ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 18/04/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

أمريكا و العراق و سؤال الحرب الشاملة

صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأمريكية

بقلم: جون ديلين - 12/4/2007

ترجمة : قسم الترجمة / مركز الشرق العربي

اذا كانت حرب العراق تستحق القتال فعلاً, اذا يتوجب على الولايات المتحدة أن تقاتل بكل الوسائل التي تمتلكها

لقد أشار الجنرال عمر برادلي وهو جنرال أمريكي شارك في الحرب العالمية الثانية بأنه "في الحرب لا يمكن أن يكون هناك جائزة لصاحب المركز الثاني الذي يتلو الفائز". وبنفس الطريقة فقد حذر الأسطورة الجنرال دوغلاس ماك آرثر أتباعه من الأمريكيين بأنه :"من الشؤم أن تدخل الحرب دون وجود الإرادة اللازمة للانتصار بها".  

وعلى الرغم من هذه التحذيرات فان القادة السياسيين اليوم سواء في البيت الأبيض أو في الكونغرس قد قاموا بإشعال الحرب في العراق واضعين بالاعتبار أن خسارة هذه الحرب ممكنة. و يتساءل المرء لماذا.

وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة فقدت أكثر من 3000 جندياً في العراق و أنفقت بلايين الدولارات أيضاً, الا أن عموم الشعب الأمريكي كان مترددا في دخول هذه الحرب ضد صدام و ورثته بشكل ملاحظ.

وهذه هي الطريقة التي خسرنا فيها الحرب.

لقد انتصر الحلفاء في الحرب العالمية الثانية ضد ألمانيا النازية و اليابان الإمبريالية عن طريق تضافر الجهود ووجود أوامر وقرارات حازمة من القيادة العليا. فقد دعا الرئيس فرانكلين روزفلت إلى حرب "شاملة" ضد دول المحور. وكان المطلب الرئيس له من دول المحور هو "استسلام غير مشروط".  

ترى هل يتمتع قادة أمريكا الحاليون بنفس هذه العزيمة والتصميم؟

معنى الحرب الشاملة:

ان إشارة روزفلت الى الحرب الشاملة لم تكن إشارة خطابية فحسب. ان الحرب الشاملة تعني بان كل شئ يخص الأعداء هو أهداف محتملة,مصانعهم ومدنهم وحتى المدنيون منهم هم أيضاً أهداف قابلة للضرب, ومن خلال أوامر واضحة من روزفلت فان جنرالات مثل ايزنهاور و جورج باتون قد عرفوا ما الذي يتوجب عليهم فعله. فقد قاموا بسحق و تدمير إرادة الألمان و اليابانيين للقتال. لقد كانت الكلفة باهظة جداً. حيث تضمنت مقتل عشرات الآلاف من مدنيي دول المحور في أراضيهم وداخل بيوتهم.

لقد أدت الحرب الشاملة في عام 1945 الى أن تقوم 3000 طائرة حربية أمريكية وبريطانية بقصف درسدن في ألمانيا. وحسب التقديرات حينذاك فقد أدى هذا القصف الى مقتل ما يقرب من 135000 ألمانيا معظمهم من المدنيين. و خلال أيام قامت طائرات أمريكية بشن هجوم صاعق على مدينة طوكيو أدى الى مقتل 84000 يابانيا و إصابة ما يزيد على 40000 آخرين. و بعد أشهر قليلة من ذلك قامت الطائرات الأمريكية بإلقاء قنابلها النووية على مدينتي "هيروشيما" و "نكازاكي".

لقد أصبح كل شخص وكل شئ هدفاً للحلفاء. لقد أضطر قادة العالم الحر الى أن يتعجلوا إنهاء الحرب بأقل الخسائر والإصابات الممكنة في صفوف الحلفاء. وقد شعروا ان عملهم هذا مبرر. لقد قدمت الحرب العالمية الثانية خياراً قوياً وواضحاً لنا : "اقتل أو ستقتل". لقد شعر الحلفاء بواجبهم الأخلاقي الذي يحتم عليهم تدمير القوى الفاشية التي كانت تهدد الحضارة الغربية.

ترى هل تمتلك الولايات المتحدة نفس هذا الالتزام الأخلاقي لتحقيق النصر في العراق؟ ان الاستماع إلى الحوارات التي تحدث في البيت الأبيض تجعل الإجابة :"لا". ليس لدى أحد في أمريكا هذا الحسم والتصميم.

لقد حذر الرئيس بوش من أنه اذا انسحبت الولايات المتحدة من العراق فان قوى و حركات الإرهاب العالمي سوف تلاحق القوات الأمريكية الى عمق التراب الأمريكي. ان الرئيس يقارن بين "الفاشية الإسلامية" و التهديد النازي.   

وإذا كانت تلك المقارنة صائبة؟ اذا كانت كذلك , فلماذا يكون رد الأمريكيين فاتراً بهذا الشكل؟ أين ذهبت التعبئة الوطنية للحروب التي خضناها من قبل؟ لماذا ليس هناك أي خطط مسبقة و مسودات للعمل؟ و لماذا يقع العبء الأكبر في هذه الحرب على أكتاف ألاف المتطوعين العسكريين بينما نحن الباقون نذهب للتسوق يومياً؟

بشكل واضح فان أمريكا قادرة على النصر في العراق اذا تمنت ذلك. إنها ومع كل ذلك قوة عظمى. لربما كان الغموض الأخلاقي الذي يكتنف هذه الحرب هو الذي يجعل واشنطن في هذه الحالة من التردد. ان القادة في واشنطن و لأسباب يفهمونها هم لوحدهم, اختاروا أن يدخلوا في حرب محدودة مع تغيير للأهداف.  

حروب محدودة, نتائج محدودة:

ان التاريخ لا ينظر بعين العطف الى مثل هذه الحروب الأمريكية المحدودة.

لقد خاضت الولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية أربعة حروب كبيرة ولكنها كانت حروباً مشروطة. الحرب الكورية كانت مأزقاً وحرب فيتنام كانت خسارةً و حرب الخليج الأولى كانت هي النصر الوحيد الواضح لنا. وحرب العراق اليوم لا تزال تتأرجح على الميزان.

على أي حال فعندما خاضت أمريكا حروباً شاملة خلال ال 150 سنة الماضية كان النصر حليفها دائماً, من ضمن ذلك الحرب الأهلية والحرب العالمية الثانية. لقد تجرع الجنوب الامريكي مرارة الحرب الشاملة عام 1864 عندما قام الجنرال الاتحادي ويليام شيرمان بسوق جميع السكان بما فيهم الأطفال و النساء خارج أتلانتا وسوى جزء كبيراً من المدينة بالتراب. وبعد ذلك قام بالزحف 200 ميل عبر جورجيا الى البحر مع وجود 62000 جندي تحت إمرته كانوا يسلبون ويحرقون كل ما يمرون به من مزارع ومدن وقرى. وبعد ذلك بفترة قصيرة استسلم الجنوب الامريكي.

أما في العراق, فان القيود التي تم فرضها على القوات الأمريكية أعطت الفرصة للمتمردين بالحصول على كسب عسكري مفاجئ وسريع. وقد مرت القوات بأوقات حرجة خلال الأربع سنين الماضية تم فيها إعطاء المتمردين الفرصة ليطوروا خططهم وليعرفوا نقاط الضعف لدى القوات الأمريكية. لقد أعطت هذه الحرب المحدودة الفرصة للمدنيين في العراق بأن يقدموا الدعم والمأوى لجيش المتمردين المتعاظم يوماً بعد يوم.

وبينما تقوم أمريكا بالقتال باستخدام يد واحدة, فان المتمردين في العراق يقومون بإشعال نار حربهم الشاملة: فليست القوات الأمريكية والبريطانية هي المستهدف الوحيد في العراق, فالمساجد والكنائس و الأسواق المفتوحة و المطاعم و محال التسوق و المباني الحكومية والطرقات و الأرصفة و جميع أماكن تجمعات الناس أصبحت أهدافاً واضحة للمجازر.

المارشال سير روبرت ساوندبي, أحد الذين شاركوا في الهجوم المميت على درسدن في ألمانيا قال في المقدمة لكتاب "دمار درسدن" الذي ألفه الكاتب "دافيد ارفينج" :"ان الوسائل المستخدمة في الحرب ليست هي التي تحكم على الحرب اذا كانت غير أخلاقية أو غير إنسانية. ان ما هو غير أخلاقي هو الحرب بحد ذاتها. فما أن تشتعل شرارة الحرب الشاملة فمن المستحيل بعد ذلك أن تُجعل حضارية أو إنسانية..."

وأضاف السير روبرت بعد ذلك هذه الجملة المهمة: "وإذا ما أراد أحد الإطراف أن يفعل ذلك (يشعل حرباً إنسانية) فانه سيكون الطرف المهزوم على الأغلب".

انتصروا أو عودوا الى الوطن:

ربما هذا ما يحدث للأمريكيين في العراق الآن. ان أمريكا وبريطانيا لم تنتصرا في الحرب العالمية الثانية ببناء الملاعب والمدارس و إقامة وتعليم  الحكومات المحلية. لقد انتصروا بمسح و دك الخصم الى مستوى الأرض. كما قال الجنرال الامريكي جورج باتون ذات مرة :" لا يستطيع أي شخص أن يحمي أي شئ بنجاح؛ إنما هناك الهجوم ثم الهجوم ثم الهجوم ... وستأتي إعادة الاعمار فيما بعد".

يقول العديد من الأمريكيين أنه ما كان علينا من الأصل أن نهاجم العراق. ان العدو الحقيقي موجود في أفغانستان. ان هذا الأمر سيحكم عليه المؤرخون فيما بعد. و لكن أسلوب الحرب التدريجي الذي اتبعناه في العراق أدى الى تعميق جراح جميع الأطراف.

ربما أن الرسالة الموجهة الى السيد بوش و الكونغرس والى الشعب الامريكي كذلك يجب أن تكون كما يلي : اذا كان القتال في العراق يستحق منا ذلك, وإذا كان لدى الأمريكيين واجب أخلاقي مؤكدا للنصر في الحرب, اذا يجب أن ندفع  لذلك كل شئ نستطيعه.و إلا فلماذا يتواجد الأمريكيون هناك؟

http://www.csmonitor.com/2007/0412/p09s01-coop.html?page=1

-----------------

نشرنا لهذه المقالات لا يعني أنها تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً أو جزئياً


السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ