ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 12/06/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


ــ

حزيران بين الصُوَر!

د. فاضل الخطيب/ بودابست

أربعين حزيراناً مع الملايين أسافر!

أربعين صيفاً ينام الجولان على حلم العساكر!

يفيق على صوت العساكر!

على وعد الحناجر!

أربعين مرّة دارت الجولان حول الشمس,

ونحن نهتف للعساكر!

للنجوم الحاكمة خلف الستائر!

أربعين عاماً وأنا أسافر مع الملايين ولا نعرف المحطة التي تنتظرنا, أربعين عاماً وأنا أسافر بين دمشق والجولان.

لقد مللت السفر, أربعون عاماً ونحن على سكة القطار بين الجبال والوديان.

عند أول رحلة لي في هذا القطار صعدت إلى آخر حافلة من الدرجة الثانية, وصار القطار بيتي, ومنذ وقتها وأنا في الدرجة الثانية.

أربعين عاماً وفي كل صباح أتناول فطوري في هذا القطار, الفطور الذي حملته معي.

لقد حلمت أنني أسافر في مقصورة مريحة يمكن أن أنام فيها, وتأتي المضيفة لتقدم القهوة لي بعد أن تتأكد من بطاقة سفري, مضيفة تتحدث بعدة لغات, وسائق القطار يحييّ الركاب بثلاث لغات إضافة للعربية والكردية, ويخبرنا على أيّ ارتفاعٍ نحن وعن درجات الحرارة وعن سرعة القطار.

وأخيراً تحدث المعجزة وخلال سبع دقائق نصل إلى الجولان! لكن هذا مجرد حلم.

أربعين عاماً أعيش في حلمٍ. أربعين عاماً وأنا أردد قواعد وشروط السفر عن ظهر قلب, وألتزم فيها عن ظهر قلب.

بالنسبة لي كل قواعد شركة الخطوط الحديدية مقدسة!

أربعين عاماً وأنا أسافر في نفس العربة, وفي نفس المقعد وبنفس الشروط, وأجلس في نفس قاعة الانتظار, وأمامي نفس اللوحات والصور, ونفس الوجوه تقطع التذاكر.

الزمن يجري والأرض تدور حول الشمس بنفس الوتيرة منذ أربعين عاماً.

لكن الثابت والباقي بدون تغيير هو الله وسائق القطار والركاب والصور, وبدون ملل ولا ضجر أشاهد نفس الصور, وأسمع الشريط المسجّل عن المهدي المنتظر!

أربعون عاماً بدون تغيير يُذكر.

كنت أتمنى لو أنه في إحدى المرات جاءت بعد دمشق عين قنية أو مسعدة أو بانياس الجولان بدل سعسع.

أربعين حزيراناً ساخناً ولم يستطع إذابة الثلوج عن جبل الشيخ, الدلائل تشير إلى أن هذا الصيف حاراً جداً, وقد تكوي حرارته نياشين النصر, وتؤثّر على سكة القطار, ويصبح تلميع الصور مشقة كبيرة نتيجة الغبار.

وفي إحدى المرات اقتادوني للاستجواب بتهمة أنني لم أقم بتلميع الصورة في القطار, مهدداً بذلك قطار الوطن بالخطر, القطار الذي وجد لخدمة البشر.

بالنسبة لي أربعين عاماً من السفر تعتبر عمراً بكامله, أعصابي صارت من حديد السكة التي يمشي عليها القطار.

عند وصولي البيت, وعند المدخل, أقوم بالتصفير قرب الشبّاك, وأفتح صمّام البخار والذي يختلط مع تصفير الريح التي تأخذه بعيداً, ثم أدخل البيت وأجلس على مقعدٍ ووجهتي باتجاه سير القطار, وبعد أن تقدم لي حماتي السندويش والماء البارد أذهب إلى المحطة لتدخين سيجارة , ثم تلحقني زوجتي مع الأولاد لتقوم بتلميع الصورة عند خمارة المحطة وعلى دبكة ومواويل.

خلالها أكون قد استرخيت على مقعدٍ خشبيٍّ وأنا أحلم بالسفر في قطار الصور بين دمشق وتدمر!

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ