ــ
ومضات
محرّضة :
المأساة
السورية ..
مَن
يبكي فيها، ومن يرقص ، ومن ينظر
ببلاهة !؟
عبدالله
القحطاني
1) حين يموت شخص ما ، في حيّ ، أو
قرية ، أو قبيلة .. تختلف مواقف
الناس ، حول تأثير موته ، في
حياتهم :
• بعض
الناس يحسّ بعظَم المصيبة ،
ويحسّ بأن ظهره قد كسِر( حسب
أهمّية الفقيد ، بالنسبة لكل من
هؤلاء !) ، ويبكي بحرارة ، أو
يتفجّع بمرارة ، وينظر في حاضره
البائس ، ومستقبله الذي يراه
مظلماً ، بغياب الفقيد ، ويَحار
في أمره ، وفيما يفعل..! وغالباً
مايكون هؤلاء ، مِن أهل الفقيد
الأدنَين العقلاء ، الذين
يعرفون كيف يفكّرون بالحال
والمآل! وإذا كان الفقيد ذا
أهمّية وشأن ، في المسائل
الاجتماعية ،أوالسياسية ، أو
الثقافية ، أو العلمية ، أو
التربوية .. أحسّ بعض الناس ،
الذين يعرفون أهمّيته ، وتأثير
فقده ، بفراغ يتناسب مع حجم
الفقيد ، وباشروا بالنظر فيمن
يخلفه ، في موقعه، أو في المهمّة
التي يمكن أن يؤدّيها ، ممّا كان
الفقيد يؤدّيه في حياته ! وقد
يكون الفقيد على مستوى قرية ، أو
محافظة ، أو على مستوى الوطن كله
، في المجال السياسي ، أو
الاجتماعي ، أو الثقافي ، أو
العلمي ..!
• وبعض
الناس يرقص فرحاً ، لغياب
الفقيد ..! وهؤلاء أصناف شتّى ،
منهم :
- أعداء الفقيد ، وحاسدوه ،
ومنافسوه .. من الغرباء ، وربّما
كان بعضهم من الأقارب!
- الأطفال والبـُله في أسرة
الفقيد ، الذين يرون اجتماع
الناس من حولهم ، واهتمامهم بهم
، وحدبَهم عليهم ..! وقد يحصلون
منهم على بعض الهِبات الصغيرة ،
من حلويات وألعاب .. تطييباً
لخواطرهم ، ومعالجة لنفوسهم
المجروحة ، بخسارة فقيدهم !
فيصير المأتم ، لدى هؤلاء
الأطفال والبله ، عيداً سعيداً
، مفعما بالفرح والسرور..
والمأكولات الشهيّة والهدايا !
* وبعض الناس قد ينظر ببلاهة ، أو
عدم اكتراث ، إلى الأمر، لأنه
لايعنيه ، من قريب أو بعيد !
2) هو ذا حال سورية ، وطناً وشعباً
:
- إن مصيبة الشعب السوري ، بهذا
الحكم الشاذّ المدمّر ، يصعب
تخيّلها ، أو تخيّل وقعِها، على
نفوس العقلاء ، من أبناء هذا
الشعب وقلوبهم ..! فلمْ تترك هذه
الزمرة الحاكمة ، شيئاً في
البلاد ، إلاّ استباحته ، من
دماء بشرية ، وأموال ، وكرامات ..
ومن ثروات وطنية ، ومن قيَم
وطنية وإنسانية ! فلم يسلم من
عبثها جيش ، ولا قضاء ، ولا
تشريع ، ولا تربية ، ولا تعليم ،
ولا ثقافة ، ولا تاريخ ! وأخيراً
.. جاء دور العقيدة ، التي
استبيحت جهاراً نهاراً ، من قبل
المبشّرين الفرس ، بحماية رسمية
صارمة ، من أجهزة الأمن ! إنها
مأساة تقصم ظهور الجبال ! هكذا
ينظر إليها عقلاء الشعب السوري
، الذي يعرفون معنى الوطن ،
ومعنى الكرامة ، ومعنى استباحة
الأوطان والشعوب ، من قبل
عصابات الإجرام .. أياً كانت
جنسياتها ، وأياً كان انتماؤها
، وأياً كانت شعاراتها !
- أمّا الصِبية والبله ، فينظرون
إلى الأمر من زاوية ما يحصلون
عليه ، من منافع هزيلة ، كالمال
الحرام ، والمنصب الخادع الزائل
، و نحو ذلك ، ممّا يغرَى به ضعاف
النفوس والعقول !
- أمّا الآخرون ، الذين لايعرفون
ماذا يجري في سورية ، فينظرون
إلى الأمر ببلاهة، أو عدم
اكتراث ..! وربما نظر بعضهم
مستغرباً ، إلى مايحسّ به
العقلاء السوريون ، من عظم
المصيبة ، ووجّه إليهم اللوم ،
لأنهم لم يحسنوا التعامل مع
صنّاع الكارثة المستمرّة في
بلادهم! بل ربّما وقف بعض هؤلاء
البعيدين ، موقف الفيلسوف
السياسي ، الذي يَسمع شعارات
الزمرة الحاكمة ، ويعجب من موقف
المعارضة ، التي لاتتجاوب مع
هذه الشعارات ، ولا تصفّق لها!
مع أنها آخر الشعارات التي
تردّد في (ساحة النضال القومي..
بين المحيط والخليج!).
وحسبنا الله ونعم الوكيل !
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|