ــ
سورية
في الولاية الثانية إلى أين ؟ (7-8)
قبرصة
القضية الفلسطينية !
د.نصر
حسن
أولاً - تشويه صورة
المقاومة !
مع انسحاب قوات
الإحتلال من الأراضي اللبنانية
عام 2000 ومارافقها من شعور
بالنشوة المباشرة من قبل حزب
الله وغير المباشرة من قبل بشار
أسد شخصياً , وماعكس ذلك من
ازدياد شعبية الحزب ليأخذ
طابعاً وطنياً , جاء دور النظام
السوري بنقله من موقع الوطنية
التي هو فيها إلى موقع الوكيل
العسكري المباشر في لبنان
وخارجه , وتم تسهيل دخوله إلى
الساحة الفلسطينية الداخلية
ليزيد الأمور تعقيداً وتشابكاً
وفوضى وليطبع المقاومة
الفلسطينية بصفات يسعى لها
النظام السوري والقوى الإقلمية
والدولية إلى لونها الجديد
لإعطائها مصداقية في الحرب على
الإرهاب , وبشكل أكثر مباشرة نقل
الصراع الفلسطيني من إطاره
التحرري الوطني المقاوم إلى
واجهة دينية وبالتالي أصبح
الصراع ليس بين احتلال وأصحاب
حق بقدر ماهو صراع بين متطرفين
من كل حدب وصوب , وجاءت حرب تموز
2006 لتضيف استعصاء جديد إلى
الوضع الإقليمي , رغم حجم
البطولة والأداء والتضحيات
التي حققها حزب الله ومعه كل
اللبنانيين , ضغط النظام السوري
باتجاه سرقة النتائج وتصوير أنه
هو المنتصر وعمل جاهداً إلى
استخدام نتائجها فئوياً لجر حزب
الله من موقع المقاومة إلى موقع
النزاع الداخلي وتفتيت الوحدة
الوطنية اللبنانية , ونقل ساحة
الصراع إلى شوارع بيروت
والمؤسسات الحكومية مما أدى إلى
شلل الحياة السياسية العامة في
لبنان, وتقسيمه سياسياً
واجتماعياً وأهلياً , وهذا
بالضبط مايريده الحلف السوري
الإيراني من خلخلة وفراغ حكومي
وسياسي للسيطرة على مفاصل
المنطقة المهزوزة وسحب الصراع
إلى مستواه الإقليمي , والضغط
على القوى الدولية التي دخلت هي
الأخرى الساحة الإقليمية بشكل
مباشر , ترافق مع الإهتزاز في
اللافتات الدولية التي رفعتها
في المنطقة وانتقل الصراع من
مسار الإنتصار وبناء
الديموقراطية وتعزيز حقوق
الإنسان وحل قضية الشعب
الفلسطيني إلى صراع بين
استراتيجية إيرانية وأخرى
غربية إسرائيلية على حساب شعوب
المنطقة واستقرارها , والذي
يجري في فلسطين من شقاق وانشقاق
واقتتال واختلاف على أساسيات
المصلحة الوطنية الفلسطينية
اليوم هو بشكل أساسي من صنع
النظام السوري أولاً والإيراني
ثانياً والضعف والوهن في النظام
العربي ثالثاً والنظام الدولي
الجديد الفاقد لكل أسس النظام
والعقلانية رابعاً وأخيراً.
ثانياً - حشر القضية
الفلسطينية بالحرب على الإرهاب!
معروف أن النظام
السوري ماقبل استلام بشار أسد
أنه مسجل على قائمة الأنظمة
التي تدعم وترعى الإرهاب في
العالم , ومع كون العلاقة
السورية الأمريكية كانت تسير
ضمن توافق حول مشاكل المنطقة
الإقلمية لعقود ,إلى أن جاءت
أحداث 11 سبتمبر 2001 الكارثية
لتضع النظام السوري في مأزق
مباشر مع السياسة الأمريكية
الجديدة والحرب على الإرهاب ,
ولتجنب النظام السوري أن يحسب
على قائمة الدول التي تدعم
الإرهاب باشر باستباق
الأحداث وعرض على الجانب
الأمريكي بعد الهجمات مباشرةً
تقديم المعلومات الإستخباراتية
حول "القاعدة" والجماعات
الإسلامية المعتدلة والتي
فوجئت بها وبمستوى التنازل من
النظام السوري واستعداده
للتعاون غير المحدود , وقدم
الكثير من المعلومات حول
التنظيمات المختلفة وصورها على
أنها متطرفة ومعادية لأمريكا ,
محاولاً تحييد واشنطن على أقل
تقدير إذا لم يتمكن من كسب ودها
ورضاها, "وكانت المعلومات
التي قدمها النظام السوري قد
فاقت كل توقعات الجانب الأمريكي
من حيث الكمية والنوعية " ,
وبنفس الوقت كان النظام السوري
يعمل في الخفاء على تشكيل
تنظيمات ذات طبيعة متطرفة
ملتحية ليوحي بأنها بهذا
الشكل أو ذاك امتداداً للقاعدة
ويعرض خدماته على القوى
الخارجية للسيطرة على هذه
التنظيمات المنتشرة على الساحة
الإقليمية وخاصة ً في سورية
ولبنان وفلسطين والعراق , بمعنى
آخر حشر القضية الفلسطينية في
دائرة الحرب على الإرهاب
وملاباساتها وتداخلاتها
الإقلمية والدولية , وشكل إساءة
كبيرة للثورة الفلسطينية وحزب
الله والمقاومة , ينتظر النظام
السوري قبض ثمنها عداً
ونقداً بتخفيف الضغط الدولي
عليه واستمرار الحوار معه
وتبديل الموقف منه من حملات
تغييره إلى تهذيب سلوكه على
الساحة الإقلمية وتحريك
المفاوضات على المسار السوري
بضغط الفوضى الشاملة التي
تعصف بالمنطقة.
ثالثاً - عرقنة
القضية الفلسطينية على طريق
بلقنة المنطقة !
لعل ماشهدته غزة من
صدامات مسلحة وصراع بين الأطراف
الفلسطينية أدى بمحصلته إلى شق
الصف الفلسطيني وشق حكومة
الوحدة الوطنية وإسقاط اتفاق
(مكة المكرمة ) بين جهازي السلطة
( الرئاسة ومجلس الوزراء )
وماتبعه من تفكيك أجهزة السلطة
على أساس تقسيمي مابين حماس
وفتح ولأول مرة في تاريخ القضية
الفلسطينية تنحدر الفصائل
الفلسطينية إلى الإقتتال
الدموي تحت الإحتلال بمحصلته
العامة أساء لحركة التحرر
الوطني الفلسطينية وأظهرها
بمظهر العجز عن أداء واجباتها
تجاه الشعب الفلسطيني وأهدافه
وانحرافها إلى الصراع على
السلطة والمواقع والمكتسبات في
ظل الإحتلال ,ولعل هذا هو
الجزء المكمل للصورة في لبنان
حيث الدولة مشلولة والشرعية
محاصرة , وفي سورية أصبحت
الفصائل الفلسطينية مرهونة
كلياً بقرار النظام السوري
الإيراني وحاجتهم إلى أدوات
يديرون بها صراع إيران
الستراتيجي في المنطقة .
خلاصة القول أن
النظام السوري في ولايته الأولى
عمل على تقطيع أوصال الفصائل
الفلسطينية وتدجينها وحصرها في
المسار الإيراني والدولي عبر
مستويين : الأول وصمها بالتطرف
والإرهاب وبالتالي فقدت
شرعيتها الدولية وأصبحت
ملاحقة ومحاصرة والثاني زجها
ميدانياً في لبنان وفلسطين
والعراق على أنها تنظيمات
متطرفة وبالتالي نقل الصراع كله
من مستواه الوطني إلى مستوى
عصابات مأجورة حرص على أن تكون
كل مسمياتها فلسطينية أو
مشتقة منها ( فتح الإنتفاضة / فتح
الإسلام / جند فلسطين / جند الشام
...) وتفريخات النظام السوري
الإيراني التي ساهمت في تفتيت
القضية الفلسطينية وإهانة
الشعب الفلسطيني وحصاره ووقف
المساعدات والدعم العربي
والدولي له وتركه تحت مطرقة
الإحتلال وفوضى النظام السوري
الإيراني وسندان الإحباط
واليأس والفقر وفقدان مشروع
مستقبلي واضح الأفق .
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|