ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 04/08/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


ــ

هل أمريكا جادّة في مشروعها الديمقراطي ؟

بقلم محمد علي شاهين

اتكأت أمريكا مهندسة عمليّة الانقلابات العسكريّة في عالمنا العربي على الزمر العسكريّة التي انخرطت ضبّاطاً وجنوداً في خدمة الاستعمار الفرنسي والبريطاني، فربّاها على عينيه، ورعاها في معاهده العسكريّة، وكانت مطيّة للقوى الكبرى في هذه المنطقة الحسّاسة والغنيّة من العالم.

واستخدمتها أمريكا كمخلب قط لقلب الأنظمة الديمقراطيّة الهشّة التي خلفتها الحقبة الاستعماريّة، وكان أكبر خطأ ارتكبته الحكومات الوطنيّة بحق شعوبها: المحافظة على تلك المخلّفات البشريّة المريبة، وإدماجها في القوّات المسلّحة تحت دعوى الوحدة الوطنيّة وحماية حدود الوطن .

ومكنت أمريكا المتباكية على الديمقراطيّة المفقودة بالمال والسلاح للأنظمة الديكتاتوريّة المتعاقبة في هذا الشرق الأوسط الفقير والمتخلّف ذي القابليّة للاستبداد والاستعمار، والقابل للانفجار في كل زمان لأنّ أسباب النزاع والفوضى فيه متأصّلة، وكان أكبر دعم تلقته تلك الأنظمة من الولايات المتحدة: السكوت حتى الآن على جميع انتهاكات حقوق الإنسان، بما فيها الجرائم الفاقعة المعروفة لدى القاصي والداني، التي ترتقي إلى الجرائم ضدّ الإنسانيّة .

ورغم تصريحات كبار المسؤولين الأمريكيين في كل مناسبة، بأنّ إدارتهم جادة ومصممة على إحداث تغييرات لصالح شعوب منطقة الشرق الاوسط، فلا شيء يدل على حدوث تغيير حقيقي وملموس على السياسة الأمريكيّة في المنطقة .

وعلى العكس فقد أعطيت الأنظمة الديكتاتوريّة المسكوت عليها الفرصة للتكيّف مع شعارات التغيير والإصلاح، لتتخذ كافّة الاحتياطات الأمنيّة لحماية نفسها من قوى المعارضة، وترفع كفاءة مؤسّساتها القمعيّة لتضرب بضراوة أعداءها المتهمين بحماية أمريكا ورعايتها.

وجرت في هذه المنطقة المحرومة من العالم من نعمة اختيار الإمام الصالح والنظام العادل تعديلات دستوريّة في بعض الدول للالتفاف على الديمقراطيّة بطرق تلفيقيّة تقتقد الكثير من الحكمة والذكاء، وكرّس حزب السلطة الأوحد لقيادة الدولة والمجتمع إلى الأبد.

وجرت انتخابات زيّفت نتائجها على نطاق واسع، وكان الأساس القانوني الذي أجرت سلطة الجور الانتخابات على أساسه يفتقد الحد الأدنى من العدالة والمصداقيّة.

وكان الاختبار الأوّل لمصداقيّة ديقراطيّة أمريكا ما جرى في الضفّة والقطاع، من رفض نتائج الانتخابات الديمقراطيّة الحرّة والشفّافة، بسبب الفوز الكاسح لحركة المقاومة الإسلاميّة،

فسكتت عن اعتقال ممثلي الشعب الفلسطيني في سجون الاحتلال، وعن اعتقال رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني المنتخب، وعن تعطيل جلسات المجلس التشريعي، ولم تحتجّ على إقالة الحكومة الشرعيّة.

ومنحت أمريكا حكومة الطوارئ، ثم حكومة تصريف، الأعمال الغطاء الشرعي والدعم المالي، وهلّلت لمراسيم الرئيس عبّاس المنقوصة والمخالفة للاجماع الفلسطيني المتوافق عليه ولمّا يجف بعد حبر قرارات مؤتمر مكّة.

ولم تكن أمريكا معنيّة بحل عادل للقضيّة الفلسطينيّة التي اتخذها حكام المنطقة ذريعة لفرض القوانين الاستثنائيّة، ونهب الثروات الوطنيّة، لأنّ التعامل مع الديكتاتور المطيع أسهل من التعامل مع المجالس النيابيّة الحرّة.

ولم تتورّع أمريكا ـ التي تعلّقت بها قلوب أهل الشرق في الماضي ـ منذ أن أصدر الرئيس الأمريكي الثامن والعشرون (ولسون) مبادئه الأربعة عشر الشهيرة، التي نصّت بصراحة في إحدى موادها على حق الشعوب في تقرير مصيرها، عن دعم حكومات الطوارئ القائمة في العالم العربي واستمرار تدفّق مساعداتها للأنظمة المعمرة الفاسدة، وإقامة أوثق العلاقات مع قادة هذه الدول، واستقبالهم في البيت الأبيض كحكام أسوياء.

وتتعرّض مصداقيّة أمريكا في شمال شبه القارّة الهنديّة اليوم للاهتزاز، وهي تدعم حكومة الجنرال مشرّف الملوثة يداه بدماء آلاف الطلبة بجامعة حفصة، وتحويل باكستان المستقرّة الآمنة إلى جحيم، تحت دعوى محاربة الإرهاب والتطرّف، وكان على أمريكا أن تسمع نداء الحريّة في باكستان إذا كانت تؤمن بالديمقراطيّة، وأن تقف مع الشعب لا مع الديكتاتوريّة العسكريّة التي كانت وراء التخلّف والفقر والتطرّف في العالم الإسلامي.

ويخرج المتابع بنتيجة مفادها أن ما يقال عن نشر الحرية والديمقراطية والقيم الأمريكية السامية في منطقة الشرق الأوسط لا يتعدى كونه دعاية انتخابيّة أمريكيّة، موجّهة لمرضى القلب الأمريكيين والمغفّلين العرب.

ومبرّراً للتدخّل في شؤون المنطقة للتخلّص من الحكام الخارجين على بيت الطاعة الأمريكي، كما حدث في العراق، وتلويحاً بالتدخّل في شؤون كل من يخطر على باله التفلّت من حظيرة الراعي الأمريكي كما يحدث في المنطقة برمّتها.

ولو أرادت أمريكا فرض الديمقراطيّة على المنطقة لاستطاعت بما تملكه من وثائق، وفضائح، ومستمسكات، وأرقام حسابات، وملفات جاهزة عن انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان تدين المعنيين بانتهاك مبادئ الديمقراطيّة في منطقة واسعة محرومة من نعمة الحريّة، ودون الاستعانة بجيوشها الجرارة وعملائها.

ولكنّها لا تريد ذلك، لأنّ الديمقراطيّة كالماء بالنسبة للأرض العطشى، والماء حياة، وهي لا تريدنا أن نحيا حياة آمنة وسعيدة ومستقرّة.

ويتكرّر السؤال باستمرار هل أمريكا التي أغرقتنا منذ عهد الرئيس (ولسون)  حتى الذقون بأحلام الحريّة جادّة في مشروعها الديمقراطي في المنطقة ؟

أم أنّ مشروعها النظري القائم لا يعدو عن كونه خروجاً محدوداً على نص تقرير التنمية البشرية التابع للأمم المتحدة الذي وضعه عدد من المثقفين والخبراء العرب.

وهل تريدنا أمريكا أن نكل إليها مهمة استعادة الحريّة والديمقراطيّة، فننام في أحضانها غير ساعين لاستعادتها من مغتصبيها، وكأنّ الحريّة الحمراء لا تحتاج إلى يد مضرجة بالدم.

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ