ــ
إسرائيل
لا تقرأ صحفنا ولا "تترجم"
تصريحاتنا
عريب
الرنتاوي
يبدو أن أحدا في
إسرائيل لا يكترث بما نقوله في
عمان نفيا أو تأكيدا، وربما لا
أحد هناك يتابع حواراتنا
الوطنية الساخنة حول
الفيدرالية والكونفدرالية، أو
"يترجم" ما يقوله الناطق
الرسمي باسم الحكومة كل أسبوع
حول مسألة إرسال قوات أردنية
إلى الضفة الغربية، فكل يوم
تقريبا نقرأ في صحف تل أبيب
تصريحات أو تسريبات منسوبة
لرئيس الحكومة أو كبار
المسئولين الإسرائيليين
يقترحون فيها إرسال قوات أردنية
إلى الضفة، أو يبادرون لصياغة
علاقة ما بين الأردن وفلسطين
مستقبلا، أو يفصلون دورا أردنيا
على مقاس نظرية الأمن
الإسرائيلي في آخر صيغها
المزيدة والمنقحة.
اللافت في الأمر،
أن هذا الحديث أخذ ينتعش مؤخرا
ويتكاثر كالنبت الشيطاني على
إيقاع مبادرة بوش والاجتماع
الدولي في الخريف المقبل، ومع
ارتفاع وتيرة التكهنات بشأن "الأفق
السياسي" الذي توافقت بشأن
أهميته السيدتان رايس وليفني،
وهو التعبير الذي جرى على كل
لسان وحل محل كل الأقوال
المحددة من نوع إنهاء الاحتلال
وإقامة الدولة الفلسطينية
المستقلة وعاصمتها القدس
الشرقية.
أما الجديد في
الأمر، فيتعلق بالتسريبات
الإسرائيلية عن قبول بعض "مقربي"
أبو مازن بشكل من أشكال الخيار
الأردني أو صيغة من صيغ
الفيدرالية والكونفدرالية،
لكأن أمرا كهذا يمكن أن يبحث في
معزل عن صاحب العلاقة المباشر
أو على الأقل أحد الشريكين
الأساسيين في "رقصة التانغو"
المقترحة: الأردن.
كنا دائما نقول أن
التسوية السياسية التي تقترحها
إسرائيل على العرب هي حصيلة
التفاوض بين الأطياف
الإسرائيلية المختلفة، وليس
حصيلة المفاوضات العربية
الإسرائيلية، وكنا دائما نقول
أن اختلال توازنات القوى في
المنطقة، لا يجعل المفاوض
العربي أو الفلسطيني مؤهلا
لانتزاع حقوقه كاملة حتى لا
نقول فرضها على الجانب الآخر،
وها هي إسرائيل تبلور مبادرتها
السياسية الجديدة على مقاس رؤيا
بوش وكتاب الضمانات (أبريل 2004)
والخطر الديمغرافي، فتكون
النتيجة: استعداد للانسحاب من
"أراض متنازع عليها" وليس
من "الأراضي المحتلة"،
العاصمة الموحدة خط أحمر وكذا
الكتل الاستيطانية، إسقاط حق
العودة كمتطلب أولي للشروع في
صفقة السلام، وأخيرا ومن باب
إرضاء أفيغدور ليبرمان وتبديد
قلقه الديمغرافي، سيتعين ضم بعض
مناطق المثلث والجليل ذات
الكثافة السكانية العالية إلى
الدولة الفلسطينية العتيدة،
التي ستتبع بدورها الأردن وفقا
لصيغة من الصيغة.
لست أقترح أن "نفرّغ"
الناطق الرسمي للرد على كل
تصريح أو "تسريبة" تنشر في
صحف إسرائيل، ولا أن نتعامل مع
هذه المواقف والأطروحات كقدر لا
راد له، فالمطلوب يتعدى ذلك إلى
الحذر من مغبة ما يرسم للمنطقة،
وتحديدا للأردن وفلسطين، من
بدائل وسيناريوهات مستوحاة من
مناخات الهزيمة وتفشي المخاوف
والانقسامات الداخلية، وتزايد
اللعب بالفزاعات المحلية
والإقليمية.
ما نقوله يفترض
التنبه لأهمية بناء الجبهات
الداخلية لا إضعافها وتفكيكها،
والسعي لتوحيد الخطاب المتصدي
لهذه المخططات طالما أن القناعة
بخطورتها يمكن أن تكون قاسما
مشتركا أعظما بين جميع
الاتجاهات والتيارات، وتجاوز
الحسابات والمعارك الصغيرة
التي لن تقدم أو تؤخر حين نجد
أنفسنا وجها لوجه أمام لحظة
المواجهة مع الغطرسة التوسعية
والعنجهية العدوانية للدولة
العبرية.
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|