ــ
ومضات
محرّضة:
هل
معاداة الله ، ومحالفة الشيطان :
من
الدين ، أم من السياسة !؟
(إبليس عدوّ للإنسان ، لا لِلّه.. وبعض البشر
يعادون الله ، دون الشيطان!)
عبدالله
القحطاني
•
لابدّ ، بدايةً ، من طرح
السؤال التالي : الوقوف مع الله
وأنصاره ، أو مع الشيطان
وأنصاره .. هل يدخل في السياسة ،
أم هو عمل ديني بحت !؟
• قد
يبدو السؤال غريباً ، للوهلة
الأولى ! إلاّ أنه موغل في أعمق
أعماق العمل السياسي ، برغم
ماران على الكثير من العقول ،
العاملة في الحقول السياسية
والثقافية، من ركام ، خلّفته
عقود من التزييف السياسي
والفكري ، على امتداد الساحة
العربية والإسلامية ..! وأهمّ
المقولات الزائفة ، الرائجة
بقوّة ، مقولة : (لاسياسة في
الدين ، ولا دين في السياسة) !
التي اخترعها أحد شياطين الإنس
ـ وربّما أوحَى إليه بها أحد
شياطين الجنّ ! ـ
وقَذف بها في عقولٍ وقلوبٍ ،
مستعدّة لتصديقها ، وتبنّيها، و(
تسويقها !) . / وما يعنينا منها ،
هو العقول والقلوب التي قذِفت
فيها ، لا الشيطان الذي قَذفها
فيها /!
• إبليس
، زعيم الشياطين كلهم ،
وأستاذهم غير المنازَع ، لم يقل
في يوم من الأيام ، منذ امتنع عن
السجود لآدم ، فعصى أمرَ ربّه ..
لم يقل : إنه عدوّ لله ..! بل أعلن
جِهاراً، وبلا مواربة ، أنه
عدوّ للإنسان ، تحديداً ! وأن
عبوديته لله ، لا تشوبها شائبة!
وهو لا يستطيع ، أصلاً ، أن يقف
موقف العدوّ من الله ، عزّ وجلّ
، برغم عصيانه له ، في الامتناع
عن السجود لآدم ! بل إن معصيته
لله ، نابعة من حَسده لآدم ،
الذي أخذ مكانة مميّزة عند ربّه
، الذي أمر إبليس ـ وهو من الجنّ
ـ ، وأمر الملائكة جميعاً ،
بالسجود له ـ أي لآدم ـ الذي
خلقه بيديه ، بينما خلِقت
المخلوقات الأخرى بقول (كنْ) !
وها هو ذا إبليس ، يعلن عبوديته
لله ، في آيات كثيرة ، يخاطب بها
ربّه: ( قال ربّ فأنظِرني إلى يوم
يُبعَثون ) .. (قال فبعزتك
لأغوينّهم أجمعين . إلاّ عبادك
منهم المخلَصين ) .. ( قال أنا خير
منه خلقتني من نار وخلقته من طين..)..
وآيات أخرى كثيرة ، يراها من
يقرأ القرآن ، منبثّة في كتاب
الله في ، سوَر عدّة ..!
ولا يمكن ، بالطبع ،
الافتراض بأن إبليس منافق ، في
إعلانه العبودية لله ، أو أنه
يؤمن بمبدأ (التقية) ، ويخفي عن
الله كفره ، ليخدعه بادّعاء
الإيمان به ! كبعض المنافقين من
بني البشر، الذين تدفعهم عوامل
الخوف أو الطمع ، إلى إظهار
الإيمان، وإبطان الكفر، بعضهم
تجاه بعض ..! لأن إبليس يعلم
جيداً ، أن الله لا تخفى عليه
خافية ، ولا يمكن خداعه !
• فإذا
كان الأستاذ ، نفسه ، يدين لله
بالعبودية ، ولا يجرؤ على
معاداة ربّه.. فما بال بعض
تلاميذه الصغار، يجاهرون
بالعداوة لله ، ولكل ما جاء من
عنده ، من تشريعات، وأحكام ،
وأخلاق .. عن طريق رسله الكرام !؟
• وإذا
كانت الأكثرية الساحقة لشعب ما
، تدين بديانة معيّنة ، تُلزم
أتباعَها بتشريعات معينة.. فهل
من السياسة أن تُفرض على هذا
الشعب ، تشريعات من ديانة أخرى،
مخالفة لديانته ..!؟ كأن تُفرض
على شعب نصراني تشريعات إسلامية
، أو تفرض على شعب مسلم تشريعات
نصرانية ، أو يهودية ، أو
إلحادية .. أو تفرض على شعب بوذي
تشريعات مجوسية ! وما مكان مَن
يفعل هذا ، من السياسة ، أو
الفهم السياسي، أو الفهم
الإنساني .. بشكل عام !؟
• وإذا
كانت عقيدة الأمّة ، أيّة أمّة ،
هي روحها ، التي تنبثق منها
تشريعاتها ، وآدابها، وأخلاقها
، وفنونها ، وعاداتها ،
وتقاليدها ، وأعرافها ،
وفلسفتها ، وتاريخها ..(كما يرى
المفكّر الفرنسي جوستاف لوبون
..)..
فماذا يعني أن يفرَض عليها
استيراد كل ما ذكِر، أو جلّه ،
أو حتى بعضه .. مِن أمم أخرى ، ذات
عقائد أخرى ، مختلفة اختلافاً
كبيراً ، عن عقيدة هذه الأمّة ،
من حيث مصدرها وجوهرها ،
وكلياتها وتفصيلاتها .. وتُرفض
عقيدة الأمّة مِن قِبل بعض
أبنائها ، أو المحسوبين عليها ،
حتى على مستوى أن تكون مرجعيّة
للمجتمع الذي يدين بها ..!؟ ماذا
يعني هذا !؟ .. ولماذا !؟ ولمصلحة
من !؟
• واضح
أننا ، حين نشير إلى المفارقات ،
بين موقف إبليس ، أستاذ
الشياطين جميعاً..
إنسهِم وجِنّهم .. وبين
مواقف تلاميذه ، الصغار منهم
والكبار .. واضح أننا لا يعنينا
إبليس ذاته ، ولا مصيره يوم
القيامة ! فما هذا من شأننا .. ولا
نبالي بهذا العدوّ اللدود
الخبيث ، في أي وادٍ هلك ..! إنما
الذي يعنينا ، تحديداً ، هو
مواقف بعض تلاميذه ، من
المحسوبين على ملّتنا ، الذين
تشمئزّ قلوبهم إذا ذكِر الله
وحدَه ! وإذا ذكِر الذين مِن
دونِه ، فرحوا واستبشروا ..! أنّى
كان هؤلاء الذين مِن دونه ..
وسواء أكانوا من أوثان البشر
والحجر، أم من أوثان النظريات
والفلسفات والأفكار..! وهم في
الوقت ذاته ، يتصدّرون مجموعات
من شعوبهم ، لقيادة مجتمعات
تدين أكثريتها الساحقة ، بعقيدة
لا ترضى عنها بديلاً .. وهي
الدافع الأول والأقوى لها ،
لصناعة حياتها ومستقبلها ،
والدفاع عن أوطانها في مواجهة
الأخطار الداهمة ، من أيّة جهة
جاءت ، ومهما كان نوعها !
• فهل
هذا الإصرار على الاستبدال ؛
استبدال أيّة عقيدة ، وفرضُها
على الأمّة ، مكان عقيدتها التي
هي عليها.. هل هو من السياسة
الحكيمة الرشيدة ، في إطار
الحساب السياسي البحت ، بصرف
النظر عن نيّات الأفراد ،
وعقائدهم ، وفلسفاتهم التي هم
أحرار في تبنّيها ، على
المستويات الفردية !؟
• لابدّ
من طرح هذا السؤال ، على المستوى
السياسي .. والبحث عن إجابات
سياسية له، عند الساسة الذين
يحملون هموم التغيير والتطوير،
للشعوب والأوطان !
( مع التذكير، بأننا لسنا ، هنا ،
في موقع مَن يلقي على الآخرين
المواعظ الدينية ، ولا في موقع
من يتلقّى من الآخرين ، دروساً
في فلسفة التنوير!)
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|