خطر
بلقنة المنطقة
بقلم:
سامي خيمي-السفير السوري في
لندن
صحيفة
الجارديان - 13/3/2007
إن السياسة الأمريكية تزيد من
تفكك العراق, وتهدد المجتمعات
في أنحاء الشرق الأوسط
ان سياسة أمريكا في الشرق الأوسط
قد تم وضعها من قبل صقور واشنطن
و الوطنيين المغاليين و
المحافظين الجدد و المسيحيين
الصهاينة, برائحة النفط و
السيطرة. و هذه الإستراتيجية
اعتمدت على هدفين رئيسيين هما:
أولاً: ان السيطرة العالمية
الأمريكية يجب أن تعمل على
تشكيل المزيد من العولمة؛ بينما
تفتح القوانين الحالية
للاقتصاد العالمي الطريق أمام
نجوم جديدة للظهور مثل روسيا و
الصين والهند فقد كان واضحاً
لبعض المتطرفين في واشنطن بأنه
إضافة للسيطرة على التكنولوجيا
في العالم فان أمريكا بحاجة
للسيطرة على النفط العالمي
أيضاً.
ثانياً: ايلاء الأهمية القصوى
لإسرائيل وتهميش المصالح
العربية جانباً.
ان تحقيق هذه الأهداف لا يمكن إلا
إذا تم تدمير أسس الاتحاد
الداخلي في مجتمعات الشرق
الأوسط. و هكذا فان الهدف
النهائي لا ينتهي عند الإطاحة
بالأنظمة والقيادات , بل يمتد
الى التشكيك في الأسس التي تقوم
عليها الدول. ان هذه السياسة
وضعت و صممت لا ثارة النعرات
الطائفية, و الانقسامات العرقية
و الخوف من الأجنبي و في النهاية
الوصول الى بلقنة الشرق الأوسط
العربي. و للأسف فان النتيجة
يمكن ان تفضي الى تقسيم العديد
من الدول و إنتاج كيانات مصغرة
يمكن السيطرة عليها من قبل
أمريكا.
و هكذا فقد كان من الضروري
للإدارة الأمريكية أن تقوم
بتزيين سياستها الجديدة بوعود
الحرية و الديمقراطية, و التي
طال انتظارها في الشرق الأوسط.
لقد احتاج صقور الإدارة الى
مبرر لتطبيق خطتهم, و ساهمت
أحداث 11 سبتمبر بإعطاء الفرصة
لبدء العمل. ومن المفارقات
المثيرة أن ادعاءات الانتقام
الأمريكي بدأت تخبو و تبهت
كأولوية قصوى, مع تمتع
المسئولين بالحصانة بينما
يواصل الشعب العراقي دفع الثمن.
ولكن القدم الأمريكية وقعت و زلت
في مستنقع العراق الذي لا يرحم.
ويبدو ان الرئيس بوش قد توصل الى
مبادرة جديدة. حيث تجاهل توصيات
مجموعة دراسة العراق, وقسم
الشرق الأوسط الى مجموعتين
رئيسيتين: الدول التي يدعوها
" المعتدلة" و التي تسير في
ركاب أمريكا, و"الدول
المتمردة" . وهو يعمل حالياً
على إثارة المشاكل مع إيران
تحضيراً لمواجهة عسكرية محتملة.
و هو على وشك أن يزيد عدد الجنود
الأمريكان في العراق في الفترة
القصيرة القادمة.
وتبدو المبادرة و كأنها المحاولة
الأخيرة لإبقاء سيطرته
الأحادية على العراق. ليس غريبا
أن نعتقد أن هذه الأمور قد تؤدي
الى تقسيم العراق الى عدة أجزاء.
و للمضي قدماً, فان هناك سؤالين
اثنين يجب تحديدهما:
الأول: هل الهدف النهائي لأمريكا
هو السيطرة أم التقسيم أم
الانسحاب المشرف؟
الثاني: لماذا يقوم متطرفو
القاعدة وفرق الموت بمهاجمة
المدنيين بشكل خاص, بينما تقوم
قوى المقاومة المشروعة بحصر
عملياتها ضد الأهداف العسكرية؟
ان مؤتمر العراق الذي عقد
الأسبوع الماضي حول مستقبل
العراق, و الذي حضره كل من
أمريكا و سوريا وإيران قد يكون
مقدمة مبشرة لمفاوضات مثمرة في
المستقبل. لقد استطاعت سوريا أن
تقنع الولايات المتحدة انها لا
تستطيع ان تكون متحيزة في
القضايا الحساسة . و يجب على
الولايات المتحدة أن تعمل على
خلق جو من التفاهم المتبادل بين
الغرب و العرب. و ان الاستقرار و
العلمانية و الشرق الأوسط
المزدهر هم خير وسيلة للقضاء
على الإرهاب.
كما أوضحت سوريا أنها لن تدخر أي
جهد للحفاظ على سلامة العراق,
معتمدة على الخطوات التالية:
جدولة انسحاب القوات الأجنبية
من العراق دون إحداث فراغ أمني؛
العمل على إعادة إحضار و تشكيل
وحدات الجيش العراقي السابق
الذي يدين بالولاء للعراق
الموحد ؛ العمل على مراجعة
الدستور العراقي لتقوية و تمكين
السلطة المركزية؛ العودة عن
قرار منع العبثيين من الاشتراك
في صنع القرار ؛ عمل مؤتمر
مصالحة للعراقيين تدعى إليه
الدول المجاورة للعراق؛
التحضير لمؤتمر دولي لدعم إعادة
اعمار العراق.
ان أي انهيار في العراق سيهدد
اللُحمة الداخلية في المجتمعات
المجاورة للعراق مثل سوريا و
لبنان و الخليج العربي بأكمله.
ان الأمم التي تحكم وتدير
العالم يجب أن تكون أكثر حكمة و
عدلاً و تصميماً مما كانت عليه
في الماضي لتجد حلاً للمشكلتين
الرئيسيتين في الشرق الأوسط,
الصراع في العراق و الصراع
الإسرائيلي-الفلسطيني.
-----------------
نشرنا
لهذه المقالات لا يعني أنها
تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً
أو جزئياً
|