ــ
بن
لادن وأطفال الإيدز الليبيين
ياسر
سعد
أخيرا
أُسدل الستار على قضية الاطفال
الليبيين المصابين بمرض نقص
المناعة الكتسبة –الايدز- وحدث
ما توقعته منذ زمن بعيد, وتم
الافراج عن "المدانين"
البلغار وعوملوا لدى وصولهم الى
بلادهم معاملة الابطال, ذلك ان
الانظمة السياسية في عالمنا
العربية او غالبيتها المطلقة
بمصابة بإنهيار في مناعتها
السياسية وهي غير قادرة ولا
راغبة بمواجهة أي ضغوط او رغبات
امريكية وغربية حتى لو تعلق
الامر بسيادتها او بكرامتها او
بحقوق مواطنيها. وبكل الاحوال
فنحن لا نملك ان ندين المتهمين
البلغار ولا نستطيع في نفس
الوقن ان نحكم ببراءتهم, ذلك لإن
النظام الليبي
وقضاءه يفتقدان الى
المصداقية ويفتقران الى
الشفافية. غير اننا نستطيع ان
نجزم بان الجاني والذي اقترف
تلك الجريمة الشنيعة عن قصد او
من جراء الاهمال الشديد, حر طليق,
يتمتع بمباهج الحياة في حين
تعاني مئات من عوائل الضحايا
الليبيين من ماساة انسانية
متواصلة ومؤلمة.
الاتفاق
الاخير الذي رعاه الاتحاد
الاوروبي والذي انضمت إليه
بلغاريا العام الجاري تضمن
انشاء صندوق دولي للاطفال وأن
يقوم الاتحاد بتحديث مستشفيين
ومركزا طبيا في بنغازي, يدين
بشكل غير مباشر السلطات الليبية
والمتهمة بالاهمال الشديد
والفساد المزمن في ما يتعلق
بمرافق البلاد العامة
والمستشفيات بشكل خاص. وكما
الحال في قضية لوكربي يكافأ
الجاني "المفترض غربيا"
وتتقاطر عليه عبارات المديح
وتوجه إليه كلمات الاشادة
وتتوافد إليه الوفود الغربية
الرسمية لتعقد معه الصفقات
وتقيم العلاقات التجارية
والاستثمارية دون التوقف عند
مواقفه من حقوق الانسان او
الاكتراث بالمعاناة الكبيرة
للشعب الليبي من جراء فساد
الحكم ودكتاتوريته وعبثه.
ألاخراج
الاعلامي والمسرحي السخيف
والتافه لقضية "المدانين"
البلغار من قبل القضاء الليبي
اثارت مشاعر عارمة من الاستياء
والغضب وشعورا كبيرا من الاهانة
والاستهانة لدى أسر الأطفال
الليبيين المصابين بالفيروس
المسبب لمرض الإيدز والذين
اصدروا بيانا عبروا فيه عن
غضبهم من العفو البلغاري. وقالواأنه
يتعين أن تقوم ليبيا بترحيل
جميع المواطنين البلغار ووقف
التعاون مع الشركات البلغارية.
كما طالبت الاسر بإن تعيد
الشرطة الدولية (الانتربول)
اعتقال الستة المدانين بحقن
الاطفال بالفيروس. وقالت رابطة
اسر الاطفال المصابين بالايدز
انها تبدي "إدانتها
واستياءها لما وصفته بعبثية
واستهتار الدولة البلغارية
بإصدار الرئيس البلغاري عفوا عن
الممرضات." واستشهد البيان
بتصريحات للشيخ أسامة بن لادن –حسب
توصيف البيان- الذي قال فيها "إن
الغرب يستهتر بدماء المسلمين".
استشهاد
البيان بأسامة بن لادن في هذا
الوقت بالذات هو تعبير صارخ عن
الغضب والاحباط, وهو مؤشر كبير
تهمله عيون الساسة والاعلاميين
حتى من العرب خصوصا اعلاميو
البنتاغون وكتاب المارينز, بأن
الاحساس بالظلم الكبير الواقع
على المسلمين والشعور بالقهر
وانعدام المبدائية لدى الغرب
واستهتاره بمعاناة المسلمين
واطفالهم سواء كانوا في عراق ما
قبل الاحتلال جراء الحصار
الظالم او ما بعده جراء وحشية
الاحتلال وجبروته اومعاناة
الاطفال الليبيين وغيرهم, هو
المغذي الاساسي لتيار المواجهة
و"الجهاد". ان مواجهة العنف
و"الارهاب" بالطرق الامنية
والعسكرية لا يجدي بل قد يؤدي
الى نتائج عكسية تماما فكلما تم
القضاء على مجموعة او جماعة
خرجت مجموعات اكثر عنفا وأشد
حدة.
الغرب
يحتفل الان بإنجازاته في ليبيا,
وقادته يتسابقون لعقد الصفقات
مع القذافي ويتبارون بالاشادة
بشجاعة الرجل وحكمته وحنكته,
وهو الذي كان, ولزمن قريب في
تصنيفاتهم, ارهابي ودكتاتوري
ومنتهك لحقوق الانسان. السلوك
الغربي في ليبيا يعطي ذخيرة
وحجج قوية لإصحاب التيارات "الجهادية"
والتي تشير الى ظلم الغرب
ونفاقه وتسلطه على مقدرات بلاد
المسلمين والعبث بسيادتها, وأن
القتال هو السبيل الوحيد
لمواجهة هذا الظلم الفادح
والنهب الفاضح. وإذا كنت ارجح ان
امريكا والغرب يمارسان اضاليل
اعلامية ومبالغات كبيرة في
النفخ بقضية الارهاب لتكون
غطاءا ومعبرا لمحاصرتنا
واستعمارنا ونهبنا. الا ان
الامر قد ينقلب عليهم – ان لم
يكن حدث بالفعل- خصوصا مع تزايد
مشاعر الكراهية والسخط على
السلوكيات والمواقف الغربية من
عموم قضايا المسلمين وعلى الاخص
فلسطين والعراق وغيرهم ولتنضم
الان إلى القائمة الطويلة ,والمرشحة
دائما, للازدياد اطفال الايدز
الليبيين.
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|