ــ
السلاح
نجدت
الأصفري / أمريكا
كلمة تدل على كل
ما يضيفه المرء لنفسه ليطورها ،
سواء كان علما فيقال سلح
نفسه بالعلم ، أو عددا
وأدوات فيقال سلح نفسه بما
يحتاج ليساعده على تنفيذ مشروعه
وما يرمي إليه ، ولكن الكلمة
انسحبت على العتاد الذي يضيفه
المرء ليزيد من قدراته العضلية
والفكرية في الدفاع عن نفسه ضد
تحديات الطبيعة والبشر .
بدأ البشر في
استخدام السلاح منذ العصور
الأولى مستغلا ما وفرته الطبيعة
من عصي وأحجار ثم طورها تشذيبا
وتعديلا حتى دخل الحديد فصنع
السكاكين والخناجر والسيوف
والرماح ، و لرغبته في الوصول
لخصمه عن بعد جعلته يبتكر
المقلاع والمنجنيق ، حتى إذا
اكتشف الصينيون البارود ،
انتقلت صناعة الأسلحة لمجال
جديد مذهل فكان فتحا جديدا
لا يقارن إلا بالقفزة
الهائلة حين اكتشفت وطورت
القنابل الذرية في الماضي
القريب ، فاستخدمت في الحرب
العالمية الثانية ضد اليابان
حيث ألقى الأمريكيون قنبلتين
إحداهما على هيروشيما والثانية
على نغازاكي سببتا فاجعة
إنسانية ودمارا
حضاريا وبيئيا لا تزال آثاره
حتى يومنا هذا فاستسلمت اليابان
لأمريكا ، في نفس الوقت كانت
الطائرات التي حملت هذه القنابل
هي الوسيلة المساعدة لهذا
المارد للوصول إلى إي هدف أو
منطقة يراد لها الدمار والخراب
.
أما على الطرف
الآخر فقد شغلت الدول الأوربية
نفسها في
سباق محموم لتطوير وسائل حرب
جديدة تساعدها في احتلال العالم
الضعيف لابتزازه
ونهب ثرواته بل حتى لاستعباد
مواطنيه في رق يعتبر وصمة عار في
جبين الإنسانية أن يصطاد القوي
البشر كما يصطاد الحيوانات
ليبيعها خدما وعبيدا . دعاه ذلك
للبحث الدؤوب عن مساعدات
تكتيكية واستراتيجية للوصول
للأهداف البعيدة المطلوبة ، تم
اختراع أجهزة الرادار
والغواصات والسفن الحربية
للقراصنة والطوربيدات ثم
الصواريخ الموجهة بالأشعة تحت
الحمراء والموجات المغناطيسية
إلى أن انتهت بأشعة الليزر ،
تلا ذلك تطوير الصواريخ ذات
الرؤوس النووية الموجهة بدقة
متناهية تكاد لا تخطيء بمساندة
الأقمار الاصطناعية تحديدا
وتوجيها لأي هدف سواء كان على
سطح الأرض أو في باطنها ، في
أعلي السماء أو في أعماق
المحيطات ، ثابتة أو متحركة ،
معدنية أو غير ذلك .
صنفت الأسلحة
والذخائر على نوعين ، كلاهما
للقتل ، أحدهما مسموح (؟)
والثاني محظور وممنوع إذا كان
استخدامه للقتل الجماعي
بالمواد السامة والكيماوية أو
الجرثومية أو المشعة التي تسبب
الأمراض الخطيرة كالسرطان
والتشويه الخلقي .الفصل بين
النوعين صعب وشاق بسبب
الادعاءات الكاذبة من طرفي
النزاع .
كان السلاح في
بدايته للدفاع عن النفس حتى
ظهرت النظرية القائلة بأن
الهجوم هو خير وسيلة للدفاع .
بعد هذه المقدمة
الموجزة عن السلاح وأصنافه
واستعمالاته وتطوره تأتينا
نظرية إنسانية امتلاك السلاح
واستخدامه .
تنقسم نظرة البشر
لامتلاك السلاح إلى رأيين ،
أولهما أن امتلاك السلاح للردع
والترهيب بمبدأ( لوح بالعصا ولا
تستعملها) ، وليس للاستخدام إلا
في حالات نادرة ( آخر الدواء
الكي ) ، بينما ثانيهما يعتقد أن
السلاح ما وجد في يد إلا
لتستعمله ، ونظرية السبق في
الهجوم يحقق المباغتة والنصر .
الاسلوبين
المذكورين يختلفان باختلاف من
يملك السلاح ، كثير من البشر
يحملون أو يملكون سلاحا لكنهم
نادرا ما يستعملونه طوال حياتهم
تردعهم الحكمة والعقل فالمشكلة
التي يمكن حلها بالنقاش ولو كان
صعبا ومريرا خير من اللجوء
لسلاح يخلق نكبة ومصيبة يصعب
لملمة آثارها على المدى البعيد
السلاح النووي
الذي تسعى إيران لامتلاكه سيكون
للاستعمال وليس للتهديد
فالدولة التي تحكمها عقول
متحجرة موغلة في التخلف وكراهية
الحضارة ، وتصنف البشر على
طبقات ، قليل منهم يدعون بأنهم
يتصلون بأركان السماء العليا
ويحصلون على دعمها لاستعباد
البشر بأوامر إلهية كاذبة
فكلامهم أوامر لا ترد، ويأخذون
عنها ( افتراء) قدسية وهالة
وهمية يخدعون بها الناس
ليرهبوهم ويسيطروا عليهم فكرا
ومالا وأعراضا ، لن يتأخروا في
استخدام كافة الوسائل التي تثبت
مراكزهم وادعاءاتهم . ومن ألم
أنهم يلصقون أخطاءهم بالدين
الإسلامي البريء من كل ما يدعون
، ولعل خطبة الخليفة وهو يودع
جيش المسلمين خير شاهد على
نقاوة الإسلام من افتراءاتهم (
لا تقطعوا شجرة ، ولا تروعوا
طفلا ،أو امرأة ، ولا شيخا ، ولا
عابدا في صومعة ...الخ)
لن تقتصر هيمنتهم
على من هم تحت أيديهم وفي دولهم
، بل سوف تتعداها لدول الجوار
تحت دوافع دينية دأبوا على
الدفع نشرها والتهليل لها سعيا
لتصديرها لضم المزيد من الخدم
والعبيد إلى حظائرهم .
نظام الملالي
بأسمائهم وألقابهم التي تدل على
هيمنتهم المطلقة على الشعب
في إيران والذين يستمدون
سلطانهم القهري من الغيب كما
يدعون يمثلون إحدى أكبر جرائم
العصر الحالي ضد العنصر البشري
في مسخه وتجريده من حرية الفكر
وسلامة الرأي يجارون ما كان من
سلطان كنائس العصور الوسطى في
أوربا في وئد كل فكر مستنير
يزلزل هيمنتهم ويربك سلطانهم
ولن يتورعوا عن استخدام كل
شيء مدمر للحفاظ على هذه
الصلاحيات التي يملكونها غير
القابلة للنقاش أو التعديل .
يكشف ما يصدر عن
هؤلاء الدمويون من شطحات فكرية
تبين غلواءهم وشذوذهم النظري
والعملي لا يرضون أبدا
بالمناقشة أو النقد ، لهذا كان
لديهم العقوبة ( الإلهية –
الماحقة ) هي السبيل الوحيد
لإرعاب الناس وضبطهم تحت الطاعة
العمياء .وخوفا من هبوب نسائم
الحرية والتطور تنسل إلى بلادهم
من دول الجوار ، سعوا لمد شوكتهم
خارج مستنقعاتهم ضمانا لعدم
وصول رياح الحرية والكرامة إلى
سجنهم الكبير الممتد على كامل
بلادهم ، لهذا فإن المتوقع أن
يكون خطر ما يسعون لامتلاكه
يتعدى ضرره بلادهم والمنطقة
المجاورة كلها .
لنا في التاريخ
القريب نموذجا حيا لمثل هؤلاء
الدمويين ، هم العائلة المارقة
التي تسلطت بالغدر والتلاعب على
حكم البلاد وإذلال العباد في
سوريا عندما استخدم مجرموها
أحدث ما يملكه الجيش السوري من
أسلحة زوده بها الشعب الطيب
ليدافع بها عنه ضد الأعداء
والمعتدين ، وإذا به يوجهها
لصدور المواطنين العزل
والأبرياء في جرائم سجلها
التاريخ صفحات سوداء مخزية في
حماة وتدمر والدير وجسر الشغور
وادلب وحلب واللاذقية... في نفس
الوقت ينعم أعداؤنا بالاطمئنان
والراحة على مدى عقود وهم
يحتلون جزءا عزيزا من الوطن
تناساه الحاكم المستبد وصرف جل
اهتمامه لقمع شعبه وإذلاله . وما
يثار اليوم من صفقات أسلحة
وطائرات حديثة يشتريها الطاغوت
إلا نكتة سمجة ليس لها من الواقع
إلا الإشاعة والتهريج ، فلم
يؤكد ذلك إلا إذاعات العدو
مساهمة منه مع الحاكم في خداع
الشعب وتضليله،وحتى لو إن تلك
الصفقات حقيقة وواقعا فإن دورها
لن يكون إلا لمزيد من الجرائم
ينفذها الحاكم الضليل ضد شعبه
المستضعف وليس ضد الأعداء فماذا
فعل هذا الحاكم وأسلافه في سبيل
تحرير ما سلموه للأعداء خلال
العقود الأربعة الماضية رغم كل
صفقات الأسلحة التي إما سلمت
لإسرائيل مع الأرض التي سلموها
باردة سهلة بلا مقاومة ولا دفاع
، أو استخدمت ضد الشعب المنكوب
في سوريا ولبنان .
إن مما يزيد في
القلب أسى ولوعة هي تلك
المسرحية التي يمثلها الطاقم
المهرج حول النظام يحلون بضائعه
ويرفعون أسهمه ويزينون مساوئه
وخطاياه ، وليس سرا بأن ذاكرة
الشعب لا تنسى أفعال المجرمين
وسوف يكون حسابهم صعبا وأليما
عندما تحين ساعة اللقاء .
إن للباطل جولة
وسوف يخيب ، ولكن للحق صولة
ودوام ما دام الشعب مطالبا
لحقوقه وكرامته .
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|