ــ
هل
إعداد القوّة المستطاعة ،
ورباط
الخيل الذي يرهِب العدوّ فيردعه..
مقصوران
على الصراع المسلح !؟
ماجد
زاهد الشيباني
لابدّ من طرح هذا السؤال ، بين
يدَي كل نوع من أنواع الصراعات ،
غير المسلّحة !( أمّا الصراعات
المسلّحة ، الواجب فيها ردع
العدوّ ، بإظهار القوّة له،
كيلا تحدّثه نفسه بالعدوان..أمّا
هذه الصراعات ، فأمرها واضح
معروف ! وقياس الصراعات الأخرى ،
في هذا السياق ، إنّما يكون على
هذه الأنواع من الصراعات!).
فإذا كان الجواب على هذا السؤال ،
بالإيجاب .. صحّت نظريّة (المرعوبين)
الذين يتحاشَون كل حوار فكري ،
أو عقَدي ، جادّ ، أو ساخن ..
مخافةَ أن يَجرّ إلى مشكلات ،
فردية أو جماعية ، سياسية أو
عقَدية أو فلسفية ، داخلية أو
خارجية..! متذرّعين بذرائع شتّى
، منها على سبيل المثال :
•
ابعدْ عن الشرّ وغنّ له ! ( حتى لو كان الشرّ
يحاصِر القائل داخلَ بيته،
وليس ثمّة مجال للابتعاد
عنه ، قيدَ أنملة !). وهذا المنطق
نابع من رعب عميق ، واضح أو غامض
، كامن في أعماق صاحب المنطق !
وهو سمّ قاتل ، يسري في النفس
البشرية ، فيشلّ قدرتها عن
التفكير، لاعن مجرّد الحركة
والفعل ! وأخطر ما في هذا المنطق
، هو أن يكون قائله ، صاحبَ
قرار، في هيئة اجتماعية أو
سياسية ، أو في قبيلة ..! أو يكون
مجرّد صاحب رأي مسموع في محيطه !
(وليس الشرّ المقصود هنا ،
مقصوراً على القتل والقتال ، بل
هو شامل لسائر أنواع الشرّ، بما
فيها الكلام !).
•
ادّعاء الحكمة : كأن يقول القائل : ليس من
الحكمة فتح جبهة مع هذه الجهة
الآن ! أو: لا مصلحة لنا ( فردية..
أو جماعية ) في إثارة مشكلة
جديدة نحن في غنى عنها ! أو : إن
مهاجمة هذه الجهة الآن ، تفتّ في
عضد الأمّة ، وتضعفها ، ونحن
بحاجة إلى جمع الكلمة ، ووحدة
صفّ الأمّة ! ومعلوم ، بالطبع ،
أن الحكمة هي وضع الأمور في
مواضعها ، وهذا يقتضي معرفة (الأمور)
ذاتِها ، ومعرفة حقائقها ، كما
يقتضي معرفة (مواضعها) التي توضع
فيها ! وهذي وتلك لا تتحصّلان
إلاّ بالدراسة الجادّة
المتعمّقة ، مِن قِبل عقول
مؤهّلة للدراسة ! فما كل العقول
قادرة على تناول الأمور
المعقّدة، والوصول فيها إلى
نتائج صحيحة، ثم اقتراح حلول،
أو مواقفَ ، بناء على هذه
النتائج ..! وإلاّ ، لكان كل صاحب
عقل حكيماً، بالضرورة ، حتى لو
كان عقله قاصراً ، أو بليداً ،
أو ضعيفاً..! وبالإضافة إلى
العقل ، لابدّ من التجربة
والخبرة ، والتمرّس في دراسة
الأمور المعروضة للدراسة ! ودون
هذا كله ، يكون ادّعاء الحكمة ،
مجرّد ادّعاء فارغ ، ومتاجَرة
بحكمةٍ مجّانية ، لا تكلّف
صاحبها شيئاً ، سوى الثرثرة،
بلسان رشيق ، أو ثقيل ، أو عَييّ
!
ولعلّ من المناسب ، أن نذكّر هنا
، ببيت من الشعر، يحفظه كثير من
الناس ، وفيه من الحكمة
المناسِبة للسياق ما فيه ، من
تَبصرة وغَناء :
ووضْع النَدى في مَوضعِ السيفِ
بالعُلا
مضِرّ، كوضعِ السيفِ في
مَوضعِ النَدى
•
نموذج صارخ : ما يمارسه صفويّو إيران ،
وعملاؤهم ، وأتباع مذهبهم، في
العالم الإسلامي ، مِن منكرات
تشيب لها الولدان ، على مستوى
الترويج الواسع ، لعقائدهم
الفاسدة المنحرفة ، التي يصعب
وصفها بغير
الزندقة أو الضلال .. ثم ما
يمارسه هؤلاء القوم ، من تطبيق
حيّ ، عملي، على الأرض ،
لأحقادهم المزمنة ، ضدّ
المسلمين ، في العراق وفي
الأحواز.. وما يرتكبونه من
فظاعات تعجز عن تخيّلها شياطين
الإنس والجنّ..! كل هذه الأمور،
تَجد مَن يطالب بالسكوت عنها ،
وعدم الإشارة إليها ، مجرّد
إشارة ! لأن هذه الإشارة تَجرح
مشاعر القوم ، الصفويين..!
وبالتالي ، تؤدّي إلى شقّ الصفّ
الإسلامي ، وإضعاف وحدة
المسلمين التي أمرنا الله بها ،
وصرفِ جهود الأمّة الإسلامية ،
في صراعات جانبية هامشية عبثية !
ويظلّ هؤلاء الحكماء (المجّانيون!)
يثرثرون ، وينظّرون، حول وحدة
الأمّة الإسلامية ، وأهميّتها ،
وضرورتها ، وعدم الإشارة إلى ما
يضعفها..! وتظلّ وحوش الصفوية ،
تعيث فساداً في العالم الإسلامي
، من شرقه إلى غربه ، ومن شماله
إلى جنوبه ، دون أن تجد من يقول
لها : مَهْ ! وما يزيدها الصمت (الحكيم!)
عن جرائمها ، إلاّ مزيداً من
الإجرام، ظناً منها أن الناس
المحجِمين عن زجرها أو نهيها ،
غافلون ، أو مغفّلون، أو عاجزون
، أو جبناء خائفون منها ! ولو
سَمعتْ منهم ما يدلّ على حياة
لديهم ، أو وعي ، أو تنبّه لما
تفعل ، واستعداد لمقاومة فعلِها
.. لكفّتْ وارتدعت ، أو لخفّفت من
عبثها الإجرامي ، لأن له كلفة
سوف تدفعها..! وهذا يندرج تحت
قاعدة الردع ( الإرهاب) الواردة
في القرآن الكريم ، إلاّ أنه
إرهاب بكلام ، ضدّ عدوان بكلام (
التبشير الصفوي ) ! وهذا هو الحدّ
الأدنى ، للعاجزين عن ردع
العدوان الصفوي ، الفارسي
الإجرامي، المتمثل
بالقتل والخطف ، والتعذيب
والتمثيل ، والحرق والتهجير
والاغتصاب ، والعبث بالمصاحف
والمساجد..!
•
ونعود إلى السؤال : إذا كانت الخيل رمزاً
للقوّة المادية الرادعة ، في
الصراعات المادية المسلّحة ..
أفليس للصراعات الأخرى غير
المسلّحة، قوى رادعة مناسبة
لطبيعتها، كالألسنة والأقلام
في الصراعات الفكرية، والعقدية
، والسياسية ، والإعلامية ..!؟
•
وتبقى أسئلة قصيرة : في أيّة دائرة تصبّ
منافع الحكمة المجّانية ، التي
يصدّرها بعض حكماء الصفّ
المعتدى عليه ! وكم يمكن أن يبذل
العدوّ الشرس المتنمّر، من
المال ، ليزرع حكيماً واحداً من
هذا الطراز، في صفوف أعدائه !
وكم يمكن أن تخفّف كلمة (لا)
الزاجرة الرادعة ، من مآسي
الأبرياء ، ضحايا العقائد
الفاسدة ، الذين تُنهَب عقولهم
وقلوبهم، بحملات تبشيرية
محمومة ! ـ إذا عجزت (لا) هذه عن
إنقاذ الأجساد البشرية ، التي
تقطّع في غرف الموت ، على أيدي
فِرق الموت ـ !
•
وسبحان القائل : ومَن يؤتَ الحكمةَ فقد
أوتيَ خيراً كثيراً !
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|