التخلي
عن حلفائنا الديمقراطيين
بقلم:
دافيد شنكر
بوسطن
جلوب - 17/5/2007
ترجمة
: قسم الترجمة في مركز الشرق
العربي
ان تجربة الولايات المتحدة في
المنطقة تقول بأن الرجوع إلى
السياسة الأمريكية القديمة
ليست هي الخيار الصحيح, ان
السياسة الحالية لا تخدم
حلفائنا في المنطقة كما لا تخدم
المصالح الأمريكية.
قبل أسابيع قليلة قام الرئيس بوش
بإجراء اتصال هاتفي مع الرئيس
المصري حسني مبارك لتهنئته
بزفاف ابنه وولي عهده السياسي
"جمال". وفي هذه الأثناء
كان معارضو مبارك الديمقراطيين
يحتجون على ذلك لأنهم فهموا ان
زفاف ابن الرئيس ما هو الا خطوة
على طريق نقل سلطات الرئيس ذو ال
79 عام إلى ابنه . ولزيادة الطين
بلة و بناء على التحولات
الأخيرة في سياسات الإدارة
الأمريكية نحو مصر فقد رأت
المعارضة المصرية في هذه
المكالمة تكتيكاً أمريكياً
لمباركة خطة مبارك غير
الديمقراطية في توريث الحكم
لابنه.
ان الديمقراطيين على امتداد
الوطن العربي يقبعون تحت حصار
السلطات الشمولية و القمعية و
تقوم الولايات المتحدة بتثبيط
عزائمهم بسبب الابتعاد الظاهر
للولايات المتحدة عن دعم
الديمقراطية. ان التحول الذي
أبدته الإدارة في سياستها نحو
مصر ربما يكون أفضل مثال على
التخلي عن ست سنوات من التركيز
على نشر الديمقراطية لصالح نظرة
أكثر واقعية.
عندما بدأ الترويج للديمقراطية
في الشرق الأوسط, فقدت مصر
كثيراً من بريقها. ففي عام 2002
هددت الإدارة بسحب 130 مليون
دولار من المساعدات التي تقدمها
لمصر اذا لم تقم مصر بالإفراج عن
المعارض الديمقراطي سعد الدين
إبراهيم. و في عام 2005 ألغت وزيرة
الخارجية رايس زيارة كانت مقررة
الى القاهرة بسبب قيام السلطات
بسجن المعارض المصري أيمن نور
قبل إجراء الانتخابات.
وبعد ذلك وبسبب المخاوف من
انعدام الدور السياسي المصري في
الوطن العربي إضافة الى التهديد
الذي تعرضت له القاهرة من
الإسلاميين, قامت واشنطن باتخاذ
خطوات لإعادة إصلاح العلاقات
الثنائية بين البلدين. وكانت
الخطوة الأولى لذلك هو وضع
الأجندة الديمقراطية جانباً .
على سبيل المثال, قامت الإدارة
الأمريكية بتوجيه نقد فاتر
للسلطات المصرية بسبب إقدامها
على سجن مدون مصري هذا الربيع, و
من ثم التعديلات الأمنية
القاسية التي تم إدخالها على
الدستور المصري. علاوة على ذلك,
فقد وصف السفير الأمريكي في مصر
فرانسيس ريشاردون بأن موضوع
أيمن نور "قضية مصرية",
وأضفى شرعية على اعتقال أيمن
نور بقوله :"ان هذه القضية لها
بعدان؛ بعد سياسي و آخر جنائي ,
ويغلب عليها الطابع الجنائي".
ان التحول الذي أبدته الإدارة
الأمريكية نحو مصر كان التحول
الأكثر وضوحاً, و لكن سياسة
الإدارة قد تغيرت بشكل لافت
للنظر في الشرق الأوسط برمته, و
كان لذلك تأثيرات ضارة على
الديمقراطيين في المنطقة. في
شهر مايو قامت الإدارة بإنهاء
سياسة العزل على نظام بشار
القمعي و الداعم للإرهاب, و
هي السياسة التي تم تطبيقها منذ
عام 2005 أي منذ جريمة اغتيال رئيس
الوزراء السابق رفيق الحريري, و
التي يعتقد على نطاق واسع أن
لسوريا يداً فيها.
وفي المؤتمر الذي عقد في شرم
الشيخ التقت وزيرة الخارجية
رايس مع وليد المعلم وزير
الخارجية السوري لمناقشة
الحالة العراقية. و في اليوم
التالي أصدرت محكمة سورية حكمها
على المعارض السوري الديمقراطي
أنور البني و يقضي الحكم بسجنه 5
سنوات . وفي الأسبوع الماضي حكم
على المعارض كمال اللبواني الذي
قضى لحد الآن سنتين في السجن,
بالحبس 12 سنة بسبب زيارة قام
بها قبل سنتين الى الولايات
المتحدة و التقى فيها مع
مسئولين أمريكيين رفيعي
المستوى
وفي الجارة لبنان, فان حكومة
السنيورة المناصرة للديمقراطية
و المؤيدة للغرب تقع تحت ضغط
كبير. ويدور القلق في بيروت من
ان الولايات المتحدة قد تسمح
لسوريا بالإفلات من الصنارة
بسبب دورها في مقتل الحريري في
مقابل الحصول على التعاون
السوري في العراق. ومع ذلك فان
الإدارة الأمريكية مستمرة في
طمأنة السنيورة بأنها لن تقوم
بعقد أي اتفاق مع سوريا تضحي
بموجبه بالديمقراطيين في لبنان,
وإذا أخذنا السجل
الأمريكي الأخير في التخلي
عن الحلفاء الليبراليين العرب
بعين الاعتبار فان هناك خوفاً
مبرراً من حدوث ذلك.
ومؤخراً قام "جون نيغروبونتي"
بزيارة الى ليبيا وهو أرفع
مسئول أمريكي يزور ليبيا منذ
عقود. وقد كانت أمريكا تتهم
ليبيا بأنها تشكل مشكلة وعائقاً
بسبب امتلاكها برنامج لتطوير
أسلحة الدمار الشامل و دعمها
للإرهاب و بسبب أسلوب الحكم
القمعي فيها. ولكن و منذ أن تخلت
ليبيا عن برنامجها النووي في
ديسمبر 2003, قامت الإدارة بتطبيع
العلاقات معها تدريجياً دون أي
اعتبار لأسلوب الحكم فيها.
ويدرك الليبراليون العرب بان
واشنطن تتخلى عن أجندتها
الديمقراطية وهي تدرك النتائج
والتأثيرات التي ستتركها من
جراء ذلك. وبينما لا يمكن توجيه
النقد لأمريكا بسبب بحثها عن
علاجات جديدة لمداواة الأمراض
الموجودة في المنطقة, فان
التخلي عن هذه الأقلية
الديمقراطية من العرب و الذين
يشاركون أمريكا فعلياً قيمها
ليست استراتيجية صحيحة على
المدى البعيد. ولن يخضع هؤلاء
الأفراد الشجعان الى الاضطهاد و
الانتقام من الحكومات في
المنطقة فقط بل ان هذه التحولات
في السياسة الأمريكية سوف تثبت
للناس في المنطقة أن أمريكا
حليف لا يمكن الاعتماد عليه
مطلقاً . و النتيجة المنطقية
لذلك هي أن هؤلاء الديمقراطيين
لن يتجرأوا على تحدي حكوماتهم
بشكل كبير في المستقبل.
و في الوقت الذي لم تحقق
فيه سياسة دعم الديمقراطيين
نجاحاً كما كان مرجواً منها, فان
تجربة الولايات المتحدة في
المنطقة تقول بأن الرجوع إلى
السياسة الأمريكية القديمة
ليست هي الخيار الصحيح, وعلى
الرغم من أن اتجاهاً أكثر
براغماتياً قد يكون أكثر ضماناً
و لكن واشنطن لا يجب أن
تتخلى عن حلفائها الديمقراطيين
في المنطقة .ان
السياسة الحالية لا تخدم
حلفائنا في المنطقة كما لا تخدم
المصالح الأمريكية على المدى
البعيد.
http://www.boston.com/news/globe/editorial_opinion/oped/articles/2007/05/17/abandoning_our_democratic_allies/
-----------------
نشرنا
لهذه المقالات لا يعني أنها
تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً
أو جزئياً
|