ــ
النظام
السوري
بين
الشعارات الغوغائية و
الممارسات العملية ؟
بافي
رامان
انطلق حزب البعث في
سوريا و العراق خلال الاربعينات
و الخمسينيات من القرن الماضي
من خلال شعارات قومية و
اشتراكية بسبب وجود الوطن
العربي تحت حكم الاحتلال
الاوروبي و ان الشعوب العربية
كانوا متعطشين للحرية و عملوا
من اجل التحرر من الاستعمار
الاجنبي ، و ما الثورات
المتكررة الا خير دليل على ذلك .
لذلك استغل حزب
البعث مسالة القومية العربية
ونادى بشعارات قومية رنانة من
حيث التوحيد و التحرير في ظل
منظور اشتراكي مزيف تلائم مصالح
طبقات برجوزاية ، و خاصة في ذاك
المرحلة كانت طرح افكار
الاشتراكية تلاقي القبول و
الترحيب في اوساط الجماهير
الشعبية بسبب وجود الاتحاد
السوفيتي و المنظومة
الاشتراكية ، هذه المنظومة
الاشتراكية التي كانت تنادي من
حيث النظرية بدعم الشعوب في
التحرر من الظلم و الاضطهاد و
ذلك انطلاقا من مبادىء
الماركسية – اللينينية ، التي
اسست على اساس المساواة و
العدالة و حقوق الانسان و تحرر
الشعوب و تحرير المراة و مكافئة
الفرص و توزيع الثروات ، وووو ،
و لكن من الناحية العملية و خاصة
بعد رحيل لينين مؤسس الاتحاد
السوفيتي عملوا بسياسة الحزب
الواحد و النظام الشمولي بعد
الحربين العالميين الاولى و
الثانية ، و دخول العالم في
الحرب الباردة و التوازنات
الدولية و الترسانات العسكرية ،
لذلك تم دعم الانظمة الاقليمية
بدل الشعوب المضطهدة ، فان حزب
البعث لبس لباس القومية
الشوفينية بثوب اشتراكي
برجوازي و تمكن من جذب الجماهير
الشعبية و خاصة الطبقات الكادحة
و الطبقات الوسطى من البرجوازية
و الطبقات العسكرية ، و نجحا
هذين الحزبين في سوريا و العراق
الى الاستلاء على السلطة
بانقلابات عسكرية في الستينات و
طبقوا الاحكام العرفية و قانون
الطوارىء و طبقوا المادة
الثامنة من الدستور بحيث جعلوا
من حزب البعث قائد للدولة و
المجتمع و عملوا على تقديس
القائد الابدي و القائد الاب و
الاب القائد ، و نادوا بشعارات
قومية عربية رنانة من خلال (( امة
عربية واحدة ..........)) و (( الوحدة
– الحرية – الاشتراكية )) ، و
كون الحزب اعتمد في ايديولوجيته
على شعار توحيد جميع الاقطار
العربية في دولة واحدة و تبنى
المنهج الاشتراكي ، فتطلب ذلك
منه تطبيق هذه الايديولوجية الا
ان الحزب عانى من مشاكل هزت
كيانه و مصداقيته ، الاولى عدم
وجود منهج و برنامج واضح و عملي
يمكن تطبيق افكاره على الارض ، و
انما بالعكس عمل على افشال اي
وحدة كانت يمكن ان تتحقق بين
بلدين او اكثر و كم من برامج طرح
بين مصر و سوريا او سوريا و
ليبيا ، او بين سوريا و العراق و
السبب الاساسي في افشال هذه
الوحدات كانت من السلطات
البعثية ؟ فبقي اسير اهدافه
التي بقيت شعارات لم تجد من
ينفذها على بساطتها ، و الثانية
تسلط اشخاص غير مؤمنين بفكر
الحزب على قياداته التنظيمة و
الرسمية بعد توليه السلطة و
الثالثة : تبنه اسلوب تنظيم ،
اشبه بالتنظيمات الاستخباراتية
منها الى التنظيمات السياسية
معتمدة على اكبر قدر من
الاستقطاب الحزبي للمنتمين
للحزب من خلال الامتيازات دون
الاهتمام بنوع العناصر و
تاثيرها الاجتماعي ، مما شجع
المغامرين و الانتهازيين و
الوصوليين لتحقيق المطامح
الشخصية .
رفعوا شعار (( لاصوت
يعلو فوق صوت المعركة )) مع العلم
انهم اقترفوا في الشؤون
الخارجية و العربية الى تمزيق
الصف العربي و الى شق المقاومة
الفلسطينة و ضرب قواها و تدمير
مخيماتها و مجزرة تل الزعتر
وصمة عار على جبين النظام
السوري ، الى دخول قواته الى
لبنان ، و ذهابه الى حفر الباطن
، و الاشتراك بمؤتمر مدريد
للتسوية مع اسرائيل .
و ظل النظام البعثي
السوري طوال حكمه يتستر
بالشعارات من اجل تمرير جرائمه
النكراء و قراراته الطائشة بحق
الشعب السوري من العرب و الكرد و
باقي الاقليات القومية ، فمن
اجل الدفاع عن الوطن و تحرير
اراضيه اعتدى على لبنان و ذلك
باحتلال هذا النظام هذه الدولة
الديمقراطية في الشرق الاوسط
اكثر من ثلاثة عقود و حولها الى
محافظة سورية و مارسوا اساليب
البوليسية الاستخباراتية بحق
الشعب اللبناني ايضا .
و لكن و بعد انهيار
الاتحاد السوفيتي و المنظومة
الاشتراكية و تحويل العالم الى
نظام القطب الواحد و الاهتمام
بمسالة الديمقراطية و حقوق
الانسان و محاربة الارهاب و
خاصة بعد احداث 11 ايلول (( سبتمبر
)) لم يبقى مسموحا للنظام السوري
ان يعيش اسير دور لاوجود له سوء
في مخيلة النظام دور كان موجودا
في الماضي لكنه لم يعد له وجود
الآن لاعتبارات كثيرة مرتبطة
بان الذين سمحوا لسوريا في دخول
قواتها الى لبنان ، طلبوا منها
الخروج منه ايضا و قد نفذت الطلب
تحت الضغط ؟ و لكن اجهزة الامن
السورية تحاول تلغيم الساحة
اللبنانية من جديد و العودة
لسياسة الاغتيالات و التدمير
الممنهجة بغرض خلط الاوراق و
محاولة محو اثار جريمة النظام
الكبرى و عملائه في لبنان عندما
تم اغتيال الارهابي بحق الشهيد
الرئيس حريري و سلسلة الاحرار
الذين تبعوه في حلقة التصفيات
السورية المعروفة و عن طريق
عملاء و ثعالب النظام و ما
اكثرهم في لبنان من منتسبي حزب
الله و بعض الاحزاب المرتبطة
بشكل مباشر او غير مباشر بهذا
النظام و الذين رعتهم اجهزة
الاستخبارات طوال مرحلة
الاحتلال السوري التي امتدت
لاكثر من ثلاثة عقود ، تم خلالها
تدمير لبنان ارضا و شعبا و نهبوا
ثرواته و سحقوا هويته الوطنية
ووجوده الحر ؟ و من خلال
شعارالسابق وقعوا على اتفاق مذل
مع الدولة التركية – اتفاق اضنة
عام 1998 – و بذلك خسر النظام
الاستبدادي ورقة قوية كانت
بيديه و من ورائها كان يلعب
بقضية قومية و انسانية بامتياز
و هي القضية الكردية و بذلك
تعهدت حافظ الاسد بموجب هذه
الاتفاقية رفع الغطاء عن
عبدالله اوجلان زعيم حزب العمال
الكردستاني فتطرده النظام
السوري من سوريا و البقاع
اللبناني و اغلق جميع معسكراته
و توقف عن دعمه العسكري و
السياسي ، و ذلك بعد التهديدات
المباشرة من قبل الدولة التركية
لسوريا بضربة العسكرية و الحشود
العسكرية الكثيفة على الحدود ،
و بالمقابل تخلى النظام السوري
عن الحديث بشكل السري او العلني
عن اراضي سورية تحتلها تركيا ((لواء
الاسكندرون)) و في الاونة
الاخيرة ازيل هذا اللواء عن
الخريطة السورية حتى في الكتب
المدرسية ؟ و هذا غيض من الفيض
من ممارسات النظام السوري
الاستبدادي على الصعيد العربي و
الاقليمي ، اما على الصعيد
الداخلي فعمل النظام باسلوب
قمعي مدروس و ممنهج على مدى
العقود الماضية و ذلك بتدجين
الشعب السوري الى رعايا ،
خائفين ، مستسلمين ، يائسين ، لا
حول لهم و لاقوة بفعل سياسة
القمع و دولة المخابرات التي
خلقها و اوجدها النظام ببراعة.
واول ما تم استلاء
بشار الاسد على السلطة بطرق
ملتوية و غير شرعية اورث السلطة
من ابيه و قال في كلمته اثناء
تتويجه القسري على رقاب الشعب
السوري من قبل ما يسمون انفسهم
ممثلين للشعب على الرغم انهم
مجرد اعضاء للتصفيق و توقيع ما
يملأ عليهم من قبل السلطة
التنفيذية و اجهزة المخابرات
سمعنا رأيه على الملأ في مفهوم
الحرية و الديمقراطية حيث قال :
(( الى أي مدى نحن ديمقراطيون ، و
ما هي الدلائل على وجود
الديمقراطية و عدمها ؟ )) و قال
بشار كذلك : (( الديمقراطية واجب
علينا اتجاه الاخرين قبل ان
تكون حقا لنا ، الفكر
الديمقراطي هو الاساس و
الممارسات الديمقراطية هي
البناء بكل تأكيد ، جميعنا يعلم
ان الاساس عندما يكون ضعيفا فان
البناء يكون مهددا بالتداعي او
السقوط عند اول هزه او دون اي
سبب ظاهر )) و بهذه الكلمات تأمل
الشعب السوري بان الرئيس سيغير
اشياء كثيرة في سوريا و خاصة انه
شاب و طبيب يمكن ان يعالج
الامراض المستعصية في البلد من
حيث الغاء الاحكام العرفية و
قانون الطوارىء ، اطلاق الحريات
العامة و السياسية و لا سيما
حرية الرأي و التعبير ، و ذلك
باصدار قانون ديمقراطي لتنظيم
عمل الاحزاب و الجمعيات و
النوادي و المنظمات غير
الحكومية ، اعادة العمل بقانون
المطبوعات و الاصدارات ، اصدار
قانون انتخاب ديمقراطي لتنظيم
الانتخابات في جميع المستويات ،
استقلال القضاء ، الاعتراف
بوجود الشعب الكردي كثاني قومية
في البلاد و الغاء جميع
القوانين الاستثنائية و
الرجعية و العنصرية التي طبق
بحقهم خلال العقود الماضية ،
احقاق حقوق المواطن الاقتصادية
، الغاء اي تمييز ضد المرأة امام
القانون .
و لكن الذي حصل فان
المعارض حسب مفهوم الرئيس
الجديد و نظامه الاستبدادي عميل
مخرب شاء ام أبى ، و لاحرية
لاعداء الشعب و كل من يطرح الرأي
الآخر غير رأي التجارب و
الاشخاص السابقين هو عميل و
خائن و عدو للشعب ، و نفذ القرار
باعتقال الشخصيات الوطنية و
الديمقراطية التي تجاهلت
التحذير ، و تم اعتقال عشرات
الناشطين في مجال حقوق الانسان
و المجتمع المدني و بالاضافة
الى نشطاء في داخل الحركة
الكردية بما فيهم نائبان في
مجلس الشعب السيد رياض سيف و
مأمون الحمصي اللذان نادا
باحقية مجلس الشعب في مراقبة
ممارسات السلطة التنفذية و
حاربا الفساد ؟ و بعد ذلك ركز
هذا النظام على مفهوم السيادة
الوطنية و خاصة بعد التحقيقات
التي تجري من قبل المحققين
الدوليين في قضية الاغتيال
الارهابي بحق السيد رفيق
الحريري و حسب مفهومهم فان
السيادة الوطنية تعني الحفاظ
على هذا النظام ، لانهم حتى
السيادة الوطنية لم يعملوا من
اجلها عندما قامت طائرات سلاح
الجو الاسرائيلي فجر يوم
الاربعاء (( 28 حزيران عام 2006 ))
بالتحليق فوق قصر الجمهوري
لرئيس السوري على مقربة من
مدينة اللاذقية و كان يمكث في
هذا الوقت في القصر وهذا
التحليق رسالة تهديد مباشر
لنظام السوري الذي يمنح ملجأ
ودعما لحركة ((حماس)).
و عن اي سيادة
يتكلمون و المجتمع السوري يتعرض
لابشع الاساليب من خلال تشييع
المجمتع من قبل النظام الملالي
في ايران ، و عن اي سيادة
يتكلمون و يسلمون المعارضين من
الاحوازيين الذين يحملون
اللجوء السياسي الى النظام
الايراني ؟ و المعارضين الاكراد
الى النظام التركي ؟ اما على
الجانب العراقي و بالاتفاق مع
النظامين السابقين فيتم تدريب
الارهابيين في المحافظات
السورية و من ثم ارسالهم الى
العراق للتخريب ، و لكن
التصريحات الغريبة التي تطلقها
النظام السوري حول عدم قدرتهم
على منع تسلل الارهابيين العرب
الى العراق عبر الحدود المشتركة
لاتثير فقط الاستغراب و التعجب
بل الغثيان و الاقياء و القرف من
قبل العقلية الاستبدادية
الاستخباراتية التي لازال
النظام الوراثي السوري يسير بها
الامور في الشام الحزينة بهذه
النوعية من الانظمة التي لا
تعرف حتى اوليات فن الكذب
المؤدلج ، فهؤلاء الدجالون لم
يجيبوا عن السر الذي يجعل جبهة
الجولان المحتلة واحدة من أهدأ
الجبهات العربية في الصراع مع
اسرائيل ؟منذ عام 1973 لم ينجح قط
سوري واحد في التسلل الى هذه
الهضبة المحتلة و لم يقلقوا
راحة مستوطنات اخوانهم
الصهاينة هناك . هذا من جهة و من
جهة اخرى فان النظام
الاستخباراتي السوري معروف
ببطشه و قمعه و ملاحقته حتى
لراعي في البراري و لا يمكن ان
يتوارى عن انظار اجهزتهم
القمعية اي شخص و مواطن سوري
مهما كان يحمل من براعة و فن في
التنظيم السري فكيف لارهابي
عربي يتجاوز حدود سوريا و من ثم
يلاقي التدريب اللازم و من ثم
يغادر هذا البلد باتجاه العراق
و المخابرات السورية نائمة على
كل هذه الاعمال؟ و كذلك نعلم
بانه لايمكن ان تطير ذبابة من
الشام الى اي محافظة اخرى دون
معرفة اجهزة المخابرات السورية
فكيف لذبابة تطير من الشام الى
العراق ؟ بعد هذه الممارسات
اليومية بحق الشعب السوري و
شعوب المنطقة لم تتوفر لدينا
القناعة يوما ما بان النظام
الاستبدادي الشمولي يتجه نحو
المصالحة الوطنية او اجراء اي
تغيير او اصلاح سياسي و اقتصادي
، و اما مسرحية الانتخابات
النيابية الاخيرة الا خير دليل
على ذلك و كذلك المسيرات و
المظاهرات التي تجبر
المواطنيين و الموظفيين و
العمال للحضور لمبايعة ولي
نعمتهم بشار الاسد بطرق قمعية و
بوليسية لاظهار للعالم ان الشعب
السوري موافق على الاستفتاء
بنسبة 105 من المائة ؟ و الذي حصل
انه اي بشار الاسد كان يلجأ الى
الحديث عن هذه القضايا عندما تم
توريث السلطة من الاب الى الابن
الوريث بطرق غير شرعية و مزيفة
من قبل المرتزقة في مجلس ما يدعى
نواب الشعب الذين يصفقون
للديكتاتورية و الاستبدادية و
اجروا له تعديلات دستورية خلال
اربع و عشرين ساعة باعاز و ضغط
من الاجهزة الامنية ، و لذلك عند
خطاب القسم وعد هذا الشبل من ذاك
الاسد باجراء هذه التعديلات و
اعترف بالاخطاء الماضي كل ذلك
لكسب الوقت و لابعاد الانظار عن
ازماته الداخلية و الخارجية و
ليتاح له عقد اتفاقيات مع القوى
المؤثرة دوليا و تقديم
التنازلات التي يتضمن له
الاستمرار ، و ان هذا النظام
مستعد ان يتنازل عن كل القيم و
المبادىء و عن الشعب السوري
مقابل الحفاظ على وجوده السلطوي
؟
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|