ـ |
ـ |
|
|
|||||||||||||||
حدود
الديمقراطية بقلم
: فريد زكريا نيوزويك - طبعة 29/1/2007 ترجمة
: قسم الترجمة / مركز الشرق
العربي الانتخابات في العراق كان لها
جوانب مثيرة, و لكنها في نفس
الوقت قسمت البلاد إلى ثلاثة
مجتمعات و عززت الانشقاقات ليس هناك رئيس أمريكي ربط نفسه
بنشر الديمقراطية أكثر من
الرئيس الحالي جورج بوش الابن.
فهو يتحدث عن الديمقراطية بشغف
كبير و يكرس ولايته الثانية في
الحكم من أجلها. و إداراته تتحدث
بشكل متواصل عن "أجندته حول
الحرية" و تترجم الأحداث في
العالم جميعه وفق هذه النظرة. في
الصيف الماضي على سبيل المثال
كان هناك تفجيرات و سيارات
مفخخة و صواريخ تخترق كل من
لبنان وغزة والعراق, ووصفت
كونداليزا رايس هذه الأحداث و
هذا العنف بأنه "آلام
المخاض" للشرق
الأوسط الديمقراطي الجديد. و
انه لمن المدهش واللافت للنظر
أن نقرأ تقرير حول الحريات في
العالم والذي صدر الأسبوع
الماضي من خلال "بيت
الحرية" و هو منظمة غير ربحية
يتركز عملها حول نشر الحرية في
العالم . وقد أشار هذا التقرير
إلى أن السنة الماضية 2006 كانت من
أسوأ السنوات على الحرية. من
تمسك بالسلطة في فنزويلا و
روسيا والانقلاب في تايلاند,و
انتشار الفساد الشديد في
أفريقيا وغيرها كثير من الأمور
التي تناقض الديمقراطية.
وكتب بدينغتون مدير البحوث في
بيت الحرية في مقالة الأسبوع
الماضي " إن عدد الدول
المصنفة كدول ذات حريات بقيت
ثابتة ولم تزد خلال عقد من
الزمان و هذا الثبات سيؤدي إلى
حالة ركود عامة في الحريات في
العالم" و أشار بدينغتون إلى
الدفع العكسي ضد الديمقراطية في
العالم . فالحكومات عبر العالم
قد قامت بالتضييق على المنظمات
غير الحكومية والصحف المستقلة و
المنظمات الداعمة لحقوق
الإنسان. و أنا أريد أن أضيف هنا
إلى أن أكثر ما يلفت النظر هو أن
هذه الجهود لم تتلاق مع مقدار
النقد الهائل الذي تعرضت له. إن
مؤيدي الديمقراطية في العالم هم
في موقف دفاعي ضعيف في كثير من
دول العالم. و لكن ما الذي يشرح هذا التناقض
ما بين تراجع الحرية
والديمقراطية في العالم مع وجود
صخب كبير من الإدارة الأمريكية
حول نشر الحرية؟ إن جزءً من
الجواب يكمن في كراهية العالم
المتزايدة للرئيس بوش . قال لي
الناشط المصري في مجال حقوق
الإنسان سعد الدين إبراهيم
الأسبوع الماضي " إننا جميعاً
قد أوذينا بسبب تصرفات إدارة
بوش" . ويقول لاري دايموند
محرر مجلة الديمقراطية " إن
تكبر وعجرفة بوش قد جعلت العالم
يتحول عن فكرة الديمقراطية" ولكنه استطرد قائلاً "و لكن
هناك أمور أكثر تعقيداً من ذلك.
نحن بحاجة إلى مواجهة حقيقة أن
الديمقراطية في كثير من الدول
النامية لا تعمل جيداً" و
أشار دايموند إلى أن هناك
العديد من الدول التي تلت
الانتخابات فيها تعطيل للدولة و
ركود عام و تقسيم عرقي وطائفي. و
المثل الأكثر قرباً من هذا
الانحدار هو نيجيريا, البلد
الذي كثيراً ما أشيد
بديمقراطيتها. في الحقيقة فان
الدولة تطفو على بحر من النفط و
هي دولة غنية و لكن مع هذا الغنى
فان نصيب الفرد من الدخل السنوي
هو بمعدل 390 دولار للفرد (من 1000
دولار قبل 20 سنة) . و المثل
الثاني هو بنغلادش الدولة
المصنفة ثانياً حسب تصنيف الأمم
المتحدة بالنسبة لمؤشر التنمية
البشرية, فثلث البلاد أصبحت تحت
حكم الشريعة الإسلامية. و تقرير
بيت الحرية و ضع هاييتي في مرتبة
أعلى الآن لأنها أجرت انتخابات
العام الماضي و لكن لا أحد يعتقد
أن هذه الأمور قد تغير من الواقع
شيئاً لأنها دولة آيلة للسقوط. إن المشكلة الحقيقية التي تواجه
الدول النامية في الواقع ليس هو
غياب الديمقراطية بل هو غياب
الحكم. من العراق إلى فلسطين إلى
نيجيريا و حتى هاييتي, هذا هو
السرطان الذي يأكل في طريقه
حياة الناس و يغرق البلاد في
الفوضى و يضع حياة الناس في خطر.
وهذا ما يجب على السياسة
الأمريكية الخارجية أن تركز
عليه. ولكن أجندة الرئيس
بالنسبة للحرية ترى الأمور
السياسية والاقتصادية بمنظور
واحد, وهو ما ينتج تحليلا سيئاً
للأمور. و نظرة غير صحيحة. لنأخذ العراق مثلاً, الإدارة
الأمريكية تدعي باستمرار أن
البلد يشهد تقدماً سياسياً
ملحوظاً خلال الأربع سنوات
الماضية. و لكن في الحقيقة فقد
شهد العراق سقوط مؤسساته
السياسية منذ بداية الغزو
الأمريكي له.فقد تفككت الدولة و
انهار اقتصاده, و تعطلت الحياة
الاجتماعية و انقسم المجتمع إلى
طوائف, و مجتمعاته الأساسية
الثلاث لم تجد صيغة للتعايش حتى
الآن . و الشئ الوحيد الذي حدث في
العراق هو الانتخابات و كتابة
الدستور الذي تم تجاهله بشكل
كبير, الانتخابات
في العراق كان لها جوانب مثيرة,
و لكنها في نفس الوقت قسمت
البلاد إلى ثلاثة مجتمعات و
عززت الانشقاقات. إن وصف الأربع
سنوات الماضية في العراق على
أنها فترة تقدم سياسي تحتاج إلى
تعريف سياسي غريب لهذا التقدم. إن الإدارة الأمريكية حالياً
تقدم الدعم للديمقراطيات. و لكن
لماذا لا يكون لدينا مقياس أكثر
عملية؟ لماذا لا ندعم الدول و
نقدم لها المكافآت عندما تحمي
حقوق الإنسان و تقلل الفساد
فيها و تحسن من نوعية الحكم؟
يقول دايموند " إن دعمنا يجب
أن يكون مشروطاً بمعايير مطلقة,
إن الاتحاد الأوروبي قد أجبر
الدول التي تريد أن تنضم إليه أن
تغير واقعها قسرياً إلى الأفضل
لكي تحقق شروط الانتساب" إن الإدارة التي تعتقد نفسها
قوية يكون لديها نظرة رومانسية
للعالم. إن هناك خير وشر في
العالم. و لكن هناك أيضاً كفاءة
وعجز, و هذا ما يجعل هناك فوارق
جوهرية في كل أنحاء العالم , حتى
في أمريكا ذاتها. http://www.msnbc.msn.com/id/16723221/site/newsweek/page/2/
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |