التغيير
في سورية مطلب محلّي وإقليمي
ودولي ..
فمَن
صاحب المبادرة الأولى فيه ؟
عبد
الله القحطاني
أ- النظام الحاكم : لا يستطيع أن يغيّر
نفسه ، أو منهجه .. ولا يريد .
ب- القوى المعارضة
"بوضعها الحالي ": تريد ولا
تستطيع .. فهي لا تملك إلاّ
الألسنة والأقلام ، وهذه لا
تقاوم الدبّابات والطائرات .
ت- أمريكا :تستطيع
ولا تريد ،لأنها لا ترى في
الساحة بديلاً فعلياً "مناسباً
لها" يحلّ محلّ النظام الحالي
.
ث- الدول المجاورة
" عدا إسرائيل": كلّها ترغب
بتغيير النظام الحاكم في سورية
، لكنها لا تحبّ أن تورّط نفسها
في صراعات حادّة معه .
ج- أوروبا (وفي مقدّمتها فرنسا): تريد من
النظام أن يغيّر من منهجه
وسلوكه ، لكنها لا ترغب بتغيير
النظام نفسه .
ح- فئات خارجة من ( ماكينة ) النظام – مثل
رفعت أسد وأنصاره - : ترغب أن
يكون لها دور في قيادة النظام ،
لكن هذا الدور لن يتحقق إلاّ
بتفكيك المجموعة التي يتشكل
منها النظام . وذلك بسبب طموحات
رفعت ، وعدوانيته تجاه أقطاب
النظام ، والعداوات المزمنة
بينهم وبينه .
خ- الشعب السوري هو المتضرر الأول من وجود
النظام واستمراره ، وهو صاحب
المصلحة الأولى في زوال هذا
النظام . لكن الشعب لا يستطيع
التحرك إلاّ عبر قياداته
السياسيّة والفكريّة . وهذه
عاجزة – حالياً- عن إسقاط
النظام ، بسبب ضعفها والتناقضات
التي تحكمها .
فأيّ الفرقاء هو الأولى
بأن يبادر إلى تغيير النظام ؟
وبمعنى أدقّ : من هو الفريق الذي
يَنتظر منه الآخرون أن يبادر
أوّلاً ؟
إنّ هذا الفريق
هو - بلا شكّ - الشعب ، عبرَ
قواه المعارضة ،أو: القوى
السياسيّة المعارضة ، التي
تصدّت لمعارضة النظام ، نيابةً
عن الشعب .
لكن السؤال هو:
ما الذي ينبغي عليها أن تفعله؟
وما الذي تستطيع أن تفعله ؟
وكيف؟
هنا- تحديداً –
بيت القصيد ، لذا ، لابدّ من
وقفة متأنيّة عنده ..
إنّ القضيّة
ببساطة ، هي قضيّة حسابات قوى
ومصالح على الأرض ..
وهي قوى ومصالح
متحركة متفاعلة أبداً، متبدّلة
النِسب والأشكال والأوزان بشكل
دائم ،لا تثبت على حال ، ولا
تستقرّ على صورة واحدة .
فالقوّة تتحرك
ضمن شبكة من القوى المتفاعلة ،
تزيد ـ ضمنَ الشبكة ـ حيناً ،
وتنقص حيناً.. تتأثّر بالمصلحة
سلباً وإيجاباً.
والمصلحة تتحرك
ضمن شبكة من المصالح المتداخلة
المتصارعة المتفاعلة ، تزيد
ـ ضمن الشبكة ـ حيناً وتنقص
حيناً.. تتأثّر بالقوة سلباً
وإيجاباً .
وهنا يمكن أن
يرتسم تسلسل الخطوات باتجاه
الهدف ، الذي هو إسقاط النظام
المتسلط في سورية ، بدءاً من
نقطة بدء افتراضيّة ..مع ملاحظة
أن نقطة البدء هذه ، مسبوقة
بنقاط أخرى كثيرة جاءت قبلها ..
1- ولنحدد نقطة البدء ، فنقول :إنّها تحديد
النواة الأساسيّة الفاعلة التي
تحرّك المعارضة وتقودها، بسائر
أطيافها . وهنا لا نذكر حزباً
بعينه ، بل لجنة مختارة من سائر
الأحزاب ، قادرة على الحركة
والتحريك .
2- ترسم اللجنة مسارات حركتها باتجاه
الآخرين ، الفرقاء الداخلين في
شبكة القوى والمصالح .
3- تتحرك اللجنة لاكتساب نقاط القوّة
الأسهل – من حيث ضمان كسبها
وسرعة الكسب- وكسب هذه النقاط ،
يعطيها قوّة لكسب النقاط التي
تليها ، التي هي أصعب منها
قليلاً.. وهذه بدورها تفتح لها
المجال لكسب النقاط التالية في
الصعوبة ..وهكذا . فالقوة تجرّ
القوّة .
4- اكتساب قوّة حقيقيّة مؤثّرة وفاعلة ،
يحرّك لدى الآخرين إحساسهم
بضرورة إعادة النظر في حساب
مصالحهم تجاه الساحة السوريّة ،
على ضوء الواقع الجديد .وبمعنى
أوضح : حين يرى الآخرون
المتردّدون ،أنّ المعارضة
السورية امتلكت من القوّة
ما يجعلها قادرة على تهديد
النظام بصورة جديّة ، يستيقظ
لديهم نوع جديد من حساب المصالح
في الساحة السوريّة ، سواء أكان
هؤلاء المتردّدون ، من أبناء
الشعب السوري ، أم من القوى
الإقليميّة – ولاسيّما دول
الجوار – أم من القوى الدوليّة
، ولاسيّما أمريكا وأوروبا ..
ولقد قال أحد
الشعراء عن النساء :
عُسْر النساءِ
إلى مَياسَــرةٍ
والصَعب يمكن بَعدما
جَمَحا
5- إنّ أيّة نقطة قوّة للمعارضة، هي
بالضرورة نقطة ضعف للنظام ،
والعكس بالعكس . والقوّة لا تكون
ماديّة بالضرورة ، كما أن الضعف
ليس ماديّاً دائماً. فقد تؤدي
نقطة قوّة ماديّة
لدى المعارضة ، إلى ضعف نفسي
لدى النظام ، وقد يؤدي الضعف
النفسيّ ذاته ، إلى ضعف ماديّ..
6- ومعلوم أن الصبر في الحرب ، وهو قوّة
معنويّة ، يترجَم إلى قوّة
ماديّة .. وقد ورَد هذا المعنى في
كتاب الله : " إن يكن منكم
عشرون صابرون يغلبوا مئتين .."
.
7- لا ترفَض أيّة قوّة ، مهما كانت ، ومن
أيّة جهة صدرت ، لإسقاط هذا
النظام الفاسد المفسد –
باستثناء القوّة العسكريّة -.
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|