ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 17/05/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


ــ

نلتقي في دمشق!

الطاهر إبراهيم*

في كل يوم، ومع انحطاط شعبية الرئيس الأمريكي "جورج بوش" داخل أمريكا وخارجها، يتم تسريب بعض أسرار التآمر المجرم الذي كان يحاك داخل دوائر صناعة القرار في كل من واشنطن ولندن التي يلفظ فيها "طوني بلير" آخر أنفاس عهده غير المأسوف عليه. وفي كل يوم نفاجأ بالكم الهائل من الحقد الذي كان يعتمل داخل "بوش" وبلير" أثناء حبك الخطط لاحتلال البلد العربي العراق، والذي أصبح الآن مقطع الأوصال يستجدي المعونات الدولية ، بعد أن كان يرفد المحتاج من دول الجوار العربي.

ما يهمني أن أشير إليه هنا هو حيثية ذكرها الكاتب الأردني "راكان المجالي" في مقال له تحت عنوان "نيات أميركا المبيَّتة لغزو العراق" نشرته "الحياة" اللندنية في 11 أيار "مايو" الجاري، أشار فيه إلى التآمر الاستخباري الأمريكي الذي كانت تُحبَكُ فصوله في واشنطن ولندن توطئة للقيام باحتلال العراق. وفي حين كان الموقف الرسمي المعلن لواشنطن يقول بالانفتاح على كل الخيارات الديبلوماسية وأن الحرب على العراق ليست أمراً محتوماً، كان قرار "البنتاغون" في الهجوم واحتلال العراق قد اتخذ في واشنطن.

وفي مسعى اليائس من الشفاء من مرضه العضال، كان العراق يتلفت يمينا وشمالا، يبحث عما يمكن أن يكون معجزة تدفع عنه الكارثة المحققة. وإذ بدا النظام العراقي يائساً، حاول إرسال سلسلة من الرسائل، عبر قنوات خفية، ليقول للأميركيين "ليست هناك أسلحة غير مشروعة". كان ذلك عبر وسيط هو رجل أعمال أمريكي من أصل لبناني، وقد حمل رسالة للمخابرات المركزية الأمريكية تؤكد أن العراق مستعد لفتح كل منشآته أمام أي لجنة تفتيش تأتي للتأكد من عدم وجود أسلحة دمار شامل في العراق. وقبيل أسابيع من اجتياح العراق تحدث رجل الأعمال اللبناني الأصل إلى "بيرل" الذي كان نافذا بين المحافظين الجدد، حيث نقل الرسالة بدوره إلى أعلى المستويات، ثم عاد "بيرل" ليبلغ الوسيط الرسالة التالية: "نلتقي في بغداد"، واندلعت الحرب.

يخطئ كثير من محترفي السياسة العرب إذ يظنون أن المخطط الذي نفذته واشنطن في العراق مخطط معزول، لن يتكرر في قطر آخر إذا تضافرت له نفس الظروف التي أحدقت بالعراق فجعلته "لقمة طرية" حسب تعبير "جورج تينيت" أمام الرئيس الأمريكي، ثم عاد بعد أشهر من غزو العراق ليعترف بأنهما "أغبى كلمتين نطق بهما في حياته". إذا كان "القذافي" أحنى رأسه للعاصفة ودفع ثمنا باهظا لينجو برأسه، ورفض الرئيس العراقي أن يدفع الثمن ، فإن "واشنطن"، على ما يظهر، لن تقبل بأقل من هذا الثمن ممن يريد أن ينجو برأسه من مقصلة نصبتها لمن لا يقبل بشروطها المهينة.

غالبية الشعب العربي تعرف أن الزعماء العرب -في الجملة- غيرُ مستهدَفين لأشخاصهم، إلا إذا أصبحوا عقبة أمام المخططات التي تحاك ضد أوطانهم. ويوم كان الرئيس العراقي الراحل "صدام حسين" مشغولا في حربه ضد إيران، كان وزير الدفاع الأمريكي المستقيل "رامسفيلد" يعمل بائعا متجولا عنده يسوق الأسلحة الأمريكية. ولو كانت القضية هي إزاحة "صدام حسين" من السلطة، لكان ينبغي أن يتم ذلك وهو يملك القوة. ولأن المقصود هو نفط العراق ودور العراق العربي، فقد تم تحطيم هذا البلد "بالتقسيط": البداية كانت مع "جورج بوش" الأب، ثم كانت النهاية في عهد بوش الابن.

دائماً كانت تثار أمام الزعامات العربية قضايا واهتمامات هامشية لاستنزاف قوى البلاد في معارك جانبية، كما هو حاصل الآن في لبنان. فلو أن سورية تركت لبنان ومشاكله للزعماء اللبنانيين وتفرغت لتقوية الجبهة الداخلية لمواجهة الاستهداف الأمريكي الصهيوني لوجدت أن أمامها عملا كثيرا، لن تجد معه أي وقت لكي تصرفه في مشاكل لبنان.

المراهنة –سوريا- على من سيأتي إلى البيت الأبيض بعد "جورج بوش"، كمن يفاضل بين الأسوأ والأسوأ. فلقد كان الرئيس القادم إلى البيت الأبيض دائما أسوأ من سلفه تجاه القضايا العربية، ولا عبرة لكون القادم ديمقراطيا أو جمهوريا. وإذا كان هناك من يزعم أن مصلحة واشنطن حاليا هي مع دمشق وطهران للخروج من المستنقع العراقي، فإنه لا أحد يمكنه أن يزعم بأنه يستطيع قراءة ما يدور في رأس الرئيس "بوش". فدائما عنده الجديد الذي يخرج عن مألوف القاعدة الأساسية في العلاقات الدولية وهي أن "السياسة مصالح دائمة". وهذا ما رأيناه عندما لم يأخذ "بوش" بنصائح لجنة "بيكر – هاملتون" بشأن سورية وإيران.

حتى هذه اللحظة نستطيع أن نؤكد أن النظام السوري غير مستهدف لذاته إسرائيليا، طالما أن الحدود المشتركة يسودها الهدوء منذ توقيع معاهدة فك الارتباط في عام 1974 برعاية "هنري كيسنجر". وبالتالي فإنه لا شيء أمريكيا إلا الضغوط.

غير أنه يوم أن تتغير قواعد اللعبة عند واشنطن تجاه سورية -فليس مع جورج بوش شيء مضمونا- فلن ينفع النظام السوري عندها اعتقاده بأنه لاعب أساسي لا بد من أخذ رأيه في أمور المنطقة، سواء كان ذلك فيما يخص العراق أولبنان أوفلسطين. فما أصبح معروفا، أن "بوش" كلما ضُيّق عليه الخناق –أمريكيا- كلما أصبح خَطِراً أكثر، ولا يدري أحد فيم يفكر.

الرسائل التي ترسلها دمشق تعرض فيها خدمات مقابل خدمات، ربما اعتبرتها إدارة "بوش" نوعاً من الابتزاز، واستغلالا للأزمات التي تعيشها هذه الإدارة. وعندها ربما يظن الرئيس بوش بأن أفضل السبل للخروج من الأزمات هو الهروب إلى الأمام. ومن يدري؟ فقد يكون جواب هذه الرسائل مما لا يخطر ببال مرسليها، كأن يكون الجواب -كالجواب الذي أرسل إلى العراقيين- "نلقاكم في دمشق".

*كاتب سوري

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ