ــ
نهر
البارد وعين الحلوة
دكتور
عثمان قدري مكانسي
قال لي صاحبي : لماذا ينزعج العرب
من جهاد " فتح الإسلام "
و" جند الشام " ويستنكرون ،
ويشجبون ؟! ولماذا يشيرون إلى
النظام السوري إشارة المتهم
الذي فعل كبيرة من الكبائر ، وهو
نظام الممانعة والصمود والتصدي
للعدو الشرس ؟!
ثم ضحك صاحبي من مفارقات
النظام ودجله ، وغباء كثير ممن
يصدقون تخرصاته وادّعاءاته .
فالنظام القمعي في سورية خرج من
لبنان خزيان ، مطروداً ، وخسر
كنوزاً كان يغتصبها تباعاً من
اللبنانيين ، ثم يسومهم الخسف ،
ويذيقهم الذل . خرج ، ولم يصدّق
أنه طُرد كما يُطرد الدخيل
السمج بعد أن عاث فساداً عقدين
من الزمن كان يستطيع فيهما أن
يبني علاقة الحب والوئام بينه
وبين اللبنانيين ، وأن يوطد
آصرة الإخاء والمودّة معهم ،
ولم يكن بوسع أمة أو دولة مهما
كانت أن تفرق بينهما ، ولكن حين
يكون الجار والأخ ظالماً لئيماً
ولصاً زنيماً يفعل الأفاعيل ،
ويقتل الحرية والكرامة في داره
ودار أخيه فليذهب مصحوباً
باللعنة فهو –
للأسف - أسوأ من العدو ، وأشرس
منه .
خسر النظام البيضة الذهبية ، وقد
كان يتصرف بها كيف يشاء ، وعزّ
عليه أن يخرج طريداً ، فصمم أن
لا يريح ولا يرتاح فاغتال ،
ودمّر، وأرسل كلابه تنهش في جسد
لبنان وأهله ، ويصطنع الصنائع
ليبذر الشقاق والشحناء في
لبنان فحرّك الدمى واشترى مَن
لا ذمة له ولا حبّ
في قلبه لوطنه .
لبنان بلد صغير ، يمكن للنظام أن
يزرع فيه القلاقل ، ، فأرسل
شراذمه وعصاباته إليه .وألقى
عليهم أسماء " الضرار "
فمخابراته الفاسدة صارت بقدرة
قادر " فتح الإسلام " !
وعملاؤه يحملون لقب " جند
الشام " فالجهاد
ضد العدو يبدأ من لبنان !! وبث
العداوة بين مواطنيه ، بل إن
النظام باع الجولان لليهود ،
ومنع أي عمل جهادي وفدائي في
الجولان ، وأصدر قراره بضرب كل
سوري وفلسطيني يتسلل إلى الدولة
الإسرائيلية من الجولان . فهو لا
يستطيع أن يسيء إلى وليّ نعمته
وسبب بقائه هذه العقود على صدر
الأمة .
الأسلحة والعتاد الحربي
لعصاباته تشحن إلى لبنان ، بلد
الرباط!! أما
الدولة الإسرائيلية فحدود
سورية معها في أمن وأمان ، لا
يدخلها العصفور ، فهناك اتفاقية
أمنية التزم بها النظام الأسدي
تجاهها ثمن بقاء الأسرة الأسدية
على صدر الشعب السوري
. ولن يجازف بل لا يمكن أن
يفكر بأي عمل وطني في الجولان
يزعج الدولة العبرية التي تسعى
جاهدة للإبقاء عليه ، وقد عرفت
له إسرائيل ذلك المعروف وتلك
المكانة ، فهي تعلن مراراً أنها
لا ترضى أن يسقط النظام الأسدي
الذي أثبت بفاعلية أنه الجار
الهادئ المحافظ على الاتفاقات
العسكرية والامنية .
والعجيب أن النظام الأسدي أعلن
فور قرارالمنظمة الدولية
إنشاء المحكمة أن هذا
القرار انتهاك لسيادة لبنان ،
وتناسى أنه انتهك هذه السيادة
منذ عقدين أو أكثر ، وما يزال
ينتهكها "
إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت " ! .
والنظام يعلن رفضه التعامل مع
المحكمة الدولية لأنها غير
شرعية ! ومحاكمه الظالمة
الاستثنائية ، غير الشرعية
كل يوم تصدر أحكاماً ظالمة
جائرة على أبناء سورية
الأحرار !.
والنظام الأسدي يرفض التعامل مع
الحكومة اللبنانية التي
انتخبها الشعب انتخاباً
ديموقراطياً لأنها لا تمثل –
على حسب دعواه – كل فئات
اللبنايين ، وهو يفرض مجلساً
للشعب لم يشارك في انتخابه سوى
خمسة بالمئة من عصاباته
وبلطجييه وأزلامه . بل يفرض رئيس
النظام نفسه على الشعب السوري
فرضاً ثم يسخر منه بمهزلة
الاستفتاء التي كلفت الوطن
المسحوق أكثر من ثلاث مليارات
من الدولارات ، وقد كانت البلاد
بحاجة ماسة إلى أن يُصرف هذا
المبلغ الضخم في المرافق
المفيدة للشعب .
ما أتعس هذا النظام الفاسد الذي
يقتطع من الشعب حقه ليبذخ في
سفاهات وتفاهات ما أنزل الله
بها من سلطان. ويجعل من هذا
المال أداة دمار لإخوته في
لبنان وغيرهم .
ليت النظام بدل أن يرسل السلاح
إلى المخيمات الفلسطينية في
لبنان ليدمر حياة اللبنانيين
والفلسطينيين معاً ، ويزلزل
الاستقرار في لبنان الحبيب ..
ليته أرسل جزءاً من المال الذي
سرقه واغتصبه منهم على مدى
عقدين من السنين العجاف
ليكون أداة بناء لا معول هدم
.
فهل يعقل الواهمون ويصحو
الغافلون ويفهم الأغبياء
المغفّلون حقيقة هذا النظام
الأسدي الغاشم ؟!
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|