ــ
لغة المعارضة السورية
المتلعثمة
جان
كورد
أثناء انعقاد مؤتمر دعا إليه
معهد ايسبن الأمريكي للعلاقات
عبر الأطلسي (فرع ألمانيا) في
مدينة استانبول، أواخر العام
الماضي ، وحضرته مع الدكتور
دكتور توفيق حمدوش كممثلين عن
بارتي ديموقراطي كوردستاني
سوريا، إلى جانب العديد من
المنظمات والشخصيات، الأمريكية
والأوربية والسورية والتركية
والعربية والايرانية، المهتمة
بشؤون سوريا والشرق الأوسط
وبقضايا حقوق الإنسان والحريات
السياسية والديموقراطية، تبنى
اثنان من السياسيين الأوربيين،
امرأة ذات خبرة في شؤون الشرق
الأوسط وهي نائبة في البرلمان
الأوربي، وتجيد اللغة العربية
إلى جانب لغات أخرى عديدة،
وديبلوماسي عريق كان من الحلقة
الأكثر التصاقا بالرئيس
التشيكي هافل، المثقف الكبير
والناشط العالمي المعروف، فكرة
أن على السوريين الديموقراطيين
التعاطي والتعامل مع كل من "في
النظام" السوري، بهدف العمل
المشترك من أجل ايجاد أرضية
موحدة وصلدة وخلق "لغة تفاهم"
من أجل التغيير السلمي المنشود
لصالح الحرية والديموقراطية في
سوريا، وتحدثا باسهاب حول تجارب
شعوب بلدان المنظومة
الاشتراكية التي انفرط عقدها،
ولكنها كانت متفقة على وجوب
احداث تغيير سلمي وسريع وحاسم
على كافة الصعد السياسية
والدستورية والاقتصادية
والثقافية والاجتماعية للحاق
بركب الحضارة الغربية... أما أنا
فقد كنت من أنصار فكرة أن هناك
اختلافا جذريا بين تلك الشعوب
الأوربية الشرقية التي فقدت كل
مذاق لها بالشيوعية في حين أن
الشعوب في الشرق الأوسط لاتزال
تتفق مع أنظمتها القمعية على
كثير مما يمكن تسميته بعقيدة
"العروبة" التي تتشدق بها
هذه الأنظمة وتستطيع بذلك لجم
اندفاع الشعوب في اتجاه معاكس،
على الرغم من أنها ترتدي هذه "العروبة"
كقميص عثمان... وكان هناك – في
نقاشات اللجنة الإعلامية
للمؤتمر- من يؤيد فكرتهما ومن
كان يؤيد فكرتي... والنقاش في مثل
هذه المسائل الهامة وغيرها
ضروري دائما ولابد منه لتحقيق
خطوات إيجابية على طريق التفاهم
والتوافق والتعاون من أجل الهدف
المشترك..
اليوم نشعر – كمعارضين من
اتجاهات وتيارات مختلفة – بأن
وضعنا ليس على مايرام، فهناك
جبهة الخلاص الوطني التي فيها
إسلاميون وبعثيون وأكراد
وأحرار مستقلون من هنا وهناك،
وهناك معارضون من أحزاب كثيرة،
قومية ويسارية وشيوعية وكوردية
وكذلك أحرار مستقلون في ما يسمى
"اعلان دمشق"، إضافة إلى من
ذهبوا خطوة أبعد في معارضتهم
للنظام إلى أن وصلوا إلى تل
أبيب، وهناك من يريد أشياء أخرى
باسم المعارضة ... وطبعا هناك
منشقون في صف النظام، ومتمردون
عليه، ومناضلون في السجون،
وضباط لايريدون أن يستمر هكذا
وضع في بلادهم، إضافة إلى
الأغلبية الصامتة من الشعب
المقهور الذي تغلي أحشاؤه
كالمرجل، ينتظر ساعة النفير
ليصب جام حقده على النظام
الدكتاتوري البغيض... أي أن
لدينا طبقا من "البيتسا"
الايطالية، كل قطعة منها تحمل
وصفة مختلفة عن الأخرى، ولكنها
مع بعضها جميعا تشكل هذا الطبق
الرائع الجميل الذي يفتح الشهية...
وإذا كانت البيتسا تحتاج إلى
الملح لتصبح سائغة بشكل جيد،
فإن الذي تفتقده "المعارضة
السورية!" هو اللغة المشتركة...
وما علينا إلا أن نبحث عن هذه
اللغة ونستخدمها معا لنثير
انتباه العالم كله، ونجعله
مضطرا لمساعدتنا مساعدة فعلية
وعملية وسريعة، وبدون ايجاد تلك
اللغة المشتركة فإن المعارضة
ستظل متلعثمة في اختيار
مفرداتها ومصطلحاتها وعباراتها...
والعالم الخارجي سيكتفي
بالتفرج عليها من بعيد، رغم أنه
يراقب الوضع السوري بانتباه
مكثف وشديد، منذ سنتين أو ثلاثة...
وأرى بأن من واجبنا مساعدة هذه
المعارضة في تبني هذه اللغة من
خلال اثارة بعض الأسئلة التي
تحتاج إلى أجوبة، لا بد للجميع
من الاجابة عنها حتى نتمكن من
القول بأننا نسير في اتجاه
واحد، وليس في اتجاهات متعارضة
وصوب أهداف متناقضة...
وبحكم أن معظم خلافات الأحزاب
والقوى السورية متعلقة بمشاكل
من "خارج سوريا"، أي من
العالم العربي ، فما علينا إلآ
طرح بعض الأسئلة التي لها علاقة
بهذا العالم العربي ، قبل أن
نعود لقضايانا ومشاكلنا وما يهم
المواطن السوري العادي الذي
يبحث عن لقمة عيش كريمة في مجتمع
حر كريم اهتماما مباشرا ويوميا...
هل يمكن
القول بأن السوريين أكثر "عروبة"
من "التونسيين" أو "المصريين"
أو "الخليجيين" الذين
لايحملون شعارات البعث ويضعون
قضاياهم الداخلية في المرتبة
الأعلى مقاما من بين سائر
القضايا العربية والعالمية؟
هل تحرير فلسطين – بالنسبة
للمواطن السوري عامة – أهم من
استعادة الجولان والاسكندرون
حقا، ولماذا؟
هل يمكن استعادة الجولان السوري
عن طريق الحرب؟ وإذا كان الجواب
سلبيا هل يمكن استرجاعه سلميا
وكيف؟
هل تخلى العرب عن الاسكندرونة
مثلما تخلوا عن حلم استعادة
الأندلس مثلا؟ واذا كان الجواب
النفي فماذا يفعلون من أجل ذلك
اليوم؟
هل الوحدة العربية اليوم بالنسبة
للشعب السوري قضية مصيرية وملحة
لابد من تحقيقها حتى يعيش في
حرية وبحبوحة من العيش ؟
ولنعد إلى الداخل السوري لأن في
ذلك أهمية كبيرة أيضا من أجل
بناء لغة مشتركة للمعارضة:
هل الشعب السوري حر ومستقل
عمليا؟ واذا كان الجواب إيجابيا
فهل يمكن الاستعانة بمثال أو
مثالين في مجال حرية هذا الشعب؟
هل الحرية والديموقراطية
ضروريتان أصلا للشعوب، مثل
الماء والكهرباء والمستشفى، أم
يمكن له العيش بدونهما فيما اذا
توافرت هذه الأشياء؟ وما هي هذه
الديموقراطية؟ مواصفاتها
ومطالباتها وحدودها؟
هل النظام في سوريا ملكي أم
جمهوري حقا؟ وما الفرق بين
النظامين من خلال مقارنة النظام
الأردني والسوري مثلا؟
هل هناك من واجبات المعارضة
الاكتفاء بتصحيح المسار
السياسي في البلاد ورفع الغبن
عن المواطنين دون تغيير في
تركيبة النظام الأساسية وهدمها
لبناء نظام جديد عوضا عنه، أم أن
من وظيفة المعارضة اسقاط هذا
النظام الحاكم ومحاسبته
ومحاكمة رموزه على ما ارتكبه من
جرائم بحق الشعب السوري وبحق
الجيران؟
هل القضية الكوردية في سوريا
قضية وطنية عامة أم هي قضية
جانبية يمكن أن يعيش نظام حر
وديموقراطي دون حلها؟
ألا يعتبر البدء بتنفيذ مرحلة
أخرى من "مشروع الحزام العربي"
بدءا بتنفيذ مخطط لتسعير واثارة
الفتنة الطائفية والعنصرية في
البلاد من جهة النظام لأسباب
تتعلق بالعراق وايران وبموضوع
تبديد قوى العسكر السوري في
اتجاهات عدة؟ وما موقف المعارضة
من هذا التنفيذ عمليا؟
هل يمكن استغناء المعارضة
السورية عن التيار الكوردي أو
الإٍسلامي أو القومي العربي أو
الشيوعي؟ واذا كان الجواب
بالنفي، فكيف يمكن الجمع بين
هذه القوى المختلفة الانتماءات
والمطالب والأفكار جمعا فعالا؟
ولأن الاجابة عن هذه الأسئلة
وغيرها ضرورية لايجاد قاعدة
متينة ولغة مشتركة للمعارضة
فإننا نضع هذه الأسئلة بين أيدي
زعمائها وقادتها ومفكريها
ومناضليها ومحاربيها ، عسى أن
تساعدهم في الجمع والتقريب بين
وجهات نظرهم... ومن حقي كمواطن
كوردي يرى خطرا كبيرا ينبعث من
تنفيذ المرحلة الجديدة من مشروع
الحزام العربي العنصري أن أؤكد
على أن أي تساهل للمعارضة في هذا
الشأن هو سير في اتجاه "اثارة
الفتنة الداخلية" في البلاد،
يجب ادانته وتعريته...وهذا يهدم
العمل الهادف
إلى ايجاد لغة مشتركة بين أطراف
المعارضة الوطنية
والديموقراطية في البلاد،
والنظام يطمح من خلال اثارة هذا
المشروع مجددا إلى تفريق الكورد
عن العرب في المعارضة، فهو
معتقد تماما بأن بعض فصائل هذه
المعارضة لن تدافع عن الكورد
وستقف معه في مشروعه الاجرامي
هذا لأنها مصابة بعمى "القومية
السائدة أو الغالبة"...
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|