ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 17/06/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


ــ

الطواغيت

المهندس : غسّان النجّار*

" إن فرعون علا في الأرض ، وجعل أهلها شيعا ، يستضعف طائفة منهم ، يذبّح أبناءهم ويستحيّ نساءهم ، انّه كان من المفسدين " القصص/4/

سألني صديق : لقد تكررت قصة فرعون وموسى وأتباعه من المستضعفين كثيرا في القرآن الكريم ، فماهي الحكمة من وراء ذلك ؟!

قلت : إن كلمة ( فرعون ) هي لقب لجميع حكّام مصر وملوكهم الأقدمين ، ولكنّها وردت في القرآن الكريم اثنان وسبعين مرة تخصص حاكم مصر أيّام النبي موسى –عليه السلام – فلقد تكبّر هذا الملك وتألّه وتجبر ، حتى قال :" وقال فرعون يا أيّها الملأ ما علمت لكم من اله غيري " القصص/28/ .

يا صاحبي : إن القرآن الكريم هو منهج حياة لتحرير الشعوب من عبادة البشر للإنسان الفرد المتأله ، المتكبر ، المتجبّر الّذي تجاوز الحدّ في الطغيان ولهذا يطلق على هذا الإنسان كلمة ( الطاغوت ) ، وهذا المصطلح هو اسم مبالغة من : الطغيان ، وهي تعني كلّ متعد ، طاغ جاوز الحدّ وبالغ في الظلم إلى درجة أن يشرك مع الله أو أن يعبد من دون الله، فهو يطغى على الوعي ويجور على الحق والعدل ، ويتجاوز الحدود إلى درجة العبادة والتقديس والفداء بالروح والدم ، وقد ورد ذكر الطاغوت ثمان مرات في القرآن الكريم ، فالطاغوت ليس واحدا بعينه ، بل هناك طواغيت على مرّ العصور والأزمان ، وهي الّتي تخرج الناس من النور إلى الظلمات ، وعليه فانّ الولاء للطاغوت يخرج الإنسان منّ الملّة والإيمان " والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات " البقرة/257/ ، والطاغوت هي الكلمة المرادفة لكلمة ( الجبت ) جاءت مرافقة لها في القرآن الكريم مرة واحدة وهو الّذي تخضع له رقاب الناس من دون الله عزّ وجل .

انّ قصّة فرعون وموسى وأتباعه من المستضعفين ، تعرض قوة الحكم والسلطان على مرّ العصور والأزمان، قوة فرعون ومن شابهه من الطغاة المتجبرين الّذين علوا في الأرض واستكبروا وظلموا وقتلوا واستباحوا في مواجهة الفئة المستضعفة من الشعب الفقير الأعزل الّذي لاحول له ولاقوه .

وإذا كان فرعون ( طاغية السلطان ) فانّ بجواره ( قارون ) هو ( طاغية المال ) الّذي قبض بيديه على كلّ مفاصل الحياة الاقتصادية والمالية ، المال الّذي يستخفّ بالرجال – أرباب المال ، قارون هذا يرشي بالمال النفوس الخائرة الفارغة ويؤسس لهم الشركات القابضة السارقة ، وهكذا مكّن فرعون لقارون في معاش الناس وأموالهم يتسابق إليه أرباب الملايين كي يحظون بوده وينالون رضاءه ويزدادون شرها وجشعا وطمعا في مال حرام مسروق من الشعب .

أما أكثرية الشعب الفقيرة فهي تعيش على الفتات ، بل أن بعضهم يعيشون على النفايات يستخرجونها من قمامة الحاويات .

لقد بغى فرعون وسرح ومرح واستطال مستعينا بجبروت الحكم والسلطان ، كما بغى قارون واستطال مستعينا بجبروت المال ، وكانت النهاية واحدة ؛ هذا قارون قد خسف به وبقصوره فغاروا في باطن الأرض يتجلجل في نارها إلى يوم الدين ، وذاك فرعون وجنوده كان أخذهم أليم شديد ، لقد بقي جثمان فرعون منذ آلاف السنين وهي محفوظة الآن في متحف لندن ليكون عبرة للطواغيت من بعده وصدق اله العظيم " فاليوم ننجّيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية ، وانّ كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون " يونس/92/ .

انّ الطواغيت لا تتعظ ولا تعتبر حتى يأتي أمر الله ، لم يكن بمقدور أية قوة من قوى الأرض الظاهرة أن تعارض فرعون ، لكنّ يد القدرة سافرة وضعت حدّا للبغي والفساد ، حين عجز الناس عن الوقوف للبغي والفساد ، حينها يمكن أن تعاقب يد القدرة ذوي السلطان ، هو ومن معه من الأزلام والبلطجية والخوارين والقوادين وذوي النفوس الضعيفة وصدق الله العظيم في محكم آياته : " واتقوا فتنة لاتصيبنّ الّذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب " الأنفال/25/ .

" وتلك القرى أهلكناهم لمّا ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا " الكهف/59/ .

" فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا ، انّ في ذلك لآية لقوم يعلمون " النمل/52/ .

لكن قوى الخير والصلاح على مرّ التاريخ لم ولن تقف مكتوفة الأيدي ، فهي الّتي تنتصر في النهاية على الطاغوت ، هؤلاء القوم هم أصحاب الضمائر الحية ، ذوو الكرامة والشهامة والعنفوان أو النفوس المؤمنة من ذوي الأيدي المتوضئة أو من قلب الطاغوت رجال لايرضون بالذل والهوان ، كما انبرى رجل من رحم الظلام يقول :

" وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه ؛ أتقتلون رجلا أن يقول ربيّ الله ، وقد جاءكم بالبيّنات من ربكم" غافر/28/ ، كما مزّق هشام بن عمرو وهو من رؤوس الطغاة في مكّة مزّق صحيفة الحصار للمؤمنين محمّد (ص ) وصحبه من بني هاشم .

وهكذا يهيئ الله من جنح الظلام رجالا يقولون للطاغوت : لا " لن نؤثرك على ما جاءنا من البيّنات والّذي فطرنا، فاقض ما أنت قاض ، إنما تقضي هذه الحياة الدنيا " طه/72/ .

إن الشرّ مهما تمحّض ، والفساد مهما أسفر ، والظلم مهما عربد ، فانّ الخير لم ولن يقف عاجزا والصلاح لم ولن يبق حسيرا .

انّ قوى الشعب ومن ورائهم يد القدرة الغالبة ستخرج سافرة في وجه الطاغوت متحدية عزلاء حتّى بدون سلاح ، صارخة حتّى بدون لسان وعندها ينهار ( هبل ) وترتفع راية الحرية سامقة وصدق الله العظيم :

" ونريد أنّ نمنّ على الّذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ، ونمكّن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون " القصص/5-6/ .

هنا قاطعني صديقي قائلا : على رسلك يا صاحبي ، حسبي ما سمعت منك ، لن أقف مترددا بعد اليوم وأنا أسمع آيات الله تتلى : ( وإذ نادي ربّك موسى أن ائت القوم الظالمين ، قوم فرعون ألا يتّقون ) الشعراء/10-11/ .

هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا أنّما هو اله واحد ، فرد صمد ، لم يلد ولم يولد ، وليذّكر أولو الألباب .وأختم مقالتي بما يختم به أستاذنا فضيلة الدكتور إبراهيم السلقيني حيث يدعو في ختام خطبة الجمعة من جامع أبو حنيفة النعمان – رحمه الله- في مدينة حلب الشهباء قائلا :

اللهم من وليّ من أمور المسلمين شيئا فنصح لهم فسدده ووفّقه يارب العالمين ، ومن ولي من أمور المسلمين شيئا فشقّ عليهم فأشقق عليه ، ياذا القوة المتين .اللهم آمبن

ما أريد الاّ الإصلاح – ما استطعت – وما توفيقي الاّ بالله عليه توكلت وأليه أنيب

*نقابي- إسلامي

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ