ـ

ـ

ـ

السبت 26/05/2007

ــ

مسرح مجانين جديد

ياسر الخوجة*

الهستيريا الاعلامية الحاصلة اليوم في سورية, قد أرسلت رسالة إلى الخارج مفادها أن هذا المواطن السوري الذي تراهنون عليه اليوم, ما هو إلا تابع خانع يلتف حول قيادته الحكيمة, وكلما كان هناك اسراعاً بتشكيل المحكمة الدولية , كلما ازدادت الهستيريا الاعلامية في سورية,هستيريا لم تصل هذا المستوى من التبذير والانحطاط حتى أيام الرئيس حافظ الأسد كما وصلته اليوم, وامتلأت الشوارع بصور الرئيس الواحد الأحد, الذي ليس لنا قدراً غيره, حامي الديار, الصادق الأمين, وكأنه ليس هناك من رجل يحمي البلاد والأوطان والعروبة غير الرئيس بشار, وكانت المساحة الشعبية في كل هذا الجنون, مساحة واسعة لا غبار عليها, فعندما تمرون بجانب المحلات التجارية, نادراً ما تجدون محلاً لا يضع صورة للرئيس الذي ترشح ونجح وسيستمر قبل اظهار النتائج, حتى أنني شككت بكل أفكاري واتجاهاتي, إلى أن رأيت السيارات التابعة للمحافظة والمخابرات والبلديات يوزعون الصور ويأمرون أصحاب هذه المتاجر بلصق الصور وعرضها بمكان واضح, واكتنف الشعب السوري احساس عارم بالوطنية والعروبة, فامتلأت الدنيا بالأهازيج القومية, والشعارات العروبية, حتى المياه الغازية أصبحت توزع مجاناً, وتسائلت هل توزع على استفتاء الرئيس أم توزع على روح الفقيد الوطن..؟ وكأن هذا المواطن السوري قد سلّم أمره فعلاً لأولي الأمر, وكأن هذا المواطن قد تبرأ من حقوقه وتنازل عنها للقيادات الحكيمة التي تدير له كل أمور حياته من قهر وفقر وذل وهوان, وكأن هذا المواطن الذي انتهى للتو من التصفيق الحار قد نسي أنه يصفق لمن يسلبونه حياته ببطيء, وأن وطنه الذي فنى من أجله قد أصبح متجراً مربحاً لنظام بشار الأسد, وأنه من سيدفع لهم فواتير غباء هذا النظام فيما بعد.

ويبقى السؤال, ماذا فعل بشار الأسد لسورية حتى يؤله بهذا الشكل..؟ ماذا فعل وهو لم يحمي الوطن بقدر ما حمى مصالحه و مصالح أقربائه وأنسبائه وعملائه في الخارج..؟ ماذا فعل مالك يوم الدين غير أنه عزلنا عن العالمين..؟ ماذا شيّد غير الساحات العامة التي تطل على قصره وترك الباقي خراباًَ, ماذا فعل..؟ والفساد لا يزال يخنقنا يومياً, وأحلامنا تضيق بنا, ووطننا يضيق بنا.

أيها المواطن السوري:

كبرت المضافات, فاذهب لتتبارك بترشيح الأسد الواحد الأحد, اذهب لتهنيء أذناب السلطة بهذه الأيام المباركة, اذهب حيث أقيمت حفلات الوطن, ولترقص احتفاءاً بدخول عصر موت جديد, اذهب لتبارك سبعة أخرى عجاف, وتناحر مع آخرك لتعرف عبد من أنت..!! اذهب فكلنا مدعوون إلى هذا الجنون الجماعي, الله نفسه مدعو ويبارك ما ستتبارك به هكذا كتب اعلامنا الحي, واشترك بالمسيرات واصرخ على نفسك ملىء صوتك, وتضرع إلى الله أن يحافظ على قصور النظام, وعلى عرش النظام, وعلى نظرة الأسود..!! اطلب من الله أيها المواطن أن ينسف هؤلاء الملايين من الخونة الذين يرون في نظام الرئيس بشار أنه نظام متسلط, قاتل, يسلب الآخرين عن طريق القانون والشرعية, وادعو الله أن ينسف المحكمة الدولية, التي أوجدها الاستعمار لمحاكمة الوطنيين الأبرياء الشرفاء من أبناء هذه الأمة.

أيها المواطن السوري:

غض النظر عن الوطن, فأنت تعيش في بيت الأسد وبحمى الأسد, وتتمسح بعرين الأسد, سورية الآن كلها أسد, وطابعها أسد, وتأكل من البقايا التي تركها لك الضباع و الأسود, فاحمد الله على هذه النعم التي ما كنا لها مدركين..!! وأعطي صوتك طيعاً للأسد, لأن العالم لن يتغير طالما هناك أسداً يحمي البلاد راكباً على العباد..!

أيها المواطن السوري:

سورية أدرى ببشارها, فلا تدخل إلى عوالم قد تصل بك إلى جهنم الأجهزة الأمنية, فقط اصعد إلى مسرح المجانين هذا, ودع العالم الخارجي يراك, مصفقاً , مزمراً, مطبلاً, لبشارك..! وتأكد أن هناك مكافأة تنتظرك.. فبشارك أعلم بحالك منك, فاحني رأسك ما استطعت, واقبل بحكم القصور, وحكم العمائم السوداء, وصفق, فطالما أنت تصفق فلا خوف عليك, ستصل إلى بيتك...آمناً.. هانئاً, وستكمل نومك بلا أحلام.

*مواطن سوري أحمق, يخون وطنه بكلماته,ويوهن عزيمة الأمة

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ