ــ
عندما
تخلو الساحة ...
فإن
محمد حبش "يبيض ويصفر"
الطاهر
إبراهيم*
يتملك الإنسان السوري الألم
والحزن عندما يرى أن من يتصدرون
منابر الثقافة ويفترض بهم أن
يقوموا بتشكيل وتجذير الثقافة
في سورية هم من يحتاجون إلى أن
يدخلوا المدرسة ويتعلمون
الثقافة قبل غيرهم. وإلا فما
معنى أن رجلا مثل "محمد حبش"
وهو نائب في البرلمان لعدة
دورات، ورئيس مركز الدراسات
الإسلامية في دمشق، ومعد برامج
ثقافية تلفزيونية، ووجه
تلفزيوني أمام أكثر من قناة
فضائية، ثم ينسى كل ذلك، فيتحدث
بلغة هابطة، لا يتكلم بها
الموطن إلا وهو يخفض من صوته.
فقد نشرت "أخبار الشرق
اللندنية" في 21 تموز 2007 ،
مقالا للصحافية السورية "بهية
مارديني" التي تهتم بالشأن
السوري، ذكرت فيه أن "حبش"
ظهر في برنامج "كلام الناس"
على قناة ال بي سي اللبنانية،
فأراد أن يشعر المشاهد بأنه
يكره أمريكا فقال –وقد أخذته
"الحال" الوطنية- أمام
ملايين الناس: (إذا كانت أميركا
لاتريد الحوار مع سوريا "بحفض")
. هذه الكلمة التي جاءت بين
مزدوجتين –لمن لا يعرف معناها-
تخدش الحياء وتنبو عن الذوق
السليم، فما بالك إذا ما صدرت عن
مدير مركز دراسات إسلامية... (زعموا)
واستطرادا، فإن مؤلفَيْ مسرحية
"كأسك يا وطن": الشاعر
المسرحي النابغة الراحل "محمد
الماغوط"، والكوميدي الشهير
دريد لحام "غوار"، رفضا أن
يسمع مشاهدو المسرحية -مع أن
المسرح قد يتساهل بعض الشيء في
أدب الحوار-
كلماتٍ تهبط عن مستوى معين
من الأدب، وذلك في "الخناقة"
التي تمت بين غوار وزوجته فقال
لها، وقد رفعت صوتها في وجهه:
"وِلِك تلحسي"، ثم يقطع
الحوار.
واعترافا لهذه الصحافية، -وهي
على كل حال ليست محسوبة على تيار
إسلامي- أريد أن أنقل فقرة مما
قالته في المقال، وهي لا تغني عن
قراءة المقال، قالت: (ولا ادري
من أين جاء حبش بهذه الكلمة
النابية التي يستعملها ليقولها
في برنامج سياسي جماهيري في
غمار الحديث والدفاع عن سوريا؟
أهذه هي السياسة؟ أهذا هو
الدفاع عن سوريا؟ أهذه هي تقديم
الصورة الجيدة للإسلام كمدير
مركز إسلامي؟). ثم تقول في فقرة
أخرى: (هل يعقل أن سوريا ليس
لديها من يدافع عنها إلا بهذا
الشكل وهل هي أمام خيارين لا
ثالث لهما: حبش أو فوزي شعيبي؟؟؟).
وما اقتبسته من مقال "مارديني"
لا يحتاج إلى توضيح ولاإلى
تعليق ،فالقارئ السوري يفهمها
وهي "طائرة".
وما أشارت إليه الكاتبة من أن هذه
الكلمات لا تقدم صورة جيدة
للإسلام من مدير لمركز إسلامي،
فأعتقد أن "حبش" لا يتكلم
باسم الإسلام، وإنما
ينطق باسمه فحسب. أما إضافة
اسمه للمركز الإسلامي، فليست
إضافة تشريف، ومواقفه السياسية
تصب في غير صالح الإسلام، خصوصا
وكان قد رفض قيام أحزاب على أساس
ديني في سورية، وزعم أنه في الجو
الديموقراطي لن تقوم دولة
إسلامية.
فقد قدمت هيئة الإذاعة
البريطانية على موقعها على
الإنترنت بتاريخ 4 آذار 2005 دراسة
تحت عنوان "بعث إسلامي في
سوريا"، سألت فيها بعض الكتاب
والمفكرين السوريين عن ظاهرة
الإسلام السياسي في سورية. ومما
لفت الانتباه أجوبة عضو مجلس
الشعب الدكتور "محمد حبش"،
الذي وصفه معد الدراسة بأنه "الإسلامي
الوحيد في مجلس الشعب السوري".
فهو لا يرى (حاجة لقيام أحزاب
إسلامية، لكن للإسلاميين
المحافظين –والعمال؟- الحق في
المطالبة بأحزاب سياسية). ولا
يعتقد ( أنه ستقوم هناك دولة
إسلامية في سورية لو كانت هناك
ديموقراطية حقيقية).
نحن لا نتجنى على "حبش". فقد
وصفه الدكتور "محمد سعيد
رمضان البوطي" بأنه: "يرفع
لواء الزندقة عاليا !!" على
خلفية إصداره كتابه "المرأة
بين الشريعة والحياة" عام 2004.
كما شن مفتي سورية المرحوم
الشيخ "أحمد كفتارو" –وقد
كان ولي نعمة حبش- على حبش
هجوما، قال فيه عن أفكار الكتاب
بأنها (أفكار شاذة ومخالفة
للأحكام الشرعية وأصول التفسير
وأصول العقيدة الإسلامية، - كما-
يستطيع التعرف عليها بسهولة
أصحاب الاختصاص من أهل المعرفة...
وليس من التجديد في شيء أن نخبط
خبط عشواء، ونؤول النصوص بجهل
وغرور ثم ننسب هذا إلى التجديد).
يبقى أن نشير إلى أن ظهور "حبش"
كأنه المدافع الوحيد عن الإسلام
في سورية، فذلك لأن الساحة خلت
أمامه وغاب عنها الفرسان
الحقيقيون، فصدق فيه قول الشاعر
الراجز: يا لكِ من قبَّرة
بمَعْمَر ،،،،،، نقّري ما شئت
أن تنقري ،،،،،، خلا لكِ الجوّ
فبيضي واصفُري،،،.
*كاتب سوري
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|