ــ
تأملات
في موقف حماس من غزة
سيد
يوسف
من المؤلم أن تضطرك
الظروف أن تكون مخطئا فى حالتى
السكون والحركة كحماس حين صمتت
عن رد الفعل اللازم ضد شلة أوسلو
وصفت بالضعف والخطأ وأنها
تُفاقم الأمور بصمتها، وحين
تحركت وصفت حركتها بالخطأ لأن
تحركها يزيد الأمور تعقيدا...
وكثير من السطحيين يتوجهون
باللوم للضحية والجلاد معا ثم
يدعون الجلاد ليتوجهوا إلى
الضحية قائلين:
ما هكذا تورد الإبل وأشباه
تلك العبارات... وتناسوا أن هناك
فارقا أيما فارق بين الفعل وبين
رد الفعل وهل يتساوى القاتل مع
من يدفع عن نفسه القتل؟!! والأمر
يذكرنا بموقف الإمام على بن أبى
طالب كرم الله وجهه - مع البون
بين الموقفين-
حين قاتل الفئة الباغية.
(1)
لكل فعل رد فعل
ماذا تفعل حماس وقد
رأى الناس كل الناس ما يلي:
* سحب الصلاحيات
التى استمات أبو مازن من قبل
فى ضمها إليه من عرفات
وانفراده وشلته بالإعلام
والأمن والمالية وإظهار حماس
بأنها حكومة بلا صلاحيات...مع
المحاولات الدائمة والمتكررة
لإفشال حماس من خلال عدة
محاولات ذكرها أخونا الدكتور
إبراهيم الحمامى ومنها: مباركة
الاضطرابات المسيسة، والدعوة
لاستفتاء غير دستوري وتحديد
موعد له في شهر يوليو ليسجل أول
خرق رسمي للقانون الأساسي
ومحاولة أولى للانقلاب على
الشرعية الفلسطينية...ومنها
بإعلانه عن انتخابات تشريعية
ورئاسية مبكرة لم يحدد لها
موعدا، وهو ما لا يملكه كرئيس
للسلطة وبحسب القانون الأساسي
الفلسطيني الذي عُدل عام 2003
خصيصاً من أجله بعد استحداث
منصب رئيس الوزراء وتفصيله على
مقاسه لمواجهة عرفات...ومنها
ما صدر من أبى مازن
من مرسوم يقضى بإقالة حكومة
هنية وتشكيل حكومة طوارئ وهو
بمثابة خرق فاضح للقانون
الأساسي الفلسطيني
وهو أشبه ما يكون بالذي
يستقوي فيه طرف على آخر بحماية
دبابات المحتل.
* استفزاز شلة أوسلو
الداخل الفلسطينى للاقتتال
الداخلى عبر الحرب الإعلامية
والأكاذيب والالتفاف حول إفشال
الحكومة الوليدة مرة بعدم
التعاون معها فى ائتلاف حكومى
موحد، ومرة
بمحاولات اغتيال رئيس وزرائها،
ومرة بمنع الأموال من دخول معبر
رفح، ومرة
بالتعاون مع العصابات
الصهيونية بالتدريب وتلقى
الأموال والأسلحة لاستخدامها
ضد الداخل الفلسطينى، ومرة
بالتبليغ عن رموز المقاومة
ليطالها غدر العصابات
الصهيونية بالقتل أو الاعتقال،
ومرة بالاعتداءات المتكررة على
مقر المجلس التشريعي في غزة
وتحطيم أبوابه ونوافذه، ومرة
بالسماح لفرق الموت كما هو
معروف بأن تعيث فى فلسطين فسادا...هذا
فضلا عما نسب إليها من نصب
الحواجز والاعتقال على اللحية
والتعذيب وأحيانا القتل إضافة
إلى المبالغة في سب الذات
الإلهية.
* رئاسة لا هم لها
سوى إرضاء العصابات الصهيونية،
ومقاومة المقاومة والتبليغ عن
نشطائها للمحتل، بله وصف
العمليات الاستشهادية بأنها
عمليات حقيرة!!
* دعم عربي وأوروبي
وصهيونى لعباس فى مقابل تضييق
حاد وشامل لحماس.
* شلة أوسلو تحارب
حماس بالوكالة عن العصابات
الصهيونية وأمريكا...ورغم عدم
حيادية الدور المصرى إلا أن
مصدرا أمنيا عائدا من غزة صرح
للمصرى اليوم بأن أسباب الصراع
بغزة، حسبما تابع الوفد، هي
مجموعة دحلان التي تسيطر على كل
الأجهزة الأمنية، وتقاتل في
القطاع بأوامره، وأشار المصدر
في حديثه إلى أنّ "الصراع في
غزة ليس اقتتالاً بين فتح
وحماس، بل هو في الواقع صراع بين
مجموعة دحلان و70 في المائة من
الشعب الفلسطيني"، لافتاً
الانتباه إلى أنّ مصر "لا
تملك قرار إبعاد هذه المجموعة
عن الحكم".
* محاولات اعتقال
هنية والزهار وبعض رموز حماس
وقواعدها.
* تواصل اللقاءات
بين أبى مازن والعصابات
الصهيونية فى حين هناك تجاهل
تام لأي حوار حقيقي وجاد بين
رموز حماس وشلة أوسلو.
* استباحة الأعراض
والمساجد والأرواح والقتل على
الهوية كما فعل شلة أوسلو.
* بيع القضية
الفلسطينية عبر اتفاقات لا
يلتزم بها سوى شلة أوسلو من حيث
حق عودة اللاجئين، ووصف
المقاومة بأنها عمليات حقيرة.
* التنسيق مع
العصابات الصهيونية لقتل
واعتقال رموز المقاومة
وقواعدها.
نقول: ماذا تفعل
حماس وقد رأت – ورأى معها غيرها
من المنصفين – ما يحدث من شلة
أوسلو؟ ماذا تفعل وقد صبرت على
ذلك لأكثر من سنة كاملة؟! بعضهم
يرى خطأ دخول حماس العملية
السياسية وأنه كان يكفيها
المقاومة أو كان يكفيها بدور
المراقب عبر المجلس التشريعيى
ورغم كثرة التحليلات لهذا الطرح
أو ذلك واختلاف الرؤى فى تبيان
قوة أو ضعف هذا الرأي أو ذاك إلا
أنه يهمنا القول بوضوح تام
وبشكل مباشر إن حماس لم تتخل عن
المقاومة لا بشقها السياسى - عبر
وقف التنازلات-
أو العسكرى ومتابعة للأخبار
عبر الفضائيات تؤكد ذلك وما
صواريخ القسام وأسر الطائرة
بدون طيار وأسر الجندى شاليط
وغير ذلك عنا ببعيد.
ولهذا فهناك من يرى
فائدة لوقف هذا التدهور بما
يسمى تدخلا عسكريا ضد فئة باغية
من شلة أوسلو، فحماس تعلن بهذا
عدة أمور منها أنها عصية على
التجاهل بمشروعها، ومنها أنها
ليست ضعيفة وأن صمتها إنما كان
عن صبر حتى حين لعل الفئة
الباغية ترعوى، ومنها أن ما
قامت به لم تسع إليه وإنما فرض
عليها فما كان ثمة مفر من الثبات
ورد الفعل، ومنها
(2)
حماس ليست ملكا
لفلسطين وحدها
* يزعم كاتب هذه
السطور أن حماس ليست ملكا
لفلسطين وحدها، وإنما هى ضمير
أمة بخلاف الفصائل الأخرى وهو
زعم قد يؤيده أو يرفضه الواقع
بيد أن ذلك يستلزم النصح لها ومد
يد المساعدة لها كلما أمكن ذلك
وقد ضربت الأمة أروع الأمثلة
بشعوبها لا حكامها بتضامنها مع
حماس تأييدا ومؤازرة ودفاعا
عنها وهو ما يوجب على حماس أن
تعتقد أنها حين تسيء فإنما تسيء
لنفسها فقط بل إن الحرج يمتد
للمتعاطفين معها فى أماكن كثيرة.
وقد نسب إلى حماس
أنها مثلت بجثة أحد القتلى وهو
أمر يحتاج إلى تقصى الحقائق
وإذا ثبت ينبغى على حماس ممثلة
فى أكبر رموزها أن
تقدم اعتذارا وتوكيدا أن
مثل هذه الأمور لن تحدث مع
معاقبة الفاعلين، وينبغى على
حماس أن تعيد قياس مدى شعبيتها
فى الشارع الفلسطينى الذى هو
أصل الشرعية والمانح الحقيقى
لها وأدوات ذلك فى مظانها،
وعليها أيضا أن تحسب لاستدراج
عزل غزة وما يترتب على ذلك
اقتصاديا وأمنيا وعسكريا( وإن
كان الصهاينة اجبن من تدخل
عسكرى برى فى قطاع غزة الآن عكس
ما تشير إليه تقارير كثيرة) وغير
ذلك فأرواح الناس غالية والعبث
بمستقبلهم من أجل مقاتلة الفئة
الباغية ثمن باهظ لا يتسق
وأخلاقيات حماس.
(3)
سيناريوهات مطروحة
* سيناريوهات
متعددة يُرجى دراستها من قبل
القادرين فى فلسطين وتبيان صواب
وخطأ كل منها للرأي العام :
استقلال غزة والانطلاق منها
للضفة الغربية ومن ثم تحرير كل
فلسطين وفى مساندة الشعوب
العربية ما قد يغرى بهذا
السيناريو وإن كانت مساندة
محدودة وموقوتة، وسيناريو
التصعيد تجاه التصعيد وهو
سيناريو يؤسس لواقع جديد له
مخاطره ومكاسبه لا سيما على
الصعيد الإقليمي، وسيناريو
إجراء انتخابات رئاسية
وتشريعية معا تخوضها حماس مع
ضمان نزاهتها وعدم تزويرها ومن
ثم سوف تفرض الأجندة المتوقعة
نفسها حينئذ، سيناريو امتصاص
الضربات المتوقعة حتى ينهزم
الذين لا يستطيعون تحقيق
أهدافهم، وسيناريو أن تعلو حماس
كالأم الحقيقية مكتفية بدور
التنازل عن حقها حقنا للدماء،
وسيناريو نقل حماس الصراع من
وصفه صراع على السلطة إلى صراع
حول مقاتلة الفئة الباغية من
خلال حشد وتعبئة الجماهير
ولحماس قدرات هاهنا قد تغرى
بالركون لهذا السيناريو رغم
مخاطره، وسيناريو إعادة تفعيل
حكومة الوحدة الوطنية وهو أمر
بات يستلزم شروطا واضحة المعالم
باستبعاد مصادر الفتنة،
وسيناريو إعادة الحوار الوطنى
والذى سيمتد ليشمل كل الفصائل
وهو ما يرجحه كاتب هذه السطور
لاعتبارات عديدة وأرجو أن تتم
بوساطة بعض الفصائل كالجهاد
وبعض الرموز الفاعلة وذلك على
الرغم من رفض عباس التفاوض مع
حماس.
(4)
تأملات وتداعيات
* بعض المحللين يرون
فى مباركة أمريكا وأوروبا وبعض
البلدان العربية لخطوة عباس
بإقالة حكومة هنية وتشكيل حكومة
طوارئ رغم عدم شرعيتها قانونا
ودستورا مع احتمالية
دعم فتح عسكريا، وعزل حماس
في غزة ليسهل
حصارها ماليا واقتصاديا
واستهدافها عسكريا من طرف
العصابات الصهيونية ولو بإرسال
قوات دولية لغزة لمنع تهريب
الأسلحة إليها عبر أنفاق مصرية...
يرون أن ذلك
سيؤدي إلى انهيار حماس
سريعا وتشويه معالم المشروع
الإسلامي فى المنطقة
لكن فى المقابل يحذر محللون
غربيون من أن ذلك سيؤدي إلى
زيادة تشدد حماس وتقوية قاعدتها
الشعبية وسيدفع العديد حتى من
أنصار عباس إلى الانقلاب عليه
لأنه لا يعقل أن يقبل مليونان من
الفلسطينيين في الضفة تجويع
مليون ونصف مليون من شعبهم في
غزة بأمر من حكومة الطوارئ.
* ما أسخف الذين
يربطون بين حماس والمشروع
الصفوى على حسب التعبير الشائع
فإن الزاعمين لذلك ينقصهم بشدة
معرفة الطبيعة الأيديولوجية
لحماس ومشروعها.
* ويعجبنى تساؤل د/
ضياء الدين رشوان حين كتب: إذا
كانت الشرعية السياسية
والدستورية موزعة بين فتح وحماس
شعبياً ومؤسسياً، فلماذا يري
البعض في سيطرة حماس علي مقار
الأجهزة الأمنية وبعض المقار
السياسية في قطاع غزة «انقلاباً»
بينما لا يري في سيطرة فتح علي
نظيراتها في الضفة الغربية «انقلاباً»
أيضاً؟!
* مسألة حصار غزة
وارد ولكن هذا يعنى رضاء عباس
وزمرته فصل غزة عن فلسطين وهو لا
شك مطلب صهيونى لكنه التقى مع
عباس وزمرته فوفقا لما ذكرته
النسخة العبرية لموقع صحيفة "
هارتس " الإسرائيلية على
موقعها على شبكة الانترنت أن
كلاً من الإدارة الأمريكية
وعباس قد اتفقا على خطة عمل
محددة لإسقاط حكم حماس عن طريق
إيجاد الظروف التي تدفع الجمهور
الفلسطيني في قطاع غزة للثورة
ضد الحركة... وأشارت الصحيفة إلى
أن خطة العمل، التي تم التوصل
إليها بين الجانبين قبل إعلان
أبى مازن عن قراره حل حكومة
الوحدة وإعلان حالة الطوارئ،
تتضمن الخطوات الآتية: حل حكومة
الوحدة، وإعلان حالة الطوارئ
& وفصل غزة عن الضفة الغربية
والتعامل مع القطاع كمشكلة
منفردة مع إمكانية إرسال قوات
دولية& والإفراج عن عوائد
الضرائب، وتحويلها إلى أبى
مازن، الذي يقوم باستثمارها في
زيادة " رفاهية "
الفلسطينيين في الضفة الغربية
وذلك من أجل أن يشعر
الفلسطينيون في قطاع غزة بأن
أوضاعهم لم تزدد إلا سوءاً في ظل
سيطرة حركة حماس على القطاع&
ومن خلال شن حملات اعتقال ضد
نشطاء حركة حماس في الضفة
الغربية، من أجل ضمان عدم نقل ما
جرى في القطاع إلى الضفة&
وأخيرا ها هنا إحياء المسار
التفاوضي بين إسرائيل والحكومة
التي سيعينها أبو مازن في أعقاب
قراره حل حكومة الوحدة الوطنية.
* ما دلالة تصريح
عمير بيرتس وزير الحرب الصهيونى
أن قرار أبى مازن بحل حكومة هنية
ساهم في تقليص الآثار السلبية
جداً لسيطرة حماس على القطاع،
معتبراً أن هذه القرارات تمثل
أيضا مصلحة إستراتيجية عليا
لإسرائيل...؟! وما دلالة تصريح
عاموس جلعاد مدير الدائرة
السياسية الأمنية في وزارة
الدفاع الإسرائيلي والمسئول عن
بلورة السياسة الإسرائيلية
تجاه الضفة الغربية وقطاع غزة
أن إسرائيل تحتاج أكثر من أي وقت
مضى لمساعدة الدول العربية،
وتحديداً مصر في مواصلة خنق
حركة حماس، سيما بعد انجازها
السيطرة على كامل قطاع غزة،
معتبراً أنه في حال لم يتم نزع
الشرعية عن وجود حركة حماس في
الحكم، فأن هذا سيكون له
تداعيات سلبية جداً على إسرائيل.؟!!
وبعد ذلك يأتي من يرى الفريقين
سواء : حماس وشلة أوسلو... هلا
صمتوا حين عجزوا عن رؤية
الأمور، لكم كنت أود ألا يجمع
بعضهم إلى الجهل قصورا فى
الرؤية.
* ورغم أن كثيرا من
الشرفاء ينتمون تلقائيا
للمقاومة التى لم يبق لنا غيرها
فى ظل حكم أولئك الأشباح/ الخونة
الذين لا فائدة منهم، رغم ذلك
فإننا نعلن وبكل وضوح رفض
الاقتتال الداخلى مع الشد على
أيدي الفئة الباغية التى تهمل
الأجندة الفلسطينية وتلتزم
بالأجندة الصهيونية، والترحيب
بالحوار وفى اعتقادى أن حركة
الجهاد يمكنها أن تقوم بجهود ها
هنا نرجو تفعيلها.
* وأختتم مقالى
بقاعدة لا تخطيء أبدا ولكن
كثيرا من الحمقى لا يشعرون : "إن
الله لا يصلح عمل المفسدين". و"
ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله"
" والله غالب على أمره ولكن
أكثر الناس لا يعلمون".
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|