ــ
حوار
مع الناشط السوري المعارض خليل
حسين
لا
حرية في لبنان من دون
ديموقراطية في سوريا
جهاد
صالح*
كتب عليه أن يكون
صاحب رسالة مقدَّسة في سبيل
حرية وديمقراطية الانسان
السوري عموماً، والكردي على وجه
الخصوص، ومن هنا كان عليه أن
يكون قربانا في محراب الحرية
والسياسة، ليدفع سنوات من عمره
داخل زنازين النظام الحاكم في
دمشق، وحينما خرج لينعم بعبير
الحرية لم يجد بّداً، من أن
يغامر مع غيره من نشطاء الرأي في
سوريا ولبنان في محاولة كسر
الجليد بين البلدين، ورسم ملامح
المستقبل الصحيح بينهما، وهنا
نال سطوة الأستبداد، فرفض أن
يكون من خلف القضبان، ولم يجد
سبيلاً سوى الرحيل بمرارة وألم .
انه الناشط خليل حسين، أحد
موقعي اعلان بيروت ـ دمشق،
وسجين سياسي سابق، قضى ثلاثة
عشر عاماً في سجون النظام
السوري بسبب آرائه ومبادئه،
وناشط في مجال حقوق الانسان
والمجتمع المدني، وأحد مؤسسي
"تيار المستقبل الكردي" في
سوريا، وهو حالياً لاجىء في
بلغاريا .
الناشط خليل حسين
ما هي بطاقتك الشخصية
والسياسية؟
ـ أنا سجين سياسي
سابق امضيت سنوات عديدة في سجن
فرع التحقيق ـ سجن تدمر ـ سجن
صيدنايا، وأخيراً سجن عدرا،
وذلك بسبب توقيعي على اعلان
بيروت ـ دمشق ـ دمشق بيروت، ثم
صدر حكم غيابي بحقي لمدة عشر
سنوات، كما انني مسؤول مكتب
العلاقات في تيار المستقبل
الكردي في سوريا.
كنت من موقعي اعلان
بيروت ـ دمشق ..أنت كناشط كردي ما
هو السبب الذي دفعك للتوقيع على
تلك الوثيقة؟
ـ أعتقد ما ورد في
الوثيقة يهم الشعبين اللبناني
والسوري، ومن المفروض التوقيع
على هذه الوثيقة بغض النظر اذا
كان الإنسان كردياً أو عربياً.
هل كنت تتوقع رد فعل
النظام السوري، حيث السجن
والملاحقة من نصيب رفاقك
الموقعين على الاعلان؟
ـ نعم كنت والآخرين
نعلم ذلك، لأن في نية هذا النظام
أن يشطب كلمة (لا) من مفردات
اللغة العربية.
ألا تعتقد معي أن
الوثيقة أثارت غضب النظام في
دمشق بسبب ما تناولته بخصوص أن
على الحكومة السورية التعاون مع
المحكمة الدولية في اغتيال رفيق
الحريري؟
ـ نعم هذه الوثيقة
أثارت غضب النظام لأسباب كثيرة،
منها تناولها موضوع المحكمة،
وشعور النظام بأن الموقعين
تجاوزوا الخطوط الحمر، أي
السياسة الخارجية للنظام
السوري، وربط استقرار لبنان
بالمسألة الديمقراطية. هناك
رابط ما بين الوضع في سوريا
والوضع في لبنان، كما ان سيادة
الحرية والديمقراطية
واستقرارهما، غير ممكن في أي
منهما دون الآخر، فلا حرية ولا
ديمقراطية في لبنان من دون
قيامها في سوريا.
سجنت سابقاً.. فماذا
تعني لك ثقافة السجن؟.
ـ نعم نمت لدي روح
التسامح والإيمان بقدسية
الإنسان الحي الماثل أمامنا،
واعتبار كرامته وحريته الأغلى،
وقبل كل شيء حقه في الحياة وحرية
الضمير والتعبير.
ما هي قراءتك
السياسية لواقع المعارضة
السورية.. وأقصد هنا المعارضة من
الداخل.
ـ أعتقد على
المعارضة السورية أن تولي
الاهتمام الأكبر لهموم المواطن
السوري ومشاكله الحياتية
اليومية. هنالك فجوة كبيرة بين
المعارضة والشارع السوري،
يتطلب من المعارضة استنباط
آليات جديدة للتعاطي مع الشارع
السوري، ومن جانب آخر على
المعارضة تحديد موقف واضح وصريح
حول علاقات الداخل بالخارج، لأن
الحرية والديمقراطية هي مبادئ
انسانية بالدرجة الأولى.
هل تنجح الشرعية
الدولية في أن توصل بالمحكمة
الدولية إلى برّ الأمان ومحاكمة
القتلة.. أم أن الصفقات السياسية
السرية قد تعصف بآمال
اللبنانيين؟
ـ المحكمة الدولية
ستقوم بالمهام المنوطة بها حتى
النهاية، ولن تجرى أية صفقات من
تحت الطاولة لكي تعصف بآمال
اللبنانيين .ان النظام في سوريا
يدرك جيدا مدى جدية الأطراف
الدولية باتجاه محاسبة
المسؤولين في جريمة اغتيال
الشهيد رفيق الحريري ورفاقه.
رفاقك ( ميشيل كيلو
ـ أنور البني ـ محمود عيسى ـ
كمال اللبواني الخ)، من وراء
القضبان، ما هو شعورك وأنت خارج
الوطن، بعد أن حكم عليك غيابيا
بعشر سنوات.
ـ انتابتني مرارة
عندما غادرت وطني قسراً، وتركت
أصدقاء لي وراء القضبان، وهم
ضحية القمع والاستبداد بسبب
أنهم عبّروا عن آرائهم لمصلحة
الوطن والمواطن السوري.
لو أردت أن توجه
رسالة لرفاقك من موقّعي اعلان
بيروت ـ دمشق. فماذا كنت ستقول
فيها وهم بين جدران سجون النظام.
ـ أقول لهم أنتم
فرسان الحرية والديمقراطية في
سوريا.
أنت كقيادي في تيار
المستقبل الكردي، هل تستطيع أن
تضعنا في المستوى الذي وصل اليه
التيار منذ تأسيسه.
ـ أنا متفائل بأن
تيار المستقبل الكردي في سوريا
سيصبح رقماً سياسياً اذا أعتمد
على وضع المسألة الديمقراطية في
سلّم الأولويات، وربط المسألة
الكردية بالتغيير الديمقراطي
في سوريا.
ماذا يجب على
المعارضة الكردية داخل سوريا أن
تعمل، في ظل عملية التغيير
الديمقراطي السلمي، وأنانية
النظام كمؤسسة أمنية عسكرية غير
عابئة بمصلحة الوطن و المواطن
السوري.
ـ ان أي تغيير في
سوريا يجب بالضرورة أن يمرّ عبر
تفكيك النظام الشمولي، وقيام
نظام ديمقراطي، وهنا لابدّ من
تضافر كل الجهود دون استثناء.
يجب توحيد صفوف المعارضة
الديمقراطية، وتمركزها حول
الهدف الرئيسي الذي هو
الديمقراطية، والعمل بأقصى ما
من الموضوعية والعقلانية
والمسؤولية لإنجاز هذه المهمة.
لو ثبت تورط النظام
السوري في اغتيال رفيق الحريري.
هل من الممكن لقوى المعارضة
السورية أن تعلن ثورة برتقالية
للوطن السوري.. أم أنها ستلتزم
الصمت الخجول ..كما تفعل الآن؟
ـ أعتقد أنه لم تنضج
الظروف الذاتية والموضوعية
داخل سوريا لاحداث مثل هذا
التغيير، وهذا يعود إلى عدة
اسباب، من أهمها ضعف المعارضة
الديمقراطية.
ثورة الأرز..انتفاضة
قامشلو، أو ما سمي بربيع قامشلو
2004.هل لك أن ترسم لنا خريطة
القواسم المشتركة بين
الثورتين، أي الخط البياني
السياسي من بيروت إلى قامشلو؟
ـ من الزاوية
النظرية يمكن المقارنة، ماحدث
في لبنان، وما حدث في القامشلي،
أعتقد هنالك أسباب مشتركة..
الكبت... القمع.. الاستبداد، لكن
ما حدث في لبنان كانت ثورة
بالمعنى الحقيقي، قادتها أحزاب
وجماهير منظمة. ورأينا كيف أحدث
هذا التحرك تغييراً حقيقياً على
الأرض.
أما ماحدث في
القامشلي فقد كان تحركاً
جماهيرياً عفوياً، نتيجة
الحرمان من حقوقه وانخفاض مستوى
المعيشة وتحولت إلى حراك سياسي
قومي عارم، ولم تكن هناك قوى
سياسية تقود هذا التحرك. إن أهم
استنتاج هو أن الشعب الكردي كسر
حاجز الخوف داخل سوريا.
هل أنت متفائل
بحصول تغيير ديمقراطي في سوريا.
أم أن الكابوس سيستمر؟
ـ أنا متفائل بأنه
سيحصل تغيير في سوريا، في
مستقبل لا أقول إنه قريب، لكن
هذا التغيير منوط بعمل المعارضة
الديمقراطية. النظام قوي على
الصعيد الداخلي ولكنه في
المقابل يعيش في مأزق خارجي.
كيف ترى ملامح
المستقبل لوطنك سوريا أولاً،
وللبنان الشقيق ثانياً؟
ـ لا حرية ولا
ديمقراطية في لبنان دون قيامهما
في سوريا، لأن سوريا بحكم
علاقتها التاريخية بلبنان
قادرة على تعطيل الحياة
الديمقراطية داخل لبنان، وقيام
الديمقراطية في سوريا سيتيح
للبنان الحرية والديمقراطية
وسيادة الوطن الواحد، والشعب
الواحد.
*صحافي
وناشط كردي
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|