ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 04/09/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


ــ

"فاستخفّ قومه فأطاعوه"

غسّان النجّار*

إن استخفاف الطغاة للجماهير أمر لا غرابة فيه ، فقد أمعنوا فيهم بداية عسفا واضطهادا ، سجنا وتشريدا ، حتّى غسلوا دماغهم قسرا وإمعانا ، ثمّ عزلوا هذه الجماهير بعد ذلك عن كل سبل المعرفة ، وحجبوا أعينهم عن الحقائق حتّى نسوها ولم يعودوا يبحثون عنها ، وألقوا في روع الجماهير ما يشاءون من المؤثرات – الداخلية والخارجية – حتى تنطبع نفوسهم بتلك المؤثرات المصطنعة وبذلك يسهل استخفافهم وقيادهم فيذهبون بهم ذات اليمين وذات الشمال حيث شاءوا وأنّى أرادوا مطمئنين إلى كراسيهم وسلطانهم ، فلا يرتفع صوت مقابل صوتهم ولا تنبت شفة بكلمة تعترض عليهم.

إن الجماهير المستعبدة المستغفلة يغريها البريق الخادع القريب من عيونها أو المنفعة الشخصية الّتي تفتش عنها ، فلا تسمو نفوسها ولا عقولها إلى تدبر ما هو أسمى وأعز وأكرم  ألا وهو : الحرية  ،  العزّة  ،  الكرامة الإنسانية  ، وإذا وجدت فئة  - وهي موجودة  -  تؤمن بأن الفرد لايعدل شيئا أمام أمة ، وأنّ الأمة لا يمكن أن تجتمع على ضلالة ، فإنها تهمس بذلك همسا فيما بينها ، فيضيع صوتها ولا تجد له أثرا أو صدى ، بل إن المثبطين والمرجفين يقولون لك : وماذا عساك أن تفعل وهل يمكن أن تصلح وحدك والشر والفساد قد عمّ من حولك!!                                        

إن صوت الفرد المتأله الذي يقول بلسان الحال : ما علمت لكم من قائد وزعيم أوحد غيري فالصقوا صوري على سياراتكم وزجاج محلاتكم وضعوا أقوالي " المأثورة " شعارات لكم فهي ( تعويذة ) لكم تقيكم شر المتسلطين والمبتزين لكم عوضا عن ( آية الكرسي والمعوذتين ) !!.

إن هذا الفرد يقول بكل صلف وغرور ما قاله فرعون لموسى : " أنا خير من هذا الذي هو مهين ولايكاد يبين "(من البيان) ، فالأمة مهانة والشعب ذليل ، لا صرخة له ولابيان ينطق باسمه 0

لقد عمّت الفتنة وأطاعت الجماهير فرعون الطاغية المتباهي في كبر وخيلاء  ؛ فهو يملك رقاب الناس وأرزاق الناس وقوت الناس وهواء الناس وعافية الناس ، إن الطاغية لايملك أن يفعل بالجماهير هذه الفعلة إلا وأكثرهم فاسقون ، خارجون عن ميزان الحق ، نابذون لتكريم الله عز وجل لهم صفة الكرامة التي منحها الله لهم دون سائر المخلوقات " ولقد كرّمنا بني آدم ".

هل يعقل أن يحبّ الفرد من يخنقه في قوته ومعاشه ؟!  ، هل يعقل أن يحب المرء من يسلبه حريته وكرامته ؟! ، هل يعقل أن ترتفع أسعار السلع والمواد الأساسية والغذائية والمحروقات بنسب : ( 100-70-30 )% و نحمّل ذلك أصحاب النفوس الضعيفة- كما يعلّق على ذلك في التلفاز – ثمّ نحقن ابر المورفين للمواطنين كي يتقبلها تدريجيا ، فالنظام يطلق إشاعات التعويضات تارة ورفع الدعم تدريجيا كما يعلن عن خسارة الدولة مقابل دعم أسعار المحروقات مبلغا قدره خمسة عشر مليون دولار يوميا بالمقارنة مع أسعار البترول العالمية ولم نشرح للمواطنين لماذا لم نؤسس لإنشاء مصفاة بترول جديدة تسدّ حاجتنا من مادة الديزل ( المازوت ) كي لا نستورد هذه المادة من الخارج بالسعر العالمي ونحمّل المواطن بعدها منة الدعم الحكومي ، ما رأيكم – ياسادة – أن نستضيء بالشموع ونطبخ على ( الجلّة ) كي نبيع بترولنا كلّه بالأسعار العالمية فنربح خمس مليارات إضافية من الدولارات .

إن نسبة أربعين بالمائة من المجتمع هي دون خط الفقر ونريد أن نجري عليه سعر البترول العالمي الّذي يستخرج من أرضنا ، بينما هناك شريحة من المجتمع أقل من عشرة بالمائة تحتكر تسعين بالمائة من مجموع دخل الثروة القومية ، أي أن اقتصادنا كلّه مرهون لفئة جشعة لا تشبع ولا ترتوي ، تمتصّ خيرات الأمة وتحتكر مواردها الأساسية وتتاجر بكل شيء ، ثمّ نقوم لنقتص من الفقراء والمعدمين والمساكين والأرامل بزيادة أسعار المواد الأساسية .

لقد حجب القرآن الكريم موارد الدولة من فيء الحروب عن الأغنياء قبل أربعة عشر قرنا ونيف ووزّعها على الفقراء كي لا يتداول الأغنياء المال لوحدهم وبالتالي تزيد الفوارق بين طبقات المجتمع ( كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم )سورة الحشر/7/ ؛ هكذا تدار الأمم وهكذا تكون موازين العدالة .

وقف فضيلة الدكتور إبراهيم السلقيني يوم الجمعة الفائت على منبر جامع الإمام أبو حنيفة النعمان في حلب ليلقي خطبة الجمعة ، وتكلّم عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فأجاد وأحسن وشخّص أمراض المجتمع بالتقاعس عن القيام بهذا الواجب والسكوت عن الباطل والفساد المستشري وقال : إن دفع الظلم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو مقدّم على فريضتي الصلاة والصيام ، وختم خطبته بمقالة وردت على لسان الخليفة أبي بكر الصديق مخاطبا الشعب قائلا : أيّها الناس إنكم تقرءون الآية الكريمة " يا أيّها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضرّكم من ضلّ إذا اهتديتم " في غير موضعها ، وانّي سمعت رسول الله ( ص ) يقول : إن الناس إذا رأوا الظالم ولم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمّهم الله بعقابه .

وأنا بدوري أقول وبمنتهى الثقة ؛ إن نهاية مرحلة الابتلاء باتت وشيكة ، فالجماهير المتعطشة للحرية يصعب خداعهم إلى الأبد ولا يمكن الاستخفاف بهم ولو طال الزمن فقد بدأ جيل جديد يظهر وكما يشرح ابن خلدون في مقدمته ؛ أنّ عصبية الملك إذا وصلت ذروتها فإنها تنحدر لامحالة ، وغضب الله ونقمته آت لا ريب فيه وقدر الله يأتي من فعل البشر ، حيث تنزل الجموع الغاضبة إلى ساحات المدن كالشلاّل الهادر تنشد النشيد الوطني السوري : ( أبت أن تذلّ النفوس الكرام )، وتطالب بحقّ الحياة ، حقّ الكرامة الإنسانية ، حقّ الحرية ، حقّ التعبير ، وقد كنّا طلابا ننشد إبان الحكم العسكري عام ثلاث وخمسين وتسعمائة وألف في مظاهرات صاخبة نندّد بالاستبداد مزمجرين : ( إن عيش الذلّ والإرهاق أولى بالعبيد )، لقد بدأ الناس يخلعون أردية الخضوع والخنوع فانّ الله لايغيّر ما بقوم حتّى يغيّروا ما بأنفسهم من ذلّ ونفاق ، وهؤلاء الأدباء في الخارج – أصحاب روابط الأدب الإسلامي والعربي – فليشمّروا عن سواعدهم وليشحذوا أقلامهم وكفانا ترفا في الأدب وإخلادا إلى الأرض ؛ كي لاينطبق علينا  قول الله عز وجل " واتل عليهم نبأ الّذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين * ولو شئنا لرفعناه بها ولكنّه أخلد إلى الأرض " الأعراف175.

  لقد سبق أن ذكّرت مرارا أن يعترف النظام والمسئولون بكتل المعارضة التي تضمّ مختلف أطياف الشعب وشرائحه وأن تعطى حقّها في حرية التعبير والنقد وأن لاتحتكر الدولة وسائل الإعلام وأن لاتضع قيودا وحجبا على المواقع الاليكترونية ؛ كل ذلك مساهمة في الإصلاح وارتقاء المجتمع ورفعة الدولة ، وسبق أن ذكّرت مرارا بالطبقات المسحوقة من الفقراء الّتي تعيش في الأعشاش والأكواخ  فالدولة تضع عن كاهلها هذا العبء وتحمّله الجمعيات الخيرية ، وهذا لايكفي ولا يجوز فهي مسئولية الدولة بالدرجة الأولى تجاه مواطنيها ، لقد ورد عن الخليفة العادل عمر بن الخطّاب قوله:" لو استقبلت من أمري ما استدبرت لأخذت من فضول أموال الأغنياء ووزّعتها على الفقراء " أجل إنها مسئولية الدولة تجاه مواطنيها ، فكيف بقوله أيضا " والله لوعثرت دابّة في العراق لوجدتني مسئولا عنها ؛ لما لم أعبّد لها الطريق "؟! .

إن مسئولية الدولة هو ليس  في عدم تمكين الموثرين والمترفين والمحتكرين في التحكم في ثروة الأمة فحسب فهذا أمر بديهي بل الواجب أن تقنّن رسوما وتفرض ضرائب تصاعدية ورسوم رفاهية تخصص ريعها للفقراء وتؤسس موارد رزق لهم ، لا أن نرفع الأسعار خبط عشواء يكون المتضرر الأكبر منها هو المعدم والفقير  ،  كما يجب استحداث آلية تربط دخل الفرد بارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة ، ألا هل بلّغت ؟ اللهم فاشهد .

 ما أريد إلا الإصلاح – ما استطعت – وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وأليه أنيب

*نقابي - إسلامي

Ghassan-najjar@maktoob.com

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ