ــ
ومضات
محرّضة (2)
حين
يصبح منصب الإفتاء منصباً
سياسياً ، ويصبح التمَذهب
الديني سياسة ..
لابدّ
من التعامل السياسي مع الأمر..!
عبدالله
القحطاني
•
منصب المفتي في سورية منصب
سياسي ، لا يحصل عليه ، في العهد
الحالي ، إلاّ واحد من ثلاثة:
1- رفيق بعثي مناضل ( وكل رفيق هو
مخبر بالضرورة ، وبتكليف دائم
يعَدّ من مقتضيات الانتساب إلى
الحزب ! وهو تقرير تجسّسي ، إلاّ
أنه يقدَّم للمسؤول الحزبي،
بصفته تقريراً حزبياً .. وهذا
يوصله إلى أجهزة المخابرات !).
2- مخبر لأجهزة الأمن .
3- غير معارض للحكم ، ونظيف السمعة
، ولديه مؤهّلات حقيقية ،
تستفيد منها السلطة القائمة ،
بتلميع صورتها أمام الناس ، من
خلال نظرة الاحترام ، التي
يكنّها الناس لشخص المفتي !
وإذا
كان النموذج الأخير، هو أفضل
النماذج ، وهو السلوك الطبيعي ،
الذي يسلكه أيّ نظام حكم يحرص
على رضى شعبه ، وتحسين صورته
أمامه .. فإن هذا النموذج ، هو
الحالة النادرة في سورية ، التي
لا تحصل إلاّ في ظروف خاصّة ،
ولمدد قصيرة ، يَتعب فيها
المفتي ، قبل أن يتعب أجهزة
الأمن ، التي تتوقّع منه (ردّ
الجميل !) على مَنحه المنصب ،
بكتابة تقارير عن أبناء بلده !
وحين تجده لا يبادلها (معروفا
بمعروف!) تصرفه ، وتأتي بصاحب
الأهلية الحقيقية ، التي
يحتاجها النظام الحاكم ، من
الصنفين الأول والثاني !
• وكون
منصب الإفتاء سياسياً ، لا يلغي
الهدف من وجوده ، وهو إصدار
الفتاوى الشرعية للناس ، في
بلدة المفتي ، أو مدينته ، أو في
الدولة كلها ، إذا كان المنصب هو
منصب المفتي العامّ في البلاد .
• وهذا
يقتضي ، بالضرورة ، أن يكون
المفتي ـ أياّ كان حجم منصبه ـ
من أبناء الملّة الذين
يفتيهم في أمور دينهم . (
قديماً كان لكل مذهب ، من مذاهب
السنّة الأربعة المعروفة ، مفتٍ
خاصّ بالمذهب ، مثل : مفتي
الأحناف ، ومفتي الشافعية ..!).
• في
الآونة الأخيرة ، صار منصب
الإفتاء لعبة خطيرة ، إذ صار
يعيَّن لأبناء البلاد، مفتون من
غير ملّتهم ، من مذهب مخالف
لمذاهب السنّة كلها ، مخالفة
شديدة ، لا في فروع الدين ، بل في
أصوله ! فصار النظام الحاكم ،
بحكم طبيعته الطائفية ، وصلته
الحميمة بالنظام الإيراني ،
يعيّن مفتين من أتباع المذهب
الشيعي ، الجعفري الاثني عشري ،
ليفتوا لأهل السنّة ، الذين
يشكّلون الأكثرية الساحقة في
البلاد !
• ولقد
كان المفتون المتشيّعون الجدد ،
يَحرصون على كتم تشيّعهم (سياسة..
أو تقية) ، أو تنفيذاً لأوامر
صادرة من أجهزة المخابرات التي
عيّنتهم ، سواء على مستوى مفتي
مدينة مثل: ( مفتي حلب ) ، أو على
مستوى المفتي العام للدولة !
إلاّ أن جملة من الأمور، جعلتهم
يتساهلون في كشف مذهبهم ، أو لا
يتحرّجون كثيراً من الاتّهام
بالتشيّع ! ومن هذه الأمور ،
قوّة التمدّد الإيراني في
المنطقة العربية ، (وإيران هي
الدولة التي
ينتمي هؤلاء المفتون
المتشيّعون إلى مذهبها) ،
واضطرارهم إلى الحديث عن مذهب
آل البيت ، في الفضائيات ، وفي
وسائل الإعلام الأخرى .. سواء في
المناسبات الدينية الشيعية ، أو
على سبيل الدعاية للإنجازات
الشيعية الإيرانية ، مثل حرب
نصر الله مع الصهاينة ، في
جنوب لبنان ..! إضافة إلى حاجة
الفضائيات الشيعية في المنطقة ـ
لاسيما قناة المنار، التابعة
لنصر الله ـ إلى رجال محسوبين،
ظاهراً ، على مذهب أهل السنة ،
لهم مواقع معيّنة في بلدانهم ،
للحديث حول الشيعة وانتصاراتهم
، وحول مذهب أهل البيت ، ومنزلة
الأئمة ، ومقتل الحسين ،
وعاشوراء .. ونحو ذلك ، ممّا
يضطرَ المتحدّث إلى الكشف عن
خبيئة نفسه ، وحقيقة انتمائه !
• والسؤال
المطروح هنا ، وهو سؤال تحريضي ،
بالضرورة ، هو : ما النتيجة التي
يتوقّعها هؤلاء العابثون ، من
عبثهم الخطير هذا ، سواء أكان
هؤلاء العابثون ، رجالَ الإفتاء
المتشيّعين ، المعيّنين ليفتوا
لأهل السنة .. أم كان العابثون هم
رجال المخابرات، الذين عيّنوا
هؤلاء المفتين في مواقعهم ، دون
اكتراث بمشاعر الأكثرية من أهل
السنة ، سواء أكانت هذه المشاعر
دينية ، أم اجتماعية ، أم وطنية !
نقول : ماذا يتوقّع هؤلاء
المفتون العابثون ، وضبّاط
المخابرات الذين عينوهم .. مِن
أهل السنّة ، اليوم ، أو غدا ، أو
بَعد غد ..!؟ ومن يتحَمل عواقب
هذا العبث ، والتداعياتِ
الناجمة عن ردّات الفعل ، ضدّ
العبث وأصحابه ..!
• وهنا
يكون التحريض ، الذي يحمله
السؤال ، منصباً على الحِسّ
الإيماني العَقَدي، لدى
المفتين ، الذين يدركون ، أكثر
من معلميهم ضبّاط الأمن ، أن
التلاعب بالمشاعر الدينية ، أمر
بالغ الخطورة ، على المتلاعِب
نفسه أولاَ ، وعلى أبناء البلاد
عامة ..!
• كما
ينصبّ التحريض ، أيضاً ، على
العقل السياسي لدى الفريقين :
رجالِ المخابرات، وأتباعهم
رجال الإفتاء .. لأجل حساب
التداعيات السلبية ، المتوقعة
على الأرض ، بين أبناء السنّة ،
الذين يعيّن لهم رجال فتوى مِن
غير ملّتهم ( بصرف النظرعن
ادّعاء أصحاب التقية ، بأنهم مع
السنّة أبناء ملّة واحدة ! وهم
يدركون جيداً ، أن ما يفرّق
بينهم وبين أهل السنة ، في
العقائد ، يجعلهم ملّتين
مختلفتين تماماً ، سواء فيما
يتعلق بعصمة رجال من غير
الأنبياء ـ ومنحِهم صفاتٍ من
صفات الألوهية ـ ، أو فيما يتعلق
باتّهام الشيعة لأمّهات
المؤمنين ، اللواتي نصّ القرآن
على طهارتهن ،أم فيما يتعلق
بحفظ القرآن ، من النقص الذي
ينسبه إليه الشيعة ، أم فيما
يتعلّق بصحابة رسول الله ،
الذين أثنى عليهم الله في كتابه
، وبشّرَ نبيّه بعضَهم بالجنّة
، بينما الشيعة يكفّرونهم !
• فهل
حرّض السؤال المطروح ، أو هذه
السطور كلها ، حساً دينياً ، أو
عقلاً سياسياً لدى أحد من
المعنيين بالأمر..؟ أم أنهم لن
يَستبينوا الرأي إلاّ ضحى الغد !؟
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|