ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 04/09/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


ــ

ومضات محرّضة :

ابحث عن الثلث الرابع ، وأعد توزيع القوى ، وتأهّب للفوز!

عبد الله القحطاني

   الهندسة لاتسمح لك بالعبث بأشكالها ، إلاّ على جثّتها ! أيْ : أن تغيّراسم أيّ شكل تودّ العبث به ! فإذا أردت تحويل المثـلّث إلى مربّع ، فعليك تغيير اسمه ،عندئذ .. لأنه لن يبقى مثـلثاً .. والدائرة إذا غيّرت شكلها إلى مستطيل ، ستسمّي الشكل الجديد مستطيلاً !

   أمّا في العلاقات الاجتماعية ، والسياسية ، والإنسانية عامّة .. فالأمر مختلف ، إلى حدّ كبير! إذ ليس ثمّة ثبات في الأشكال ، والأحجام ، والقوى ، والأوزان ! وحتى دلالاتِ المصطلحات .. في كثير من الأحيان ! فليس ثمّة شكل مفروض عليك ، هاهنا ، إلاّ ماتفرضه توازنات القوى ، على الأرض ! وقدرتك على الإبداع ، والابتكارفي التوزيع؛ توزيع مالديك ، والإصرارعلى إعادة توزيع مالدى الآخرين ، وعلى إعادة تشكيل القوى على الساحة .. هذه القدرة هي أهمّ عنصر من عناصر الفاعلية لديك ، في عملك السياسي خاصّة..! وهي تحتاج ، بالطبع ، إلى مهارات مميّزة ، وخبرات عالية !

   طرفة : يروي الأصمعي ، عالم اللغة المعروف ، أن أعرابياً ، كان الأصمعي يزوره في البادية ، ليأخذ عنه اللغة الفصيحة .. حلّ ضيفا عليه في المدينة . فطلب الأصمعي من زوجته ، أن تشوي لهم دجاجة . وكان للأصمعي ابنان وابنتان . وحين أحضرت المرأة الدجاجة المشوية ، ليأكل منها الضيف والأسرة ، طلب الأصمعي من ضيفه ، أن يقسم الدجاجة . فاستجاب الأعرابي للطلب ، وأمسك بالدجاجة ، وألقى برأسها للأصمعي ، بصفته ربّ البيت ، وقال : الرأس للرئيس . ثم ألقى الذنب للمرأة ، وقال : العجـُز للعجوز. وألقى الجناحين للغلامين ، وقال : الجناحان للجناحين . ثم ألقى الرجلين للفتاتين.. واستأثر بباقي الدجاجة لنفسه ، وسط ضحك الأسرة ومرحها ، وعجبها من براعته وخفّة ظلّه !

       وفي اليوم التالي ، طلب الأصمعي من زوجته ، أن تشوي لهم خمس دجاجات ، وطلب من الأعرابي أن يقسمها .. فسأله : هل أقسم شفعاً ، أم وتراً ؟ فقال الأصمعي : بل وتراً . فألقى الأعرابي للأصمعي دجاجة ، وقال : أنت وزوجك ودجاجة ، ثلاثة . وابناك  ودجاجة ، ثلاثة . وابنتاك ودجاجة ، ثلاث . وأنا ودجاجتان ثلاثة . ثم نظر إليهم ، وقد استغربوا هذه القسمة ، وقال : إن قسمة الوتر لاتكون إلاّ هكذا ! فهل تودّون أن أقسم لكم شفعاً ؟ وحين سمع جوابهم بالإيجاب ، ضمّ الدجاجات الخمس إليه ، ثم ألقى بواحدة للأصمعي ، وهو يقول : أنت وابناك ودجاجة ، أربعة. وامرأتك وابنتاها ودجاجة ، أربع . وأنا وثلاث دجاجات ، أربعة . وضمّ الدجاجات الثلاث إليه ، وطفق يأكل ويقول : سبحان الذي علمنا ..! وهم ينظرون إليه بين العجب والحيرة !

   هذا توزيع الأعرابي ، لِما أوكِل إليه توزيعه ! فقد وزّعه بما يناسب مصلحته ، في حدود الصلاحيات المتاحة له . فما المطلوب ممّن يتصدّى لعمل ضخم ، يريد أن يغير به نظام حكم فاسد ، وينقذ شعباً مسحوقاً ، من براثن القهر والظلم والاستبداد !؟ إنا نزعم أن ماهو مطلوب ، كثير. أمّا ماهو ممكن ، فليس كثيراً ، إلاّ أنه ليس قليلاً جداً . وربما كانت الأمثلة ، قادرة على شيء من التوضيح :

-  القوى الشعبية المعارضة ، قادرة ، بحسب الأصل ، على إعادة توزيع قواها ، بما يناسب ظروفها ، وطبيعة الصراع الذي تخوضه . وقادرة على ترتيب أولويّاتها ، بحسب خطورتها ، وأهميّتها ، والسرعة المطلوبة في كل منها !

-  قائد الفرقة العسكرية ، الذي يتحلى ببعض الشجاعة والمروءة ، والحسّ الوطني، ويرى ما يفعل النظام الفاسد ، بجيشه وشعبه .. يستطيع أن يغيّر زاوية الرؤية ، التي ينظر منها إلى الوقائع والاحداث ، والظروف المحيطة به .. فلا يقول : أنا وحدي في الجيش ، فماذا يمكنني أن أفعل !؟ بل يستطيع أن يقول ، ببساطة لاتخلو من روح الجرأة ، والمغامرة ، والتحدّي ـ متذكّراً يوسف العظمة ، الذي أبى أن يدخل الفرنسيون بلاده ، إلاّ على جثته.. وحافظ أسد، الذي باع الجولان ،  ليصبح رئيسا لدولته ! وكل منهما مات ، تاركاً وراءه ماتَذكره به أجيال أمّته ، وآخذاً معه ما يلقى به ربّه  ـ :

أنا وقائد أخر من قادة الفرق ، واثنان من قادة الكتائب ، وثلاثة من قادة السرايا.. نستطيع أن نشكّل سياجاً مؤقتاً ، لحماية الجماهير، التي تخرج للتظاهر. فإذا أرادت فِرق الإجرام ، أن تعتدي عليها ، حاولنا منعها باللين ، والحوار العقلاني الجادّ ، والإرادة المصمّمة ..! وهذا الموقف النبيل الحازم ، يكسبنا قوّة معنوية إضافية ، ترفد معنويات الشعب ، وتجرّئ مئات العناصر العسكرية المتردّدة ، على الانضمام إلينا ! وهذا ، بحدّ ذاته ، يشكّل قوّة معنوية ، يمكن ترجمتها إلى قوّة مادية ، تعادل قوّة كتيبتين أو ثلاث ، بسبب مايحصل من وهن وتردّد ، وحيرة وقلق .. في صفوف القوى الباطشة ، الموالية للنظام الفاسد ..! وهكذا تظلّ القوى المعنوية المحسوبة لنا ، تجرّ لنا قوّة مادية ، كامنة في صفوف شعبنا، وقوى مادية آخرى ، تنحاز إلينا ، من صفوف قواتنا المسلحة ، التي أخضعها النظام الفاسد ، ووظّفها لحراسته ، وحماية فساده وإجرامه ! كما أن الضعف المعنوي ، الذي يصيب عناصر النظام ، يترجَم عمليا ، إلى ضعف مادي ، على الأرض ! فيدبّ الجبن والتخاذل ، والحرص على النجاة ، في نفوس الكثيرين من عناصر الجيش ، التي عانت من سفاهة الحكام الحاليين ، وتسلطهم ، وعبثهم ، ماتنوء بحمله كواهل الجبال ! وهكذا يبدأ شريط القوّة ، يدور بالاتجاه الآخر، اتجاه الشعب وقواه الشريفة ، الحامية له .. وتبدأ عناصر القوّة تقلّ هناك ، لتزداد هنا ! ويبدأ عامل الزمن ، بالعمل لمصلحة الشعب ، وقواه الحية ، المدنية ، والعسكرية الحامية لها ، من مجازر المجرمين في الشوارع ! وتظل القوّة تجرّ قوّة ، لمصلحة الشعب .. والضعف يجرّ على النظام المستبدّ الفاسد ، ضعفاً جديداً ، في كل ساعة.. إلى أن تتفكّك قوى الشرّ والفساد،  التي تخنق شعب سورية وجيشها .. وتتحرّر البلاد والعباد ، من الظلم والقهر، والفساد والضياع ، بإذن الله .. وما ذلك على الله بعزيز! ولا يدخل كلامنا هذا ، في إطار التخيّلات والاحلام ! بل هو سنّة من سنن التاريخ ، وتجربة إنسانية حيّة ، متكرّرة عبر العصور! وربّ رجل أحيا به الله أمّة ! وما خلت بلاد الشام، بحمد الله ، من الرجال . وما نحسب قوانين الأمم التّحدة ، التي تحمي حقوق الشعوب ، في التظاهر والاعتصام والاحتجاج .. مانحسبها أحرصَ على شعب سورية وحقوقه ، من الجيش السوري الباسل ، الصابر، المبتلى بآل أسد ، وعصابة حكمهم المنحرفة الشرّيرة !

 فإذا عجز قادة الجيش السوري ، الشرفاء الأحرار، عن حماية شعبهم ، من قهر جلاديه وظلمهم .. فهل يتوقّعون أن تأتي جيوش خارجية ، أكثرمنهم حرصاً وإشفاقاً ، على شعبهم ، لبحرّروه من الفساد والطغيان !؟

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ