ــ
خديعة
الحلفين المتضادّين ، الفارسي
والأمريكي ..
ووقوع
السذّج في حبالها المهلِكة !
ماجد
زاهد الشيباني
ما يزال بعض السذّج
والبسطاء و(الأبرياء!) ،
يتحدّثون ببراءة عجيبة ، عن
حلفَين متضادّين متصارعين ، في
منطقتنا العربية ، هما الحلف
الأمريكي الصهيوني، ومعه بعض
الدول العربية .. والحلف
الإيراني السوري ، ومعه حزب
الله اللبناني..! ويرون الأمل
كله ، في الحلف الفارسي السوري ،
وتابِعهما حزب الله اللبناني ..
لإنقاذ الأمّة الإسلامية كلها ،
وضمنَها الأمّة العربية ، مِن
براثن المشروع الصهيوأمريكي ،
المتوحش الشرس ! ويوجِبون على
أنفسهم ، وعلى أبناء الأمّتين ،
العربية والإسلامية ،
الانحيازَ إلى المشروع الفارسي
السوري، المقاوم الممانع .. بلا
تردّد ، ولا جدل ، ولا مناقشة!
ولا شكّ أن ثمّة
براعة نسبية ، في الإخراج
السينمائي الإعلامي ، جعلت بعض
الغافلين يقعون فريسة لهذا
التضليل .. مع أنه مكشوف ، إلى
درجة كبيرة ، لمن لديه شيء من
الوعي السياسي ، وشيء من القدرة
على التفكير الجادّ ، والتحليل
المنطقي ، لما يراه أمامه صباح
مساء ، على أرض الواقع ، بل وحتى
في التصريحات العلنية ، التي
يسمعها العالم كله ، في وسائل
الإعلام !
ولعلّ
عرضَ بعض الحقائق ، ممّا تتضمنه
الأقوال والأفعال ، يسهِم في
إيضاح الصورة ، لهؤلاء الغافلين
المخدوعين ، الذين لا مصلحة
لديهم في الإصرار على غفلتهم
وانخداعهم..! ـ أمّا من له مصلحة
في الإصرار، فأمره مختلف ـ ومِن
هذه الحقائق الواضحة ، التي
تَشرح نفسَها بنفسها :
· لقد تعاونت
إيران مع أمريكا ، بشكل قويّ
جادّ ، في إسقاط حكومة طالبان،
في أفغانستان . وقد صرّح عدد من
كبار قادة الفرس بهذا التعاون ،
يَمنّون به على أمريكا ، معلنين
في وسائل الإعلام المختلفة ،
أنه لولا مساعدتهم لأمريكا ،
لما استطاعت إسقاط نظام طالبان !
· ولقد جرّت إيران ،
الحكومة الأمريكية ـ بقيادة بوش
ـ جراً ، إلى احتلال العراق ،
عبر مواطنيها الفرس ، الذين
يعيشون في العراق ، ويحملون
الهوية العراقية..! وذلك بالوعود
البرّاقة ؛ بأن العراقيين
سيستقبلون الجيش الأمريكي
بالأزهار والرياحين ! وهذا أمر
واضح ، معروف مكشوف ، كذلك ،
ولاعبوه العراقيون الفرس ما
يزالون يلعبون بمصير العراق
والعراقيين ، في حلف همَجي مقيت
، يقتلون بموجبه ، مئات الآلاف
من أهل السنّة ـ بذريعة الإرهاب
ـ ! ويهجّرون مئات الآلاف من
مدنهم وقراهم، إلى خارج العراق
، أو إلى أماكن أخرى داخل العراق
، يعيشون فيها بائسين مشرّدين !
وما تعجز عنه فِرق الموت في
وزارة الداخلية ، ـ مِن قتل
وتهجيرـ تحرّض عليه عساكر (المارينز)
الأمريكي ، فيهبّ هذا المارينز
المتحضّر، بدبّاباته ،
وطائراته المقاتلة ، ومروحياته
.. ليحرق الأخضر واليابس ،
ويدمّر البيوت والمدن على رؤوس
أهليها ، وكل ذلك بحجّة مكافحة
الإرهاب أيضا ! وما تزال الحملات
المشتركة ، بين الأمريكان وفرس
العراق ، قائمة حتى الساعة ،
منهمكة في تدمير مدن السنّة
وأحيائهم، وفي ذبح أطفالهم
وشيوخهم ونسائهم ! وما يزال
المعتقلون ، من أهل السنّة
العراقيين ، وأبناء الدول
العربية الأخرى ، من سوريين ،
وفلسطينيين، ويمنيين ،
وسودانيين ،
ومصريين ، وغيرهم.. ما يزال
هؤلاء موزّعين ، بين سجون
الاحتلال الأمريكي في العراق ،
وسجون الاحتلال الفارسي الصفوي
، في العراق أيضا..! والتي تديرها
أجهزة الاستخبارات الإيرانية،
عَبر الفرس ، حملَة الهوية
العراقية ، الذين بَحكمون
العراق بسلطاته كلها:
العسكرية ، والأمنية ،
والقضائية ، والتشريعية ،
والتنفيذية..! وخطّة بوش الأمنية
الجديدة ، التي أوكَل إلى رئيس
وزراء العراق الصفوي ، المالكي
، تنفيذَها ، بدعم العسكر
الأمريكي .. ما تزال قائمة على
قدم وساق ، في ذبح السنّة ،
وتدمير أحيائهم ومدنهم .. مع بعض
المداعبات ـ ذراً للرماد في
العيون ، وخداعاً لأهل السنّة ،
في العراق وغيره ـ .. المداعباتِ
الخفيفة ، لِفرق الموت
الإيرانية ، المحسوبة على وزارة
الداخلية العراقية ، والتي
يقودها الحكيم الطبطبائي ،
والربيعي ، والصدر.. الذي دخلَ
لعبة الموت ، بتيّاره ، و(جيشِ
مَهديّه !) ولن يتمكّن من الخروج
منها ، فيما يبدو، إلاّ أن تخرج
نفسه من بين جنبيه ! بعد أن
استدرجه الفرس وأعوانهم ،
وحوّلوا اتّجاه سلاحه عن صدور
الأمريكان (الحلفاء!) ، الذين لا
ثأر له معهم ..! إلى صدور السنّة (النواصب!)
الأعداء التاريخيين ، الذين
يَعدّ قتلَهم قربة إلى الله ،
وأخذاً بثأر الحسين ، الذي قتِل
قبلَ أربعة عشر قرناً، على أيدي
مجرمين ، محسوبين على السنّة
النواصب ! وما يزال ثأره قائماً
، لأن دمه سيظلّ معلّقا في رقبة
كل ناصبي على وجه الأرض ، حتى
يَرث الله الأرض وما عليها !
· وآخر تَجلّ ،
من تجليات اللعبة الشيطانية
المشتركة ، بين الطرفين الفرس
والروم ، هو ما استقرت عليه
الصورة ، في الأيام الأخيرة ، من
عملية تبادل الأدوار :
- الفرس
يَستخدمون الأمريكان ، في عملية
تصفية أهل السنة في العراق .. وفي
الوقت ذاته ، يظهِرون العداء
للأمريكان والصهاينة ! ويهدّد
الرئيس الإيراني دولةَ
الصهاينة ، بالإزالة من على ظهر
الأرض ..! كما تقّدم الدولة
الفارسية ، بعض الدعم المالي ،
والكثير من الدعم الكلامي ،
للشعب الفلسطيني والقضية
الفلسطينية ! ممّا تَضنّ به بعض
الدول العربية ، أو تتهيّب من
تقديمه، مخافةً من غضب الصهاينة
، الذي يؤدّي إلى غضب أمريكا !
وفي الوقت ذاته أيضاً ، يثبِت
الفرس للأمريكان والصهاينة ، أن
لا مشكلة معهم ، ألبتّة؛ فليس
ثمّة عداء تاريخي معهم ! وأحقاد
الفريقين على السنّة واحدة ،
متقاربة في الشدّة والعمق ! بل
إن أحقاد الفرس على السنّة
النواصب ، أشدّ وأعمق بكثير، من
أحقاد الأمريكان واليهود على
أهل السنّة ، الذين يشكّلون
خطراً على الجميع ، كما شكّلوا
عبر تاريخهم الطويل ، خطراً على
الجميع ، الذين كانوا يتعاونون
في كل مرّة .. كلّ مِن موقعه ،
وحسب قدرته .. في الحروب
الصليبية ، وفي حروب أوروبّا مع
العثمانيين ، قبل بضعة قرون ـ
حين تعاون الشاه إسماعيل الصفوي
مع الأوروبّيين ، ضدّ الدولة
العثمانية المسلمة .. ـ فضلاً
عمّا وردَ آنفاً ، مِن تعاون
الفرس مع الأمريكان ، في احتلال
أفغانستان والعراق ! كما أن
السلاح النووي ، الذي تصرّ
إيران على امتلاكه ، إنّما هو
لتهديد دول السنّة، والهيمنة
عليها ، وإبادتِها إذا اقتضى
الأمر، وإراحةِ الأمريكان
واليهود، والأوروبيين ،
والعالم كلّه .. مِن شرّ الإسلام
والمسلمين ، إلى الأبد ! وهو ما
عجزت عنه أوروربّا بأسرها ، في
عزّ هجمتها الاستعمارية ضدّ
العالم الإسلامي ! وعلى هذا تكون
إيران ، أوثقَ حليف في العالم
الإسلامي ، للغرب عامّة ،
ولأمريكا خاصّة .. ضمن أيّ
اتّفاق يقِرّ بدورها الإقليمي
في المنطقة العربية . وإذا كانت
قد ساعدت أمريكا على احتلال
أفغانستان والعراق ، فهي
مستعدّة لمساعدتها على احتلال
السعودية ، ومصر، واليمن ،
والسودان ، ودول المغرب العربي
كلّه ، بل دول العالم الإسلامي
كلّه ، بما فيه المنطقة العربية
كلها !
· هذا ما تدلّ عليه الحقائق على الأرض ،
لمَن يجيد رؤية الواقع وقراءته
، من خلال معادلاته الماثلة
للعيان ، بما فيها من أقوال
وأفعال ، ونيّات تكشفها الأقوال
والأفعال ! لا مِن خلال العيون
العمْي ، والآذان الصمّ ،
والعقول المتبلّدة ، التي
تتحكّم بها شعارات زائفة ، يرى
زيفَها كل مَن لديه ذرّة من
تفكير سليم !
· أمّا أمريكا ، التي تمرّست بلعبة
الفزّاعات في المنطقة ، منذ
احتلال العراق للكويت ، وإخراجه
منها في عملية عاصفة الصحراء ،
واستخدام العراق فزّاعة ،
لابتزاز دول الخليج العربي ،
لإبقاء قوّاتها فيها ،
وأساطيلها في مياهها ، ولبيعها
صفقات أسلحة بمئات الملايين ..
فقد وجَدت في الفزّاعة
الإيرانية الجديدة ، أفضلَ بديل
عن فزّاعة صدام حسين ! وستظلّ
تمارس اللعبة ذاتها ، سنوات
عدّة ، حتى تَستنزف الخليج كله ،
نفطاً وأموالاً ..! وعندئذ توضع
للمنطقة معادلات جديدة ! هذا إذا
لم يتحرك بعض الصفويين، في بعض
دول الخليج ، بتحريض من إيران ،
ويَجرّوا أمريكا إلى احتلال
بلدانهم ، بالطريقة ذاتها ،
التي احتلّت بها العراق ،
وبالتعاون الصفوي ذاته، من قِبل
إيران ، وصفويي الخليج ، الذين
تحركهم استخبارات إيران كما
تشاء ! وليست مصر، والسودان ،
واليمن ، ودول المغرب العربي ..
التي ينتشر فيها التشيّع اليوم
، بعيدة عن هذا المصير!
· ويبقى السؤالان
الأخيران :
- إلى متى يبقى (الأبرياء!)
، مخدوعين بحكاية الحلفَين ،
المتضادّين المتصارعَين ..
الأمريكي والإيراني !؟
- هل أتَينا ، في كل ما قلناه ، في هذه
السطور ، بشيء من عندنا ، لا
تدعمه الأدلّة الحيّة ، على
مستوى الأقوال والتصريحات ،
وعلى مستوى الممارسة العملية
على أرض الواقع ! وإذا كنّا قد
أشرنا إلى خطوات معيّنة ، تحتاج
إلى سنوات لإتمام تنفيذها .. فإن
هذه الخطوات مجرّد محطّات
معروفة ، على طريق معروف ! كمن
يسير بين مدينتين يعرف بُعدَ
المسافة بينهما ، ويعرف
المحطّات والعلامات الموجودة
على الطريق ! والفَرق يكمن في
السرعة التي يتمّ فيها التحرك
بين المدينتين .. كما يكمن في
السرعة التي يتحرك بها المشروع
الإيراني الصهيوني
الأمريكي ، للوصول إلى مراحله
الأخيرة ! وتبقى أقدار البلاد
والعباد بيد الله وحده ، فالحكم
كلّه له .. وهو لا يشرك في حكمه
أحداً !
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|