ــ
لا ... لن تطول !!!
مواطنة سورية
واحسرتاه ...
واحزناه ... أن يتحول شعب بأكمله
من شمال بلادي إلى جنوبها ، ومن
شرقها إلى غربها ، بشيبه وشبابه
، بنسائه ورجاله ، وعلمائه
وعاملوه إلى مجموعات من
المصفقين والراقصين والمغنين
الذين لا يملكون إلا هز الخصور ،
والوقوف في الساحات أمام
الكاميرات ليتحولوا إلى من يصدق
فيهم قوله تعالى
(فاستخف
قومه فأطاعوه) . وكما كان يفعل
الرومان مع شعوبهم لإسكاتهم
وتغاضيهم عن الظلم والاستعباد ،
بأن يؤمنوا لهم " المسرح
والخبز " : المسرح لاشغالهم
بالرقص واللهو والعبث ليحسوا
بأنهم مرفهين فرحين ، والخبز
لأنه أدنى ما يسد به جوع جائع .
ويطلع المذيع في
التلفزيون السوري ليقول لنا :
هذا شعب سورية خرج ليعبر ـ قبل
الاستفتاء وبعده ـ عن شعوره
وفرحته . أقف برهة مع نفسي .....
أتذكر .... أتأمل .... أفكر ....
فأجدني أتساءل هل فعلا أنك هكذا
يا شعبي العظيم ؟ .... هل استطاع
السلف والخلف " الأب والابن
" تحويلك إلى مجموعة من
العبيد ، عليهم التحرك كيفما
شاء سيدهم المطاع ؟ ... هل وصل
هؤلاء إلى حدٍ يجعل شعبا بأكمله
مجموعة من الذين لا يملكون حولا
ولا طولا ؟ .
وتقطع عليََ
التفكير تلك المذيعة التي تقول :
" وطن المبدعين والعاملين
الذين حملوا الخير والعدالة
والجمال للعالم ، وعلموه
الإبداع والفن " . حقا هل هذا
أنت يا شعبي مبدع وأصيل وخيَر ؟
.... وأعود بذاكرتي إلى تاريخ
بلادي سورية الحبيبة ، وتترى
الصور ليناديني كل منها : مابالك
... مالك ؟ شعبك ، أجدادك هم بناة
المجد والحضارة الذين لم يخضعوا
ولم يستكينوا . إننا شعب النضال
والكفاح . هذا جَدُك َيوسف
العظمة الذي وقف مع رفاقه أقوى
قوة في العالم في ذلك الوقت "
فرنسا " في معركة ميسلون
ليرووا بدمائهم ثرى بلادهم ...
ابراهيم هنانو ، محمد الأشمر ،
سلطان باشا الأطرش ... وأجدادك
العلماء الذين انتشر عبق شذاهم
في العالم ، وتكلموا عن
الاستبداد وطبائعه وكيفية
التخلص منه " عبد الرحمن
الكواكبي " ... الشيخ محمد
المبارك ...علي الطنطاوي ....
مصطفى السباعي ... أينما تجولت في
في بلادك سترى الحضاة والمدنية :
المساجد والقلاع والمدارس
والمكتبات والجامعات والتكايا
والأسواق والخانات ... التي لا
يتسع لها مقال ولا كتاب ، بل
يحتاج كل منها إلى موسوعات .
بلادك بلاد العلم التي أتى
إليها طلابه من كل بلاد العالم
لينهلوا منها العلم والأدب
والفقه .
وبعد يا شعبي ، هل
ستبقى هذه الغمامة تسد أفق
المستقبل أمامك ؟ لا لن تطول ،
لأنها غثاء يطفو على السطح ما
يلبث أن يذهب جفاء ، وتبقى المثل
والقيم المتجذرة في النفوس
والحضارة والتاريخ والأوطان .
(فأما الزبد فيذهب
جفاءً ، وأما ما ينفع الناس
فيمكث في الأرض) صدق الله العظيم
.
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|