ــ
ومضات
محرّضة :
هوَ ذا شعب سورية .. فأين قياداته
!؟
عبدالله
القحطاني
• هو
ذا شعب سورية ..! إنه الشعب
الأبيّ ، الكريم ، الصابر،
المبتلى، المحتسب.. الذي لم
يعانِ شعب ، في العصر الحديث ،
من جور حكّامه المتسلّطين
المستبدّين، ما عاناه ، طوال
أربعين عاماً ! ومع ذلك ، لم
تَمتْ حميته ، ولا لانت عزيمته ،
ولا وهَنتْ إرادته .. للتخلّص من
جلاّديه ، وسارقي أمواله وقوتِ
أطفاله ! إنه مجرّب في صبره
وتحمّله ، ومجرّب في انقضاضه
على الذئاب ، التي تتسلّط عليه ،
وتعيث في بلاده فساداً ، وفتكاً
، وافتراساً ..! عَرف هذا عنه ، كل
مَن عرفه عن خبرة وتجربة، من
الباحثين ، والدارسين ،
والمراقبين .. في شتّى أنحاء
الأرض ! وليس ثمّة سياسي خبير،
يعرف طبيعة الشعب السوري ، ويرى
ما يصَبّ عليه ، مِن ظلم جلاّديه
، وعبثهم ، وفسادهم .. لا يَستغرب
منه السكوتَ على هذا البلاء ،
طوال هذه السنوات، التي أمضاها
تحت حكم الأسرة الأسدية ،
الشاذّ ، المَقيت ..!
• لكن
كل باحث خبير، يعرف طبائع
العلاقات الاجتماعية والسياسية
، وسننَها ، يعرف أن الشعوب لا
تقود أنفسها ، ولا تتحرّك
بهبّات تلقائية ، عشوائية ،
مرتجلة ـ وإن كان هذا قد يحصل ،
في مرحلة معيّنة ، في مدينة ، أو
بلدة ، أو قرية ، أو قبيلة..
ضمن دولة من الدول ـ ! لذا ،
سرعان ما يتحوّل الباحث ، أو
الدارس ، ببصره ، عن الشعب
وشرائحه ، وكتَله ، وتجمّعاته ،
ومدنه ، وقراه ، وأسواقه ،
ومنتدياته .. يتحوّل إلى
المفاتيح ، والرافعات ،
والمحرّكات ، والموجّهات .. لهذا
الشعب ..! إنها قياداته .. قياداته
الفكرية ، والاجتماعية ،
والثقافية ، والتربوية ،
والسياسية ..! يتحوّل ببصره عن
الشعب ، إلى الآفاق التي يتوقع
أن يَرى فيها هذه القيادات !
فيـُجيل بصره ، هنا ، وهناك ،
وثمّة .. ليرى نقابياً حراً ،
فذاً ، صلباً ، جريئاً .. و
قائداً سياسياً لامعاً ،
مخضرماً ، أو شاباً .. وزعيماً
قبلياً ، بارزاً ، محبوباً ..
وعالماً مؤمناً
، تقياً ، صالحاً ، شجاعاً ..
ومثقفاً ألمعياً ، ثائراً ،
متحدّياً ... يجيل بصره هنا وهناك
، باحثاً عن هذا ، وذاك ، وذلك ..!
لأن هؤلاء هم المتحرّكون ،
المحرّكون ، المضحوّن ،
المحرّضون على التضحية ! فإذا
رأى نجوماً مِن هؤلاء ، في سماء
الشعب .. اطمأنّ وتوقّع خيراً !
حتى لوكان هؤلاء النجوم ، أو
كثيرمنهم ، في السجون والمنافي
..! وحتى لو كانوا في ظروف صعبة ،
غير مواتية .. لأن وجودهم ذاتَه
يعدّ شرطاً أولياً ، وأساسياً ،
لصناعة الظروف المواتية ! بل لو
وجِدت الظروف المواتية ، وهم
غير موجودين ، فلا جدوى منها ،
وستذهب سريعاً ، لعدم وجود مَن
يوظّفها ، ويستغلّها الاستغلال
المناسب ، لتحقيق أهداف شعبه ،
وعلى رأسها إزاحة كابوس الطغيان
، عن سماء البلاد وصدور العباد !
• فأين
القيادات .. وما المطلوب منها :
ـ أين القيادات : ليس السؤال ، هنا
، عن القيادات ذوات الكفاءات
العالية جداً ، أو العالية .. بل
عن القيادات البارزة في
مجتمعاتها ، من تلك الأصناف
المذكورة آنفاً، والتي وضعتها
ظروفها في مواقع القيادة ! وهنا
ترتبط الكفاءة المطلوبة ،
بالمهمّات المطلوبة ..!
ـ ماالمهمّات
المطلوبة من القيادات :
ليس
مطلوباً من القيادات ، صناعة
المعجزات ، ولا ابتكار أساليب
خارقة ، في العمل السياسي .. بل
ولا انتهاج سبل فريدة نادرة ،
غير مألوفة ، في الصراع ضد
الطغاة الفاسدين المفسدين ،
الذين أهلكوا الحرث والنسل ، في
سورية ..! بل المطلوب أمور أيسر
من ذلك بكثير.. إن المطلوب هو
الحدود الدنيا ، من الشروط
الأساسية ، التي يحتاجها العمل
السياسي الجادّ ـ ولاسيّما
الصراع السياسي المرير، ضدّ
طغمة كتلك التي تحتلّ سورية
بصورة أبشع من أيّ احتلال خارجي
، عرفه تاريخها الحديث كله ـ ومن
هذه الشروط المطلوبة ، في
حدودها الدنيا :
• الأخلاق
الشخصية الأساسية : التي
يحتاجها الإنسان الحرّ الكريم ،
بصفته إنساناً ، من حيث الصدق ،
والأمانة ، وعفّة اليد واللسان
، واللطف في التعامل مع الآخرين..!
• المؤهّلات
الأساسية ، التي يحتاجها العمل
السياسي : مثل الوعي السياسي
والاجتماعي.. القدرة على
التفاهم مع الآخرين .. الصبر على
صعوبات العمل الجماعي ـ والعمل
السياسي هو عمل جماعي بطبيعته ـ
.. المثابرة والدأب ، والإصرار
على بلوغ الأهداف ، التي يَندب
المرء نفسَه لتحقيقها ..! وعند
هذه النقطة الأخيرة : الأصرار
على بلوغ الأهداف .. لابدّ من
وقفة متأنّية ، لأنها مفتاح
أساسي ، لعمل السياسي المعارض ،
أياً كان هو ، أو كان توجّهه ،
مادام قد نَدب نفسه لخدمة الشعب
وتحقيق أهدافه ! وبناء على هذا ،
لابدّ للسياسي المعارض ، من
معرفة بعض النقاط الأساسية ..
أهمها :
- ما
أهداف الشعب ؟
- هل
أهداف الشعب ، هي ذاتها أهداف
السياسي ؟ أم أن ثمّة اختلافاً
بين هذه وتلك ؟ وما مقدارهذا
الاختلاف !؟
- ماالأهداف
التي يريد الشعب تحقيقها ، قبل
غيرها ، وهو مستعدّ للتضحية في
سبيلها، إذا وثِق بالقادة الذين
يقودونه إلى تحقيقها !؟
- هل يريد
الشعب من قادته ، أن يتّـفقوا
على كل صغيرة وكبيرة ، قبل أن
يتحرّكوا لإنقاذه من كابوس
الفساد والاستبداد ، حتى لو عاش
قروناً تحت نير القهر والطغيان؟
أم يريد منهم أن يتّـفقوا على
الحدود الدنيا الضرورية ،
ويتحرّكوا بسرعة ، لإنقاذ
مايمكن إنقاذه ، قبل أن يقضي
الفساد على كل شيء !؟
هذه الأسئلة ، لن تجد
إجاباتها في هذه السطور! حسبُ
هذه السطور أن تطرحها، بجدّية ،
على المعنيّين بالإجابة عليها ،
وهم قادة المعارضة أنفسهم ..!
يجيب عليها كلّ منهم ، بينه وبين
نفسه .. ثم يتحاورون ، لتوحيد
الإجابات الأساسية والضرورية ،
ويبنون مواقفهم العملية
الجادّة والحازمة ، على ضوء
مايتّـفقون عليه ! فهل هذا صعب
عليهم جميعاً ، أوعلى كثيرمنهم !؟
هذا السؤال ، هم ، كذلك ،
المعنيّون بالإجابة عليه !
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|