ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 04/08/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


ــ

الديموقراطية بين السجال النخبوي والتشويه السلطوي !

د.نصر حسن

على امتداد أكثر من نصف قرن في سورية والمنطقة ,أثبتت كل الأحزاب والقوى السياسية والإجتماعية فشلها في تحقيق الجزء اليسير من برامجها وأهدافها ولم تنتج غير التخلف والإنقسام والتشرذم وكانت في أحسن حالاتها أداة طيعة في يد الإستبداد الذي طغى على تاريخ سورية الحديث , وأوصلها ضعفها إلى حالة من التشتت والضياع والحيرة في زمن التغيير السريع الذي تشهده المنطقة وبكل أسف بدون أي تأثير ولوجزئي في مسار الإحداث الحالية التي تهز سورية والمنطقة ,وقد تكون إحدى أهم أسباب الفشل هو أن كل القوى السياسية والإجتماعية بهذه النسبة أوتلك التي طرحت وتبنت التغيير فقدت الوسيلة الأساسية له وهي الديموقراطية ,التي تعرضت وتتعرض للتشويه  من النظام القمعي الديكتاتوري ومن القوى السياسية على حد سواء وساهم الإثنان معاً في تشويه الديموقراطية على مستوي العلاقة الداخلية والبينية والوعي العام في المجتمع ,وأنتج هذا التشويه خللاً في مقاربات العمل السياسي لأنها جميعها لعبت في مساحة واحدة ومباراة واحدة اتسمت بالعنف والفردية وعدم قبول الآخر.

 

وباسم التحرير والتصدي والدفاع عن مصالح الشعب وضع النظام السياسي الديموقراطية في قوالب نظرية متناقضة مع مفهومها ودورها ,وتعاملت النخب السياسية والفكرية والإجتماعية معها على أرضية الإنتقاء والموسمية وكأنها سلعة يحتاجها المجتمع اليوم ولاتفيده غداً ,وتعدد الخلط والتشويه بين ديموقراطية مركزية وثانية شعبية وثالثة اقتصادية ورابعة اجتماعية وخامسة دينية وسادسة  عددية وتطول التصنيفات, أدت بمحصلتها العامة إلى تغييبها أولاً وتشويه مفهومها ثانياً وسيادة الإنقسام والتباعد بين القوى التي يفترض أن تكون في صف واحد في مواجهة التخلف والتحديات الداخلية والخارجية , وأدى هذا التشويه بدوره إلى تشويهات طالت حتى قضية الديموقراطية نفسها ,وطالت الشعارات المرتبطة بها وعمت على نوعية العلاقات داخل القوى السياسية نفسها ومع بعضها ومع الشعب ومع النظام السياسي القائم ومع الدولة بشكل عام .

 

ولازال الفهم النخبوي لقضية الديموقراطية هجين ونظري وسجالي لأنه لاينطلق من فهم العناصر الأساسية للديموقراطية وبالتالي وقع في خطأ والتباس في المفهوم نفسه , ولازال يرى البعض أن الديموقراطية مفهوماً غريباً وغربياً نمى في شروط أخرى لم تتوفر لها في المنطقة ,ناسين أن الواقع بمحدداته المادية والتي تخص وسائل العيش والعلاقة مع الآخر والإنتاج والتبادل وكل أشكال  العملية الإجتماعية هو متشابه إلى حد بعيد من الحاجات الأساسية للإنسان وفي أهم عوامل نجاحه يعتمد على الحرية والتعددية والحرص على المصلحة العامة واحترام قيم المجتمع ككل ,وهذا في مقاربته العملية هو الديموقراطية نفسها أو أحد أشكالها حسب شروط كل مجتمع الثقافية والإجتماعية ومرحلته التاريخية وعوامل الصراع والتناقض فيها ووعي النخبة لها ووعي المجتمع بشكل عام .

 

وفي سورية والمنطقة العربية التي رفعت القوى السياسية كلها شعارات التحرر والتقدم هي بحاجة أساسية إلى الحرية الفردية والعامة وأكثر حاجة وضرورة إلى أن يتمتع الإنسان بحقوقه في المواطنة والعمل والعطاء ,وبالتالي لم تدرك أنها بحاجة للديموقراطية الفعلية أكثر من غيرها بحكم تراكم التناقضات السياسية والوطنية والإجتماعية والإقتصادية التي أخذت شكل أزمة عامة لايحلها سوى اتباع النهج الديموقراطي والتفاعل الإيجابي بين مكونات المجتمع ككل لحل جملة ضخمة من التناقضات وتحقيق أكثر منها من الأهداف والتطلعات ,ولم تدرك النخبة التي لعبت الدور الكبير في التأسيس لعملية الوعي العام في المجتمع إلى أهمية  المعنى الشمولي في الحاجة للديموقراطية ولم تدرك أخيراً أنه لاتحرير ولااستقلال ولاإنتاج ولاإبداع ولاكرامة ولاتطور ولاتقدم في شتى مجالات الحياة بدون حرية أي بدون ديموقراطية.

 

وعليه لعبت النخبة دور سلبي للغاية في تشويه مفاهيم الحرية والديموقراطية بل وفي تشويع عملية الوعي العام للمجتمع وبالتالي أنتجت كل هذا الخلل الذي تعاني منه الحياة السياسية في سورية , لأنه بدون امتلاك الوعي الصحيح لحاجات الإنسان وحقوقه ومصالحه لايدرك حريته والحاجة إلى الديموقراطية لتجسيدها بشكلها العملي المباشر , لذلك وتأسيساً على الوعي المتخلف والفئوي للديموقراطية برزت التعقيدات وزادت الأزمات بدل حلها والإنقسامات بدل التوحيد وتجميع الطاقات باتجاه رسم طريق التقدم وغاصت النخبة ومعها المجتمع في تعقيدات وأزمات لها أول وليس لها آخر, عمقها الإستبداد لإضعافها وضمان استمراره وتغطية فشله في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية, وأدى غيابها كتحصيل حاصل إلى زيادة المعاناة والفقر والتخلف والتهميش ودفع الشعب بالنتيجة  من استقراره ووحدته وتقدمه ثمناً باهظاً لهذا الفهم النخبوي المشوه والسلطوي المشوه , وعليه مطلوب من القوى والنخب السياسية والفكرية التي تتصدر عملية التغيير العمل على تصحيح الوعي في مفهوم الديموقراطية وإعادة الإعتبار لها ولدورها في الخروج من الأزمات الراهنة التي تعاني منها سورية والمنطقة بشكل عام.

 

والخلاصة : إن أولى خطوات التصحيح هو دفع كل أشكال العمل السياسي والعلاقات الإجتماعية إلى ساحة العمل الديموقراطي العلني واعتباره الأساس الذي ينتج الشعب عن طريقه بكل حرية ونزاهة وضمن وعاء قانوني ديموقراطي من يمثله سياسياً ,والخطوة المؤسسة لهذه البداية هو القناعة الفعلية والتاريخية بالتعددية السياسية بمايعني حرية تشكيل الأحزاب وحرية عملها ونشاطها العام أولاً , وهذا يتطلب بالضرورة المنطقية التساوي في حق المواطنة الذي يضمن الحرية الفردية والعامة أي ضمان الحريات الأساسية للإنسان ثانياً ونبذ العلاقات العصبية والطائفية والشوفينية والوصاية بالعلاقة مع الآخر وإحلال العلاقات المدنية وهذا يتطلب قوانين ومؤسسات وقيم الدولة المدنية ثالثاً, والمعبر الأساسي عن الإيمان بالديموقراطية هو طبيعة العلاقات التي تتحكم في بنية القوى السياسية الداخلية وعلاقاتها مع الأطراف الأخرى وعلاقتها المتبادلة مع الدولة رابعاً والتناغم مع الواقع ضمن هذه المنظومة من القيم والقوانين وعدم الإستسلام مرةً أخرى إلى النظرية والتجريد الذي يجعل من الهدف الواقعي وهماً أوحلماً وبالتالي عائقاً أمام المجتمع وتطوره وتقدمه خامساً وأخيراً.

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ