تنبيه هامّ
: مَن
يثير الطائفية ، هو ذاك الذي
يمارسها على الأرض ، بشكل علني
واضح ، همَجي فظّ مَقيت .. لا
الذي يشير إلى هذه الممارسة ،
وينبّه الناس إلى خطرها ،
لاتّقائه وتَلافيه..! أمّا ما
يفعله الخبثاء ، مِن ممارسةٍ
طائفية وحشية ، ومِن إلصاق تهمة
الطائفية ، بمن يشير إلى
ممارساتهم هذه .. ثمّ وقوعُ
السذّج والبسطاء ، في حبال هذه
اللعبة الشيطانية .. أمّا هذا
وذاك ، فنتركهما لأبالسة
الطائفية ، وللدّمَى الغبيّة ،
التي تقع في حبائل هؤلاء
الأبالسة ! ولله درّ الفاروق ،
الذي قال : لستُ خَبّـاً، ولا
الخَبّ يَخدعني !
أيّهما
أخطر على الإسلام والمسلمين :
كسرى المتوّج ، أم كسرى المعمّم!؟
ماجد
زاهد الشيباني
•
كسرى المتوّج يحرص على
مملكته ، أو إمبراطوريته ،
ويحرص على كرسي حكمه داخل هذه
المملكة ، أو الإمبراطورية . فهو
يتعامل مع الناس خارجياً ، في
الإطار الذي يحمي مملكته ،
ويعززها ، ويحقّق مصالحها..
ويحارب ويسالم من أجل ذلك .
ويتعامل مع شعبه داخلياً ، في
الإطار الذي يحمي كرسيه داخل
دولته ، ويعزز سلطته. وهو يقرّب
من أبناء شعبه ، أو يبعد ، أو
يَقتل ، أو يسجن .. على ضوء ما
يحقّق له هذا الهدف .
• أمّا
كسرى المعمّم ـ وهو يمثّل
طرازاً جديداً من الكسروية ،
غيرَ مسبوق في تاريخ الأكاسرة ،
وتاريخ الفرس كله ـ ! فيَحرص على
ما يحرص عليه صاحبه المتوّج ،
إلاّ أنه يضيف إلى كسرويته
بعداً جديداً وخطيراً، وهو
البعد العقدي الطائفي ! أيْ أنه
يفرض بقوّة سلطته وسلاحه
وعسكره، على شعبه ، الالتزامَ
بالعقيدة التي يؤمن بها كسرى !
وكل من يخالف هذه العقيدة يعذّب
، أو يضطهَد ، أو يقتل ، أو يحبَس
.. إذا كان فارسياً ! ويعذّب ، أو
يضطهَد ، أو يقتَل ، أو يحبس ..
كذلك ، إذا كان مؤمناً بعقيدة
كسرى ، لكنه غير فارسي !
والأمثلة الحيّة قائمة اليوم ،
على أرض الواقع في إيران ..! فمَن
كان شيعياً غيرَ فارسي ، فحياته
جحيم في ظل حكم الأكاسرة الجدد !
وهاهو ذا إقليم الأحواز العربي
، الذي سطا عليه الأكاسرة
المتوّجون ، وانتزعوه من محيطه
العربي .. ظلّ شيعته يحيَون في
عهد آل بهلوي ، كما تعيش الأقلية
العرقية في أيّة دولة يحكمها
الاستبداد ..! لهم بعض الحقوق
التي لا ترقى إلى حقوق أهل
البلاد الأصليين ، ويحظَون ببعض
الأمان داخل الدولة . وحين جاء
حكم الأكاسرة الجدد المعمّمين ،
بات شعب الأحواز يعاني من
اضطهاد مضاعَف ، على أيدي أجهزة
أمنهم واستخباراتهم ، ومتعصبي
مذهبهم الصفوي الفارسي ! وما
يجري على شعب الأحواز في إيران ،
يجري على الشعوب الأخرى غير
الفرس فيها، من أكراد
وتركمان وغيرهم ! وباختصار
يجب أن بكون المواطن في إيران
اليوم ، في ظل كسروية (الآيات
العظمى!) ، شيعياً صفوياً
فارسياً ! وإذا غابت واحده من
هذه الصفات ،عن أيّ مواطن ، عاش
في إيران كما يعيش الأيتام تحت
سلطة اللئام!
• أما
على مستوى التعامل الخارجي ،
فلا يكفي الأكاسرة الجدد ،
التمدّد السياسي والعسكري .. بل
لابدّ من التمدّد المذهبي
الطائفي ، في الدول التي يطمح
الأكاسرة إلى غزوها والسيطرة
عليها . بل إن التمدّد الطائفي ،
يأتي في أكثر الأحيان ، ممهّداً
للتمدّد السياسي والأمني
والعسكري ! لأن المواطن الذي
يعتنق العقيدة الصفوية
الفارسية ، في أية دولة في
العالم، يصبح ـ حكْماً ـ ،
جندياً مسخّراً لخدمة
الإمبراطورية الفارسية..!
• والطريف
أن الأكاسرة (المَلالي) لا
يَطلبون من مبشّريهم ، الذين
ينشرونهم في العالم الإسلامي ،
أن يبشّروا اليهود أو النصارى ،
أو الوثنيين أو الملاحدة ! بل إن
تبشيرهم محصور بين المسلمين
عامّة ، وبين أهل السنّة خاصّة !
وذلك لسهولة الدخول إلى قلوب
المسلمين ، من خلال اللافتة
التي يرفعها المبشّرون ، وهي
لافته حبّ آل البيت النبوي ،
الذين لا تربط الصفويين الفرس
بهم أيّة رابطة ، من عقيدة ، أو
نَسب ، أو ولاء حقيقي.. بل إن
سيرة الصفويين الفرس كلها ،
تدلّ على حقد هائل على أمّة
العرب ، التي ينتمي إليها آل
البيت ، وعلى أصحاب النبيّ
وحملَة رسالته ، وعلى أزواجه
أمّهات المؤمنين..! كما تدلّ
سيرة هؤلاء الفرس ، المشحونة
بالحقد والزيف ، والتآمر والكذب
، والباطنية ( التقية!).. على
تناقض تامّ ، مع سيَر آل بيت
النبوّة الأطهار جميعاً !
وتاريخُ الإمام جعفر الصادق ،
الذي يدّعي الصفويون الانتسابَ
إليه مذهبياً ، وكذلك تاريخُ
آبائه وأجداده ، وأبنائه
وأحفاده .. أدلة حيّة على ذلك !
• على
أن أطرف الفروق ، بين الأكاسرة
المتوّجين ونظرائهم المعمّمين،
وأخطرَها ـ في الوقت ذاته ـ ، هي
تلك المتعلقة بمسألة الأخلاق ،
لدى التعامل مع الآخرين ! ففي
حين ينظر الأكاسرة المتوّجون
إلى الأخلاق الإنسانية ، من صدق
وأمانة ، ونزاهة ووفاء ، وعفّة
عن أموال الآخرين وأعراضهم ..
كما ينظر سائر البشر الأسوياء
في العالم ، إلى هذه الأخلاق، من
حيث قيمتها الإنسانية الرفيعة ،
وضرورة التمسّك بها ، وعدم
تجاوزها أو مخالفتها ، من حيث
المبدأ .. وما يَحصل من مخالفة
لها ، إنّما يكون لدفع ضرر، أو
جلب مصلحة دنيوية ، أو بسبب ضعف
بشري .. وبالقدر الذي تقتضيه
الحاجة ، أو يمليه الضعف
الإنساني .. نقول في حين ينظر
الأكاسرة المتوّجون إلى
الأخلاق ، هذه النظرة ، وهي
ذاتها نظرة مكيافيللي ـ أستاذ
الساسة النفعيين ـ إلى الأخلاق
.. نرى الأكاسرة المعمّمين،
ينظرون إلى الأخلاق نظرة أخرى ،
مختلفة تماماً عن نظرة
المتوّجين ..! إذ يرى هؤلاء
السادة المعمّمون ، في الأخلاق
الهابطة الفاسدة: ( الكذب ،
والغشّ ، والخداع ، والخيانة..وإيذاء
الآخرين بأنفسهم وأعراضهم
وأموالهم..) قرباتٍ إلى الله ،
تَرفع منازلهم عنده ، وتدخلهم
الجنّة يوم القيامة ! و(الآخرون)
هنا، هم المسلمون جميعاً ، من
غير الشيعة الصفوية ، وفي
مقدّمتهم أهل السنّة الذين
يسمّونهم (نواصب)
! ومن صفاقة القوم ، أنهم
ينسبون إباحة هذا الانحطاط ، بل
الحضّ عليه ، إلى بعض رموز آل
البيت، الذين يخلعون عليهم
الكثير من صفات الألوهية ؛ من
حيث علم الغيب كله،
والتحكّم بذرّات الكون ..
ونحو ذلك ، ممّا لم يمنحه الله
لِ(ملَك مقرّب ولا نبيّ مرسل) !
لأن منزلة الإمام عند الله ، فوق
الملائكة والرسل جميعاً ! وهذا
من ضرورات المذهب ، كما هو ثابت
في كتابات كسرى المعمّم الأول(
آية الله روح الله الخميني!) .
وما نحسب الشكّ في هذا الكلام ،
الذي نورده هنا، يتسرّب إلى عقل
عاقل يعيش اليوم بين الناس ،
ويَسمع ما يجري من حوارات في
الفضائيات والصحف والمجلات ،
ويقرأ ما يكتبه علماء المذهب
الصفوي أنفسهم ، وينشرونه بين
الناس ، على شكل فتاوى ، أو كتب ،
أو بحوث ، أو مقابلات ،أو خطب..
فضلاً عما تزخر به كتب علمائهم
القدماء ، مِن مثل هذا الكلام ،
الذي لم يعد القوم بحاجة إلى (تقية)
بشأنه ، فيما يبدو..! ونعترف ،
بكل تواضع ، أننا لم نطّلع على
دين من الأديان المعروفة ،
السماوية وغيرها ،
يجعل الأخلاق الهابطة
الفاسدة، قرباتٍ إلى الله ،
ولاسيما ما يتعلّق منها بإيذاء
الناس .. سوى دين واحد، هو الدين
اليهودي المحرّف ، المتداول
اليوم بين اليهود ، والذي تزخر
به صفحات التلمود ، على وجه
الخصوص ! فهل هي مصادفة ، أن
يتطابق هذان الدينان في
تعاملهما مع الأخلاق ، بهذا
الشكل الشاذّ العجيب !
• ويبقى
فرق آخر بين صنفي الأكاسرة ،
خطير كذلك ، يبرز في الجانب
السياسي ، نابعاً
من فلسفة الأخلاق السياسية ،
عند كلا الفريقين، وهو ذاك
المتمثل بالعلاقة مع دولة
الصهاينة : ففي حين كان آخر ملوك
آل بهلوي، يتعامل مع الدولة
الصهيونية من منطلق سياسي نفعي
، كسائر الساسة النفعيين (
البراغماتيين ) في العالم ..
يعترف بهذه الدولة ـ مخالفاً
أكثر حكام العالم الإسلامي ـ
ويعاملها معاملة الأصدقاء ،
سياسيا واقتصاديا .. نرى
الأكاسرة الجدد ، يظهِرون لهذه
الدولة أشدّ مشاعر العداء في
العلن، ويبرِمون معها صفقات
الأسلحة سراً (كما ظهر فيما سمي
فضيحة إيران غيت ) في السنوات
الأولى من عمر الثورة الخمينية
، وفي عهد الخميني نفسه ! بل
الأخطر من ذلك ، والأدهى ، أن
الأكاسرة المعمّمين ، جَرّوا
الحلف الصهيوني الأمريكي جراً ،
إلى احتلال العراق وتدميره ،
وذبح شعبه ، من منطلقات عقَدية
لدى الأطراف الثلاثة ( إيران ـ
أمريكا ـ إسرائيل) ! فقد تقاطعت
في بؤرة فلسفية سياسية واحدة ،
عقيدة الأكاسرة (الملالي )، التي
ترى أن اليهود والنصارى ، أقل
سوءاً ، في نظر الصفويين ، من
أهل السنّة ( النواصب!) الذين
يكنّ لهم شيعة الفرس ، عداء
تاريخياً مزمناً ، يمتدّ أربعة
عشر قرناً في الزمان ، منذ سقوط
دولة الأكاسرة ، في القرن
الهجري الأول ، على يدي الصدّيق
والفاروق..! والتقت عقيدة
الأكاسرة الملالي هذه ، مع
أحلام بوش (الإلهية!) والمهمّات
المقدّسة التي كلّفه بها (الربّ)
، والمتمثلة في شنّ حرب صليبية
عالمية، لا يحدّها زمن ، على
امتداد الكرة الأرضية ، ضد
الإسلام والعالم الإسلامي،
باسم (مكافحة الإرهاب!) .. والتقت
العقيدتان ، مع العقيدة
الصهيونية، المركّبة من حقد
ديني على الإسلام جملةً ، ومن
حقد تاريخي على دولة بابل (
العراق) ، ومن حقد خاصّ على صدام
حسين ، الذي ضرب إسرائيل بعشرات
الصواريخ ، ذاتَ يوم ! فضلاً عن
الخوف المزمن ، لدى الصهاينة ،
من العراق وجيشه ، وسلاحه
المتطوّر ، وصِدقه في عداوة
الصهاينة ، وفي حربه معهم..!
وهاهي ذي الأطراف الثلاثة (الفرس،
واليهود ، والأمريكان) تجوس
خلال الديار، في العراق كله ، من
شماله إلى جنوبه ، تفترسه أرضاً
وشعباً واقتصاداً وحضارة..!
تنسّق فيما بينها حيناً، وتختلف
حيناً آخر، ضمن لعبة ماكرة ،
حاقدة سوداء ، تشمل فيما تشمل ،
التهديد المتبادل بالحرب
وبالتدمير ، وبالإزالة عن ظهر
الأرض ! بينما المخالب والأنياب
مجتمعة ، تنهش الفريسة العراقية
ـ سنّة وشيعة ـ
من رأسها إلى أخمص القدم ..!
وكلّ ينهش بحسب قوّته ، وقوّة
حقده ، وقوّة خوفه من عراق عملاق
، ينتفض من تحت أنقاضه ، فيعصف
برؤوس الحقد جميعاً، ولو بعد
حين !
* ولقد بات جيران الفرس ، من أبناء
الدول العربية وغيرها ،
يترحّمون على عهد جيرانهم
الأكاسرة القدماء ، من آل بهلوي
، الذين كانوا يكتفون بالسطو
على الأراضي ( إقليم الأحواز ـ
الجزر الثلاث من دولة الإمارات
العربية المتحدة ) ، ولا يحرصون
على التبشير العقدي الصفوي في
الدول الإسلامية ، كما يفعل
الأكاسرة الملالي ! حتى بات بعض
أبناء الدول العربية ، يردّدون
المثل الشعبي المعروف ( الله
يرحم النبّاش الأول !).
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|