ــ
للمرة
الثانية " بروستات "
مواطن
خَطَر على أمن الدولة..!؟
بدرالدين
حسن قربي
رغم
مضي قرابة أربعة عقود لحكم أسرة
الأسد الأب والابن فإن الرئيس
السوري منذ شهر وفي خطاب القسم
أمام مجلس الشعب أكد أن الأمن
كان ومازال هو أولوية النظام
الحاكم عندما لفت نظر سامعيه
إلى أنه يجب أن تكون الأولويات
واضحة.
من
أجل هذا كان القمع في شام ستان
فنوناً وألواناً، وجعلوا أعزة
أهلها أذلة، كما جعلوا عليها
تسعة عشر من أجهزةٍ أمنية
مختلفة في الأسماء هيبةً بين
جماهير الناس، وتخويفاً
وإرعاباً لهم، وهي في حقيقة
أمرها وحدة واحدة تعبر عن وحدة
هالوطن المنكوب قمعاً واستبداد
وفساداً ونهباً، فوحدة الأمن
تعني وحدة قمع ستان، فإذا راح
الأمن راح الوطن أي النظام.
ومن
ثم فليس غريباً أن نقتات يومياً
على أخبار من نوع " لاتفرح
ياقلبي " من همّ الوطن الصغير
والكبير المبتلى بأمراضٍ
وعاهاتٍ لاقبل له بها إلى هموم
جماهير الناس من الغلابى الذين
ابتلاهم ربي بهذه العاهات
العقلية والإعاقات الفكرية
التي تَعْتَبِرُ الوطنَ كأنه
مزرعة خاصة، والمواطنين
ومايملكون متاعاً وتركةً
ورثوها عن المرحوم.
قلت
في مقال سابق: يوجد مصطلح
شعبي سوري كثيراً مايرددونه
فيما بينهم بقولهم: فلان بيضاته
كبار أو (تقال) حيث يبدلون الثاء
تاءً. أرجو
ألا يفهم القول على غير مراده،
لأنه حقيقةً يعني فيما يعني عند
قائليه أن المُتَكَلَّمَ عنه
مهمّ وخطير، أو أنه شخصية ذات
شأن واصلة للسلطة إن لم تكن
منها، ومتنفذة نفعاً وضراً، أو
أنه حرامي وشفاط ونهّاب كبير
بمرتبة عليّة، لِتَفَهِّمِ
مركزِه وقدرتِه ومن ثم الابتعاد
عن التورط أو الدخول معه في
مشكلة ما.
عموماً
من المألوف والمعروف أهمية
وخطورة أصحاب (البيضات) الكبيرة
في شأن الوطن وأمن الدولة، ولكن
للأمانة فهذه المرّة الثانية
التي نسمع فيها عن خطورة (بروستات)
مواطن على أمن وطن ونظام يتزعم
الصمود والمجابهة أوالممانعة
في وجه القوة الأعظم في العالم
ومشاريعها في المنطقة،
فَيُمْنَع هذا المواطن المصاب
بسرطان البروستات من السفر
للعلاج.
السرطان
يصيب كل يوم عدداً من الناس في
وطننا المعطاء لسادته ومالكيه
الكبار، وما يُتكلم عنهم،
ومايَسْمَعُ بهم مِنْ أحدٍ حتى
مَنْ حولهم، على اعتبار أن مرض
الفقراء (وتعتيرهم وشحارهم)
وموتهم هو بالضبط كعهر الفاسدين
والنهابين والشبيحة ودعارتهم
لاسيما إذا كان مقروناً بملكوت
السلطة والمتسلطين، فيُراد له
ألا يَسْمَعَ به أحد، وألا
يتكلم عنه أحد، وإلا فهو بمثابة
خيانة عظمى (لهالوطن) وتوهين
نفسية الشعب والأمة في معارك (هالوطن)،
تستوجب (مرمطة وبهدلة) في محاكم
أمن الدولة تنتهي بعشرٍ وبضع
سنين دأباً في ظلمات سجون
هالوطن.
(وهيك)
كان هنالك رجلان في بلاد قمع
ستان، أما أحدهما فمريض بسرطان
البروستات وأراد السفر للعلاج،
فتقدم بطلبه إلى نائبة رئيس
الجمهورية للشؤون الثقافية وهي
بدورها حولتها إلى أمن الدولة.
وأما الآخر فأراد زيارة
زوجه فبات قرار زيارته في أمن
الدولة. ولكون
الأمن أولاً فقد كان القرار
الحكيم للأمن هو منع هالثنائي
المعارض من السفر للمعتلّ منهما
والمريض.
مرض
عضو مجلس الشعب السوري السابق/
رياض سيف خبر مؤلم حقيقةً
لأصدقائه ومحبيه، يستوجب
التضامن معه لعدة جوانب إنسانية
ووطنية، وزاد من الألم منعه من
السفر. ولقد
ذكر/سيف أنه أرسل التحاليل
والأشعة الى د.نجاح العطار
للمساعدة فحولتها بدورها الى
الأجهزة الأمنية، كما أشار إلى
أن رئيس جهاز أمن الدولة بنفسه
اتصل به وأبدى تعاطفاً معه
شريطة أن يكون العلاج في الداخل.
وللعلم،
فإن منع سفر السيد/ رياض سيف
سبقه منع العديد من الناشطين
السياسيين والحقوقيين ومنهم
المحامي هيثم المالح رئيس جمعية
حقوق الانسان السورية السابق
الذي مُنع من زيارة زوجته
المريضة المصابة بسرطان العظام
والتي تُعالج خارج سورية.
وبدوره ذكر الأستاذ/ المالح
أن الممنوعين من السفر دون
إبداء الأسباب بالمئات، وأوضح
أن السؤال في سورية عن سبب منع
سفر أي مواطن ممنوع، ويعرض
صاحبه لضغوط الأجهزة الأمنية
العتيدة.
إننا
نضم صوتنا إلى صوت كل أصحاب
الضمير في مشارق الأرض ومغاربها
ونصرخ معهم مناشدين كل المنظمات
والقوى الديموقراطية وجمعيات
حقوق الانسان، والمثقفين
والأدباء والمفكرين أن يرفعوا
أصواتهم احتجاجاً وشجباً
لسلوكٍ قميء متخلف وغير إنساني،
ودفاعاً عن حقوق إنسانية
لمواطنينا لم يعد مقبولاً
الخلاف فيها.
إننا
مع حق ناسنا ومواطنينا وأهلنا
في حياةٍ حرةٍ كريمةٍ، لأن الله
كرمهم في رسالاته، كما كرمتهم
أيضاً المدونات والقوانين
والدساتير والمعتقدات
الإنسانية، فلهم من الحقوق
مالهم في حياتهم ومعاشهم وحلّهم
وترحالهم، يمارسون فيها
إنسانيتهم ومواطنتهم. وإننا مع
وجوب دعمهم وعونهم ومساعدتهم
ولاسيما تجاه أصنافٍ من (خلق
وعالم) مازالوا يعتقدون أن
الناس والجماهير والوطن
أملاكاً وأمتعة وتركاتٍ
تُوَرَّث، يحركونها بأمرهم
وتعمل بمشيئتهم، فتسافر
بإذنهم، وتعود مرضاها
بمعرفتهم، وتعالج (بروستاتها)
على كيفهم ومزاجهم، وبموافقاتٍ
من أجهزة أمنهم.
قال
أحمد: إذا كان في بلدكم هذا حال
رئيس جمعية حقوق الإنسان سجين
في هالوطن، وهكذا تُعامله
السلطات والأجهزة الأمنية،
وكأن على الزوجة المريضة
والفاهمة للوضع أن تأتي لزيارة
زوجها في سجنه، فبالله عليك كيف
لو لم يكن رئيس الجمعية، بل كيف
يكون حال عموم الناس (ياأخوك) في
هالوطن..!!؟.
إذا كان في بلدكم مطلوب من
المريض أن يُعلِم أهل الأرض
جميعهم وعبر الفضائيات عن مرضه
أو سرطان (بروستاته)، وينشر في
العالمين أخصّ خصوصيات من وجعٍ
وألمٍ ثم يمنع بعدها من السفر
لاعتبارات أمنية..!! فما أوهى
الأمن في بلدٍ يخاف من سفر مواطن
لايمتلك حقيبة أو(كود) إطلاق
الصواريخ الذرية العابرة أو
إعلان الحرب العالمية، وإنما هي
بروستات عليلة أو نصفه الآخر
المصاب بسرطان العظام..!!!
فعقب
على الكلام، وصاح أمجد: لعلهم
يرون في سفر القاضي والمحامي
هيثم المالح ذهاباً إلى المحكمة
الدولية ليكون أحد قضاتها،
فيُبَصَّرونه وهو يطرق مطرقته
منادياً: محكمة..!!
فبحلق
الجمع ميشيل وعارف وأرود وقالوا:
(غمّقْتْ كتير وقوّيتها)،
وأبعدتَ في الكلام، والموضوع
لاهذا ولاذاك. وإنما هم كم واحد
في السلطة يُردّدون بانتظامٍ،
وينفون وبشكلٍ جازم وجود أية
معارضة للنظام حتى كانت نتائج
استفتاء التمديد أوالتجديد
للرئيس في أيار/ مايو الماضي،
فوقع وزير الداخلية وشهد أن
نسبة الذين قالوا نعم للرئيس
السوري كانت 97.62 %، أما نسبة
القائلين(لا) فهي 1.71 % فكذّبوا
أنفسهم بأنفسهم وأكدوا بطلان
مقولاتهم. ولكن
فيما يبدو أن هالنسبة البسيطة
جداً التي تثقلهم وترعبهم تهدف
الأجهزة الأمنية إلى محوها
تضييقاً وتخويفاً وإرهاباً،
سجناً وقمعاً ومنعاً من السفر،
لترفع نسبة نعم إلى 100 %
ويُضحّكوا علينا (اللي بسوى
واللي مايسواش).
قلت:
قولوا ماشئتم وحلّلوا ماشئتم،
فالأمر لايعدو بجاحةً من
بجاحاتٍ كثيرة، وإلا كيف يمكن
فهم منع مواطن مصابٍ بالسرطان
عن السفر أو منع أهله من زيارته
إن كان خارج الوطن..!!؟ (ولك)
آآآآه على الوطن والمواطن مما
كسبت أيديهم ومما يفعلون.
إنهم ياشباب..! يعتقدون أن في
آآآآه الوطن وهالمواطن المقهور
وأنينه تثبيتاً ( لقَيّومات)
لقوائم كرسيهّم، ويحسبون كل
صيحة عليهم، فترى أجهزةََ أمن
الدولة في دولة الأمن يرون في
سفر معارضٍ طلباً للعلاج أو
شيئاً من هذا قرب نهايتهم
ودنوَّ أجلهم، إنها لاتعمى
الأبصار ولكن تعمى القلوب التي
في الصدور.
أمنياتنا
للسيدة الفاضلة أم إياس زوج
الأستاذ المالح وللناشط
السياسي المعروف/ رياض سيف
بالشفاء العاجل ودوام الصحة
والعافيه على الجميع، وأملنا أن
يتجاوز الكل المحنة بإيمانٍ
أقوى وإرادة أشد وعزيمةٍ أمضى.
وأن تبقى محبتهم ومحنتهم نوراً
في طريق بناء دولة القانون
والحرية والديمقراطية.
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|