ــ
ومضات
محرّضة :
ابحث
عن الثلث الرابع ، وأعد توزيع
القوى ، وتأهّب للفوز!
عبد
الله القحطاني
• الهندسة
لاتسمح لك بالعبث بأشكالها ،
إلاّ على جثّتها ! أيْ : أن
تغيّراسم أيّ شكل تودّ العبث به
! فإذا أردت تحويل المثـلّث إلى
مربّع ، فعليك تغيير اسمه
،عندئذ .. لأنه لن يبقى مثـلثاً ..
والدائرة إذا غيّرت شكلها إلى
مستطيل ، ستسمّي الشكل الجديد
مستطيلاً !
• أمّا
في العلاقات الاجتماعية ،
والسياسية ، والإنسانية عامّة ..
فالأمر مختلف ، إلى حدّ كبير! إذ
ليس ثمّة ثبات في الأشكال ،
والأحجام ، والقوى ، والأوزان !
وحتى دلالاتِ المصطلحات .. في
كثير من الأحيان ! فليس ثمّة شكل
مفروض عليك ، هاهنا ، إلاّ
ماتفرضه توازنات القوى ، على
الأرض ! وقدرتك على الإبداع ،
والابتكارفي التوزيع؛ توزيع
مالديك ، والإصرارعلى إعادة
توزيع مالدى الآخرين ، وعلى
إعادة تشكيل القوى على الساحة ..
هذه القدرة هي أهمّ عنصر من
عناصر الفاعلية لديك ، في عملك
السياسي خاصّة..! وهي تحتاج ،
بالطبع ، إلى مهارات مميّزة ،
وخبرات عالية !
• طرفة
: يروي الأصمعي ، عالم اللغة
المعروف ، أن أعرابياً ، كان
الأصمعي يزوره في البادية ،
ليأخذ عنه اللغة الفصيحة .. حلّ
ضيفا عليه في المدينة . فطلب
الأصمعي من زوجته ، أن تشوي لهم
دجاجة . وكان للأصمعي ابنان
وابنتان . وحين أحضرت المرأة
الدجاجة المشوية ، ليأكل منها
الضيف والأسرة ، طلب الأصمعي من
ضيفه ، أن يقسم الدجاجة .
فاستجاب الأعرابي للطلب ، وأمسك
بالدجاجة ، وألقى برأسها
للأصمعي ، بصفته ربّ البيت ،
وقال : الرأس للرئيس . ثم ألقى
الذنب للمرأة ، وقال : العجـُز
للعجوز. وألقى الجناحين
للغلامين ، وقال : الجناحان
للجناحين . ثم ألقى الرجلين
للفتاتين.. واستأثر بباقي
الدجاجة لنفسه ، وسط ضحك الأسرة
ومرحها ، وعجبها من براعته
وخفّة ظلّه !
وفي اليوم التالي ، طلب
الأصمعي من زوجته ، أن تشوي لهم
خمس دجاجات ، وطلب من الأعرابي
أن يقسمها .. فسأله : هل أقسم
شفعاً ، أم وتراً ؟ فقال الأصمعي
: بل وتراً . فألقى الأعرابي
للأصمعي دجاجة ، وقال : أنت
وزوجك ودجاجة ، ثلاثة . وابناك
ودجاجة ، ثلاثة . وابنتاك
ودجاجة ، ثلاث . وأنا ودجاجتان
ثلاثة . ثم نظر إليهم ، وقد
استغربوا هذه القسمة ، وقال : إن
قسمة الوتر لاتكون إلاّ هكذا !
فهل تودّون أن أقسم لكم شفعاً ؟
وحين سمع جوابهم بالإيجاب ، ضمّ
الدجاجات الخمس إليه ، ثم ألقى
بواحدة للأصمعي ، وهو يقول : أنت
وابناك ودجاجة ، أربعة. وامرأتك
وابنتاها ودجاجة ، أربع . وأنا
وثلاث دجاجات ، أربعة . وضمّ
الدجاجات الثلاث إليه ، وطفق
يأكل ويقول : سبحان الذي علمنا ..!
وهم ينظرون إليه بين العجب
والحيرة !
• هذا
توزيع الأعرابي ، لِما أوكِل
إليه توزيعه ! فقد وزّعه بما
يناسب مصلحته ، في حدود
الصلاحيات المتاحة له . فما
المطلوب ممّن يتصدّى لعمل ضخم ،
يريد أن يغير به نظام حكم فاسد ،
وينقذ شعباً مسحوقاً ، من براثن
القهر والظلم والاستبداد !؟ إنا
نزعم أن ماهو مطلوب ، كثير. أمّا
ماهو ممكن ، فليس كثيراً ، إلاّ
أنه ليس قليلاً جداً . وربما
كانت الأمثلة ، قادرة على شيء من
التوضيح :
- القوى
الشعبية المعارضة ، قادرة ،
بحسب الأصل ، على إعادة توزيع
قواها ، بما يناسب ظروفها ،
وطبيعة الصراع الذي تخوضه .
وقادرة على ترتيب أولويّاتها ،
بحسب خطورتها ، وأهميّتها ،
والسرعة المطلوبة في كل منها !
- قائد
الفرقة العسكرية ، الذي يتحلى
ببعض الشجاعة والمروءة ، والحسّ
الوطني، ويرى ما يفعل النظام
الفاسد ، بجيشه وشعبه .. يستطيع
أن يغيّر زاوية الرؤية ، التي
ينظر منها إلى الوقائع والاحداث
، والظروف المحيطة به .. فلا يقول
: أنا وحدي في الجيش ، فماذا
يمكنني أن أفعل !؟ بل يستطيع أن
يقول ، ببساطة لاتخلو من روح
الجرأة ، والمغامرة ، والتحدّي
ـ متذكّراً يوسف العظمة ، الذي
أبى أن يدخل الفرنسيون بلاده ،
إلاّ على جثته.. وحافظ أسد، الذي
باع الجولان ،
ليصبح رئيسا لدولته ! وكل
منهما مات ، تاركاً وراءه
ماتَذكره به أجيال أمّته ،
وآخذاً معه ما يلقى به ربّه
ـ :
أنا وقائد أخر من قادة الفرق ،
واثنان من قادة الكتائب ،
وثلاثة من قادة السرايا.. نستطيع
أن نشكّل سياجاً مؤقتاً ،
لحماية الجماهير، التي تخرج
للتظاهر. فإذا أرادت فِرق
الإجرام ، أن تعتدي عليها ،
حاولنا منعها باللين ، والحوار
العقلاني الجادّ ، والإرادة
المصمّمة ..! وهذا الموقف النبيل
الحازم ، يكسبنا قوّة معنوية
إضافية ، ترفد معنويات الشعب ،
وتجرّئ مئات العناصر العسكرية
المتردّدة ، على الانضمام إلينا
! وهذا ، بحدّ ذاته ، يشكّل قوّة
معنوية ، يمكن ترجمتها إلى قوّة
مادية ، تعادل قوّة كتيبتين أو
ثلاث ، بسبب مايحصل من وهن
وتردّد ، وحيرة وقلق .. في صفوف
القوى الباطشة ، الموالية
للنظام الفاسد ..! وهكذا تظلّ
القوى المعنوية المحسوبة لنا ،
تجرّ لنا قوّة مادية ، كامنة في
صفوف شعبنا، وقوى مادية آخرى ،
تنحاز إلينا ، من صفوف قواتنا
المسلحة ، التي أخضعها النظام
الفاسد ، ووظّفها لحراسته ،
وحماية فساده وإجرامه ! كما أن
الضعف المعنوي ، الذي يصيب
عناصر النظام ، يترجَم عمليا ،
إلى ضعف مادي ، على الأرض ! فيدبّ
الجبن والتخاذل ، والحرص على
النجاة ، في نفوس الكثيرين من
عناصر الجيش ، التي عانت من
سفاهة الحكام الحاليين ،
وتسلطهم ، وعبثهم ، ماتنوء
بحمله كواهل الجبال ! وهكذا يبدأ
شريط القوّة ، يدور بالاتجاه
الآخر، اتجاه الشعب وقواه
الشريفة ، الحامية له .. وتبدأ
عناصر القوّة تقلّ هناك ،
لتزداد هنا ! ويبدأ عامل الزمن ،
بالعمل لمصلحة الشعب ، وقواه
الحية ، المدنية ، والعسكرية
الحامية لها ، من مجازر
المجرمين في الشوارع ! وتظل
القوّة تجرّ قوّة ، لمصلحة
الشعب .. والضعف يجرّ على النظام
المستبدّ الفاسد ، ضعفاً جديداً
، في كل ساعة.. إلى أن تتفكّك قوى
الشرّ والفساد،
التي تخنق شعب سورية وجيشها
.. وتتحرّر البلاد والعباد ، من
الظلم والقهر، والفساد والضياع
، بإذن الله .. وما ذلك على الله
بعزيز! ولا يدخل كلامنا هذا ، في
إطار التخيّلات والاحلام ! بل هو
سنّة من سنن التاريخ ، وتجربة
إنسانية حيّة ، متكرّرة عبر
العصور! وربّ رجل أحيا به الله
أمّة ! وما خلت بلاد الشام، بحمد
الله ، من الرجال . وما نحسب
قوانين الأمم التّحدة ، التي
تحمي حقوق الشعوب ، في التظاهر
والاعتصام والاحتجاج ..
مانحسبها أحرصَ على شعب سورية
وحقوقه ، من الجيش السوري
الباسل ، الصابر، المبتلى بآل
أسد ، وعصابة حكمهم المنحرفة
الشرّيرة !
فإذا
عجز قادة الجيش السوري ،
الشرفاء الأحرار، عن حماية
شعبهم ، من قهر جلاديه وظلمهم ..
فهل يتوقّعون أن تأتي جيوش
خارجية ، أكثرمنهم حرصاً
وإشفاقاً ، على شعبهم ،
لبحرّروه من الفساد والطغيان !؟
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|