ــ
لا
إصلاح ولا تغيير ولا شيء يستحق
الذكر
سالم
أحمد*
مساء يوم 17 يوليو 2007 الجاري اتصلت
بصديقي حسان الذي أعتبره وكالة
أنباء متنقلة لكثرة متابعته ما
يذاع وينشر من خلال القنوات
الفضائية، ورجوته أن يوجز لي ما
ورد في خطاب القسم الذي ألقاه
الرئيس "بشار أسد" بمناسبة
ولايته الجديدة، وهو يعرف أن لا
صبر لي على استماع "مطولات"
الرؤساء الخطابية التي قد تزيد
عن ساعتين "رمليتين".
ومن دون أن أسأله عن حال أولاده،
بادرته بالسؤال عن المحاور
الأساسية التي وردت في خطاب
القسم الذي ألقاه الرئيس في
الجلسة التي جُمِع له فيها جميع
أعضاء مجلس الشعب، للاستماع إلى
القسم الرئاسي في بداية مرحلة
رئاسية جديدة تمتد لمدة سبع
سنوات أخرى. وقد رجوته أن يلقي
الضوء على أهم محاور الخطاب.
ولأني أعرف أنه يحب الإيجاز فقد
رجوته أن يفصل حيث يحتاج الأمر
إلى تفصيل، قلت:
هل قرأت بين سطور الخطاب ما يتعلق
بالمصالحة الوطنية وإنهاء
سياسة التشرزم الوطني التي نجمت
عن انفراد النظام بالحكم الذي
مايزال السياسةَ المتبعةَ منذ
استولى الرئيس حافظ الأسد على
الحكم في انقلاب نوفمبر1970؟ وهل
هماك مايشير إلى
توسيع دائرة المشاركة في
صنع القرار؟ فأجاب: لا مصالحة
ولا مشاركة ولا شيء يستحق الذكر!
ومن دون أن يظهر على رنة صوتي أني
أصبت بخيبة أمل تابعت: هل تضمّن
الخطاب أي خطةٍ للإصلاح، كان
المواطن يتوقع أن يبدأ بها
الرئيس ولايته الثانية لإنهاء
الاحتقان الذي بلغ حد الانفجار؟
وهل يفهم أن الولاية الجديدة قد
يكون فيها تغيير غير ما كان في
سابقتها؟
ومن دون أن يظهر عليه التبرم قال:لا
إصلاح ولا تغيير ولا شيء يستحق
الذكر!
وعدت أتساءل من جديد: هل كان في
الخطاب ما يشير إلى أن هناك مسعى
حقيقيا لمكافحة الفساد الذي
استشرى واستفحل في وزارات
الدولة وأجهزة السلطة وأن هناك
خطة لإلغائه، أو على الأقل،
للتقليل منه ما أمكن؟
فأجاب وبدون تردد: لا إلغاء ولا
تقليل، ولاشيء يستحق الذكر!
وسألته عن الخطة التي قد تكون
وردت في خطاب القسم لخلق فرص عمل
جديدة لعشرات الآلاف من
الخريجين الذين تقذف بهم
الجامعات والمعاهد في السوق كل
سنة؟ وهل هناك تصور للتقليل من
حجم البطالة المتراكمة من
السنوات السبع الماضية ومن عهد
الرئيس الراحل؟ وعما إذا كان
هناك وعد بتخفيف وطأة الغلاء
الذي قصم ظهر الموظف المنتوف
ومن له ريش؟ فقال: لا فرص عمل
جديدة ولا تخفيف غلاء، ولا شيء
يستحق الذكر!
ولأني لم أجد في السياسة
الداخلية ما يستحق الذكر حاولت
أن أسأل عن السياسية الخارجية
وقد أصابني الإحباط وخيبة الأمل
من غياب أي أمل في التغيير
الداخلي فيما ورد الخطاب فقلت:
العلاقة المضطربة المحتدمة
بيننا وبين الأشقاء في لبنان! هل
شعرت أن هناك أي خطوات نحو تحسين
هذه العلاقة، أو على الأقل
تخفيف التدهور المستمر مع
لبنان؟
فقال: لقد خلا الخطاب من أي ذكر
للبنان، ولا شيء يستحق الذكر!
سألت: ولا حتى عن المحكمة
الدولية؟
فأجاب وكأنه أراد أن أنهي
المكالمة: أما عن المحكمة
الدولية التي كانت الحاضر
الغائب في ذهن الرئيس فحدث ولا
حرج. وربما يكون من الأفضل أن
تستمع إلى تسجيل كامل للخطاب
وستجد فيه أشياء لا تسر. أما
الأمور التي قد
تسر، فلا شيء منها يستحق
الذكر.
وقبل أن يغلق "حسان" الهاتف
سألته عما ورد في شأن مفاوضات
السلام مع إسرائيل؟ وما فعل
الله بوديعة "رابين"؟ قال:
كانت مفاوضات السلام أهم
المحاور في الخطاب، لأنها قد
تفتح على علاقة ما مع واشنطن،
وإن لم تذكر بالاسم. وقد كان
واضحا من الخطاب أن المفاوضات
يمكن أن تبدأ من نقطة الصفر. أما
عن وديعة رابين، فلا شيء يستحق
الذكر،
لأنها قد اختفت من الشروط
السورية.
*سوري مقهور
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|