ــ
وقفات
أمام خطاب العرش الأسدي
الدكتور
عثمان قدري مكانسي
لم يتسن لي شرف الاستماع إلى خطاب
القسم الأسدي في حفلة تنصيب
بشار وريثاً للمرة الثانية في
مجلس المهرجين السوري ، ولكن
بعض النشرات السورية الدورية
التابعة للنظام " تبشبش "
أنظارك بالديوانية الطويلة
لهذا الحديث الطويل بصفحاته ،
الضعيف بفائدته .. ولكن لا عليك ..
فلا يكنْ لهذه المقدمة تأثير
على حكمك على هذه المطولة التي
لا يستطيع رأس النظام في دمشق
تلخيصها – فبعض الناس يتلذذون
بالحديث ولو كان فارغاً .. المهم
أن يتكلموا ما دام هناك بعض
المستمعين ينالون على صبرهم
أجراً " محرزاً " يسيل له
لعاب الدراويش من الفقراء الذين
بلغت نسبتهم في سورية الأربعين .
- فقد غمرت بشاراً مشاعر شتى ما
زالت تتنامى في داخله منذ (
اختاره الشعب ) قبل سبعة أعوام
ماضية في موقع القيادة ..
والجميع في سورية وغيرها
يتذكرون المسرحية الكوميدية
في مجلسهم الكاريكاتوري
التي غيرت في قانون السن
الرئاسي لتنطبق على بشار آنئذ
رئيساً لسورية . فكيف اختاره
الشعب المصابر رئيساً ؟ هنا نقف
متسائلين تساؤل العارف : كيف
اختاره الشعب دون كل المواطنين
رئيساً بين ( مرشح واحد) من
المرشح ( المتوحد ) . فكان هذا
الاختيار! رصيده الأغلى – على
حد تعبيره - الذي اعتمد عليه في
تثمير رصيده الذي بلغ أربعة
وأربعين مليار دولار في بنوك
أوربا المتخمة بأمثاله .
- وعلى هذا الاختيار كان عهده
للمواطنين أن يكون على قدر
اختيارهم فحمل المسؤولية
الكبرى – على حد تعبيره – وتمثل
أخلاقياتها ، فكثرت في عهده
الاعتقالات وتكميم الأصوات
الحرة والحكم بالإعدام على
أصحاب الكلمة المضيئة في عصر
بشار المظلم .. وهكذا يبادل
الحاكم المستبد مواطنيه الوفاء
والارتقاء بالأداء !.. طبعاً هذا
كله لمصلحة الوطن الذي عبر في
الاستفتاء الذي كلف كل يوم على
مدى ستين يوماً سبقه خمسين
مليون دولار اقتطعه الظالمون من
أفواه الشعب الجائع المقهور .
لإظهار السادية الأسدية
الشغوفة بالتبذير والإسراف ،
فكانت هذه الفعاليات تملأ كل حي
وقرية ومدينة ومؤسسة – على حد
قول كبير المسرفين الذي لم يخجل
من تبذير المال العام وتدمير
الاقتصاد في سبيل هذه السادية
التي ورثها عن أبيه الهالك .
- هذا الإسراف الذي رعاه النظام
الأسدي يعتبره كبيرهم هذا من
علائم النهج القومي وتجسيداً
للوحدة الوطنية العملاقة !!
والسند الحقيقي لنظامه ! ويستدل
بشار من ذلك أن الشعب يحتضن
مشروعه الوحدوي بهذه
المهرجانات المفروضة على الشعب
المسكين . وهذا دليل على التفاهة
التي تعشعش في رأس النظام الذي
يحكم البلاد ! . .. ثم إننا نتساءل
: أين مشروعه الوحدوي وهو ينأى
بتصريحاته المرتجلة عن الأمة
العربية ويعقد الاتفاقات مع
الدولة الشعوبية الفارسية ،
ويدق الأسافين بمقولاته التي
يضطر بعدها للاعتذار وتبويس
الشواب ؟! .
- إن بشاراً يدعي أن الشعب عرفه
مفعماً بالمعاني الوطنية –
وهذه نرجسية تلازم كل ديكتاتور
، كان الأولى به أن يسمع هذا
الحب من الشعب الذي يختاره من
بين عدة مرشحين بانتخابات نزيهة
، لا استفتاء مهرجاني ضخم على
مدى شهرين للمرشح الوحيد الذي (
خرطه الخراط ، ثم وقع ومات )
فبشار حسب ادعائه النرجسي ابتعد
عن الشعور بصاحب السلطة إلى
الشعور بصاحب المسؤولية وكرّس
صورة المواطن قبل صورة الرئيس !!
بهدف الوصول إلى المواطن
المسؤول والمسؤول المواطن ..
وهنا تظهر ملكة الفلسفة عند
الرئيس المتفلسف .. ولكن على من
يتفلسف ( والجميع يعرفون البير
وغطاه ) أم هو يتكلم عن المواطن
المسؤول والمسؤول المواطن في
بلاد الواق الواق أم في المريخ
؟!
- وبما أن ( الثروات والإمكانات
المادية على أهميتها ) ليست التي
تحفظ البلاد وتصون استقرارها
تجده شفطها ووضعها في رصيده
خارج البلد ، فالشعب لا يحتاجها
! ( فالتراث المعنوي الغني
بجوانبه وقيمه المختلفة ) هو
الذي يحفظ الوطن . وعلى هذا زج
بالأحرار في السجون ومنعهم أن
يعلنوا آراءهم !! وعلى الرغم أنه
يقول (لا بد أن تنطلق المواقف من
الشعب وأفكاره وطموحاته، من
مبادئه وعقائده ....) فبشار يرى –
والله أعلم – أنه المخول الوحيد
بالتعبير عن هذه التطلعات ،
والويل والثبور وعظائم الأمور
لمن ينازعه في ذلك .
- ويدعي الرئيس الملهم أنه شرع في عملية
تطوير واسعة المدى والأبعاد
وأنه يريد دولة قوية مستقرة ،
وأنه اعتمد عملية إصلاح داخلي
وأنه حريص على احترام الشعب ! ..
ويبدو أن حديث الرئيس الجديد
القديم لا ( جمرك) عليه فانطبق
عليه قول المثل " خذ من هذا
الجبن العزيزي وسيّخْ " ولم
لا يقول ما يخطر على باله ولن
يحاسبه هؤلاء الهمل الجالسون
أمامه ينعق أحدهم بين الفينة
والأخرى " الله ، سورية ، بشار
وبس " فيرددون وراءه ثم
يصفقون ، وتنتهي القضية
- وقد ( واظب) بشار على ( تزويد
المواطنين بالمعلومات الصحيحة
ليكونوا على صلة وثيقة بما يجري
) فأغلق في وجوه الشعب مواقع
الانترنت الحرة إلا التي تسبح
بحمده وتقدس له . لتكون
المعلومات التي تصل الشعب شديدة
الوثوق !! لتتوازى مع الحوار
الصريح المتواصل وليشكل قناعة
مشتركة تشكل الداعم الأساسي لما
يريده النظام الأسدي ! وهنا
أتذكر فرعون الكبير الذي قال
لشعبه 0 " لا أريكم إلا ما أرى
وما أهديكم إلا طريق الرشاد "!
والفراعنة نسخة واحدة متجددة
على مر الدهور وكر العصور .
- والديموقراطية برأي بشار( تحتاج
إلى إعداد وظروف يهيئها لخدمة
هدفه ) وبما أنه ما يزال يطبخ
هدفه فلا حاجة للديموقراطية ،
فإذا هيأ ما يود تهيئته كانت
الديموقراطية الوعاء الذي
يسخره لتثبيت دعائم حكمه ... هكذا
تكون ديموقراطية الديكتاتوريين
.. ثم إنه سيصدر قانون الأحزاب ،
وربما يكون هذا في في " الفترة
الخامسة لسباعية حكمه المديد
" ف" عيش يا .... تيطلع الحشيش
" ولماذ يستعجل الشعب هذه
الديموقراطية ولماذا يستعجل
قانون الأحزاب وهو يتمتع
بالحياة الحرة الرغيدة في ظل
بشار الأسدي ؟! .
- ولأن الضغوطات ( في السنوات
الماضية ) كانت كبيرة فالنظام
السوري يضع الاعتبارات الأمنية
في المقدمة وعلى هذا ستزداد
المؤسسات المخابراتية في البلد
، فهي – الأجهزة الأمنية -
السياسة والاقتصاد والثقافة ..
وينسى الديكتاتوريون أن الأمن
لصيق بالحرية ، ولصيق بالسياسة
، ولصيق بالقتصاد النزيه ، لكن
يبدو أن الاهتمام بالأجهزة
الأمنية هو السبيل للبقاء في
الحكم ، كما أن البقاء في الحكم
يمنع المساءلة عن سرقة الأموال
وشفطها لحساب السارقين
والبلطجية ومصاصي الدماء في
بلدنا المنكوب بهم . ويثبت
الظالمين على صدور الأمة .
- وبعد أكثر من أربعين سنة من
حرمان الأكراد من جنسيتهم
السورية فـ ( ليس هناك مشكلة )
هكذا توصل بشار إلى هذا
الاستنتاج . فمتى تكون هناك
مشكلة ليُصار إلى حلها ؟ يبدو أن
على الإخوة الأكراد أن ينتظروا
قرنين من الزمان أو ثلاثة قرون
حتى تحل مشكلتهم ، بل ليس هناك
مشكلة !! .
- وأخيراً وليس آخراً ، وبعد أن
فاحت رائحة اتصالات النظام
بإسرائيل ، وارتمائه عليها فإن
بشاراً لا يمكن أن يدخل مع
إسرائيل بمفاوضات ! فهو لا يثق
بالإسرائيليين ، فلنسأله :
لماذا طلب من أولمرت أن يجرب
النظام السوري وأن النظام
الأسدي لن يخدعه ؟! أم إن بشاراً
اعتاد على لحس التصريحات أو
نسيانها ؟ أتناسى بشار ما قاله
وزير خارجيته – المعلم – إن
النظام السوري ينتظر أن يخدم
مصالح الإدارة الأمريكية في
منطقة الشرق الأوسط ؟ - إن الشعب
لا ينسى ،نعم ، إن الشعب لا ينسى
.
وسيكون حساب النظام عسيراً .. وإن
غداً لناظره قريب .
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|