ــ
الفاتيكان
والتحذير من أسلمة أوربا
ياسر
سعد
منذ
اعتلائه لمنصب البابوية صدرت من
بابا الفاتيكان بنديكت السادس
عشر مواقف وتصريحات أتسمت
بالعداوة والتحريض باتجاه
الإسلام والمسلمين. ففي أول
قداس له عقب انتخابه بابا
للفاتيكان حذر الرجل –والذي
يفترض من مثله عدم الخوض في
المسائل السياسية- من انضمام
تركيا للإتحاد الأوربي قائلا إن
"السماح لدولة إسلامية
بالدرجة الأولى بالانضمام إلى
النادي الأوربي سيكون خطأ ضخماً"..
وفي
العام الماضي ألقى بنديكت
محاضرة هاجم فيها الرسول صلى
الله عليه وسلم بأسلوب لا يليق
زاعما أن الإسلام دين عنف انتشر
بحد السيف، ولا يدعو لاستخدام
العقل, ثم عاد البابا ليقدم ما
اعتبره بعض المسلمين اعتذارا
ضمنيا عن تصريحاته الفجة.
وحتى
يستمر مسلسل نشر الكراهية
والتحريض, فقد حذر جورج
جاينزفاين السكرتير الخاص
للبابا بنديكت السادس عشر في
مقابلة له مع مجلة سودويتشه
تساينتوج الألمانية بموقعها
على الإنترنت مما وصفه بـ"أسلمة
الغرب"، مشددا على أنه يتعين
على أوروبا ألا تتجاهل جهود
إدخال القيم الإسلامية في
الغرب، وهو ما يمكن أن يهدد هوية
القارة. قائلا: "لا يجب إغفال
محاولات أسلمة الغرب"، محذرا
أوروبا من تجاهل جهود إدخال القيم الإسلامية في
الغرب، وهو ما يمكن أن "يهدد
هوية القارة" على حد زعمه.وتابع
قائلا: "الاحترام القائم على
تصور خاطئ يجب ألا يكون الدافع
لتجاهل الخطر المرتبط بذلك على
هوية أوروبا".
بل
إن الرجل عاد ودافع عن كلمة
البابا العام الماضي التي تضمنت
اقتباسا من العصور الوسطى بشأن
انتشار الإسلام بالعنف، والتي
أثارت موجة احتجاج عارمة في
العالم الإسلامي, مؤكدا أهدافها
ومراميها. وقال
للمجلة إن كلمة البابا العام
الماضي "كان يجب أن تبدد أي
فهم ساذج عن الإسلام". وأضاف:
"بموجب مفهوم (الإسلام) هناك
مجموعة كبيرة من الرؤى المختلفة
والمتناقضة أحيانا حتى بما في
ذلك المتطرفين الذين يستشهدون
بالقرآن في أفعالهم ويستخدمون
الأسلحة".
تصريحات
سكرتير البابا والتي تنضح
بالعنصرية, جاءت لتبدد أي شك أو
تزيل أي لبس عن مواقف الفاتيكان
تجاه المسلمين والتي تضج
بالكراهية وتنضح بالأحقاد
التاريخية. فعوضا أن يقدَم
البابا اعتذارا للمسلمين ,كما
فعل سلفه مع اليهود, عن الجرائم
ومخازي الحروب الصليبية والتي
قادتها الكنيسة ضد الأمة
الإسلامية والحقب الاستعمارية
بل ويندد بحروب الصدمة والترويع
الحالية والتي تهلك الحرث
والنسل وتدمر البنيان وتحرق
الأخضر واليابس في غير بلد
إسلامي يرزح تحت احتلال همجي,
جاءت تحذيرات الفاتيكان من
ادخال القيم الاسلامية الى
اوربة ومن تغيير هوية القارة.
فمن أي قيم اسلامية تخاف
الكنيسة: من العفة والطهارة
والصدق والاخلاق الرفيعة
والرحمة والتي شملت الانسان
والحيوان والشجر والبئية
المحيطة؟ وما هي الهوية
الاوربية والتي يحرص الفاتيكان
عليها في عصر العولمة والذي
غزانا في عقر دورنا واراد منا ان
يغير مناهجنا وجلودنا, هل هي
ثقافة الشذوذ أم انتشار
المخدرات أم تفكك الأسرة
والانحلال الأخلاقي المستشري
في المجتمعات الأوربية ؟
إن
المسلمين في أوربا والذين يحذر
الفاتيكان من خطرهم هم اما
مواطنون او مقيمون اقامة شرعية,
وهم يعانون الامرين من الضغط
والعنصرية والتمييز ضدهم في
الكثير من المواقع والمواقف.
الم تمنع فرنسا المسلمات
المحجبات من دخول المدارس
والحصول على حقهم في التعليم؟
الم تحتفل بريطانيا والغرب
بالكاتب سلمان رشدي لإنه اساء
للاسلام ومقدساته؟ الم تدعم
الكثير من المؤسسات الغربية
الصحيفة الدانماركية ورسامها
المتطاول برسومه على الاسلام
ونبيه صلى الله عليه وسلم؟
فماذا يريد الفاتيكان اكثر من
ذلك؟ هل يريد أن يدعو ضمنا إلى
تطهير عرقي شبيه بما حصل في
سربرينتا في البوسنة؟ أن الدعوة
الفاتيكان هذا وتحذيراته ستعطي
التيارات العنصرية واليمينية
في اوربا والتي تشهد تصاعدا
ملحوظا دعما معنويا وتأييدا
اخلاقيا.
أليس
من المستغرب من أن يحذر
الفاتيكان والذي ينفق مليارات
الدولارات في سبيل التنصير في
العالم الاسلامي خصوصا في مناطق
الحروب والتي يمنع فيها
المسلمون وجمعياتهم الاغاثية
من نجدة اخوانهم - تحت مسميات
محاربة الارهاب- المتضررين من
الحروب العدوانية عليهم مثل
افغانستان والعراق وغيرهم, من
تأثير المسلمين على الهوية
الاوربية؟ فما الذي يقوم به
المسلمون في الغرب المحاصرون
إعلاميا والمراقبون امنيا من
انشطة ونشاطات والتي اقلقت
الفاتيكان وازعجته؟
منذ
أسابيع معدودة بثت القناة
البريطانية بي بي سي فيلما
وثائقيا عن الفضائح الجنسية في
الكنائس الكاثوليكية
والاعتداءات المطولة والمزمنة
والتي قام ويقوم بها القساوسة
بحق الأطفال والذين يفترض في
الكنيسة أنها ترعاهم. الفيلم
كشف وبشكل موثق أن وباء
الاعتداءات الجنسية منتشر
وبشكل واسع وان الفاتيكان كان
يقوم ومن زمن بعيد بالتغطية عن
تلك الجرائم والتستر عليها ومن
الضحايا من الشكوى ومحاصرتهم.
بل إن بعض القساوسة المطلوبين
للقضاء يجدون في الفاتيكان
ملاذا آمنا من الملاحقات
القانونية. غير إن اخطر ما في
البرنامج الوثائقي كان في كشفه
أن البابا بنديكت السادس عشر
كان هو الرجل المسئول عن إخفاء
تلك الجرائم وإصدار المراسيم
والتي توصي بالتستر عليهت . أي
أن الرجل والذي هاجم نبينا محمد
صلى الله عليه وسلم مشارك من
الناحية الجنائية بالجرائم
اللاخلاقية بإخفائه تلك
الجرائم والتستر عليها حسب
مصادر التلفزيون البريطاني.
فهل
يلام من يقول أن الحرب المعلنة
هذه الأيام عسكرية كانت أم
إعلامية أم اقتصادية أم فكرية
هي حرب على الإسلام دينا
ومعتقدا ومنهجا وأسلوب حياة.
ومع كل التضييق والتشويه
والمحاصرة على الإسلام وأهله
ودعاه فإن الإسلام هو الدين
الأكثر انتشارا في الغرب بما
يملك من مقومات قوة ذاتية
وروحانية وسطية لا تخالف العقل
ولا تجافي الفطرة ولا تعاكس
المنطق. بل إن تصريحات البابا
ورجالاته فيها تعبير عن الإحباط
من الإفلاس والذي يعانونه على
الرغم من عظم الإمكانيات وإعراض
جموع الشباب والناس في الغرب عن
الكنيسة وأهلها في حين يشكل
الإقبال المتزايد على الإسلام
في هذه الظروف والهجمات الشرسة
ظاهرة عصية على الفهم إلا في
السياق الرباني والذي وعد
بالحفاظ على هذا الدين وبتمكينه
في الأرض ولو كره الكارهون.
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|