ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 05/09/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


ــ

ظاهرة الشلل السياسي في التفاعل مع القضية الفلسطينية

أ.د. محمد اسحق الريفي

أصبح العقد الاجتماعي بين النخب الحاكمة والمحكومين في البلاد العربية بلا معنى، فقد غيبت هذه النخب شعوبها سياسياً، وغاب الدور المنشود للرأي العام العربي إلى حد أصبح من المستحيل عنده اتخاذ مواقف شعبية مؤثرة تجاه قضايا الأمة، وعمت فوضى المسؤولية، وانعكس ذلك سلبياً على التعاطي مع القضية الفلسطينية، مجسداً ظاهرة الشلل السياسي، وهي ظاهرة لا علاج لها إلا بإعطاء القضية الفلسطينية ما تستحقه من اهتمام وأولوية.

 

وتتجلى ظاهرة الفشل السياسي – التي تفشت في مجتمعاتنا العربية – في السلبية وعدم الفاعلية التي تتسم بها الشعوب، والتي تجعلها تنتظر المصائب دون أن تحرك ساكناً لتفاديها أو منع تفاقمها، وإذا ما حلت تلك المصائب بهذه الشعوب، تكاد ردة فعلها تقتصر على الانفعال العفوي غير الموجه، فتتعدد وجهات النظر، وتتشتت المواقف، ويسود الإحباط والتثبيط، ويبادر البعض إلى جلد الذات، وتختلق الشعوب الأعذار الواهية لتبرير صمتها وعجزها عن الدفاع عن الأمة.

 

كما تتجلى هذه الظاهرة في وصول الشعوب إلى قناعة بأن مخططات أعداء الأمة ومؤامراتهم ضدنا نافذة ومتحققة لا محالة، وأنه لا سبيل لهذه الشعوب للقيام بأي فعل للتصدي لمؤامرات الأعداء ونصرة قضايا الأمة، حتى لو كان هذا الفعل لا يحتاج سوى إصدار بيان أو الصدع بكلمة الحق، فهناك يأس واضح من محاولة حشد الرأي العام من أجل القيام بأي عمل شعبي مؤثر.

 

ومن أعراض مرض الشلل السياسي، عدم تحمل المسؤولية وإلقاء اللوم على الآخرين فيما يصيبنا من مصائب، والأوضاع المأساوية التي يعشها الفلسطينيون تشهد على ذلك، خاصة في غزة التي لها حدود مع بلد عربي كبير، ورغم هذا فهي تحاصر ويجوع أهلها وتغرق في الظلام بسبب نفاد الوقود اللازم لتشغيل محطة توليد الطاقة، بينما يصل الغاز الطبيعي المصري والنفط العربي إلى كيان الاحتلال الصهيوني.

 

وربما يزيد من شدة أعراض هذا المرض المزمن أن الشعوب العربية قد أدمنت جهل وتجاهل الحقائق المتعلقة بالمخططات الأمريكية والصهيونية والممارسات الغربية المعادية لأمتنا، حتى وإن تم تقديم هذه الحقائق لشعوبنا على طبق من ذهب، ولا يقتصر هذا التجاهل على عامة الشعب، بل حتى النخب تميل دائماً إلى تجاهل تلك الحقائق والتغاضي عنها، وكأن أمتنا لا تواجه هجمة صهيوصليبية شرسة تستهدف وجودنا وتسعى للهيمنة على بلادنا.

 

ولهذه الظاهرة آثار سلبية وخطيرة كثيرة على القضية الفلسطينية، فالتعاطي الشعبي مع هذه القضية يدل على أنها فقدت فعلياَ مكانتها الحقيقية ولم تعد تحظى بأولية اهتمام الحركات السياسية العربية والإسلامية، وهذا هو مكمن الداء، أما الدواء فيكمن في الفهم الصحيح لموقع القضية الفلسطينية من الصراع الحضاري والتفاعل معها على هذا الأساس.

 

إن الفهم الصحيح للقضية الفلسطينية يقتضي النظر إلى فلسطين على أنها جبهة الصراع الأوسع والأقدم والأكثر سخونة وأهمية في الصراع بين الحضارة الإسلامية والحضارة الغربية، وهو صراع بين الحق والباطل: الحق المتمثل في الإسلام وأهله، وباطل يتمثل في الكفر وأهله.

 

ووفقاً لهذا المفهوم الصحيح، فإنه من الخطأ القول إن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للمسلمين، فالقضية المركزية للمسلمين هي الانتصار في هذا الصراع الذي تتزعم فيه الولايات المتحدة الأمريكية الباطل، وأقصد بذلك أن تصبح قضية الانتصار في هذا الصراع على قمة الأولويات الإسلامية وفق استراتيجية إسلامية واضحة، وضمن إطار عمل إسلامي يجمع الصفوف ويوحد المواقف والسياسات وينسق الجهود.

 

ويتحقق انتصار المسلمين في هذا الصراع الحضاري عندما تتحرر الأوطان والشعوب، وتنهض الأمة من جديد، وتعود الخلافة الإسلامية، وتقوم الأمة بواجبها في تبليغ رسالة الإسلام إلى العالمين، وتتحقق لها أستاذية للعالم.

 

أما الشعب الفلسطيني فهو رأس حربة المسلمين في هذا الصراع، وحركة المقاومة الإسلامية "حماس" هي قائدة الجهاد والمقاومة على هذه الجبهة، وهي التي تحمل لواء الحق وتحمي المقدسات الإسلامية في فلسطين، وهي التي تدافع عن الحقوق الفلسطينية والكرامة العربية والإسلامية.

 

ويمثل اليهود والصهاينة المحتلون لفلسطين رأس حربة أعداء أمتنا، ومهمة هؤلاء المرتزقة محاربة المسلمين وإعاقة النهضة الإسلامية التي تقوم على أساس توحيد الشعوب المسلمة وإزالة الحدود الجغرافية بينها وإعادة الخلافة الإسلامية، ولذلك فهم يسعون لإقامة كيان سرطاني لهم في قلب الأمة انطلاقاً من فلسطين، ليتسنى لهم وللأمريكيين الهيمنة على بلادنا واستعباد شعوبنا.


وكما أن أعداء الأمة الصليبيين والصهاينة يدعمون أولئك المرتزقة في شتى المجالات وبكل السبل، فإن على الشعوب الإسلامية أن تجد من يحارب عنها في هذه الجبهة، وحركة "حماس"، بقوتها السياسية والعسكرية والشعبية، وبسلامة منهجها ورؤيتها، هي خير من يحمل لواء الجهاد ويقوده على هذه الجبهة، ومن يتخلى عن دعم "حماس" بما يتناسب مع حجم المؤامرات ضدها، فقد حكم على نفسه بالقعود عن الجهاد في سبيل الله.

 

ولقد فتح دخول "حماس" إلى جبهة الصراع السياسي على كل المستويات آفاقاً سياسية واسعة هيأت للمسلمين المساهمة في صد الهجمة الصهيوصليبية على الأمة، ومنحت الفرصة لكل المسلمين كي يحظوا بشرف الدفاع عن الأمة.

 

لذلك فإن تأييد "حماس" ودعمها هو اختبار الانتماء الحقيقي للإسلام، فحركة "حماس" – ومعها حركة الجهاد الإسلامي وأحرار الشعب الفلسطيني وشرفاؤه – تخوض الصراع مع أعداء الأمة نيابة عنها، ولمَّا تحالف أعداء الإسلام على "حماس" وتكاتفوا ضدها ورموها عن قوس واحدة، كان لزاماً على المسلمين ألا يدخروا جهداً في تأييد "حماس" ودعمها.

 

ومما يؤسف له أن الكثيرين من العرب والمسلمين يبررون عدم اهتمامهم بالقضية الفلسطينية بالنزاع الدائر بين حركتي "فتح" و "حماس"، والحقيقة – التي يجب على العرب والمسلمين أن يقنعوا أنفسهم بها – أن هذا النزاع بين الحركتين هو جزء من الصراع بين الحق والباطل، فقد انضمت "فتح" عملياً إلى جبهة الأعداء ورضيت أن تكون أداة طيعة بيدهم ضد شعبنا وشريكاً لهم في مؤامراتهم ومخططاتهم ضد "حماس"، ولهذا فقد حظيت "فتح" بتأييد هؤلاء الأعداء ودعمهم المالي والسياسي والعسكري.

 

ولذلك فلا عذر لمن نفض يده من هذه الجبهة، جبهة فلسطين، وتخلى عن شعبنا ولم يكلف نفسه حتى أي شيء حتى متابعة أخبار هذه الجبهة، وذلك بحجة أن الفلسطينيين يقتتلون فيما بينهم.  فإن الشرع والمنطق يقتضي أن يكون للمسلمين حضور على هذه الجبهة ودور في هذا الصراع، فكيف يتحقق لهم ذلك ما لم يدعموا من يقف في وجه الأعداء ويصد هجمتهم عن الأمة..؟!!

 

إن الشعب الفلسطيني اليوم يعاني مرارة الحصار والتجويع، ويتعرض إلى الابتزاز، ويساوم في دينه وحقوقه، ويراود عن كرامته وإرادته، بينما يتعامل تيار عميل مع القضية الفلسطينية على أنها مشروع استثماري، فمن يدفع لهم أكثر يحق له أن يحدد مصير شعبنا ويصادر ما يشاء من أرضه وحقوقه وحريته وكرامته، ويكاد صبر الشعب الفلسطيني ينفد لولا تثبيت الله عز وجل للمؤمنين من أبناء شعبنا.

 

إن التفاف المسلمين حول "حماس" ودعمهم لها وفهمهم الصحيح للقضية الفلسطينية وتفاعلهم معها بما يمليه علينا الواجب الديني والوطني والإنساني هو الوسيلة الوحيدة للقضاء على ظاهرة الشلل السياسي، فإلى متى نبقى نعاني من هذه الظاهرة وقد عرفنا طريقنا إلى القضاء عليها..؟!

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ