ــ
النظام
الأسـدي إلى أيـن ؟
الدكتور
خالد الاحمد*
قد يتوهم بعض الناس أن النظام
الأسـدي قوي ، وخاصة بعد أن زور
الاستفتاء أمام شعب مغلوب ،
عوده النظام الأسدي أن لايبالي
بصوتـه الانتخابي ، يرميـه كما
يريد الجلاد، الذي يراقب ماكتبه
الناخب في البطاقة الانتخابية
،ثم يقـول أنـه حصـل على (97 % ) من
أصوات الناخبين ، وهذا الوهم
يضحده الواقع ،ولاننسى أن صدام
حصل على (100 % ) في آخر استفتاء
نفذتـه وحداتـه الأمنيـة ، ثم
تخلى عنه كبار ضباطه الذين
رباهم وأنفق عليهم الملايين .
وسوف
نستقرئ الواقع من خلال تصريحات
الأخ علي صدر الدين البيانوني ؛
المراقب العام لجماعة ألإخوان
المسلمين في سوريا ، ونستطيع
التعرف على وجهـة النظام الأسدي
وحالته ومصيره ، وسوف ألخص
وأبوب ما قاله الأخ البيانوني
في مقابلته مع فضائية المستقبل
يوم الأربعاء (9/6/2007) فيما يلي :
1- التغيير
الوطني السـوري :
أكد
الأخ أبو أنس البيانوني أن
المرحلة القادمة ستثبت أن هناك
قوى حقيقية في داخل النظام
وخارجه ستشارك في عملية
التغيير، وأكد زعيم الإخوان
المسلمين في سورية أن في داخل
النظام عناصر نظيفة وقادرة على
التحرك، وأشار إلى أن جماعته
حين تحالفت مع نائب الرئيس
السوري السابق عبد الحليم خدام
كان واضحاً لديها أن هناك
شخصيات عديدة داخل النظام لديها
نفس التوجه ونفس الرغبة، ولكنها
تنتظر الوقت المناسب.
وأشار إلى أن عدداً كبيراً من
الناس المحسوبين على النظام ومن
داخل الحزب أيضاً، عندهم رغبة
حقيقية وملحة في أن يسهموا في
التغيير، وأكد أن التغيير سيكون
سورياً وبأيدي سورية، حتى "
نهيئ لأجواء مصالحة وطنية بعد
تغيير هذا النظام".
واعتبر البيانوني مصير النظام
السوري محتوماً، لأن " أي
نظام يفتقد للشرعية الدستورية
والشعبية مصيره محتوم"، ولكن
لا يمكن تحديد موعد زمني
للتغيير، فهو مرتبط بعوامل
عديدة، إلا أن هناك مؤشرات
داخلية وخارجية تشير إلى أن هذا
النظام يسير نحو الانهيار.
وقال إن سورية نظامها جمهوري لا
يُورث، ولكن السوريين يعيشون
اليوم في ظل حكم الأسرة.
ورداً على سؤال عن نقاط قوة
النظام، قال البيانوني إنها
الأجهزة الأمنية والقمع وهذا
"في ظاهره قوة، ولكن في
حقيقته منتهى الضعف".
وأشار إلى أن النظام السوري
يعتبر نظام نيقولا تشاوتشيسكو
البائد في رومانيا "نموذجاً
أعلى له"، علماً أن ذلك
النظام كان يبدو كأقوى ما يكون،
قبل سقوطه بأيام فقط.
ونظر البيانوني إلى ما يجري الآن
على الساحة اللبنانية" على
أنه "مؤشر من مؤشرات هذا
السقوط والانهيار"، فتنفيذ
بشار الأسد تهديداته للبنان إذا
أُقرت المحكمة الدولية، من
مؤشرات ضعف هذا النظام.
وأبدى البيانوني تفهمه لتخوف بعض
الدول العربية من التغيير في
سورية، ولا سيما أن "الحالة
العراقية راهنة أمام عيوننا
جميعاً"، ولكنه أعرب عن
اعتقاده بأن "الحالة
العراقية لا علاقة لها بالتغيير
الوطني الديمقراطي"، فهي
حالة احتلال و" نحن في سورية
جميعاً نرفض الاحتلال، ونرفض
العدوان الخارجي" ونرفض
الاستقواء بالأجنبي ، ولانبدل
الاستبداد بالاستعمار، بل
نرفضهما معـاً .
كما أن التركيبة السكانية مختلفة
في سورية عن العراق، حيث
الأغلبية الساحقة (90 %) من
المسلمين باختلاف الانتماءات
الطائفية، و90 % من العرب
والباقون من الأكراد وغيرهم،
مشيراً إلى أن "العلاقة بين
العرب والأكراد علاقة وثيقة،
والذي أساء إلى العلاقة هو هذا
النظام".
2- النظام الأســدي معـزول عربياً
وعالمياً :
وأشار
الأخ أبو أنس إلى أن النظام
السوري يعيش عزلة داخلية بسبب
استمراره في قمع مواطنيه، وعزلة
خارجية بسبب إدارته ظهره للدول
العربية، معتبراً "دوره مع
دول الجوار دائماً دور المسيء،
دور إشعال الفتنة". وقال إن
"النظام يحاول الاستفادة من
الورقة الإيرانية، فبعد أن يئس
من الدول العربية ارتمى في
أحضان إيران لكن هذه الورقة لن
تفيده، لأنه ليس من مصلحة إيران
أن تستمر في تغطية هذا النظام
عندما ينكشف أنه مجرم وليس من
مصلحة الدول العربية أن تتغاضى
عن هذا النظام عندما يدير ظهره
للوسط العربي والمحيط العربي
ويترامى في أحضان إيـران.
3ـ يدعـي أنه نظـام مـمانعة
ويتذلل للصهاينة :
وأوضح
أن "النظام السوري مدعوم من
إسرائيل دعماً حقيقياً، فكيف
يُسمى نظام ممانعة؟"،
والجولان السوري محتل منذ 40
عاماً، في حين النظام السوري
مهتم بتحرير مزارع شبعا وجنوب
لبنان، وتساءل "أين بطولاته
في الجولان؟"، فهو لا يتحرك
أي حركة لتحرير الجولان. بل
يتعامل بازدواجية في حديثه عن
مقاومة إسرائيل في لبنان ورفضه
المقاومة في سورية.
4- ندعو لرفع الغطاء عن نظام
الإجرام الأسـدي :
واعتبر من أسباب بقاء النظام
السوري حتى الآن "الغطاء
الخارجي"، وقال "نقول بكل
أسف إن الكثير من الدول تتعامل
مع هذا النظام وتتغاضى عن
جرائمه (..) لو رُفع الغطاء عن هذا
النظام وجرائمه" لاستطاع
الشعب السوري القيام بالتغيير
الديمقراطي.
وأضاف " أدعو الدول العربية
الشقيقة أن تكف عن تغطية هذا
النظام، وعن تغطية جرائمه، وأن
ترفع الغطاء عنه"، حتى يتمكن
الشعب السوري من أن يقوم
بالتغيير، وكذلك دعا الدول
الغربية إلى الكف عن تغطيته
"حتى يقوم الشعب السوري
بواجبه في تحرير بلده من نظام
الاستبداد والفساد".
5- ليس الإخوان المسلمون بديلاً
لهذا النظام :
وعن
مخاوف العرب والغرب من وصول
الإخوان المسلمين إلى السلطة في
سورية، قال البيانوني إن هذا
الخوف يروجه النظام السوري
نفسه. وأوضح أن الإخوان
المسلمين في سورية "جماعة
عريقة، نشأت في عام 1945، وشاركت
في الحياة السياسية منذ
نشأتها" وكان لها نواب ووزراء
و"مارست الحياة السياسية على
أرقى مستوياتها" حتى عام 1963،
حين وقع انقلاب 8 آذار/ مارس الذي
جاء بحزب البعث العربي
الاشتراكي إلى السلطة بالقوة.
وقال إن النظام السوري يروج أن
الإخوان المسلمين هم البديل،
ولكن البيانوني شدد على أن
الإخوان لن يكونوا سوى جزء من
المستقبل.
وقال " نحن جزء من هذا المستقبل
، وتاريخ الجماعة يؤكد ذلك،
وبرنامج الجماعة السياسي يؤكد
ذلك".
6- علاقة الإخوان المسلمين
السوريين بالدول العربية :
وعن العلاقة بين الإخوان
السوريين والدول العربية، قال
البيانوني "باعتبار نحن ضيوف
على هذه الدول، تم استقبالنا
هناك واستضافتنا لأسباب
إنسانية، نحن نلتزم أن لا نتدخل
في شأن أي من هذه الدول"، ونحن
ندعو إلى عدم التدخل في شؤون
الدول.
وقال " أعتقد أن وجودنا خلال
أكثر من 25 سنة على أرض هذه
الدول، يؤكد لها أننا مسالمون،
وأن وجودنا لم يكن سبباً لإثارة
أي مشكلة في هذه الدول ، ونحن
نحترم قوانينها، نلتزم
بأنظمتها"، وأشار إلى احتكاك
الإخوان المسلمين مع الشعب
الأردني والسعودي والمصري بشكل
خاص.
أما العلاقات الرسمية فقال عنها
"إذا كان لنا علاقات مع
حكومات هذه الدول، فهي علاقات
احترام متبادل"، مشيراً إلى
أن "وضع النظام السوري أصبح
مكشوفاً لدى الجميع"، و"
تصرفاته مع جيرانه ومع أشقائه
العرب ليست بحاجة إلى تفصيل"،
فيوماً بعد يوم تزداد عزلة
النظام السوري بسبب مواقفه
وسياساته، و"سيأتي يوم أعتقد
أنه قريب تقتنع فيه الدول
العربية أن تغطية هذا النظام
وجرائمه ليس في مصلحتها".
وأوضح أن الدول العربية " قاب
قوسين أو أدنى من اتخاذ موقف
حاسم" من النظام السوري .
7- القضيـة الكرديــة :
وأكد
البيانوني أن "الشعب الكردي
في سورية يجب أن يأخذ حقوقه
كاملة". موضحاً أن المواطنة
هي الأساس، و"الخصوصيات
الدينية والمذهبية والعرقية
يجب أن تُحترم للجميع".
وأضاف "من حق أي قومية في سورية
أن يكون لها دور كباقي أبناء
الوطن"، و"من حق هذه
الأقليات أن تعبر عن هذه
الخصوصيات بلغاتها بثقافتها
بتاريخها" وأن تدرس لغاتها في
مدارسها، و" نحن ضد التقسيم
وضد التجزئة".
8- موقف المعارضة السورية من دولة
الصهاينة :
وعن
الموقف من إسرائيل والأراضي
السورية المحتلة؛ قال
البيانوني إن "النظام العربي
الرسمي والنظام الدولي يقر
بإعادة الحقوق إلى أصحابها،
ويقر بإعادة الأراضي إلى
أصحابها".
وأضاف " نحن مع استرداد
أراضينا المحتلة. عندما يتم هذا
الاسترداد بالحل السياسي
والمفاوضات فبها ونعمت. وعندما
لا يتم، لا يحق لأحد أن يصادر حق
الشعوب، كل الشعوب، في استرداد
أراضيها بكل الوسائل
المشروعة".
وأشار إلى أنه "عندما يطالب
الشعب السوري باسترداد أراضيه
المحتلة، إنما يطالب بتطبيق
القرارات الدولية".
9- فتح الإسـلام صنيعة المخابرات
السورية :
وقال إن "النظام السوري يستخدم
أي وسيلة من الوسائل لتحقيق
مصالحه وأهدافه مصلحته الأولى
والأخيرة هي البقاء في الحكم
وهو في سبيل ذلك مستعد للتحالف
مع الشيطان، يتعاون مع القاعدة
ويعطي معلومات عن
"القاعدة" لأمريكا، يتعاون
مع "فتح الإسلام" ويسرب
معلومات عنها لأي جهاز آخر، هو
يستقبل الأحياء المطلوبين
مثلاً في العراق يعتقلهم
ويسلمهم إلى بلدانهم، يستقبل
المقاتلين في العراق من دول
عربية ويسهل رحيلهم إلى العراق
والذين يعودون منهم يسلمهم إلى
بلدانهم أو حتى إلى أمريكا،
يتعاون مع أمريكا في السر في
موضوع القاعدة وغيره".
هؤلاء الذين سـمّوا أنفسهم
"فتح الاسلام" وهو معروف
لدى الجميع أنهم صنيعة
المخابرات السورية وأنهم
انشقوا عن "فتح الانتفاضة"
ولا أحد ينكر صلة "فتح
الانتفاضة" بالمخابرات
السورية هؤلاء وما سمي بجند
الشام هم صنعوا على أيدي
المخابرات السورية، وكان
النظام السوري وبشار الأسد
بالذات هدد بهؤلاء اللبنانيين
وقال بأنه سيفجر لبنان من بحر
قزوين للبحر المتوسط إذا ما
توقف إقرار المحكمة الدولية
أمام الأمين العام للأمم
المتحدة، وما حصل لم يكن
مفاجئاً لأحد ما عدا التوقيت،
وتوقيت المعركة مع المحكمة
الدولية يؤكد ذلك".
وقال
أبو أنس : "لا نشعر بالإحراج
(في التعبير عن موقف من هذه
الحركات المتطرفة). نحن موقفنا
من الحركات التي تسمي نفسها
إســلامية وتتبنى التطرف
والتكفير العنف واضح، نحن جماعة
الإخوان المسلمين كحركة
إسلامية معتدلة لا نكفر
الآخرين، ويبدو أن النظام
السوري استغل هذه الناحية استغل
وجود تطرف عند بعض الفئات وقد
أرسل مجموعات من هؤلاء إلى
العراق وإلى لبنان وهذه الحالة
صنيعة مخابراتية مختلقة من قبل
النظام السوري، الإسلام هو دين
التعاون والتكافل والحب
والتسامح ولا علاقة له بهذه
الجماعات ولا إكراه في الدين،
هذه ظاهرة لها جانب فكري
نستنكرها لها جانب أمني
مخابراتي سوري ومعروف أن شاكر
العبسي كان معتقلاً لدى السلطات
السورية وتم الإفراج عنه وليس
من قبيل المصادفة أن يتم
الإفراج عن عدد من هؤلاء خلال
الأشهر القليلـة".
10- المحكمـة الدوليـة :
وأكد أبو أنس أن " المحكمة
الدولية لا يخاف منها إلا
المجرمـون، إلا المتورطون"،
مضيفاً "
لوكان (بشار الأسد) حقاً بريئاً
وليس متورطاً لكان رحب بالمحكمة
الدولية وبأي محكمة عادلة، بل
كان هو بادر بالتحقيق ومحاكمة
المجرمين لو كان هو بعيداً
عنهم".
وقال أبو أنس : "نحن أيدنا
المحكمة ذات الطابع الدولي وأنا
اتصلت مع الشيخ سعد الحريري أول
من أمس مهنئاً له على إقرار هذه
المحكمة. كنت أتمنى أن يتم
التوافق ضمن المؤسسات
اللبنانية على إنشاء هذه
المحكمة ولكن ضغط النظام السوري
على بعض المتعاونين معه في داخل
لبنان هو الذي منع تشكيل هذه
المحكمة بقرار لبناني، ولم يكن
هناك خيار آخر فلا بد من حسم
موضوع التفجيرات ومسلسل
الاغتيالات في لبنان، وإن
محاولات عرقلة المحكمة من قبل
النظام السوري هي محاولات قديمة
هو الآن يتحدث عن سيادة لبنان
ولا يعلم أن سيادة لبنان تنتهك
عندما يرتكب اغتيالات على هذا
المستوى دون أن يقتص من الجناة،
وينسى أن سيادة سوريا نفسها
معتدى عليها في الجولان، هو
يفجر الأوضاع في لبنان، لا
أستغرب موقف النظام السوري من
المحكمة. إن كان النظام السوري
بريئاً من دم الحريري وباقي
الجرائم في لبنان وأنـه غير
متورط لماذا يخشى المحكمة؟
لماذا لا يسهم في إنشاء هذه
المحكمة كي يقتص من مرتكبي هذه
الجريمة، أنا متأكد من تورط
النظام السوري في هذه الجرائم
ويخشى من المحكمة أن تفضحه".
وأكد أن النظام السوري "يعيش
هاجس المحكمة ويعيش حالة
تطلعاته إلى استرداد نفوذه في
لبنان وكل ما يفعله هو ليظهر
للعالم أن لبنان لا يستطيع أن
يستمر من دون الحكم السوري".
وقال: " إن كلام النظام السوري
عن أن هذه المحكمة تمس السيادة
اللبنانية لا ينطلي على من لديه
خبرة في القانون الدولي، فأين
كانت سيادة لبنان عندما كان
النظام السوري ينتهك هذه
السيادة بجرائمه خلال 30 سنة. إن
المجتمع الدولي قد حزم أمره
بمتابعة هولاء المجرمين،
فالنظام السوري إما أن يكون
برئياً وعليه أن يقدم كل
المعلومات التي تفيد التحقيق
وتثبت براءته، أما إذا كان
متورطاً فاعتقد أن هذا النظام
أذا كان يفكر بحكمة وعقل فلا بد
أن يسلم هؤلاء المتورطين إلى
المحكمة الدولية، لأنه لا يوجد
في سوريا قضاء حقيقي، لان
القضاء تابع للسلطة التنفيذية،
وأن الإدعاءات بأن أي مجرم سوف
ينال عقابه في سوريا هو كلام قد
فات أوانه، معروف أن النظام
السوري وأجهزته جاؤوا للعبث في
اليوم التالي في موقع الجريمة،
ويبدو أن النظام برمته متورط
بهذه العملية".
هذه خلاصة النقاط التي ركز عليها
الأخ أبو أنس يحفظه الله ، ويتضح
منها أن النظام الأسدي على حافة
الانهيار ....وستكون القشـة التي
تقصم ظهره ، عندما تدعو
المعارضة إلى مؤتمر وطني تجلس
فيه المعارضة الداخلية
والخارجية ، وتتفق على خطوط
واضحة للمرحلة الانتقالية ،
وقبل ذلك عندما نغير ما بأنفسنا
، فيغير الله حالنا ... فأخلصوا
قلوبكم لله عزوجل ، ونقوها من
درن الجاهلية التي تتشكل لكل
إنسان بالشكل الذي يدلـس عليه
.... اللهم اجعل قلوبنا خالصة لك
وحدك ، وأحسن خاتمتنا ...وفرج على
شعبنا في سوريا ، وعجل بالخلاص
من هذا الكابوس الأسدي ...
*باحث
في التربية السياسية
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|