ــ
الخامس
من حزيران أو يوم الحزن السوري
إبراهيم
درويش
info@syriakurds.com
بالرغم من مضيّ أربعين عاماً على
جريمة التفريط بالجولان
الحبيبة،على يد المقبور سيّئ
الذكر والصيت حافظ أسد، وبالرغم
من آلاف المقالات وعشرات الكتب
التي تتحدث عن الخيانة العظمى
التي ارتكبها وزير الدفاع
السوري عام 1967م حافظ أسد، بحيث
لم يتركوا زاوية من الموضوع إلا
سلّطوا عليها الضوء، ولا جانباً
من القضية إلا أشبعوها بحثاً
وتحليلاً واستشرافاً للمستقبل...،
بالرغم من ذلك كله فإننا سنظلّ
نذكّر الأجيال الصاعدة التي لم
تعش تلك الأيام ومآسيها وفصولها
الخيانية بكل تفاصيلها،
والأجيال التي عاشتها، سنظل
نذكّرها بالجريمة لتظلّ حية في
الأذهان، وليظلّ أبطالها موضع
اللعن والرجم من قِبَل هذه
الأجيال في هذه الحياة وبعد
الممات، وليتحوّل هذا
اليوم إلى يوم التصميم والإصرار
على وجوب تقديم الخونة المجرمين
بحق الأوطان والشعوب إلى
العدالة، وليصار إلى إدانة
النهج الذي اتّبعه ـ وما يزال ـ
أبطال الخيانة والإجرام بحق
الوطن والشعب، وليتمّ تسمية
الأشياء بأسمائها، لأن فصول
الجريمة ما تزال تعرض، ولأن
الأدوار التي رسمها الخونة لمن
بعدهم ما تزال موضع تقدير
وتنفيذ!!!
هذا من ناحية،ومن ناحية أخرى فإن
التذكير بهذه الجريمة، جريمة
سقوط الجولان بين براثن
الصهيونية يجب أن لا تستمرّ،
فإنها أرض وطنية يجب العمل على
إعادتها إلى حضن الوطن بكل
السبل والوسائل. إن بقاء القضية
حية في الأذهان هدف بحدّ ذاته لا
يجوز التهوين من شأنه.
إن جريمة تسليم الجولان للعدو
الصهيوني، وإعلان سقوطها
وإصدار الأوامر للمراتب
والجنود بالانسحاب الكيفي
منها، قبل وصول أيّ جنديّ
إسرائيلي إليها، عبر الحرب
المفتعلة في الخامس من حزيران
عام 1967م هي
جريمة بل خيانة عظمى يستحق
صاحبها محاكمة عسكرية فإعداماً
في كل دول العالم، وفي كل جيوش
العالم، وبكل المقاييس، فلماذا
كُرّم "البطل " في سورية
وكوفيء على جريمته بأن وُضِع
رئيساً للجمهورية بدلاَ من
الإعدام؟ ولماذا كان الإصرار
على اتباع النهج الخياني الذي
وضعه بائع الجولان حتى بعد
موته؟ ألا يعني ذلك أن المؤامرة
الخطيرة التي حيكت فصولها
بإتقان ضد سورية وطناً وشعباً،
ما تزال مستمرة في غفلة من الشعب
السوري؟
إن سياسة قلب الحقائق وتسمية
الهزائم انتصارات، والخيانات
بطولات يجب أن يضع الشعب السوري
نهاية لها، وإن نحو خمسين عاماً
من سرقة الكرامة السورية، ونهب
المال السوري العام والخاص،
وتزوير التاريخ السوري الحافل
بالمجد والفخار، وتكميم
الأفواه والنفي والتشريد
والإعدام والأحكام العرفية،
واستشراء الفساد في كل مفاصل
الحياة السورية، وتدمير القيم
والأخلاق والذمم ومحاربة الناس
في دينهم ولقمة عيشهم، وتخريب
الوحدة الوطنية عبر سياسات تقوم
على التمييز العرقي والطائفي
والديني، وحرمان عشرات الآلاف
من المواطنين الكرد من الجنسية
السورية وممارسة سياسة التهميش
والتذويب والاضطهاد معهم،
والعمل على تمكين الفرس
الصفويين من تغيير دين الناس في
سورية، في استغلال بشع وحقير
لحالة الفقر التي أوجدها النظام
الأسدي، وتجنيس عشرات الألوف من
الصفويين الفرس بالجنسية
السورية في محاولة خبيثة دنيئة
لتغيير الطابع الديمغرافي
للبلد...إن هذه السياسات يجب أن
يضع الشعب السوري حداً نهائياً
لها، وينفض عن نفسه غبار الظلم
الطائفي البعثي العنصري، وأن
يرسم لوطنه سورية سياسة تقوم
على العدل والتسامح وتكافؤ
الفرص والحرية السياسية
والتداول السلمي للسلطة
والعيش الكريم لأبنائه، في ظل
قانون عادل لا يميز بين
المواطنين على أي أساس سوى أساس
الأهلية والصالح العام ومَن
يخدم الوطن والشعب أكثر.
ولكنّ هذا الهدف النبيل الذي
يستحق تحشيد كل الطاقات
والإمكانات له لا يمكن أن يتحقق
إلا بالوحدة الوطنية ومشاركة كل
المواطنين، في جميع المناطق
السورية، من خلال روح التحدي
الذي يجب أن يسري في دمائهم،
وإدراك الواقع المرّ الذي
يعيشون في ظله، والتصميم منقطع
النظير على الوصول إلى الواقع
الذي يستحقه الشعب السوري ويحيا
في ظله عزيزاً حراً موفور
الكرامة.. عبر المسيرات
والمظاهرات والعصيان المدني
والأساليب الحضارية التي لا
تعطي المسوّغ للسلطة الباغية
لأن تلجأ إلى عنفها الثوريّ
المعهود.
إن الخامس من حزيران، الذي صار
يوم الحزن الوطني، وأصبح
مجلّلاً بالسواد، يجب أن يصير
الدافع والمحرّك لنا جميعاً
للنهوض والعمل على بناء غد مشرق
لنا ولأبنائنا
جميعاً، فهل هذا مستحيل يا
أحفاد يوسف العظمة وإبراهيم
هنانو وسلطان باشا الأطرش
والشيخ صالح العلي والشيخ بدر
الدين الحسني والأتاسي
والقوتلي وسائر أبناء سورية
البررة. فإلى الوحدة الوطنية
والعمل واستعادة الحرية
والكرامة والعيش النبيل
والجولان المحتل أيها
السوريون، والله معنا.
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|