ــ
حملات
الإساءة للرسول ... الأبعاد
والمقاصد!!
ياسر
سعد
رسوم
كاريكاتيرية جديد مسيئة للرسول
صلى الله عليه وسلم تنتقل هذه
المرة من الدانمرك إلى السويد,
فقد رسم الرسام السويدي (لارس
فيكس) صورا على شكل كلب له رأس
إنسان ملتحٍ، ويعتمر عمامة وسط
الطريق وزحمة السيارات،
معتبرًا أنّ تلك الصور هي للنبي
محمد صلَّى الله عليه وسلم، حيث
شارك بها فيكس في معرض فني
بعنوان كلاب الدوّار، وقد رفضت
مديرة المعرض عرض هذه الصور على
أساس أنّها تسيء لعقيدة
المسلمين، كما رفضت الكثير من
الصحف السويدية نشر رسمه المهين
هذا، غير أنّ صحيفة نيريكس
اليهاندا السويدية -وهي صحيفة
محلية تصدر في وسط السويد عادت
ونشرت تلك الصور المهينة
والمستفزة لمشاعر المسلمين
والمسيئة لمعتقداتهم ومقدساتهم.
الاحتجاجات
الرسمية على الرسوم ابتدأتها
طهران وتلتها إسلام أباد وكابول,
فيما لم تتحرك عاصمة عربية حتى
كتابة هذا المقال لتلتحق بحملة
ألاحتجاجات على هذه الإساءة
الجديدة والكبيرة للرسول صلى
الله عليه وسلم. إيران والتي
تحاول من خلال تلك المواقف أن
تتبوأ دورا رياديا في
العالم الإسلامي وللتغطية على
أدوارها المشبوهة في تدمير
العراق والتسبب بمقتل عشرات
الآلاف من أبنائه والدخول في
مفاوضات مع الأمريكيين لتقاسم
الغنائم فيه والعبث بسلامة
لبنان وإشعال الحروب على أرضه
في صراع محموم على النفوذ في
المنطقة العربية بينها وبين "إسرائيل"
وأمريكا تحت مسميات عقائدية
واهية وشعارات أسلامية واهنة.
التقصير والقصور العربي الرسمي
هو الذي يشجع الآخرين ويحرضهم
على منطقتنا وعلى عقائدنا ويدفع
بكثير من الشباب إلى تيارات
العنف والتطرف.
ما
الذي يدفع صحيفة بعد أخرى
ووسيلة إعلام تتلوها ثانية
وإعلاميين وسياسيين غربيين
للتهجم على الإسلام والاعتداء
الصارخ على مقدساته والانتهاك
السافر لمحرماته والإساءة
لنبيه صلى الله عليه وسلم؟ وهل
هذه الحملات المتتالية
والمتوالية منسقة ومرتبة أم
أنها مبعثرة ومختلفة وإن جمعتها
الأحقاد ووحدت بينها سواد قلوب
أصحابها؟ الكثير من وسائل
الإعلام الغربية تمتلكها
وتحتكرها جهات معينة تخدم أجندة
سياسة واضحة والأمر كذلك, فإنني
أرجح أن تلك الحملات والرسوم
والكتابات منسقة ومبرمجة لتخدم
أهدافا مرسومة وغايات معينة
ومحددة.
وقبل
أن نحاول سبر تلك الغايات دعونا
نعترف أن ما يشجع الحاقدين على
الإسلام وأهله على شن حملاتهم
المسعورة وقذف سهامهم المسمومة
هو يقينهم بأن غاية ردود
ألأفعال الإسلامية لا يتجاوز
المواقف العاطفية والتي ما تلبث
أن تخبو وتتلاشى ولتتشكل على
أرض الواقع ألإعلامي والرسمي
حقائق القدرة على الاعتداء على
الإسلام وتيسير الطريق وتعبيده
للساعين لمواصلة هذه السبل
الوضيعة والطرق الشائنة في
الإساءة للإسلام وأهله. خذ مثلا
ما حدث مع الدانمرك, فلم يتلقى
المسلمون رغم مظاهراتهم
واحتجاجاتهم العارمة اعتذارا
واضحا ولم يتجاوز الأمر حدود
الأحاديث الغائمة والهلامية بل
إن التغطية على التجاوزات
الدانمركية شارك فيها ما يسمى
بالدعاة الجدد. في 15 من شهر
حزيران الماضي نشرت صحيفة عربية
صادرة من لندن على صفحتها
الأخيرة خبر قيام سفير دولة
عربية إسلامية كبرى بالاحتفال
بوفد تجاري من عاصمة بلاده يقوم
بزيارة لكوبنهاجن ردا على زيارة
وفد تجاري دانمركي لعاصمته
لتشجيع الحركة التجارية بين
البلدين. إذن الإساءة للرسول
صلى الله عليه وسلم انتهت
بتشجيع الحركة التجارية بين
كوبنهاجن والعاصمة العربية
الكبرى!!!
من
بابا الفاتيكان الى الهجمات
الاعلامية المحمومة المترافقة
مع الحملات العسكرية, تبدو تلك
الجهود المحمومة والسهام
المسمومة جزء من حرب ضارية
تستهدف الاسلام عقيدة وفكرا
والمسلمين مكانة ومقدرات
وإمكانات. حرب تحمل مسميات
مختلفة وشعارات متعددة من قبيل
الحرب على الارهاب الى تطبيق
القانون الدولي الى التدثر
بحقوق الانسان وما إلى ذلك,
لكنها في المحصلة تستهدف إبقاء
المسلمين في دائرة الاستهلاك
والتخلف وترمي الى إستعمارهم
وإن كان بوسائل وأشكال حديثة
ومختلفة عن الاستعمار السابق
والذي خرج عسكريا من ديارنا وإن
بقيت خلاياه السرطانية منتشرة
في مرافق حساسة من جسم الامة
وعقلها.
بالنسبة
للغرب والذي يعاني من الافلاس
الاخلاقي والانهيار القيمي
يشكل الاسلام بديلا حضاريا
ومنافسا فكريا كبيرا, يتبدى ذلك
من كون الاسلام الدين الاسرع
إنتشارا في الغرب على الرغم من
الاوضاع الصعبة والبائسة لعموم
المسلمين والحملات الشرسة
والتي تستهدف الاسلام ومقدساته
بالتشويه والانتقاص. القوة
الذاتية للإسلام وقدرة الاسلام
على إحتواء البائسين والباحثين
عن الغذاء الروحي والاستقرار
النفسي والهاربين من بؤس
المادية الغربية الطاحن تشكل
عاملا بارزا في إثارة احقاد
وضغائن خصومه ووقودا لهجماتهم
البذيئة عليه وعلى رسوله صلى
الله عليه وسلم وعلى مقدساته
وحرماته.
الوجود
الاسلامي في الغرب وخروج الجيل
الثاني والثالث من المسلمين
والذي يشكل شيئا فشيئا ثقلا
سياسيا ورقما انتخابيا اصبح
يشكل عبئا على الذين يتعاملون
مع الاسلام بمنطق العدواة
والاحقاد التاريخية. التهجم على
الاسلام والمسلمين بتقديري
يهدف ايضا لإستفزاز مسلمي الغرب
وجر بعضهم لإتخاذ مواقف عنفية
لتكون حجة وذريعة تستخدم
للمطالبة بسن القوانين
والتشريعات للتضييق عليهم
ومحاصرتهم في دينهم وقيمهم كما
حصل بمسألة الحجاب في فرنسا
لدفعهم الى مغاردة بلدانهم
الغربية والتفكير في الهجرة
منها.
الحملات
والكاريكاتيرات والتصريحات ضد
الاسلام واهله –برأيي- ستزداد
عددا وتشتد حدة وفحشا, ومع كل
ذلك فعلى المسلمين إلتزام جانب
الحكمة والتعقل وعلى الردود ان
تكون هادئة وحازمة. فمنطق حرية
التعبير يسقط امام نقاش هادئ
بأن تلك الحرية تتهاوى حين
الاقتراب من الهولوكست,
والاستفسار عن السبب في كون تلك
الهجمات تتركز على الاسلام دون
غيره من الاديان والتي يعبد
اتباعها الحجر والحيوانات
والشياطين, وعن أن احد من اولئك
الاقزام لا يجرؤ على الاقتراب
من جرائم الصهاينة ناهيك عن
الحديث عن تحريض كتبهم "المقدسة"
على القتل والحرق والاغتصاب
سيرفع اكثر من علامة استفهام قد
تنجح في إزالة الكثير من
الغشاوات عن عقول وبصائر اصحاب
الضمائر الحية والمنطق القويم
في الغرب وغيره. علينا الا نسطح
الامور ولا ان نضع الغرب
والغربيين في سلة واحدة, فهناك
الكثير من المنصفين من الغربيين,
والذي يسعى من يقف وراء الحملات
المسمومة لدفعهم لمعاداة
الاسلام وجعلهم طرفا فيها,
علينا ان لا ننجر لمخاصمة كتل
بشرية كبيرة ليست طرفا في
الاساءة إلينا والى ديننا
وعقديتنا. الهجوم الرخيص
والبذيء على النبي صلى الله
عليه وسلم يظهر وبجلاء إفلاس
ووضاعة اصحابه ومن يدعمهم
ويؤازرهم, ونتائجه قد تنقلب
عليهم وستدفع الكثيرون ليسألوا
ويستفسروا عن الاسلام ونبيه
والتي من الممكن ان تكون سبيلهم
للهداية وللصراط المستقيم.
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|