ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 19/09/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ القضية الكردية

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

سراب الإدعاء بالنصر- مقابلة- *

ترجمة: د. عبدالوهاب حميد رشيد

مقابلة مع بريجنسكي- مستشار الأمن الوطني/ القومي الأمريكي سابقاً.

س: يُقارن الرئيس بوش خطورة الإرهاب مع خطورة الحرب الباردة. كرر أيضاً مقولة "الشعب في حالة حرب" وأنه يقبل فقط بـ "النصر النهائي".. هل هو مصيب أم أنه يستخدم لهجة مبالغ فيها؟

ج: أنه أساساً على خطأ، سواء كان يستخدم عن قصد أسلوب الزعيم الدهمائي (المهيج) demagoguery أو ببساطة يُعاني من جهل في التاريخ. كنت على مدى أربعة أعوام مسؤولاً عن تنسيق الاستعداد الأمريكي للرد في حالة هجوم نووي على البلاد. ويمكنني التأكيد أن حرباً نووية شاملة بين الولايات المتحدة وبين الاتحاد السوفيتي كانت ستؤدي إلى موت 160180 مليون شخص خلال 24 ساعة. عندما يزن شخص ما الحرب بشكل أعمى، خيالي، عندئذ سيتجه عقله نحو تشويه الحقيقة distortion والمبالغة فيها.

     بعد الهجوم الياباني على بيرل هابربر عام 1941 كانت الولايات المتحدة متقدة النشاط والعزم. وخلال أربعين سنة من الحرب الباردة تميزت بالصبر والتروي. لم يحصل في أي من الفترتين أن نشر رئيس أمريكي على الملأ الخوف والرعب كجزء أساس من رسالته للشعب، وعلى نقيض ما هو حاصل الآن. وفي سياق خطاباته الفضفاضة غير المترابطة، يخلق الرئيس حالياً مناخاً من الرعب باتجاه تدمير القيم الأخلاقية وتحريف السياسة الأمريكية.

س: أليس الخوف من وقوع الأسلحة النووية بيد الإرهابيين مسألة طبيعية؟

ج: من المؤكد أن هذا المفهوم لا يبتعد عن الحقيقة كثيراً. ولكن من جهة أخرى لسنا في مواجهة مع مخزون السلاح النووي السوفيتي. لا أعني التقليل من خطورة فرد أو مجموعة من الإرهابيين، لكن حجم الدمار بين الحالتين لا يمكن أن تكون محل مقارنة.

س: تقود بعض المناقشات في الولايات المتحدة، بل وفي أوربا إلى الانطباع بأن الإسلام المتطرف حلَّ محل الاتحاد السوفيتي وأن قدراً من الحرب الباردة لا زالت مستمرة.

ج: ظهر الإسلام الراديكالي في بعض الدول وليس كلها. وهذه اللفظة تعتبر مبهمة. يجب أن يؤخذ بجدية لكنه لا زال يشكل خطراً إقليمياً يسود في الغالب منطقة "الشرق الأوسط" وفي بعض الحالات شرق المنطقة. وفي كل هذه المناطق لا يشكل أغلبية.

س: أليس تراكم الخوف استجابة صحيحة؟

ج: علينا صياغة سياسة لهذه المنطقة تساعدنا على تعبئة أصدقاءنا. فقط من خلال تعاوننا معهم نستطيع في النهاية تصفية هذه الظاهرة. هناك مسألة متناقضة: خلال الحرب الباردة، توجهت سياستنا نحو توحيد الأصدقاء وتفريق الأعداء. لسوء التقدير أن أساليبنا التكتيكية اليوم- متضمنة لهجة نزاعة لنشر الذعر بشأن الإسلام الإرهابي Islam phobic language- تتجه نحو توحيد أعدائنا وإلى نفور أصدقائنا.

س: إذن فهي لهجة تتسم بالمبالغة تضع بن لادن في موازاة ماو (و) ستالين؟

ج: صحيح. وهذا ما هو حاصل بالضبط: تشويه الحقيقة. أن بن لادن ليس أكثر من قاتل مجرم، وليس من الصواب أن يُرفع قدره دولياً إلى مصافي قائد عظيم في سياق حركة دينية ظاهرية. وكل ذلك لخلق مبررات إحداث التحويل السياسي والتغيير الاجتماعي.

س: هل ترى حصول أي تقدم في الحرب على الإرهاب خلال الخمس سنوات الماضية؟

ج: نعم ولا. أضرب على الخشب (مثال لإبعاد الحسد! وهنا ربما للسخرية من التقدم في الحرب على الإرهاب). لم يتكرر فعل إرهابي في الولايات المتحدة- كما حصل في لندن مؤخراً- وربما يعود ذلك جزئياً إلى الإجراءات المانعة التي اتخذتها الحكومة. هناك كذلك نمو متصاعد في إدراك النخبة المعاصرة في العالم الإسلامي بأن الإرهاب الإسلامي يشكل تهديداً لهم أيضاً- لكن هذه العملية بطيئة. الأكثر من ذلك أن هذه العملية عُوقتْ مع غزونا للعراق، مما صاعد بشدة وسرعة عالية العداء في العالم الإسلامي تجاه الولايات المتحدة. موقفنا غير المبالي والغامض تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي هو أيضاً سبب هام للعداء ضد الولايات المتحدة. كل هذه العوامل تساعد على الإرهاب.

س: هل النصر الكامل الذي يطلبه الرئيس ممكن فعلاً؟

ج: هذا يعتمد على مفهومك للنصر. إذا تصرفنا بفطنة وذكاء وأنشئنا تحالفات مطلوبة ضرورية، عندئذ ينحدر الإرهاب وتنحصر طاقته لإيجاد متعاطفين ومناصرين ويمكن أن ينتهي إلى التصفية. وهنا من المحتمل أن تبدأ الحركة بالتقلص والنسيان. وعلى أي حال، إذا تتصور نصراً على قياس ما حصل لـ هتلر عندما انتحر في حصنه، فهذا لن يحدث. وهذا هو بالضبط لماذا يقود أسلوب القياس- النظرة الثنائية- في معالجة الأمور الحياتية، ومنها الحرب، إلى التضليل. ليس من المفيد أن نركز في ذهن الرأي العام أننا نتعامل مع مشكلة بعيدة الأمد في إقليم هائج (الشرق الأوسط). الحل المطلوب هو تعبئة القوى المعاصرة وعزل العناصر المتطرفة. (هنا يؤكد المتحدث كغيره كثيرين من كتاب الغرب على الأمور الجانبية دون المساس بجوهر المشكلة: حاجة بناء إمبراطورية الإمبريالية الأمريكية إلى هذه الآليات- المبالغة في نشر الرعب، تضخيم العدو.. لتبرير الحروب- الغزو والاحتلال).

س: ما هي المنافع التي يراها الرئيس بوش من استخدامه لهجة حربية؟

ج: أولاً أن هذه اللهجة ساعدته على إعادة انتخابه- عندما يكون الشعب في حالة حرب لا يتخلى عن القائد الأعلى. ثانياً أنها تزيد قدراته في ممارسة سلطته التنفيذية على نحو لم يفعله أي رئيس قبله. هذا الأسلوب بالطبع ترافقه مخاطره، مثل انتهاك الحقوق المدنية. وتمنحه الانطباع بقدرته على استخدام القوات العسكرية كما يشاء حتى بدون مصادقة الكونغرس على إعلان الحرب.

س: هل هناك مخاطرة متأصلة في الديمقراطية؟

ج: نعم في الأمد الطويل. على أي حال، أن الديمقراطية تأصلت بعمق في وجدان الشعب الأمريكي ونسيجه الاجتماعي، وأن مثل هذا التهديد يمكن أن يتصاعد ويتفاعل فقط إذا كان الرئيس قادراً على الاستمرار في الحكم وتنفيذ سياساته المناهضة للديمقراطية لفترة زمنية طويلة. لكن بوش لا يمكن إعادة انتخابه. من هنا فإن هذه المخاطر سوف تزول بعد السنتين والنصف القادمة.

س: لم يتقبل السياسيون الغربيون أبداً مفهوم الحرب على الإرهاب. الأكثر من ذلك هناك اختلافات شديدة بالعلاقة مع آليات التحقيق المستخدمة أو معسكرات الاعتقال مثل غوانتانامو. كيف يمكن في مثل هذه الحالة للحكومات الأمريكية والأوربية التعاون رغم هذه الاختلافات؟

ج: هذا بالضبط ما يجعل الأمر صعباً في التعامل مع المشكلة على نحو جمعي. على أي حال، من الناحية الموضوعية، على المرء أن يأخذ في اعتباره، وبطريقة هادئة، وجود تعاون مكثف، خاصة بين قوى الشرطة. وهذا التعاون يعكس تحديداً حقيقة أن محاربة الإرهاب هي أخيراً حصيلة التعاون ضد السلوك الإجرامي. رغم أني أشارك الانتقاد الأوربي بشأن إساءة المعاملة في غوانتامو وأبو غريب، بل وحتى تعذيب المعتقلين. على الأوربيين، رغم سخطهم، أن لا يفقدوا مشهد ماضيهم- ليس الألمان فحسب، بل أيضا ًالفرنسيين الذين لهم تجربة واسعة في الحرب الجزائرية             

س: أعلنت إدارة البيت الأبيض أن العراق صار الجبهة المركزية للحرب على الإرهاب. وهكذا بدلاً من نثر بذور الديمقراطية يصبح العراق قوة جذب للإرهابيين الجدد. كيف يمكن للولايات المتحدة أن تتخلص من الشرك الذي خلقته بنفسها؟

ج: علينا أن لا نهرب ولا أن نحاول إعلان النصر الذي يعني جوهرياً السراب. علينا أن نناقش الأمور بجدية مع العراقيين بشأن الاتفاق على ترتيب مشترك لانسحاب القوات المحتلة وتحديد الوقت بصورة مشتركة. ذلك أن وجود هذه القوات تزيد من حركة المتمردين (المقاومة). وعندئذ سنجد أن القادة العراقيون الذين يوافقون على الانسحاب خلال سنة أو نحوها يتصرفون باعتبارهم سياسيين ينوون البقاء هناك.أما هؤلاء ممن يستجدوننا عدم الانسحاب فمن المحتمل أن يتركوا البلد ويعودوا معنا عندما نغادر العراق. وهذا أيضاً يوفر لنا مؤشراً لمعرفة حقيقة التأييد الذي يحظى به السياسيون العراقيون.

س: ألا يترك مثل هذا الانسحاب السريع الفوضى وراءه؟

ج: على الحكومة العراقية عندئذ دعوة كافة دول الجوار الإسلامية بما فيها باكستان والمغرب لعقد مؤتمر بكيفية تحقيق الاستقرار للبلد. وهنا ستقدم الأغلبية المساعدة الممكنة. وعندما تترك الولايات المتحدة البلاد يجب الدعوة لعقد مؤتمر للدول المانحة التي لها مصلحة من إصلاح الاقتصاد العراقي، بخاصة إنتاج النفط. وهذا محل اهتمام شديد لكل من أوربا والشرق الأقصى.

س: لكن مؤتمر المانحين سينعقد في الخريف على أي حال؟

ج: نعم، ولكن أشك أن هذا المؤتمر سيخلق الكثير من الحوافز طالما أن جنود الولايات المتحدة متواجدون على أرض العراق لمدة غير معلومة. بالمناسبة هذا ليس كلامي فقط، يل يتطابق حرفياً، في الغالب، مع مقترحات مستشار الأمن العراقي الجديد.

س: المعارضون للانسحاب الأمريكي السريع سيحتجون بأن الصراع الطائفي بين المذهبين (الإسلاميين) سيتصاعد ويزداد العنف أكثر مما هو حاصل حالياً.

ج: أن أي شخص يمتلك قدرا من المعلومات التاريخية بشأن جيوش الاحتلال يعرف أن هذه القوات المحتلة ليست فعالة جداً في كبح ردود الفعل المضادة تجاهها: المقاومة، التمرد، حركات التحرير الوطنية، أو أي تسمية أخرى.. كما أنهم أجانب لا يفهمون البلد. هذا هو الوضع الذي نحن في داخله. الأكثر من ذلك هناك الحلقة المفرغة التي تسقط فيها جيوش الاحتلال. فمهما التزمت هذه الجيوش بالمهنية العسكرية يمكن أن تقع في فخ الإرباك والممارسات العنيفة ضد السكان المدنيين مما يزيد بدوره قوة المقاومة. أن العراقيين يمكنهم التعامل مع العنف المذهبي في بلدهم على نحو أفضل بكثير من الأمريكيين الذين جاءوا من بعد آلاف الكليومترات.

س: إذن لا بد من انسحاب هذه القوات حتى ولو في ظل احتمال تصاعد العنف؟

ج: العراقيون ليسوا بدائيين ولا يحتاجون إلى وصاية من الاستعمار الأمريكي لحل مشاكلهم.

س: من الناحية الواقعية، ألا يقلق الرئيس من احتمال فشل العراق ليصبح بلداً ديمقراطياً كما هو يتخيل فيا لو تركت الولايات المتحدة العراق؟

ج: هذا مؤكد جداً. لذلك ففي كل محاولاته يدعي النصر وفق مفهومه الذي هو محض سراب.

س: هل أنت متأكد من إمكانية منع حصول حرب أهلية دينية (مذهبية)؟

ج: بالطبع لا أستطيع أن أكون متأكداً. ولكن هل كان ديغول متأكداً عندما قرر أنه أكثر منفعة لفرنسا إنهاء الحرب في الجزائر؟ في حين كان كل شخص حوله يحذّره من العواقب الوخيمة لقراره.

س: ألا ترى أن هذا الصراع الديني (المذهبي) سوف يُشعل المنطقة كلها؟

ج: العكس تماماً. كلما أطلنا بقاؤنا زاد احتمال إشعال المنطقة. الحقيقة هي أننا بقينا هنا ثلاث سنوان والحالة هي اليوم أسوأ مما كانت في ذلك الوقت. منطقياً، على الأقل، هناك بعض الأدلّة التي تُدعم فرضيتي.

س: قدّم بوش للعالم "محور الشر". أليس هذا طريقة سهلة جداً لقيامه بالهجوم على الجزء الأقل خطورة من هذا المحور؟

ج: نعم، العراق لم يكن خطراً. يظهر أن كوريا الشمالية وإيران يتخذان موقفاً حذراً جداً في حساباتهما.على أي حال، لإيران تاريخ طويل وله حق أن يلعب دوراً في المنطقة. تخميني هو أن إيران ستجد نوعاً من التكييف مع بقية العالم، على الأقل، أسهل للتحقيق من كوريا الشمالية.

س: إذا فشلت المفاوضات مع إيران، هل ستتدخل الولايات المتحدة الأمريكية عسكرياً؟

ج: هناك بعض الأعضاء من الإدارة (إدارة بوش) يُحبذون ذلك. على أي حال، وحسب التجربة العراقية، أرى أن الاحتمال الأكبر أن تُبادر الحكومة الأمريكية، بالتعاون مع الحلفاء، فرض مقاطعة فعالة على إيران. وهذه تتطلب عندئذ بضع سنوات قبل المبادرة بمخاطرة الحرب.س: ماذا ستكون عاقبة هذا الهجوم؟

ج: في هذه الحالة، تتوفر للإيرانيين عدداً من الخيارات المفتوحة: تصعيد عدم الاستقرار في العراق والجزء الغربي من أفغانستان، تفعيل حزب الله في لبنان، قطع إمدادات النفط، إلحاق أضرار بإنتاج النفط السعودي وتهديد مرور ناقلات النفط في مضيق هرمز، مع ما يترتب على ذلك من عواقب مدمّرة على الاقتصاد العالمي. أنهم يستطيعون أيضاً التعجيل بإنتاج أسلحة الدمار الشامل. وعند ذاك من المحتمل جداً أن يقود هذا إلى تجديد وتكثيف متصاعد وشامل للهجمات العسكرية- حلقة مفرغة.

س: قلت أن الولايات المتحدة بحاجة إلى تعميق التشاور وتبادل الآراء والنصائح مع الغرب لتجنب المنظور غير الواقعي تجاه العالم. وحتى أوربا، هل هي في موقف مناسب للمشاركة وتقديم النصائح؟

ج: في " الشرق الأوسط" تغوص الولايات المتحدة (بشكل غير واع/ مقصود) نحو ممارسة دور القوة الكولونيالية.. تكرار التجربة الأوربية القاسية. أن الترابط بين المصالح الذاتية والشعور الإيماني بأداء رسالة تبشيرية والتجاهل المتعجرف.. كلها قادت إلى ما تفعله أمريكا لغاية الوقت الحاضر. ولأن بريطانيا وفرنسا لهما نفس التجربة في الماضي، من هنا تشعران على نحو أفضل من أن مسيرة أمريكا في "الشرق الأوسط" تشكل خطئاً سياسياً. وفي الأمد الطويل، تقود هذه المسيرة إلى مخاطر لأمريكا نفسها. أما في الأجل القصير فإنها توقع أضراراً بالمبادئ الأمريكية وأيضاً شرعية ممارساتها ومصداقيتها.

س: هل تعتقد أن هذا النوع من النصيحة يقوم رئيس وزراء بريطانيا بإرسالها إلى بوش؟

ج: هذا ما هو مطلوب أن يفعله. لكن أرى أن البريطانيين اتخذوا قرارهم بعد أزمة السويس عام 1956 أن لا يصطدموا أبداً مع سياسة الولايات المتحدة..

س: هناك خوف في أوربا أن بوش قد يعود إلى ممارساته الفردية للعمل بحرية في مجال السياسة الخارجية؟

ج: عند ذاك يحتاج إلى معجزة لتحقيق سراب النصر. وهذا سيتراجع على نحو أبعد. أنه بالضبط كالحالة التي حصلت للسوفيت الذين اعتادوا على الإصرار بأن انتصار الاشتراكية يلوح في الأفق، دون الانتباه إلى حقيقة أن هذا الأفق هو خط خيالي يبتعد أكثر كلما اقتربت منه. الأكثر من ذلك أنه خلال سنتين ونصف السنة يخرج من الرئاسة. وليس هناك من يريد بعده احتضان صرخات الحرب وممارسة الديموغائية التي حصلت على مدى السنوات الثلاث الماضية.

س: هل هناك أي ظرف يمكن من خلاله أن تخسر الولايات المتحدة تفوقها السياسي الحالي؟

ج: يحتاج المرء فقط الاستمرار في السياسات الحالية، وأيضا أن لا يستجيب في المستقبل استجابة قوية للمشكلات المتزايدة لعدم المساواة في العالم. نحن الآن نتعامل مع الجنس البشري وهم يمارسون السياسة على نحو أكثر فعالية مقارنة بالماضي. وهذا يدعو إلى استجابة جماعية من الغرب للمظالم التي يعانون منها.

س: هل أن طلبك القضاء على عدم المساواة في العالم يختلف عن الطلب المخادع لـ بوش: تحرير العالم من الشر؟

ج: الوصول إلى المساواة سيكون في الواقع هدفاً خادعاً. الحد من عدم المساواة في عصر التلفزيون والانترنت سيكون سياسة ضرورية. نحن ندخل مرحل تاريخية، حيث أن الناس في الصين والهند، بل أيضاً في النيبال، في بوليفيا أو فنزويلا أصبحوا لا يتحملون التفاوت في الظروف الحياتية الإنسانية. وهذه يمكن أن تشكل خطراً جماعياً. علينا أن نواجهه في العقود القادمة.

س: أنت تُسميها "اليقظة السياسية العالمية."؟

ج: نعم، وهي من الناحية الجوهرية مشكلة مستمرة، لكنها حالياً على مستوى العالم، بعد أن تفجرت في أعقاب الثورة الفرنسية. ففي خلال القرن التاسع عشر انتشرت في أنحاء أوربا وجزءاً من غرب أمريكا. وصلتْ إلى اليابان في القرن العشرين، وأخيراً في الصين. الآن تنتشر في بقية العالم.

س: العالم الإسلامي أيضاً؟

ج: في الواقع، ليس بنفس الطريقة. أنها مضطربة- عملية ذات اتجاهات متعددة، وهي على أي حال، تشكل تحدياً لاستقرار العالم. إذا لم تستطع الولايات المتحدة، أوربا واليابان، وحتى أيضاً الصين، روسيا والهند إيجاد آلية لتعاون مدروس وفعال في هذا المجال، عندئذ سنواجه نمواً متصاعدا للفوضى ذات خطورة قاتلة لقيادة أمريكا. من هنا اعتبر أن دور القيادة الأمريكية يبقى رخواً في هذه الحالة، ولكن غير قابل للتبديل في المستقبل المنظور.   

ـــــــــــ

* Victory Would be a Fata Morgana, Spiegel Interview with Zbigniew Brezinski, by Hans Hoyng and George Mascolo, Spiegel Online- 12 September, 2006 .

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ