ــ
استهداف
الدعاية الصهيونية للطفل
الفلسطيني
أ.د.
محمد اسحق الريفي
الاحتلال
الصهيوني لا يألو جهداً في
استهداف الطفل الفلسطيني
وتحطيمه مادياً ومعنوياً
وتفريغه ثقافياً، فالصهاينة
يدركون أنهم لن يستطيعوا تحقيق
مآربهم دون إلغاء وجود الشعب
الفلسطيني المسلم من خلال إبعاد
أبنائه عن دينهم وفك ارتباطهم
بأرضهم، وهذا يفسر سبب الهجمة
المسعورة التي تشنها الدعاية
الصهيونية خاصة ضد حركة حماس
ومؤسساتها الإسلامية التربوية
والتعليمية التي تغرس في
الأطفال حب الجهاد في سبيل الله
ومعاني التضحية والفداء.
لقد
نال الطفل الفلسطيني قسطاً
كبيراً من جرائم الاحتلال
وإرهابه، ولم يترك الاحتلال
وسيلة إلا استخدمها ليملأ حياته
بالرعب والبؤس والمعاناة،
ويسبب له أقسى أنواع الحرمان،
وينتهك حقوقه وكرامته وحريته.
ومع تنامي ظاهرة إقبال
الجيل الفلسطيني الناشئ على
المساجد ومراكز تحفيظ القرآن،
وانتشار الرياض والمدارس
الإسلامية التي تبني في الطفل
أسس المواطنة الصالحة وتحميه من
ثقافة الهزيمة والاستسلام،
بلغت الهجمة الإعلامية
الصهيونية الشرسة ذروتها ضد هذه
الظاهرة، وأصبحت هذه المؤسسات
في مرمى نيران الدعاية
الصهيونية.
وتتمثل
هذه الهجمة في اتهام حركة حماس
ومؤسساتها – ومن بينها فضائية
الأقصى – بأنها تغرس في الطفل
الفلسطيني حب العنف والإرهاب
وتعلمه الكراهية الدينية ضد
اليهود والصهاينة، إضافة إلى
اتهام الرياض والمدارس
الإسلامية وفضائية الأقصى خاصة
بامتهان الطفل الفلسطيني
والإساءة إليه واستغلال براءته
وطفولته. وبالتأكد
فإن هذه الهجمة العنيفة تجسد
مدى الرعب الذي ينتاب الصهاينة
من عجزهم عن إفساد الجيل
الفلسطيني الناشئ وتفريغه
ثقافياً، وبالتالي عجزهم عن
التحكم في ثقافته والهيمنة عليه
واقتياده إلى حيث يشاءون.
وأبواق
الدعاية الصهيونية – التي
اعتادت على تزوير الحقائق لخداع
الرأي العام الغربي – تغلف
هجمتها الشرسة بغطاء من
الإنسانية الزائفة، فهي تحاول
الظهور للغربيين وكأنها حريصة
على حياة الطفل الفلسطيني
ومستقبله، وأنها تخشى على حقوقه
وكرامته، وفي هذا السياق قام
عدد من مواقع الإنترنت – التي
تمارس الدعاية الصهيونية ضد
حماس ومؤسساتها – بنشر فيديو
كليب لأطفال يقدمون عرضاً
بمناسبة تخرجهم في رياض المجمع
الإسلامي بغزة، حيث ظهر الأطفال
في هذا العرض بلباس عسكري وهم
يحملون أسلحة يدوية بلاستيكية
ويرتدون مجسمات لأحزمة ناسفة
ويهتفون بشعارات إسلامية
جهادية.
وبحسب
ما ورد في تقارير تلك المواقع
الصهيونية، فإن أكثر الأشياء
إزعاجاً لها في ذلك العرض هو
الشعارات التي كان يهتف بها
الأطفال، خاصة "الموت في سبيل
الله أسمى أمانينا"، وهو شعار
يعبر عن حب الجهاد والاستشهاد
في سبيل الله، وهذا ما لا يروق
للصهاينة سماعه، فهم يريدون من
الشعب الفلسطيني أن يعيش تحت
سيطرتهم ويخضع للمخطط الصهيوني
ومؤامراته دون إبداء أي مقاومة
للاحتلال.
وكعادة
الصهاينة في ممارستهم دعايتهم
المسمومة، استخدمت تلك المواقع
هذا الفيديو كليب، إضافة إلى
فيديو كليب آخر لعرض مماثل تم
تصويره في الضفة الغربية،
لإقناع الغربيين بأن حماس تنشر
الكراهية الدينية وتصنع من
أطفال فلسطين إرهابيين يعتدون
على الاحتلال الصهيوني، وهم
يهدفون بذلك إلى الظهور بمظهر
الضحية، وتحريض الغربيين ضد
حركة حماس والحكومة التي
تقودها، وتبرير الجرائم
المتواصلة التي يرتكبها
الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني،
وتسويغ الإجراءات الوحشية التي
يمارسها عدد من الحكومات
الغربية ضد الشعب الفلسطيني،
وعلى رأسها الحصار الاقتصادي
الظالم ومقاطعة وزراء حماس في
الحكومة الفلسطينية.
ومما
يؤسف له أن الرأي العام الغربي
– المصاب بالصمم والبكم والعمى
– يرى
في مثل هذه العروض التي يقدمها
أطفال دون سن الخامسة عملاً
إرهابياً يبرر قمع الشعب
الفلسطيني والتنكيل به ومصادرة
حقوقه، بينما لا يرى هؤلاء
الغربيون جرائم الاحتلال ضد
الطفل الفلسطيني بشكل خاص
والكراهية الدينية والعنصرية
البغيضة التي تسود المجتمع
اليهودي/الصهيوني والتي ذهب
ضحيتها آلاف الأطفال
الفلسطينيين بين شهيد وجريح
ومعاق ومعتقل ومريض، إضافة إلى
تشريد نسبة كبيرة من الأطفال
بسبب سياسة هدم المنازل التي
يمارسها الاحتلال الغاشم ضد
شعبنا.
وفي
هذا الصدد، أظهر استطلاع نشرته
صحيفة هآرتس العبرية في 30/9/2003م
أن 35% من الصهاينة يؤيدون قتل
الأطفال الفلسطينيين في سياق
محاربة ما يسمى "الإرهاب"،
وقد انعكست هذه العنصرية
البغيضة والكراهية الدينية
المقيتة التي يتسم بها المجتمع
اليهودي/الصهيوني على أرض
الواقع، حيث تشير التقارير
والإحصاءات الرسمية الفلسطينية
إلى أن نسبة الشهداء الأطفال قد
بلغت أكثر من 19% من مجموع
الشهداء الذين سقطوا برصاص
الاحتلال الصهيوني وقذائفه
وأسلحته منذ بداية انتفاضة
الأقصى وحتى نهاية فبراير 2007م،
أي بمعدل 18 شهيداً من الأطفال
دون سن 18 في الشهر الواحد.
وقد
تصاعد استهداف الاحتلال
الصهيوني للطفل الفلسطيني في
السنوات الأخيرة، فقد ارتفع عدد
الشهداء الذين سقطوا في الأيام
الأربعين الأولى لتولي السفاح
عمير بيرتس قيادة وزارة الإرهاب
الصهيونية، إلى ثمانين شهيداً
العديد منهم من الأطفال
الفلسطينيين، وأرقام الضحايا
من الأطفال تجسد مدى وحشية
الاحتلال الصهيوني في استهدافه
للطفل الفلسطيني...
لذلك
فإن ما يثير حنق الصهاينة
وغيظهم من تلك العروض التي
يقدمها الأطفال الفلسطينيون،
والشعارات التي يهتفون بها
والمؤسسات الإسلامية التي
ينشأون في كنفها، لا علاقة له
بما تزعمه أبواق الدعاية
الصهيونية من معانٍ إنسانية
تستخدمها لخداع الرأي العام
الغربي وتضليله وتحريضه على
الشعب الفلسطيني، وإنما هي خشية
الصهاينة من جيل فلسطيني يحفظ
القرآن الكريم ويقدم روحه رخيصة
في سبيل الله ويتصدى بقوة
للاحتلال الغاشم.
فالصهاينة
يدركون تماماً أن مثل هذا الجيل
يستعصي على محاولات إفساده وكسر
إرادته والنيل من عزيمته
وترويضه وخداعه، وهذا يؤدي
حتماً إلى إفشال المخطط
الصهيوني الذي يقوم على أساس
إنكار وجود العشب الفلسطيني.
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|