفعنا شـعار "لا صوت يعلو
فوق صوت المعركـة" فخسـرنا
معركـة في إثر معركـة، وتحدثنا
عن الخيارات الاسـتراتيجيـة
دون أن نرسـم لها خططاً معقولـة
أو تكتيكات قابلـة للتنفيذ على
الأرض.
يشفع للزعيم
والقائد عندنا بعض إنجازاته
مقابل إخفاقات تُهدد مصير
الأمة، ونخرج لنتظاهر أو ليكتب
بعض كُتابنا ويصرخ بعض أو كثير
من محترفي التنظير لدينا "بأن
القائد الضرورة والزعيم الأوحد
هو الشخص القادر على تحقيق
الأحلام والطموحات وحماية
الأرض والعرض"، لننظر حولنا
فلا نجد أرضاً ولا عِرضاً ولا
مجداً ولا عزاً، بل أرضاً محتلة
وثروات منهوبة، وشعوباً تحكمها
أجهزة الأمن... ثم نُصفق ونهتف
ونُهلل بأننا على طريق التقدم
والازدهار ودحر العدو سائرون...
حسبي الله ونعم الوكيل.
لم نُفلح في أن نسال
أنفسنا عن هزيمة الجيوش السبعة
فلم يكن (فينوغراد) لدينا،
وواصلنا الغرق في الخطابات
وإطلاق الشعارات و"أمجاد يا
عرب أمجاد"، لنصحو على "إزاحة"
جديدة تضمنت ضياع كامل فلسطين
بما فيها شرقي القدس التي تضم
المسجد الأقصى وكنيسة القيامة
وفوقها الجولان وسيناء، فكان
لدينا (فينوغراد) من نوع آخر قال
لنا بأن هذا كله ليس سوى "نكسة"
وأن العمل جارٍ من أجل إزالة
آثار العدوان... وما زال جارياً،
فـ (فنوغرادنا) العربي الشبيه بـ
(فينوغرادهم) بصراحته وعدم
مُحاباته وعدم خوفه من
المخابرات والمباحث المتخصصة
في إبقاء المواطن مخدراً، هذا
الـ (فينوغراد) العربي لم يولد
بعد، أو لم تُعطَ له الفرصة
والصلاحيات، ربما حتى نجد
أنفسنا خارج التاريخ
والجغرافيا.
لا يستطيع (أولمرت)
التغني أو التبجح بإنجازاته في
تهويد القدس وعمليات القصف
والتدمير في الضفة وغزة ولبنان؛
لأن الجواب على قدر السؤال أمام
(فينوغراد) الذي يُمثل جمهوراً
يُريد نوعاً من الإجابات واضحة
صريحة وبالأرقام والنتائج على
الأرض؛ فقد كان المطلوب من (أولمرت)،
ما دام يُريد خوض الحرب، أن يكون
مستعداً لها جيداً، وأن يُحرر
الجنديين من قبضة حزب الله مع
تدمير قوة الأخير العسكرية
وإرسال زعيمه إلى المقبرة أو
الزنزانة، وإذا لم يحدث هذا ولم
يحدث فـ (أولمرت) ووزير الجيش
ورئيس الأركان مدموغون بالفشل،
بغض النظر عن ماضيهم وما قدموا
لأجل دولتهم!
ألسنا بحاجة لـ (فينوغراد)
عربي يعمل الساسة والقادة
لتقريره حساباً؟ كم من الحرث
والنسل يجب أن يُهلك عندنا حتى
نُنادي بـ (فينوغراد) عربي الهوى
والهوية حريص على دمائنا وأرضنا
وعرضنا؟ هل جيناتنا ترفض ظاهرة
الـ "الفينوغراد"!؟ أم هل
عجزت أرحام نسائنا عن إنجابه!؟
كيف ونحن خير أمة أُخرجت للناس!؟
أتوقع بل أعتقد أن
جماهير العرب المفجوعين بأرضهم
وأبنائهم تنتظر (فينوغراد)...
فلينتظروا وأنا معهم من
المنتظرين!
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|