هل
يريد النظام تحرير الجـولان
!!؟
الدكتور
خالد الاحمـد*
في موضوع سابق
عرفنا أن النظام السوري ، شريك
رئيسي في الشرق الأوسط الجديد
الفارسي ، وخلاصته أن حزب الله ،
والنظام السوري ، أداتـان
تنفيذيتان بيـد إيـران ، تنفـذ
بهمـا مخطط الهلال الشيعي ،
الذي سيحكم الطوق على دول
الخليج ، التي سبق وأن دعمت
العراق ضد إيران خلال الحرب
العراقية الإيرانية ، أو قل
الشرق الأوسط الفارسي الذي كانت
الحرب السادسة وسيلة لتثبيت حزب
الله وسيطرته على لبنان ليتم
الهلال الشيعي ...
وشراكة النظام
السوري ليست بنت اليوم ، بل منذ
قيام الثورة الاسلامية
الايرانية ، وقبل أن تنجح ، وبعد
قيام الجمهورية الاسلامية
الايرانية يقول عبد المنعم شفيق
:
( منذ اللحظة التي
تسلم فيها الخميني السلطة في
أوائل عام 1979م اعتبر الأسد
مصادقته شيئاً تقتضيه مصالحه
العليا.
وبوقوفه إلـى جانب
دولة خارج الأسرة العربية، ومع
حركة إسلامية ثورية تتحدى
المؤسسات السنية أظهر الأسـد
تحرراً غير معهود من التقاليد،
وأعاد رسم قواعد نظام القوى في
الشرق الأوسط. وكانت هـناك
أسباب استراتيجية هامة لتحركه.
رحب الأسد باستيلاء
الخميني على السلطـة في طهران
ببرقية تهنئة حارة، وبعد ذلك
بأسابيع قليلة أرسل له نسخة من
القرآن مزخرفـة بالذهب والأحرف
الساطعة، هدية حملها إلى
"قم" وزير إعلامه في ذلك
الوقت أحمد إسكندر أحمـد، وبعد
تقبيل المصحف شكر آية الله
سورية على عرضها له بالنزول في
ضيافتها في أكتوبر سنة 1978م،
وقام وزير خارجية الأسد بزيارة
طهران فـي أغسطس سنة 1979م، وأعلن
أن الثورة الإيرانية هي "أعظم
حدث في تاريخنا المعاصر"،
وافتخر بأن سـورية قد دعمتها
"قبل قيامها وأثناء اندلاعها
وبعد انتصارها" [ انظر باترك
سل ، 572 وما بعدها ] .
بالإضافة إلى ما
ذكر من الترابط العقدي بين
سورية العلمانية بعدما سيطر حزب
البعث على النظام فيها، وبين
إيران الثورية الخمينية؛ فإن
هناك عوامل أخرى كانت دافعاً
لكل طرف لكي يـوثق التحالف مع
الآخر، وقد تشعبت هذه العوامل
وكثرت.
وتأتي اهتمامات
إيران من ناحيتها لتعكس عدداً
من العوامل المستقلة
والمتداخلة؛ فكانت إيران في
حـاجة إلى حليف يعتمد عليه أكثر
إلحاحاً بشكل كبير بسبب رغبتها
في الحفاظ على موطئ قدم هام في
المعسكر العربي، وحاجتها
لإبقـاء الضغط على العراق.
إن الحفاظ على
علاقات جيدة مع سورية قد منح
إيران فائدة أخرى هي تحديداً:
الوساطة السورية الممكنة مع عدد
من الدول الهامة الأخرى في
المنطقة العربية.
وعلى الصعيد الدولي
كانت روابط سورية الوثيقة مع
الاتحاد السوفييتي قد منحت
إيران قناة لا تقدر بثمن إلى
القوة العظمى الأخطر على حدود
إيران المباشرة؛ فإن إيران كانت
مدركة لحاجتها إلى الحفاظ على
علاقات الدولة بالدولة مع
الاتحاد السوفييتي بشكل نِدِّي
لعدد من الأسباب السياسية
والاقتصادية والطائفية
والاستراتيجية.
أدت مساعي سورية
الحميدة في بعـض الأحيان إلى
تسريع الاستجابة السوفييتية
للمطالب الإيرانية، كما كان
الحال ظاهرياً بالنسبة للشحنات
العسكرية السوفييتية العابرة
إلى إيران عن طريق سورية.
لقد ساعد الغزو
العراقي لإيران في أيلول 1980م في
تحضير الأساس لتحالف رسمي بين
سورية وإيران أثناء المرحلة
الأولى من الحرب ما بين 1980، 1982م.
بالنسبة
للإيرانيين: قدم السوريون وسيلة
غير مباشرة للضغط العسكري على
العراق ومصدراً مباشراً للسلاح
للقوات المسلحة الإيرانية
المنغمسة في الحرب.
بعد أحداث مدينة
حماة ـ ولاحظ المناسبة ـ سارعت
الدولتان باتجاه تحالف رسمي؛
فقد تم توقيع بروتوكول تجاري
واقتصادي بعيد المدى بين
البلدين في مارس 1982م ) .
إسرائيل تلـوح
بالمفاوضات مع سوريا :
وطرحت إسرائيل
بالون اختبار للنظام السوري ،
حين أعلن بعض قادتها بتوقيت
مدروس أنه قد آن الآوان للحديث
مع سوريا حول الجولان في مقابل
السلام ... وسيجد النظام السوري
نفسه في وضع غير مريح للأسباب
التالية :
1- إن رفض العرض ، وهو المتباكي على
المفاوضات منذ بضع سنوات ،
فسيؤكد أن الأرض المحتلة هي آخر
همومه ، وأن ماقيل عن بيـع
الجولان عام (1967) صحيح ، وكيف
ينتهي موضوع الجولان ، وهو
المبرر الشرعي للنظام
المخابراتي السوري ، وفي حديث
مع مسؤول غربي كان له دور في
مباحثات السلام السابقة قال :
إنه يعتقد أن النظام السوري
حريص على بقاء موضوع الجولان
خارج أي حديث أو صفقة ، وهو
مستعد أن يؤمن بتحرير فلسطين
كلها ، وربما الأندلـس أيضاً ،
قبل تحرير الجولان ، لأن تحرير
الجولان يعني نهاية حقبة وبداية
حقبة جديدة ، ومايريده النظام
هو الاستمرار على حساب قضية
اسمها تحرير الجولان ، وأكثر ما
يخشاه النظام فقدان هذه الورقـة
، أي أن بقاء احتلال الجولان
يبرر بقاء النظام السوري في
صيغته الحالية ، وتعرف إسرائيل
هذه المعادلة جيداً ...
لقد سبق أن سمعت
إسرائيل أن حافظ الأسـد في
المحادثات السابقة أصر على
استرجاع الضفة الشمالية من
طبريا ، وكان الخلاف حول ( 200) م
فقط ، تريد إسرائيل بحيرة طبريا
كاملة لها ، وأصر حافظ الأسـد
على أن تعود الضفة الشمالية
للبحيرة إلى سوريا كما كانت ،
وقال لقد سبحت في هذه البحيرة ،
وأريد أن أسبح ثانية فيها ... هذا
في الظاهر ...
أما في الواقع فقد
مانع حافظ الأسد ، ورفض التوقيع
على الاتفاق من أجل (200) م بسبب
خوفه أن تنعكس الصفقة سلباً على
توريث الحكم لولده بشار ، وتظل
عنده هذه السلطة التي يريد
توريثها لبشار أغلى من الجولان
وبحيرتها والسباحة فيها ...
2- واليوم يواجه
النظام اختبار صعب ... فهل يقبل
تحرير الجولان ، وبالتالي يصبح
صديقاً لإسرائيل ، ويطبع
العلاقات معها ... وهذا يعني
انفكاكه عن الشرق الأوسط
الفارسي ، ليدخل الشرق الأوسط
الأمريكي ـ الصهيوني .. وتخليـه
عن إيـران التي تحالف معها منذ
أواخر السبعينات ، عند بدايـة
الثورة ، ويبدو أنه تحالف
عقائدي ، مع أن النظام الأسدي
لايحترم أي عقيدة ، غير عقيدة
المحافظة على كرسي الحكم ، لأنه
وسيلة ممتازة للنهب والسلب ،
وتكديس المليارات في البنوك
الغربية كما فعل عمـه ( رفعت ) ،
وشقيقه ( باسل ) ووالده كذلك ...
وجميع أفراد الأسرة الأسدية ...
فهـل يختار النظام
الأسدي تحرير الجولان ،
والتطبيع مع الصهاينة ، أم
يختار البقاء مع إيران ، وبقاء
الجولان تحت الاحتلال ...
يرى المحللون
السياسيون أن يختار النظام
السوري البقـاء مع إيـران ،
وخاصة بعد أن أرسلت طهران ، ( 150)
مليون دولار لحزب الله ، أخذ
منها ( آصف شوكت ) (20 % ) عمولة ،
ووصلته هديـة من طهران عبارة عن
عشرة سيارات مرسيدس موديل (2006) ،
كما وصل ( بليون ) يعني ( مليار )
دولار مصروف جيب للرئيس بشار
الأسد أخيراً بعد وقف الحرب
السادسة ...
فهل يختار النظام
السوري تحرير الجولان !!؟ ويخسـر
هذه الملايين !!؟ وهذه المليارات
...!!! عودنا النظام السوري أنه
نظام سلب ونهب ، ولايهمه الوطن ،
لا الجولان ولا دمشق نفسها ...
وإن غداً لناظـره
قريب ...
*كاتب
سوري في المنفى
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|