ــ
ومضات
محرضة (4)
هجرة
العقول المبدعة ، والأيدي
المنتجة ، من سورية ..
لماذا؟
وإلى متى؟
عبدالله
القحطاني
•
مئات الآلاف من العمال
السوريين ، ينتشرون في لبنان ،
والأردن ، ودول الخليج، وليبيا
، ودول أخرى ، يعرف حكّام سورية
بعضها ، ويجهلون أكثرها ..!
• صاحب
الأرض الزراعية
، التي تبلغ مساحتها عشرين
هكتاراً ، أو ثلاثين ، أو أربعين
.. يتركها بوراً ، أو يؤجّرها ،
أو يرهنها .. ليبحث عن رزقه خارج
بلاده، عاملَ بِناء ، أو عامل
تنظيفات ، أو عاملاً زراعياً ،
أو أجيراً في مطعم ، أو مخبز، أو
ملحمة ، أو بقالة ، أو محطة وقود...
ليكسب قوت يومه ، ويدّخر من عملة
البلد، ما يعادل مئتي ليرة
سورية ، يرسلها إلى أسرته ، بين
فينة وأخرى ..!
• ومِثل
صاحب الأرض ، صاحب الصنعة :
الحدّاد ، والنجار، والكهربائي
، والخياط..
• وهكذا
نرى أبناء سورية ، جميعاً ، قد
اشتركوا في الفقر، والهجرة ،
والغربة..! أبناء المدن ، وأبناء
الأرياف والبوادي ، على اختلاف
بيئاتهم ، وإمكاناتهم ،
وأعمارهم التي تتراوح بين
العشرين والخمسين ..
ـ والسؤال هو: لماذا !؟
- ألأن سورية دولة فقيرة مثلاً ؟
واضح أن الجواب هنا ، هو: (لا)..
فسورية من أغنى الدول العربية ،
إن لم تكن أغناها قاطبة ، بما
فيها من تكامل اقتصادي رائع ،
بين الأرض الخصبة المعطاء ،
الغنية بالثروات .. وبين الإنسان
الفاعل ، المنتج الدؤوب ، الذي
غطّى نشاطُه عبرَ القرون ،
سائرَ أوجه الإنتاج الاقتصادي ،
من زراعة ، وصناعة، وتجارة ،
وحرفة يدوية ..!
- ألأن المواطن السوري ، يكره
بلده ، ويهرب منه ، ليعيش في بلد
آخر ، مثلاً ؟
- والجواب هنا ، هو النفي المطلق ،
كذلك ! فالمواطن السوري ، شديد
التعلق ببلده ، لا على مستوى
الوطن وحسْب ، بل على مستوى
المدينة ، والحيّ ، والقرية..!
حتى إن الرجل من مدينة حمص
مثلاً، لو
سافر إلى دمشق ، أو حلب ، لعمل أو
دراسة ، فإنه يظلّ يشعر بالغربة
عن مدينته وحيّه ، ويظلّ الحنين
يملأ فؤاده . وكذلك المواطن في
أيّة قرية أو مدينة ، في سورية ..!
- فما السبب إذن !؟ لمَ يهاجر
العامل السوري من بلده !؟
نترك
الجواب هنا ، إلى ما بعد السؤال
التالي :
• لمَ
يهاجر العقل السوري المبدع ،
المتخصّص في سائر أنواع
التخصّصات الراقية: العلمية ،
والطبية ، والهندسية ..!؟
• إن
الإجابات التي طرحت هناك ، تطرح
هنا ! والفرق بن فئة مهاجرة
وأخرى ، يكمن في طبيعة عمل كل
منهما ، وفي الأموال التي
تنفقها الدولة على كل منهما ،
وفي حاجة البلاد إلى كل منهما..
وكل منهما ذخر حيّ للوطن !
• ويظل
السؤال المطروح ، على العقول
الوطنية السورية السويّة كلها ،
هو :
لماذا !؟
وإذا تحدّدت الإجابة عليه ، بأن
السرّ يكمن في العقول التي تدير
البلاد ( ولعلّ الأدقّ هو: في
القبضات التي تتحكّم بالبلاد
والعباد ).. وبأن تهجير العقول
المبدعة والأيدي المنتجة ، غير
مقصود ، من قِبل هذه العقول التي
تدير البلاد ، أو القبضات التي
تتحكم بمصيرها..
لكنّ عجزَها ، وفسادها ،
وظلمها ، واستبدادها، وتخبّطها
الإداري ، والسياسي ، والأمني،
والاجتماعي.. لكنّ ذلك كلّه ،
سبّبَ هذه الهجرة الكارثية
لأبناء البلاد ..! فهاجرت العقول
المبدعة ، والأيدي المنتجة ،
وظلت قلوب أصحابها ، معلقة بين
أسوار الوطن ، وعلى أسقف بيوته ،
وفي عيون أطفاله ونسائه وشيوخه..!
نقول :
هذا إذا أحسنّا الظنّ بالزمرة
الحاكمة ، المتحكّمة بالبلاد
والعباد !
أمّا من
يعرف حقيقة الزمرة الحاكمة ،
فيصعب عليه قبول هذا التفسير..
بل يتجرّعه ، ولا يكاد يُسيغه ،
ثم يلفظه ، ليأخذ بالتفسير
الصحيح ، المناسب لطبيعة الزمرة
، وأهدافها ومخططاتها البعيدة
..! ونترك الأمر هنا ، لكل ذي عقل
سليم ، ليستنفر عقله ، ويحرّضه
على التفكير الجادّ المسؤول ،
ويتأمل القضيّة بعمق ، ثم
يتصوّر السبب الكامن وراء هذا
العبث المريب المدمّر .. بالبلاد
وأهلها !
وأول الفئات التي يوجّه إليها
السؤال ، هي الفئات المهاجرة ،
التي تركت قلوبَها في أوطانها ..!
وبَعدها ، الفئة الثانية ، وهي
أهالي المهاجرين ، من آباءٍ ،
وأبناء ، وأزواج، وإخوةٍ ،
وأقارب! ..! هؤلاء الذين أرسلوا
قلوبهم المرتعشة ، مع مهاجريهم
، لتقيم حيث يقيمون ، وتتشرّد
حيث يتشرّدون ..!
أمّا السؤال الذي يوجّه إلى
الوطن، بكل مَن فيه، وما فيه ،
فهو: وماذا بَعد ، أيّها الوطن!؟
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|