ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 21/05/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


ــ

ومضات محرّضة :

ماذا تعني سرقة حكم دولة !؟

عبدالله القحطاني

ها هو ذا المشهد السوري .. ماثلاً للعيان ، لمن أراد أن يعرف الآثار القريبة والبعيدة ، والنتائج الكارثية المدمّرة ، لسرقة الحكم في دولة ما ، والهيمنة على أرضها ، وشعبها، وثرواتها ، وخيراتها ، وقراراتها ، ومصير أجيالها ، وحاضرها ، ومستقبلها ..!

 ليتابع أيّ عاقل ، غير مبتلى بنوع من أنواع العمى : القلبي ، أو الفكري ، أو الروحي .. ليتابع ما يجري في سورية ، اليوم ، امتداداً لما كان يجري منذ سنين طويلة ، في عهد الأسرة الأسدية .. ليعرف ، ولو على سبيل التثقيف الذاتي ، إذا كان لا يهمّه أمر سورية ، شعباً ووطناً ، وعقيدة ، وحضارة ..! ليعرف ماذا يحصل في سورية  ، وماذا يفعل اللصوص بشعب سورية !

   ملايين البشر، من شتّى الأعمار ، والمراتب ، والأقدار .. تساق كالأنعام ، في شوارع المدن السورية ، تهتف ، وتصفّق ، وتَفدي ، وتمجّد ، وتصرخ ملءَ حناجرها : بالروح بالدم نفديك يا بشّار! ومَن بشّار هذا !؟ إنه غلام ، سرق أبوه حكم دولة عريقة متحضّرة، وشعب أبيّ أصيل .. ثم أورَثه الحكم ، حين هلك ، وهلك قبله ، وريثه الأكبر باسل ، الذي أعدّه للوراثة ! فهو ـ أيْ بشّار الذي يفدَى بالروح والدم ـ لصّ بالوراثة !

   لن نتحّدث ، هنا ،عن الثروات المنهوبة .. فمن يسرق البيت بسائر ما فيه ، يتحكّم بكل صغيرة وكبيرة فيه !

   ما يهمّنا الحديث عنه ، هنا ، هو الشعب تحديداً : عقولاً ، وقلوباً ، وإرادات ، وكرامات، وحريات ، ومروءات ..! فسرقة الجمادات سهلة ، حتى لو كانت هذه الجمادات أراضي شاسعة ، على مستوى أوطان كاملة ! لكن الجمادات لا تسرَق ، إذا كان لها مَن يحميها من البشر ! فالمصيبة هنا ، هي في سرقة البشر ، سرقة العقول التي تفكّر ، والقلوب التي تحبّ وتكره ، والألسنة التي تقول : لا ، والمروءات التي تأبى ، وتأنف ، وترفض، وتتحدّى ، وتثور..! هذه هي التي عمل لصوص الحكم على سرقتها ، جميعاً ، حسبما هو ظاهر، وحسبما يظنّه مراقبو المشهد ، حقيقة واقعة ، لا لبس فيها ، ولا غبار عليها ، ولا تحتاج إلى تأويل ، أو تفسير..!

   مجلس الشعب ، الذي انتخبه الناس ليسنّ لهم القوانين ، ويحاسب حكّامهم ، إذا قصّروا ، أو فرّطوا .. مجلس الشعب هذا ، بشيبه وشبابه ، وجهلَته ومثـقّـفيه.. يتحلّق حول الغلام ، الذي ورث الحكم المسروق عن أبيه الهالك ، ليصرخ ـ بقَماءة تشمئزّ منها نفوس القِردَة ـ : بالروح بالدم نفديك يا بشّار! رجال أكبر من أبيه سناً ، وبعضهم يحمل مؤهلات علمية من أرقى التخصّصات والمستويات ، يصرخون بأصوات مقلوبة تكاد تمزّق حناجرهم : بالروح بالدم نفديك يا بشّار! يصفّقون ، ويرقصون ، ويتمايلون.. ابتهاجاً برؤية بشّار ، أو طرباً لنكتة سمجة يتظرّف بها بشّار ، أو إعجاباً بإشارة من بشّار ، باليد ، أو بالرأس ، أو بالرقبة ، أو بالكتف ، أو بالرجل !

   كل مَن يرقص ، أو يغنّي ، أو يهتف ، أو يصفّق.. يعلم أنه منافق ـ مكرَه على النفاق، أو مُغرًى به ، مُسيغ له ، مستفيد منه ـ ! وكل مَن يراه يعلم أنه منافق ! وأجهزة المخابرات التي تَسوق الهتّافين إلى مصارعهم (مصارع كراماتهم ومروءاتهم) تعلم أنهم منافقون ! وبشّار الذي يفدَى بالروح والدم ، يعلم ألاّ أحد يفديه بقلامة ظفره ، في حقيقة الأمر ، ويعلم أن الذين يصفّقون له ، ويفدونه بالروح والدم ، إنّما ينافقون له ! لكنه قد لا يعلم أن هذه الجريمة ، التي ارتكبها بحقّ مواطني سورية ؛ بأن جعلهم منافقين له ، هي أخطر جريمة متولّدة عن الجريمة الأولى .. جريمةِ سرقة الحكم ! ولكن.. لمَ هذا السيرك كله ، بجملته ، و بسائر تفصيلاته !؟ إنه النتيجة الطبيعية لسرقة حكم دولة :

 ـ فالسارق لصّ بالضرورة !

ـ وهو مجرم جزّار بالضرورة !

ـ وهو خائف من أصحاب الوطن المسروق بالضرورة ! حريص على كسر شوكتهم ، كيلا يفكّروا باسترداد ما سرق منهم ، من سلطات ، وصلاحيات ، وحريّات ، وكرامات ..!

ـ وهو تافه قزم بالضرورة ! يحرص على تلميع صورته ، وصناعة حجم مزيّف له ، يبهر به عيون الضحايا المسروقين ! ويخلع قلوبهم ، ويغسل أدمغتهم .. ليوجّههم كما يشاء ، وأنى شاء !

* هل يقتضي السياق ، الترحّم على رئيس سورية الأسبق الحرّ ، ناظم القدسي ، الذي انتخبه مجلس نيابي حرّ، منتخَب مِن شعب حرّ ..!؟ هل نترحّم عليه ، حين كان يغضب من فريق حكمه ، فيغادر قصر الرئاسة ، وكرسي الرئاسة ، ويغادر دمشق العاصمة كلها ، متجهاً إلى مدينته حلب ، عازفاً عن الرئاسة ، ومسؤولياتها ، وأعبائها .. ثم يَتبعه رجال دولته إلى حمص ، في وسط البلاد ، ليعيدوه إلى عمله في رئاسة الدولة ، وهو يتأفّـف ويتمنّع .. حتى يستثيروا فيه مروءاته ، وحسّه الوطني ، ونبل سجاياه .. فيقبل بالعودة إلى الرئاسة ، على مضض !؟ هل نترحّم عليه هنا ، لهذا كله ، أم نعتب عليه ، لأن هذا النوع من السلوك النبيل المتحضّر ، دون حيطة كافية ، يجعل مصير البلاد والعباد ، عرضة لنزوات المغامرين ولصوص الحكم ، من كل صنف ولون ـ وهو ما حصل فعلاً ، في تلك المرحلة الزاهية القصيرة ، من تاريخ الديموقراطية في سورية ، وامتدّ إلى يوم الناس هذا ـ !؟ أم نقول للرئيس النبيل المتحضّر ، الراحل : لقد كنت يا دكتور ناظم ، مشعلاً حقيقياً ، مضيئاً في تاريخ بلادك ، لا تطفئه الزوابع مهما عتت ، ولا قوى الظلام مهما تكاثفت وادلهمّت ! وسيعرف كتّاب تاريخ بلادك ، أين يضعونك من صفحاته ، وأين يضعون الآخرين ، ممّن تراهم اليوم ، وترى أفعالهم ، وتعرفهم ، وتعرف معادنهم ! وحسبنا أن نتمثّـل ، اليوم ، بقول القائل ـ ونرجو أن نتمثّـل غداً ، بما هو خير منه ـ :

 لقد هُزِلَتْ ، حتّى بَدا مِن هُزالِها   كُلاها.. وحتّى سامَها كلّ مفلسِ!

 ولله في خلقه شؤون !

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ