ان
أمريكا لم تعد مخيفة و لا محترمة
بعد اليوم
بقلم:
رامي خوري
دايلي
ستار- 18/4/2007
ترجمة
: قسم الترجمة / مركز الشرق
العربي
لست متأكداً ما
إذا كانت الأمور مجرد
مصادفات سعيدة أو شئ أكثر
تحدياً من ذلك, و لكن في كل مرة
أزور فيها الأردن يكون ذلك
متزامناً مع زيارة لأحد
المسئولين الأمريكيين رفيعي
المستوى. قبل ثلاثة أسابيع كنت
في عمان في نفس الوقت الذي كانت
فيه وزيرة الخارجية رايس في
الأردن, وفي هذا الأسبوع تزامنت
زيارتي إلى العاصمة الأردنية مع
وجود وزير الدفاع غيتس فيها.
ان الزيارات من واشنطن تبدو اقل
أهمية هذه الأيام في كثير من
الطرق, و ذلك بسبب نقص القدرة
على فهم الأمور عالمياً لدى
الولايات المتحدة. فمنذ أكثر من
عقد ونصف أي منذ انتهاء الحرب
الباردة لم نعد نسمع الكثير من
النظريات من الأكاديميين و
المنظرين الأمريكيين تشرح هذا
النظام العالمي الكبير. ان
الكثير من هذه النظريات كانت
تميل إلى رؤية هذا العالم من
وجهة النظر الأمريكية, التي
تصنف بشكل كامل على أنها إعجاب
حالي بالنفس بسبب القوة التي
تمتلكها أمريكا عالمياً .
قد نكون قادرين على عكس الصورة و
أن نعرض الاتجاهات التي تعكس
نظرة باقي العالم إلى الولايات
المتحدة. أستطيع أن أفكر بثلاثة
معايير أساسية نستطيع من خلالها
أن نحكم ونتعرف على الكيفية
التي يرى فيها العالم القيم
الأمريكية ( ايجابياً) و السياسة
الخارجية (سلبياً) وهذه
المعايير هي : الرأي
العام الذي يتم قياسه من قبل
مجموعة من المراكز المتخصصة
الموثوقة؛ سياسات الحكومات
الأجنبية؛ و الطريقة التي يعامل
بها المسئولون الأمريكيون من
قبل مضيفيهم و الرأي العام و
الإعلام في البلدان التي
يزورونها.
وفقاً للمعايير الثلاثة السابقة
فان أمريكا تهبط هبوطاً حاداً
في عيون الدول الأخرى. ولكني أشك
في أننا نرى شيئاً مميزاً في
تصاعد على المنحنى غير الشعور
بالعداء العالمي لأمريكا, وذلك
كرد على الاستعمال الأمريكي
المفرط للقوة حول العالم. ان
هناك الكثير من الاتجاهات
المرتبطة بذلك تبدو متقاربة و
مرئية في الشرق الأوسط.
في المرتبة الأولى يبدو أن معظم
دول العالم خصوصاً تلك الدول
التي تحاول أمريكا معاداتها قد
فقدت الخوف و الاحترام لأمريكا.
وهذا يعكس روح المقاومة
و المعارضة التي تقوم بها
بعض الدول عندما تتعرض للضغوط و
التهديدات بالمقاطعة من قبل
أمريكا. ان إيران وسوريا و كوبا
وكوريا الشمالية و فنزويلا هي
من الدول الأكثر وضوحاً في هذا
المجال, أضف إلى ذلك
أن تصرفات الدول الكبيرة
مثل روسيا و الصين تؤشر على أن
هناك أعداداً متزايدة من البلاد
المهمة تعد نفسها للوقوف في وجه
التطلعات الأمريكية.
و هذا يقودنا إلى النقطة المهمة
الثانية, وهي أنه و بشكل متزايد
يبدو أن الولايات المتحدة
وحلفاءها يفقدون خيارات الضغط
التي يمكن استعمالها ضد الدول
الصغيرة لإجبارها على الانصياع
لأوامر ورغبات الولايات
المتحدة.و يمثل
البرنامج النووي الإيراني و
الكوري الشمالي أوضح الأمثلة
التي تدل على هذه النقطة.
ان المقاطعة النشطة التي تقودها
الولايات المتحدة تبدو أيضاً
محدودة الأثر. و المثال الأخير
على هذه المقاطعة هو مقاطعة
حكومة الوحدة الوطنية المُشكلة
من حماس وفتح في فلسطين. لقد
تعاملت تركيا و الدول العربية
والنرويج و دول أخرى مع هذه
الحكومة الفلسطينية. و حسب ما
صرح به وزير الإعلام الفلسطيني
فان الصين و سويسرا أبدوا رغبة
في العمل بصورة طبيعية مع حكومة
الوحدة الوطنية. و ان الكثير من
الدول سوف تسير على هذا النهج.
ان هذا الموضوع يعود بشكل جزئي
الى أنه لو كنت أنت مراقباً
نزيهاً و طُلب منك ان تقف الى
جانب أحد الأطراف أما (الولايات
المتحدة وبريطانيا) من جهة أو
النرويج و الصين و سويسرا من جهة
أخرى, فان الخاسر سيكون هو
الفريق الأول حتى قبل ان تبدأ
المنافسة. آخذين بعين الاعتبار
الرؤية السيئة للفريق الأول.
و هناك اتجاه آخر جديد قد ينبثق
وهو إمكانية خلق قطبية جديدة
واسعة في العالم مكونة من
معسكرين في الشرق الأوسط و
الغرب, ان الكثيرين في الشرق
الأوسط يضعون
كلاً من أمريكا و إسرائيل و
الكثير من الدول الغربية
في نفس المجموعة, معتمدين
على السياسات المشتركة تجاه
برنامج ايران النووي والحرب
اللبنانية الأخيرة و اللغط الذي
دار حول الرسومات التي رسمت عن
النبي محمد في مجلة دنمركية
السنة الماضية. وعلى هذا فان
اتجاهاُ عريضاً من الرأي العام
العربي و التركي والإيراني
و غير ذلك قد انقلب بشكل عدائي
على أمريكا بشكل خاص و حتى على
الغرب بشكل عام. بالنسبة
لواشنطن فان معاداة العرب
والأتراك و الإيرانيين في وقت
واحد ليس بالأمر السهل أو
البطولي. و سيعتبر هذا الأمر
تاريخياً على انه ناتج سلبي
جديد من سياسات بوش الخاطئة
التي تصنع من قبل المحافظين
الجدد و المتشددين
و مناصري إسرائيل و الجناح
اليميني المسيحي الأمريكي
المتطرف و غريبو الأطوار
الآخرين و الذين يصنعون الثقافة
السياسية الأمريكية بشكل ملفت
للنظر.
عندما قمت بزيارة عمان تحادثت مع
أمي و أصدقائي و الكثير من
الزملاء السابقين في الإعلام و
السياسة و الأكاديميين و
الحكوميين. و قد يكون من الأفضل
للمسئولين الأمريكيين الذين
يزورون الشرق الأوسط بشكل متكرر
أن يبذلوا جهداً أكبر لتوسيع
دائرة الحوار من أجل أن يجروا
محادثات أكثر مع الأشخاص
المهمين الذين يشكلون الرأي
العام العربي والذين يبحثون عن
علاقات أفضل مع الولايات
المتحدة. ان
هذا أفضل بكثير من أن يبذلوا حصة
كبيرة من جهدهم على امتداد
المنطقة دون فائدة.
-----------------
نشرنا
لهذه المقالات لا يعني أنها
تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً
أو جزئياً
|