ــ
ومضات
محرضة (3)
المعارضة
السورية لا تريد شيئاً ،
سوى
حقوق الوطن ، وحقوق المواطن فيه!
عبدالله
القحطاني
السؤال
المطروح على المعارضة ، بسائر
أطيافها وتوجّهاتها ، هو: ماذا
تريد المعارضة؟
هذا السؤال طرحته المعارضة على
نفسها ، وأجابت عليه ، قبل أن
يطرحه عليها الآخرون .
والإجابة
المتكرّرة إلى حدّ الإملال ، هي
، ببساطة : المعارضة لا تريد
شيئاً ، سوى حقوق الوطن الذي
تعيش فيه ، وحقوق المواطنين
الذين تعيش بينهم ، وتمثل
الأكثريّة الساحقة منهم! ( لن
نعدّد ، هنا ، حقوق الإنسان
والمواطن ، التي تطلبها
المعارضة ، فقد امتلأت بها
أدبيات المعارضة من سنين طويلة
!).
فإذا زعمت المجموعة الحاكمة ، أن
الوطن حاصل على حقوقه في ظلّ
حكمها ، وأن المواطنين حاصلون
على حقوقهم كذلك .. قالت لهم
المعارضة : حسناً ! إنا نحبّ أن
نصدقكم! لكن بأيّ مقياس تقيسون
حقوق الوطن والمواطنين ؟ وفقَ
أي تشريع سماوي ، أو قانون أرضي
؟
فإن
قلتم : وفق قانون البعث الحاكم ..
قلنا لكم : قانون البعث ، إذا كان
قانوناً لغابةٍ تتحكّمون فيها ،
فأنتم أحرار في أن تَحكموا
بموجبه كما تشاؤون . وإن كان
قانوناً بشرياً ، يحكم دولة
وشعباً ومجتمعاً ، في عالم
متحضر، فهو مرفوض ، لأنه:
• قانون
إجرامي بشع ، يقنّن السطو بداية
، وبشكل علني فاضح ، حين يَمنح
البعثَ حقّ قيادة الدولة
والمجتمع ، في المادّة الثامنة
من الدستور. ومعلوم في كل تشريع
، سماوي وأرضي ، أن الحكم في أيّ
بلد في العالم إنّما هو حقّ
لأهله ، وهم مواطنو الدولة
جميعاً . وعمليّة السطو هذه ، هي
الباب الواسع ، لسائر عمليات
السطو الأخرى ، المقنّنة منها ،
وغير المقنّنة !
•
قانون يمنح رئيس الدولة ،
صفتَين من صفات الألوهيّة ، هما
: (فعّال لِما يريد !) و( لا يُسأل
عمّا يَفعل !). والناس في سورية
يرفضون هذه الألوهية : المؤمنون
بالله يرفضونها ، لأنهم يرفضون
أن يَعبدوا إلهاً غيرَ الله !
والملحدون يَرفضونها ، لأنهم لو
آمنوا بألوهيّة أحد ، لآمنوا
بألوهيّة خالق الكون ! والمطلوب
، إذن ، هو قانون محايد ، تَخضع
له دول العالم كلها ، أو تَخضع
له دولة واحدة ، متحضّرة ، أو
نصف متحضّرة !
• فإذ
أردتم قانوناً إنسانياً عاماً ،
فها هي ذي ، مبادئ حقوق الإنسان
، التي أقرّتها المنظمات
الدولية ، وألزمَت بها ـ نظرياً
ـ سائرَ الدول الموقّعة عليها ،
وسورية واحدة منها !
• وإذا
أردتم قانون دولة متحضّرة ،
فاختاروا واحدة من هذه الدول
العريقة ، التي تقوم قوانينها
على حماية الإنسان ورعاية حقوقه
، مِن دول أوروبّا الغربية
عامّة ، أو مِن إحدى الدول
الاسكندنافيّة ـ إذا كنتم
متحضّرين جداً ـ !
• وإذا
أردتم قانون دولة نصف متحضّرة ،
مثل دولتنا سورية ، التي طبقت
قوانين جيّدة، قياساً إلى غيرها
.. فها هو ذا قانون عام/ 1950/ الذي
وضعته سورية لنفسها، عبر فطاحل
رجال القانون فيها .. حين لم تكن
قد عرفت حكمكم بعد . وأيّة
مقارنة بين ذلك القانون
(المتخلف !) وبين قانونكم
(التقدّمي المتطوّر!) تظهِر مدى
الارتكاس الذي أوقعتم فيه
بلادنا ، وأوصلتم إليه شعبنا
الصابر النبيل ..!
• كل
ما تقدّم الحديث عنه ، مطروح
عليكم ، إذا كنتم تَعدّون
أنفسَكم بَشراً .
• فإذا
كنتم ترفضون التعامل بقوانين
البشر، فهاهي ذي قوانين
المخلوقات العجماء ، أمام
أعينكم ..! ادخلوا إلى أيّة حظيرة
من حظائر الدوابّ الأليفة ،
وانظروا كيف تتعايش الدوابّ
فيما بينها ، بهدوء وسلام ، دون
أن تتجاوز واحدة منها ، على حدود
الدوابّ الأخرى ، سواء أكانت
كلها من فصيلة واحدة ( ضأن ـ بقر
ـ جمال ) ، أم كانت من فصائل
مختلفة مختلطة ، مِن الفصائل
المذكورة وغيرها !
• فإذا
رفضتم قوانين الدوابّ العجماء ،
فإليكم قوانين النبات : كل نبتة
، صغيرة أو كبيرة ، شجرة ضخمة أو
عشبة ضعيفة .. تأخذ مِن خيرات
الأرض ؛ مِن ترابها ومائها
وهوائها ، بقدر حاجتها ، ولا
تعتدي على نصيب غيرها ، من
النبات المحيط بها ، فيعيش
النبات كله متجاوراً ، متآلفاً
، دون بغي ، أو ظلم ، أوعدوان !
• فإذا
أبيتم هذا ، أيضاً ، وحكمتم على
أنفسكم بأنكم أدنى مرتبة من
الحيوان والنبات ، فإن الحوار
لا يبقى معكم أنتم ، بل ينتقل
إلى الشعب الذي تتحكّمون بمصيره
، ليعرف مَن يَحكمه ..! وليَحكم
الله بينه وبينكم .. وهو خير
الحاكمين !
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|