ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 05/08/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


ــ

حال الأمة بين خطر التفرد الأمريكي والأطماع الإقليمية

بقلم زياد أبوشاويش

Zead51@hotmail.com

 ربما تصبح الصياغة أكثر يسراً لو تناولنا الأمر باعتباره هماً قومياً يخص العرب جميعاً ، وليس شأناً قطرياً تنفرد بحمله دولة عربية دون أخرى ، فغني عن القول أن ما يضعف الجزء يضعف الكل ، وربما يميته ، والعكس صحيح بصورة كلية، وحتى في ظل استمرار مفاعيل سايكس بيكو فان ما يجمع هذه الأمة يعلو على مصالح وأوهام الدولة القطرية وتفرد حكامها بإدارة شؤونها بعيداً عن تطلعات وأحلام جماهيرنا التواقة لوحدتها وانتصارها في معركة الدفاع عن مصالحها ضد الأخطار الخارجية والأطماع الإقليمية ، بل وكرامتها إن شئتم .

الأمن القومي .. ثغرات التشرذم وأخطار القطب الأوحد

إن مفهوم الأمن القومي في حالتنا العربية يعني حماية الجزء ارتباطاً بأمن الكل ، ومن هنا جاء الاهتمام العربي عبر المؤسسات الرسمية كما الأهلية بعلاج ظواهر الانشطار والتمزق والاحتلال والتمرد والإرهاب وغيرها من وقائع تنخر جسد الأمة وتلعب فيها أيادي خارجية وقوى لا تريد الخير لهذه الأمة ، وتطمع في السيطرة على مقدراتها ،بما في ذلك تراثها الثقافي والديني ، باعتبار منطقتنا العربية هي موئل الحضارات والقيم الانسانية العظمى ، والأديان السماوية التوحيدية الثلاثة الكبرى ، والمنطقة التي نزل بها كل الأنبياء بلا استثناء والتي تضم أجداثهم ، كما تحتوي على عصب الحياة العصرية ومخزون طاقتها الأكبر في العالم (النفط) .

إن عدم وجود سياسة دفاعية، ناهيك عن مفهوم موحد للأمن القومي وغياب التنسيق بين الدول العربية قد جعل منطقتنا أكثر منطقة في العالم تدفع من رصيدها بخسارة صافية نتيجة انهيار الاتحاد السوفيتي وسيطرة الولايات المتحدة الأمريكية وتفردها بالقطبية ونهاية زمن التوازن بين الإمبراطوريات الذي يعطي الفرصة لعالم أكثر أمناً وأكثر عدلاً . إن التغول الأمريكي بانعكاساته قد طاول في المقام الأول منطقتنا ،وقد جرى تسويقه عبر مجموعة من الممارسات المرسومة والموثقة في مراكز دراسات يهيمن عليها المحافظين الجدد والمعبر عنها بالفوضى الخلاقة التي تأخذ أشكالاً متعددة ونماذج مختلفة باختلاف ظروف ومكونات الدولة والمجتمع المقصود بالهيمنة الأمريكية ، فنراه في العراق يأخذ شكلاً يمزج بين الاحتلال الدموي المباشر، وزعزعة البنية المجتمعية وتمزيقها عبر سياسة الشحن الطائفي .

وفي لبنان يأخذ شكلاً آخر ، وهكذا في اليمن والسودان والصومال وغيرها من المناطق والدول العربية التي تعمل أمريكا على إلحاقها بأمنها القومي وجعلها جزء من مخدمات هذا الأمن بمعناه الاقتصادي والعسكري . والغريب أن أمريكا لا تخفي نواياها ولا خططها من أجل تحقيق هذا الغرض ، لسبب بسيط يتمثل في عدم وجود أي مكانيزمات دفاع عربية جمعية تحول دون تحولنا كأمة إلى مجرد خدم وأشباه عبيد عند هذه الدولة الإمبريالية بكل المعاني والمقاييس .

إن أخطر ما تقوم أمريكا بفعله في منطقتنا عند وضع يدها على أي ملف من ملفاتنا العالقة هو تلك المبررات والأعذار التي يجري تقديمها لتفسير وتشريع سلوكها العدواني وتصرفات ونشاط أدواتها وعملائها المحليين ، لتجد بكل أسف من يؤيد ويسوق تلك المبررات من بني قومنا ومن بعض وسائل الإعلام العربية والأجنبية بالإضافة لأنظمة عربية وحكومات أوروبية تنخدع بالأكاذيب الأمريكية أو تتلاقى مصالحها مع هذا التخريب المتعمد بهدف السيطرة وبسط النفوذ . والأمثلة في هذا عديدة فمن أسلحة الدمار الشامل في العراق ،حتى وجود القاعدة في الصومال ، مروراً بحقوق الإنسان في السودان ودار فور خصوصاً ، إلى أوهام الحرية والاستقلال في لبنان والدولة القابلة للحياة في فلسطين ، وغيرها من مقدمات تبدو وجيهة ومنصفة في مظهرها الخارجي ، وتحمل السم وبذور الانقسام في باطنها، واستخدامها كمقدمات للفوضى "الخلاقة" بما تتجسد فيه من حرب أهلية واقتتال طائفي ، وشلٍّ للحياة السياسية ولجم للتطور الديمقراطي بوجهه الوطني ،واستبداله بالانخراط في آليات السياسة الأمريكية بعنوانها العريض والخادع " مكافحة الإرهاب "، وغياب أي أفق لقرار وطني مستقل ، أو قومي يعالج مكامن الضعف والخلل لدينا ، وما أكثرها .

بداية صحيحة وتعثر لاحق

لقد نجح العرب وهم في بداية مرحلة التحرر والاستقلال في وضع معاهدة دفاع مشترك وتعاون اقتصادي بين بلدانهم عام 1950 في الإسكندرية بمصر ، فهل تم تفعيل هذه المعاهدة منذ ذلك التاريخ القريب من نكبة فلسطين ؟ وهل أثمر ذلك في حماية منطقتنا وأمتنا من الهيمنة الخارجية ؟ وهل نفعت تلك المعاهدة عندما احتجنا إليها بعد توقيعها لرفع الظلم عن بعضنا أوعدم التدخل في شؤوننا والاستئثار بمقدراتنا ؟ .

وهل نجح ميثاق التضامن العربي الموقع في الدار البيضاء (أيلول -سبتمبر 1956) في منع العقوبات والحصار عن العديد من الأقطار العربية كليبيا وسوريا وفلسطين والسودان وغيرها من الدول ؟ ... أليس ملفتاً للانتباه أن تتحول اهتمامات بعض الدول العربية لحماية أمنها القطري إلى عقد صداقات وتحالفات مع دول بعيدة ؟ وربما مع دول تشكل بسياستها المعلنة والمخفية أكبر الأخطار وأفدحها على هذه الدول بالذات وعلى الأمن القومي العربي بشكل عام .

أليس أمراً يدعو للتأمل لجوء ليبيا القذافي للفضاء الإفريقي أو هذا ما سماه الليبيون، مبررين سلوكهم بغياب الشقيق وزيف الانتماء؟ أليس ملفتاً ويدعو للتأمل والتفكير هذا التحالف المتين والمعلن بين سوريا وإيران وتفوقه على علاقات سوريا العربية مجتمعة ، ومن المؤكد أن عقد الصداقات بل والتحالفات هو أمر مشروع ، لكن يصبح الأمر مدعاة للتفكير والاستغراب عندما تكون هذه العلاقات لها أولوية على علاقاتها العربية ،وهي الدولة التي ترفع كليبيا شعار الوحدة العربية . إذن هناك مشكلة ما، وعلينا إيجاد الحل الصحيح لها عبر إعادة الاعتبار لمفهوم الأمن القومي العربي ، ورفض التدخل الخارجي في شؤوننا تحت أي شعار .

إن نموذج سوريا وليبيا نجده يتكرر في بلدان أخرى وبصور أكثر مأساوية وأوضح دلالة ، ذلك أن ضرب العراق وتسهيل احتلاله لم يتم فقط عبر القوة الأمريكية ، بل عبر تعاون العديد من الدول العربية مع الأمريكيين ، هذه الدول التي ترى في الوجود الأمريكي وانخراطها في منظومته الأمنية سنداً لاستمرار وجودها وحماية أنظمتها من أخطار تخترعها لخداع جماهيرها وتضع علاقتها مع الغزاة الأمريكيين كأولوية تعلو ما عداها من علاقات مع الشقيق والقريب .

محاور الخطر الخارجي

وبالعودة لرؤية الخطر الداهم في غياب التضامن العربي سنجد هناك محورين تتقدم فيهما هذه الأخطار والمصائب وهما الزحف الأمريكي والغربي عموماً على منطقتنا عبر الجيوش، والتدخل المباشر بالقوة وبالإعلام وبالدبلوماسية، وبحجم النفوذ الهائل الذي تملكه الولايات المتحدة، وفي ظل إدارة حمقاء، وسياسة الضربات الاستباقية، وما ذكرناه من فوضى خلاقة، إلى آخر سلسلة التدابير التي تتخذها الإدارة الأمريكية . هذا الزحف الذي يطال العراق بوابتنا الشمالية ودرع الأمة التاريخي ، وتواجد القوات الأمريكية والقواعد في كل مكان من وطننا العربي ،واستخدام سياسة العصا والهراوة وليس العصا والجزرة في تطويع كل قوى الممانعة في المنطقة ، وفي عقد التحالفات وخلق الخلافات والتناقضات بين دول المنطقة لتسهيل تدخلها وسيطرتها .

والمحور الثاني الأطماع الإقليمية التي تتمظهر في سلوك إيران الملتبس تجاه جملة من القضايا الحساسة والخطيرة لأمن المنطقة وبعض دولها ، فعلى سبيل المثال كيف يمكن تفسير الموقف الإيراني تجاه الاحتلال الأمريكي للعراق ؟ وكلنا يعلم أن هذا الاحتلال ما كان سينجح بهذه الطريقة لولا المساعدة المباشرة وغير المباشرة التي قدمتها طهران لهذا الغزو، وربما يفسر هذا السلوك تاريخ دموي طويل بين العراق وإيران، كما يفسر طموحات إيران في عودة سيطرتها القديمة على العراق يوم كان تحت الولاية الفارسية، وبعدها يوم أن كانت بغداد تدار من خراسان أثناء خلافة المأمون في العصر العباسي .

إن دعم طهران لحكومة المالكي صنيعة أمريكا في العراق ، وامتناع رجال الدين فيها عن إصدار فتوى تلزم الطائفة الشيعية بالقتال ضد الاحتلال لا يمكن تفسيره سوى بما ذكرناه حول الأطماع الإيرانية في العراق ، كما أن الدعم الذي تقدمه طهران لجماعة الحوثي الخارجة عن القانون في اليمن يمثل شكلاً آخر من التدخل الفظ لزعزعة الاستقرار في المنطقة ومن أجل تعزيز دور إيران ونفوذها الإقليمي . إن تغليف هذا السلوك لدى الأمريكيين يرتكز على دعاية مفادها أن هؤلاء سواء في العراق أو في اليمن إنما يناضلون من أجل حقوقهم المشروعة في المشاركة ونيل المكانة التي يستحقون ، وهو كلام ربما يكون صحيحاً في مجمله ، لكنه كلام حق يراد به باطل ، لأنه يستخدم ذريعة ومبرر لضرب وحدة هذين البلدين وتأبيد الخلافات بين أبنائهما وتعبيد الطريق أمام تدخل خارجي وإقليمي ضار بالبلدين وبعموم الأمة العربية .

ظواهر متناقضة وإضافات ضرورية

إن الدعم الذي تقدمه إيران لسوريا ولحزب الله وللمقاومة الفلسطينية أمر لا يمكن إنكاره ، وهو أمر يخفف إلى حد كبير من شكوك البعض في النوايا الإيرانية ، لكنه لا يسوغ لها ما تفعله بالعراق أو اليمن ، ولا يجعلها بريئة من جريمة احتلالها للجزر العربية في الخليج . كما أن سعيها لامتلاك السلاح النووي لا يرافقه سياسة تنسيقية واضحة مع الدول العربية التي ستكون أول المتضررين من وجود مفاعلات نووية قريبة من حدودها ولأغراض عسكرية .

إن حق إيران في امتلاك القنبلة النووية ربما سيجد أغلبية عربية شعبية تدعمه ولأسباب معروفة ومنطقية وعادلة ، لكن هذا يجب أن لا يكون من أجل مزيد من اكتساب النقاط على حساب امتنا في معادلة صراعها مع أمريكا البعيدة جداً عن الحدود الإيرانية وللمزيد من بسط النفوذ هنا بالذات وليس لردع العدو الصهيوني .

إن الخطر الآتي من دول إقليمية مجاورة لا يتقدم فقط من جهة الشمال الشرقي للوطن العربي ، بل من كل اتجاه ، فهناك إثيوبيا واحتلالها للصومال وهناك تشاد ومشاكلها مع السودان وهناك الأخطر وفي قلب الأمة ( إسرائيل ) والتي تجهر الولايات المتحدة الأمريكية بمساندتها المطلقة وحرصها على بقاء الكيان الصهيوني متفوقاً على مجموع الدول العربية عسكرياً .

ولفهم السياسة الأمريكية لابد أن نعود قليلاً للوراء ، ففي تصريحات وزير الدفاع الأمريكي الأسبق "هيج" عام 1981 يقول : " إن نظرتنا الاستراتيجية العريضة إلى منطقة الشرق الأوسط ، تلحظ الصلات الوثيقة القائمة بين هذه المنطقة والمناطق المجاورة ، أي أفغانستان وجنوب شرق آسيا وشمال إفريقيا والقرن الأفريقي والبحر المتوسط والمحيط الهندي . كما أننا ندرك أن عدم الاستقرار في إيران يمكن أن يؤثر على احتمالات السلام في المنطقة . إن عروضنا لتعزيز أمن السعودية هو ركن أساسي في سياستنا الشرق أوسطية ، وصداقتنا مع السعودية لا ترتكز فقط على دورها كمزود للنفط بل كشريك أساسي في مصالحنا الأوسع مدى " . ثم يضيف : " إننا نلحظ أمن إسرائيل في أي اتفاق مع العرب والسعودية بالإبقاء دوماً على تفوقها النوعي " . إن حديث "هيج" السابق شديد الوضوح والدلالة وهو يكمل الحلقة الجهنمية للسلوك الأمريكي وسياستها المتبعة اليوم في المنطقة . وفي المخاوف والنزاعات البينية تلعب الولايات المتحدة وإدارتها المحافظة دوراً رئيسياً في توتير الأجواء بين الدول العربية وبينها وبين محيطها الإقليمي بهدف تعزيز السيطرة وتعبيد الطريق لتدخلها بما يخدم مصالحها غير المشروعة في المنطقة ، أيضاً لتعزيز تبعية بعض الأنظمة لسياستها الكونية بتوجهها الإمبراطوري الاستعماري .

مسائل عالقة وخلاصة مهمة

ربما لم نتطرق بشكل كاف للمعضلة الفلسطينية والخلاف الأخير بين حماس وفتح والنتائج الكارثية للصراع الذي احتدم الشهر الفائت في غزة وأدى إلى سيطرة حماس على مقاليد الأمور في القطاع ، وهو الصراع الذي نتج أيضاً عن تدخلات خارجية وإقليمية باتجاهات سلبية ، سواء بالحصار الغربي بقيادة أمريكية ، أو بتحريض إقليمي لحلفاء مفترضين في الساحة الفلسطينية ، وجد له تعبيرات حادة وخطرة على مستقبل القضية المركزية للعرب . وبالتأكيد فان ما وقع ويقع الآن ليس مرتبطاً فقط بالعامل الخارجي الدولي والإقليمي ، لكن لا شك أن هذا التدخل كان أحد العوامل الرئيسية في انفجار الوضع الفلسطيني بهذه الطريقة الدموية غير المسبوقة . كما أننا لم نرصد بشكل كاف الوضع اللبناني الحرج والخطير والمربك على أعتاب استحقاقات داخلية هامة وحساسة كما الاستحقاقات الخارجية المسيئة لوحدة هذا البلد وصموده. وهنا بالذات فان العامل الدولي والإقليمي يلعب الدور الرئيسي في تأجيج الصراع والدفع لأقصى حالات الشد فيه، مما قد يسبب في انفجارات ومعارك لن تفيد سوى أعداء لبنان والعرب ، وستؤثر على مجمل الخارطة السياسية في منطقة بلاد الشام .

ونرى أن المسألة الفلسطينية واللبنانية تستحقان مقالاً منفرداً كدليل على خطر التدخل الخارجي والإقليمي في منطقتنا العربية ، وطرق الخروج من هذه الدائرة التي تضعنا فيها سياسات عرجاء ورعناء وتابعة . وربما يقربنا من هذا العلاج توضيح ما أوردناه حول مكمن الخطورة في دائرة الأطماع الخارجية والإقليمية التي تحيط بنا من كل جانب ، فهل من يفكر في الحل ؟

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ